يعد برهان غليون أحد الوجوه البارزة للمعارضة السورية والعربية بباريس.تم اختياره في اجتماع لمكونات المعارضة بأنقرة كمنسق للمجلس الانتقالي يوم 29 غشت . التقى به مراسل جريدة الاتحاد بباريس مباشرة بعد عودته من تركيا، وجاءت هذه الخطوة بعد أن قبل برهان غليون التكليف من التنسيقيات والقوى السياسية. وسيضم المجلس 94 شخصية من المعارضة من الداخل والخارج. وتم اختيار ثلاثة نواب لبرهان غليون هم : فاروق طيفور،ووجدي مصطفى ورياض سيف . برهان غليون، له علاقة خاصة مع المغرب والمناضلين الاتحاديين، بدأت بمحطة الجزائر، حيث كان اللقاء بهم في بداية عقد السبعينات عند تأليفه «بيان من أجل الديمقراطية» ، ليمر هو الآخر من المنفى الجزائري إلى المنفى الباريسي. لعب دورا كبيرا إلى جانب عباس بودرقة ومناضلين اتحاديين آخرين في «تأسيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لفرنسا»،وكذا في تأسيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان «التي كان الاستاذ عبد الرحمان اليوسفي أحد أبرز مؤسسيها. ظل من المشاركين الأوفياء لحلقة أصدقاء باهي، حيث كان يحضر كل لقاءاتها كعربون صداقته للمغاربة والمغرب،الذي ظل يتردد عليه باستمرار لينسج علاقات صداقة جديدة في الحقل السياسي والثقافي. في هذا الحوار الذي خص به الجريدة حول أفق مجلس الوطني للمعارضة السورية باعتباره منسقا لها،وحول أفاق الثورة السورية، سواء أكانت بالعالم العربي أو بالمنطقة المتوسطية.. ووضع النظام الحاكم.. يحدثنا أيضاعن أفاق العمل بين المعارضة في الداخل والخارج والصعوبات التي تعترض التنسيق. -ما الظروف التي قبلتم فيها تحمل المسؤولية، وكمثقف ومفكر، اشتغل كثيرا على القضايا السياسية، اليوم تمر إلى ممارسة المسؤولية في أحلك الظروف التي يعيشها القطر السوري، ما شعورك؟ - الوضع السوري، هو وضع اليوم لا يحتمل الانتظار. وهناك ضغوط كثيرة خاصة من شباب الثورة من أجل توحيد مكونات المعارضة.وكنت من المثقفين والمعارضين الذين عملوا على توحيد مكونات المعارضة.ثمة مبادرات متعددة منها مبادرة المجلس الوطني الانتقالي ومبادرات أخرى سابقة وكثيرة هي قيد الإنجاز.وهدفنا كان هو توحيد هذه المبادرات في مبادرة وطنية أو مجلس وطني أو هيئة وطنية .توحد كل هذه التيارات لكن تكون لها القدرة على العمل والفعالية وتحقيق المهام المطلوبة منها المطروحة حاليا. - كيف تدبرون التوجهات المختلفة للمعارضة السورية التي تجمع عدة توجهات من الإسلاميين بمختلف اتجاهاتهم ،إلى المكون الكردي والمكون الليبرالي العلماني، أهناك أرضية تؤل؟ -الحد الأدني الذي يجمع بين كل هذه المكونات موجود وهو واضح.هو أولا: عدم المساومة على الانتقال الديموقراطي، وعدم المساواة مع النظام القائم .وهذه النقطة الأولى، أي الانتقال في سوريا إلى الديموقراطية بالفعل والى دولة مدنية تعددية.النقطة الثانية ،هي أن هذه الثورة هي سلمية وليست ثورة مسلحة.النقطة الثالثة، وهي عدم الاعتماد على الخارج في هذه الثورة من طرف كل أطياف المعارضة .الاعتماد على القوى السورية الوطنية ، رفض الميز الطائفي والإثني والتعامل مع أبنائها كمواطنين، احترام الحقوق الدينية للأقليات. وحدة الهدف، هي واضحة إذن بين كل هذه المكونات. - النظام القائم، يلعب على الاختلاف بين المعارضة بالداخل والخارج،كيف يتم تدبير تلك الاختلافات وتجاوزها؟ - كما ذكرت، هناك ثلاث نقط تتفق عليها مكونات المعارضة السورية، وهي:الانتقال الديمقراطي، المحافظة على الطابع السلمي لهذه الثورة، ورفض التدخل العسكري الخارجي.وأن تحقق أهدافها بالاعتماد على القوى السورية والحفاظ على استقلال البلاد.وإن الثورة، ترعى جميع أبنائها،مع احترام الحقوق الاقليات الدينية والإثنية.وما يخلق صعوبة الوصول إلى توافقات هو غياب الثقة بين الأطراف التي رسخها هذا النظام خلال 50 سنة،وإلى وضع مجلس .هناك أيضا التشتت جغرافيا عبر الخارج والداخل والمعارضة بالخارج لولب العمل بها التيارات الاسلامية التي تم نفيها ،لها جهاز سياسي أكبر وأكثر تنظيما. وتبدو الحساسية الاسلامية أكثر نفوذا وخبرة سياسية ومادية.وهي تبدو كذلك بفعل النفي الذي تعرضت له، لكن في الداخل المعارضة بالداخل هي علمانية وديموقراطية وهذا يخلق تنافسا بين هذه المكونات بين الداخل والخارج. وكل طرف، يعتبر نفسه الأكثر جدارة لتحمل مسؤولية القيادة سواء بالداخل او الخارج ، في حين ان المعارضين بالخارج لهم إمكانية أكبر للتحرك والحرية في العمل .هذا الوضع يخلق توترات وتجاذبات نريد التخلص منها كمعارضة. - هل أنتم كمعارضة، لكم أليات لتنسيق بين الداخل والخارج؟ - طبعا، هناك تنسيق بين الداخل والخارج.مشكلة التواصل مع الداخل صعبة جدا. لأن المعارضين لا يستطيعون الخروج بشكل عاد.. إلا قليل منهم بسبب القمع والابتزاز الذي يمارسه النظام القمعي والاستبدادي عليهم. هذه كلها معطيات تجعل العمل والتنسيق أحيانا جد صعب بين مكونات المعارضة بالداخل وبالخارج. - بعد أن تم اختياركم من طرف المعارضة لرئاسة المجلس الوطني، تم اعتقال شقيقكم محمد برهان، ما هي الأخبار التي تتوفرون عليها اليوم حول وضعه؟ - اعتقال شقيقي محمد تم بالفعل.وتم إطلاق سراحه منذ يومين. طبعا النظام يمارس كل أنواع الضغط لكي لا يتم التنسيق بين الداخل والخارج.كل هذه عقبات لا بد من تجاوزها. - الدور التركي،كنموذج بلد اسلامي معتدل،الذي عاد إلى المنطقة بقوة بعد أن تجاوز عقدة الانتماء إلى الثقافة والعالم الإسلامي،ويريد اليوم أن يلعب دورا إقليميا أكبر بالمنطقة، هل المعارضة في حاجة إلى مساعدة الخارج وإلى الدور التركي من أجل دعم ثورة الشعب السوري على النظام القائم؟ -الشعب السوري وثورته في حاجة بالتأكيد لدعم معنوي وسياسي من الخارج لاسيما من الأشقاء العرب، لأنه يعيش في ظروف جد صعبة،مساعدات مالية واقتصادية من اجل استمرار الاحتجاج.ولا بد من التمييز بين المساعدة وبين هدف الدول التي تريد أن تأخذ موقعا في هذه الأزمة وتريد التقرب من المعارضة،خاصة عن طريق الأشخاص أو التنظيمات.هذا شيء طبيعي. لكن علينا نحن السوريين أن نتجنب الوقوع في فخ التجاذبات الدولية وأن نحافظ على استقلالنا ووحدتنا كمعارضة.طبعا الأتراك لعبوا دورا كبيرا في المرحلة الأخيرة، وهذا أمر طبيعي. فتركيا اكبر البلدان التي لها حدود مع سوريا،وهناك علاقات اقتصادية وسياسية ومصالح بينها وبين النظام السوري.جزء من الشعب السوري ومن المعارضة راهنا على الضغط التركي الاستثنائي،لكن اليوم من الواضح أن ليس لهم القدرة بالعمل على انفراد ولا بد لهم من التنسيق مع باقي الأطراف الدولية من أجل التأثير.كما أن تركيا تراجعت عن تصريحاتها في البداية وقدرتها لوحدها بالضغط على النظام من أجل الانتقال نحو الديمقراطية.تراجع الأتراك اليوم عن هذا الموقف وقدرتهم على العمل الفردي، ويراهنون -كما تراهن المعارضة اليوم- على توسع دائرة الاحتجاج السوري.ومن أجل الزج بأطراف جديدة من الرأي العام السوري في هذه المعركة،من أجل التغيير وإنجاح الثورة بسوريا.وما يهمنا -نحن كمعارضة- هو استبعاد أي تدخل عسكري في سوريا. وهذا جيد وإيجابي غياب هذه الرؤية. - إيران، هي الأخرى، يبدو أنها تريد أن تؤثر على مجريات الأمور بسوريا،كيف تنظرون الى هذا الدور كمعارضة؟ - ايران لا تحاول فقط، بل تتدخل رسميا في الموضوع،بل لها خبراء في عين المكان يساعدون النظام ،خبراء في الأمن وفي المعلوميات وفي كل الميادين. وهناك اتهامات بمساهمة حراسة الثورة في ذلك، إيران لا تخفي دعمها للنظام السوري.لكن، الإيرانيين اليوم أيضا أصبحوا يشعرون أن الأسد لم يعد قادرا على الاستمرار.وبدأوا -هم كذلك- يشعرون بضرورة فتح باب الحوار مع المعارضة السورية.إيران تتعامل كقوة إقليمية بالمنطقة .وتريد حماية مصالحها.والنظام السوري، هو جزء من هذه المصالح الإيرانية والنفوذ الذي تتمتع به في العراق هو اليوم جزء من هذا النفوذ. وتريد دفعه إلى مساعدة النظام السوري، نحن كسوريين، كمعارضة، ليس لنا حسابات مع إيران.المعارضة، تريد أن تكون لها علاقات جديدة مع كل بلدان المنطقة. - هل تمت لقاءات بين المعارضة والسلطات الايرانية؟ - بعض اللقاءات الأولية المبدئية تمت بين المعارضة والمسؤولين الإيرانيين بالخارج وبشكل محدود. لكني أعتقد أن الإيرانيين سيراهنون على علاقتهم مع الشعب السوري وليس على العلاقة بالنظام.وأصبح ذلك واضحا أن الأسد عزل دوليا وعربيا ولم تعد أي دولة قادرة على دعمه أخلاقيا. - يبدو أن استمرار وبقاء النظام السوري مصلحة إسرائيلية.ولم تخف الدوائر الحاكمة في إسرائيل تخوفها من التغيير في سوريا واستمرار انتفاضة الشعب السوري وتزايد هذا المنحى بعد حادث ايلات الأخير، كيف تتعامل كمعارض مع هذه الوضعية، هل المعارضة تضمن مصالح القوى العظمى وحلفائها بالمنطقة؟ - طبعا هناك تخوف إسرائيلي ولحلفائها. وهو السبب في دعم النظام واستمرار وجوده. لكن اليوم، لسوء تدبير الأسد للأزمة السورية، أصبحت جميع الأطراف ضده ،وحسم مصيره.ومن الطبيعي أن أمريكا وحليفتها أسرائيل بدأ يستعدان لمرحلة ما بعد الأسد..جميع الأطراف بدأت الحساب للمرحلة القادمة في المنطقة وعلاقتها بسوريا مستقبلا.المعارضة السورية ليس لها اية علاقة أو حوار مع إسرائيل، وترفض هذا الحوار. المهم كل الأطراف التي راهنت على استمرار الأسد قطعت أملها في هذا الرهان. - موقف مجلس المعارضة من مبادرة الجامعة العربية الاخيرة؟ - العالم العربي كله قطع مع الأسد. ومشروع مبادرة الجامعة العربية هي مبادرة قوية تطلب من النظام إصلاحات حقيقية والاعتراف بمطالب الشعب السوري، والجامعة العربية لم تتخذ موقفا صريحا وقويا من أي نظام عربي كما فعلت مع النظام السوري، بسبب القتل الذي قام به هذا النظام في 6 أشهر الأخيرة ،وهذا ما دفع بشار - مؤخرا- إلى رفض المبادرة بل يرفض استقبال أمين عام الجامعة العربية، ما يعني أن النظام السوري في قطيعة تامة مع جامعة الدول العربية. - الربيع العربي، أبرز نموذجين او ثلاثة نماذج :الانتفاضة السلمية التي أجبرت النظام على التنحي أو رموزه حالة تونس ومصر والنموذج الليبي الذي بدأ بانتفاضة شعبية تحولت إلى مقاومة مسلحة أزاحت النظام وبطبيعة الحال هناك نموذج أخر الاصلاحات السياسية والدستورية المتفاوض بشأنها والتدريجية،التي تعبر علنها حالتا المغرب والأردن،أي هذه النماذج تجد المعارضة السورية نفسها أقرب من أجل التحرر؟ - اعتقد أن الوضع الآن بسوريا لا يشبه الوضع بالبلدان العربية التي ذكرت،الوضع هو خاص.والطريق التي اتخذته الأمور،ربما ندخل طريق مصر أو تونس إذا قام وقرر جزء من القوات المسلحة السورية التعاون مع الثورة. لكن بعد عدد كبير من الضحايا ،أو ربما سندخل في الاتجاه الذي اتخذته اليمن، وهو مواجهة طويلة الأمد بين النظام وقوى الثورة، وفي مبادرة عربية يرفضها النظام،وسوف يستمر الوضع إلى تفوق إحدى القوى ويحسم الأمر لصالحها. نحن كمعارضة، نحاول تقوية والاستمرارفي الضغط ودخول أجزاء جديدة من الرأي العام إلى الثورة في الأشهر المقبلة لنمارس ضغطا أكبر، لنجبر النظام على تغيير سلوكه ووقف القتل ونقل الدولة إلى شكل ديموقراطي. - ما هو دور الشبيحة في القتال إلى جانب النظام السياسي،هي ليست على غرار بلطجية مصر. بل تبرز على أنها مؤطرة وحاضرة بقوة.بل إنها حاضرة حتى بفرنسا حيث تعرض مجموعة من شباب المعارضة إلى الضرب الأسبوع الماضي،كيف تواجهون هذا الوضع؟ - لأول مرة في تاريخ فرنسا، تقوم شبيحة بلد أجنبي بمهاجمة تظاهرة سلمية.الشبيحة هي ظاهرة تطورت.في البداية هي جماعات خارجة عن القانون،وتعمل مع المافيا. كل رجل أعمال أومهرب له من يشتغلون معه للقتل والتهريب..بعد بداية الثورة، استعملهم لضرب الثورة بل التحقت به عناصر جديدة وأصبحت إحدى وسائل القمع التابعة له، تشبه فرق الموت التي أسستها النظم الفاشية.لهم رواتب وتعبأ من جميع أصحاب السوابق، أي هي عناصر خارجة القانون وليس لها ارتباط بالمجتمع. وآخر التقديرات تتحدث عن أكثر من 50 ألفا وأصبحت اليوم هي الجيش الحقيقي للنظام. - الحديث المتواتر على دور الطائفة العلوية التي تهيمن على جهاز الدولة السورية ، هل من مخرج لهذا الوضع؟ - لا بد من توضيح أمر أساسي لا يعرفه الرأي العام غير السوري عن هذه الطائفة،العاملين بأجهزة الدولة ومخابراتها لا يشكلون حتى 1 في المائة من الطائفة العلوية.وإذا استفاد جزء منهم من النظام، فإن أغلبية الطائفة العلوية تعيش كجميع المناطق الريفية المهمشة بسوريا .الكثير منهم اضطهدوا من طرف حافظ الأسد الأب،الذي حاول تطويع هذه الطائفة ،واستخدامها لقمع باقي السوريين،وجزء كبير منهم قاوموا هذا المنحى وتعرضوا للقمع والسجون مثل جميع السوريين.وجزء كبير منهم اليوم خائف من الانتقام في حالة التغيير، وتحميلهم مسؤولية ما قام به النظام الحاكم. لكن النظام السوري أساء لهم أيضا كطائفة سواء من خلال الاعتقالات أوالاغتيالات التي تعرضوا لها في السابق من أجل أن يجعلهم طيعين في يده. والآن يوحي للمجتمع ،ان النظام هو نظام علوي وأن أي انقلاب ضده هو انقلاب على العلويين.وهذا أيضا أمر غير صحيح. - هل نهاية النظام السوري،تعني نهاية حكم البعث العربي بالعالم العربي بعد سقوط نظام البعث في العراق؟ - اليوم، لم يعد أحد يؤمن بالبعث بعد تجربة العراق وسوريا .وهي تجارب قاسية. وهي قاسية بالمعنى الإنساني والسياسي.ولم يعد أحد يتطلع للبعث أو يجد فيه نموذجا سياسيا.اليوم، الناس يتوجهون نحن أنظمة ديمقراطية.البعث انتهى. سقط سياسيا.لكن لا أحد في سوريا يريد الانتقام من البعث أو يعتبر أن البعث هو الذي كان حاكما أو مسؤولا. وليس هناك دعوة بسوريا لاجتثاث البعث كما حصل بالعراق .والسوريون لا يريدون استلهام التجربة العراقية.وحزب البعث السوري، له الحق في التقدم إلى الانتخابات عند بناء نظام ديمقراطي.ما يحكم بسوريا ليس حزب البعث بل هو نظام مخابرات. ونظام المخابرات ليس له مبدأ أو فكر سياسي. ولا يهمه البعث او غير البعث.ما يهمه هو إخضاع الشعب بالقوة والإرهاب . هذا هو مصدر الثورة والاحتجاج بسوريا.الاحتجاج هو على نظام مخابراتي مبني على القمع والإرهاب والابتزاز. هذا ما يريد أن يغيره السوريون. - كيف تتابع حركات التضامن التي يعرفها المغرب مع الشعب السوري؟ - أحيي شعب المغرب على التضامن الواسع مع حركة الشعب السوري من أجل الديمقراطية. وهذا يؤكد أننا شعوب شقيقة بالفعل والعلاقة الأخوية حقيقية.الشعب السوري والمعارضة لن تنسى هذا التوجه المغربي لمساندتهم في هذا الظرف الخاص.