بعد أن كانت أراضي الجموع مصدرا مؤمنا للرزق مهما كان تواضعه ، ووسيلة ناجعة للتضامن والتماسك القبلي، وظلت كذلك في تدبير واضح وشفاف بين ذوي الحقوق ونوابهم ، الذين كانوا يستفيدون من نسبة معينة من المحاصيل تعويضا لخدماتهم وتحفيزا لهم، وذلك لسنين خلت بعيدا عن أي تدخل آخر ، إلى أن لفتت هذه الأراضي انتباه «الطامعين» الذين عملوا على استمالة بعض النواب الذين انحرفوا عن المصلحة العامة لموكليهم، وعاثوا في الأراضي فسادا من خلال الالتفاف على القوانين المنظمة بتوقيعات باطلة كما وقع لأكرية وصلت مددها 99 سنة ،مما فتح بابا كبيرا لترامي زمرة من ذوي الحقوق على أعداد كبيرة والتصرف فيها كملك خاص بهم ،فمنهم من شيد البنايات وحفر الآبار وزرع الأشجار وسيجها كضيعة خاصة به ،وآخرون يبيعون ما استحوذوا عليه بدون أي تدخل من الجهات المعنية، مما فسر ذلك تواطؤا لبعض المسؤولين عن تدبير أراضي الجموع مع المعتدين، الذين حرموا جل ذوي الحقوق من الاستغلال بالتناوب كما كان سائدا.وقد أدى ذلك إلى خلق صراعات كبيرة بين بعض الحرزلاويين تسببت في استصدار أحكام قضائية بلغت السجن، ليبقى المتورطون الحقيقيون طلقاء ينهبون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة! أمام تفاقم الوضع، وفي غياب أية إشارة من المسؤولين لوقف النزيف، لم يجد بعض ذوي الحقوق المكلومين بدا من مغادرة أراضيهم التي انتزعت منهم قهرا باستغلال فقرهم وعطالتهم جراء السنوات العجاف وأيام الجفاف ،التي أتت على الأخضر واليابس .هذا كله حرك مشاعر الغيورين الذين حاولوا وضع حد لهذا السطو الممنهج على ممتلكات الأجداد بتوقيع عرائض استنكارية ، وشكايات متعددة إلى مختلف الجهات المركزية ،بدعم من بعض النواب النزهاء ، توجت بمسيرة إلى مقر عمالة إقليم الحاجب حيث تم استقبالهم من طرف الكاتب العام للعمالة الذي وعدهم بالقيام بالمطلوب لوضع حد لهذه الانتهاكات الجسيمة . وفعلا تم منع «المسثمرين» أي المترامين وخاصة من الأغيار، من الاستغلال مع إصدار قرار عاملي بعزل جميع النواب وتعويضهم بآخرين .إلا أن موقف اللاعقاب بدد آمال الجميع ، وما أن تسلم بعض النواب مهامهم ، حتى عادت حليمة إلى عادتها القديمة، وصار همهم الوحيد «حطب» ما يمكن حطبه لتفسهم ولذوي نعمتهم من الحماة ، مما ترتب عنه فقدان الثقة وخلق تذمرا كبيرا واستياء عميقا وسط جل ذوي الحقوق الذين لاحظوا ارتفاع وتيرة التنازلات المزيفة باسم الاستثمار في واضحة النهار ، وعاجزين عن حمايتها من جبروت المال والجاه والنفوذ احتقارا لأيت حرزالله ، ولم يجدوا أمامهم إلا الاستنجاد بعامل الإقليم ،الذي استقبلهم فورا واستمع إلى تظلمات المتضررين .وقد خلص اللقاء إلى تبني خارطة طريق لحل هذه الإشكالية العويصة التي لاتكمن في «المستثمرين» فقط، بل في بعض ذوي الحقوق المستغلين خارج أي شرعية تذكر. وقد شرع فعلا في بداية التنفيذ من خلال وقف عملية دراسة الأكرية ابتداء من شهر مارس 2011 وعقد اجتماع بمقر القيادة المعنية بحضور القائد ولجنة إقليمية ترأسها رئيس قسم تدبير الشؤون القروية وبعض ذوي الحقوق ومنهم رئيس الجماعة القروية لأيت حرزالله ، وذلك استعدادا لتعويض النواب السابقين بعد إصدار قرار عاملي لعزل ما تبقى منهم .وقد فاجأ القائد جميع الحاضرين بعد لومه من أحد ذوي الحقوق الحاضرين على عدم اتخاذ الإجراءات المناسبة لوقف النزيف ، فاجأهم بتقديم ركام كبير من وثائق تنازلات لبعض ذوي الحقوق لصالح الأغيار تعدت 150 تنازلا مصادقا عليها ، وأكد أنه بصدد تهييء لائحة اسمية لهم لاتخاذ الإجراءات المناسبة . وقد علق أحد المتتبعين على هذا المعطى بحياد سلبي للسلطة وعدم تحمل مسؤوليتها في الوقت المناسب بزجر المخالفين، فيما اعتبره البعض الآخر سلسلة إجراءات جدية من شأنها إنصاف الجميع ،ونهاية هذا الظلم الجائر، وجعل أراضي الجموع تلعب دورها الحقيقي الإيجابي من خلال تمكين الجميع من تكافؤ فرص الاستغلال ،وتنمية مداخيل صندوق الجماعة السلالية، الذي منذ سنوات خلت «من الاستثمارات» بمقالعها وهكتاراتها وآبارها لا يتوفر سوى على 180000,00 دراهم، مما يؤِكد حجم النهب الذي طال هذا الوعاء العقاري، ولن تتحسن إذا لم تستجب الوزارة المعنية لطعون ذوي الحقوق بقبول الطعون المقدمة في الاستهتارات عفوا «الاستثمارات» إذ حددت السومة الكرائية في مبلغ 1000,00 دراهم للسنوات الثلاث الأولى للإستغلال، وهو مبلغ زهيد جدا مقارنة مع الأثمنة المتعامل بها، مما أسال لعاب مافيا العقار، وشجعها على الترامي على الأراضي بدون سند وخلق مآسي لجل الأسر كان آخرها أرملة الشاعر الأمازيغي «بوهري» الذي شردت أسرته تكريما لما قدمه من خدمة للثقافة الأمازيغية رغم استجداء مختلف المسؤولين،وأرملة أخرى انتزع منها نصيبها قهرا وهي بنت رجل سلطة أفنى عمره في خدمتها، واللائحة طويلة.ويطالب المتضررون الوزارة الوصية بتقسيم نهائي عادل بمعدل خمسة هكتارات ، حتى يتسنى للجميع الاستفادة وخضوع الباقي لقوانين الاستثماربدون استثناء، بمن فيهم ذوو الحقوق والأغيار مع تحيين لائحة ذوي الحقوق وفقا للقوانين المنظمة.وفي نفس الإطار ودعما للجماهير الشعبية ،كما هو معهود في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، خص عامل إقليم الحاجب الكتابة الإقليمية للحزب ، بلقاء بطلب منها لمناقشة عدة قضايا مرتبطة بهموم ساكنة الإقليم ،ومنها على الخصوص معضلة الترامي الممنهج على أراضي الجموع ،حيث وعد المسؤول الإقليمي الأول بالقيام بالمطلوب استجابة لانتظارات المواطنين.