شوارع تحولت إلى أسواق عشوائية وأرصفة بنيت فوقها مقاه ومدارات كان من المفروض أن تنظم حركة السير، فإذا بها تصير فضاء للباعة المتجولين. تلك مظاهر صارت مألوفة في الفضاء العام بمدينة مراكش و مختلف شوارعها الكبرى دون أن تتحرك الأجهزة المعنية التي بدت أشبه بالجسم المشلول إزاء أشكال التطاول المتفاقمة يوما بعد يوم على الملك العمومي بالمدينة الحمراء، سواء تعلق الأمر في ذلك بالسلطة أو بالجماعة الحضرية . وأحوال شوارع علال الفاسي ومحمد الخامس والعيون ومدارة المصلى بسيدي يوسف بن علي وطرق وشوارع كثيرة بحي المحاميد وخلف المحطة الطرقية باب دكالة قرب الباب المؤدي إلى شارع لكزا وبشارع يعقوب المنصور .. ليست إلا نماذج تشهد على مدى الضعف البيِّن الذي تظهره أجهزة السلطة والجماعة في الدفاع عن الفضاء العام . المجلس الأعلى للحسابات عرض في تقريره الأخير لمظاهر استغلال الملك الجماعي بشكل عشوائي وغير قانوني بالجماعة الحضرية لمراكش. وفي مقدمتها استغلال الملك الجماعي بدون ترخيص ، حيث أشار الى أن هذا الملك العام يتعرض للاحتلال من طرف الغير في غياب أي ترخيص ودون أن تقوم المصالح الجماعية بإنذار المعنيين بالأمر للتوقف عن الاحتلال غير القانوني وإلزامهم بالتعويض عن ذلك، خلافا لمقتضيات الفصل 12 من القانون رقم 96 - 09بتاريخ 26 دجنبر 1996 المتمم بموجبه الظهير الشريف الصادر بتاريخ 30 نونبر 1918 في شأن الاحتلال المؤقت للأملاك العامة. كما وقف عند حالات الاستغلال العشوائي وغير القانوني التي تعرفها بعض الارتفاقات ومناطق الارتداد ، ومن الحالات التي يسجلها تقرير مجلس الحسابات تلك الممتدة على طول شارع علال الفاسي المتمثلة في بناء منطقة الارتداد بواسطة الزجاج والألمنيوم وتهيئتها بالأطناف الثابتة والستائر وإلحاقها بالملك الخاص لأرباب ومستغلي المقاهي والمحلات، وكذا تبليط جزء من الارتفاقات المحدثة لأغراض جمالية كمساحات خضراء أمام بعض المقاهي والمحلات التجارية المتواجدة بشارع علال الفاسي ؛ أو تبليط بعض الارتفاقات المحدثة لغرض وقوف السيارات المتواجدة على الطريق الثانوية المحاذية لشارع علال الفاسي وإضافتها إلى الرصيف من طرف صاحب مقهى وتوسيع المساحة المواجهة لها مع إتلاف أشجار النخيل وتثبيت مصابيح كهربائية مكانها ؛ وتسييج ساحة عمومية وبناء كشك لبيع الجرائد وكشك هاتفي بداخلها أمام فندق رضوان مع إغلاق ممر الراجلين أمام الفندق واستعماله لبسط الكراسي والطاولات . ويشير تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى استغلال الملك الجماعي العام بطرق لا تتناسب مع طبيعة النشاط الممارس ، و يتعلق الأمر بالترخيص مباشرة لمستغلي الملك الجماعي العام لغرض الإشهار التجاري بواسطة اللوحات الإشهارية بدون إعمال مبدأ المنافسة بين مختلف المستثمرين في ميدان الإشهار التجاري، مما يحول دون تحقيق المساواة في الوصول إلى فرص الاستثمار المحلية، حيث تستمر الجماعة في إعطاء هذه تراخيص بواسطة مقررات صادرة عن الرئيس بدل مسطرة طلب العروض وفي غياب دفتر تحملات مصادق عليه من طرف المجلس. ويذكر أن ظاهرة الاستغلال غير القانوني للملك العام بمراكش ، فرضت حالة من الفوضى تضرر منها السكان الذين لم يعودوا يظفرون برصيف آمن للراجلين وبشارع يسمح بالسير المنتظم للعربات التي تملأ المدينة لأن الشوارع أصبحت أسواقا مفتوحة آهلة ببضاعة الباعة المتجولين ، والأرصفة تحولت إلى مقاه بعد أن سيجت بالزجاج والألمنيوم . وأضحى كل من يبحث عن متجر لا يكلفه ذلك شيئا فقط يحتل جزءا من الفضاء العام بدون أدنى اكتراث لرد فعل أجهزة الدولة التي فقدت الكثير من هيبتها في ظل هذه الفوضى .