بنوع من المجازفة واليقين ، أجزم بأننا نعيش العمر في انتظار قصة هي الحياة نفسها ، لا نتوقف عن التعلق بها ، نترصد حسناء الكلام في كل الأوقات والأماكن ، ما أن تطل علينا ببهائها حتى نتهيأ لاستقبالها والاستسلام لسحرها الفاتن ، ندع تموجاتها وأحداثها وردود أفعال أبطالها تأخذنا حيث تشاء مشيئة السرد بعيدا عن هزائم وخيبات واقع معيش لا يتعقل . مع حيرة العطشان المتعب ، غيابا وحضورا ، تعرفني دروب الليل ، تطاردني حروف العاشق المتصوف ، ولمطاردة حلم المستحيل لذة حكمة مشتهاة يعرف حرائقها الراسخون والراسخات في عشقها الكبير . وباليقين الفاضح .. تلك الحسناء القصيرة ، النبض فيها حياة وليس ورطة تستحق النسيان ! وأنا الغبي بما يكفي لأحمل الماء في سطل فارغ .. لا أتنازل عن ذكائي المزمن في قراءة الإشارات بما يليق بنزيفها الدائم ، ولا أشَاءُ سوى غصات القصة المستحيلة . مع كل شهقة حياة ، تفكر فيها صباح مساء ، تترك النفس الأمارة بالشغب منشغلة بتفاهة اليوم ، وكلما سهوت ، تجدها أمام عينيك ، تجرك مُسَرْنَماً لبحر الذاكرة ولذات البوح المضمونة ، تعترف .. هي حسنائي ، أهبها كل الوقت حتى تورق وتراقصني كما تشاء . يداهمني حلم الشهيد ، تحضنني رعشة الشهادة ، تتفحص عيني ظل حسناء تسخر من سذاجة قوم بلا شواهد وغباء عشيرة بائدة بلا قبور، أحضن أدعية فنائي فيها ، ولا أستسلم سوى لشغف عظيم يقودني لقصة حياة تهديني لم انتظر حرقة مشتهاة تتدلل وتمارس عنادها اللذيذ !!! وعكس سراب الفناء ، أتواطأ مع حسنائي وريح بلادي على قٌبَل الغروب المتصالحة مع حروف الشهادة ، بعيدا عن أسراب غربان دائخة تحلق فوق جيفة مثيرة للتقزز ، نشعل براكين الوجود، ونحرس حلمنا الفاتن من فقه المقابر وعيون البوم البشعة !!! وعجبي من كاتب بهلوان يعشق الحسناء ، يخفيها تحت مسميات لا معنى لها ، يدعي إخراجها من قبعة اليومي ، يتوهم امتلاكها ، ينتشي بإحساس مخادع هو العاجز المهزوم في معركة حب غير متكافئة الأسلحة ، وشهرزاد الحكاية في حضن الغياب القاسي تسخر من حمقه المشهود. يخيل له أنه يعشقها ، يحمل الإزميل القاسي وسكاكين بروست، يلج المحراب بملابس ملطخة ، يمزق الجسد وفق معايير المناحات المشدودة للحجم وتضاريس جغرافيا مفبركة تقدس العجز والجهل والتسرع في وأد جذوة الاحتراق النبيل، ولا هدف له سوى الحصول على دمية صينية صقيعية الأحاسيس والإيحاءات . يقف حمار العاشق الأبله أمام الباب المسدود ، يستحيل عليه العبور نحو حقل الفراشات الراقصة ، يكسر الأقفال الصدئة ، يظل الباب مغلقا ، يستسلم لحمم بركانية يكتوي بها سدنة الشعب العنيد ، ويموت بغصته بعيدا عن سرير الحكاية . تتنوع الادعاءات ، تتعدد المزاعم ، تتوهم الجماجم المليئة بالصدى الإمساك بزمام الفاتنة العنيدة ، وكل جراحات الوجود المنقوص في محرابها فخاخ خدر فتاكة ورعشة قاتلة تقضي على حمقى اشتهاء غبي يفتقد المرجعيات اللازمة ودليل الرؤية الضامن لجنون المسير في طريق الشغب اللذيذ ، وللمعشوقة اسم واحد وهوية أوحد . دون دُرْبَةٍ ولا إعداد ، لا يسأل الحكاية عن حرائق الحنين وأصل الألم ، عن دموع المهموم ، والأسى ، وتفاصيل الندم ، تضيع أيامه ولياليه في خواء خلاء خرافي عجيب ، ولا يتدبر في حقيقة الأمر . كقبلة مسروقة ، تخلص من التفكير في هويتها العصية على التوصيف، توقع أن تكون كاملة التأثير ، تجاهل قيمة الصبر وانتظار لحظة الانصياع والسخاء الفاتن ، تناسى أنها لا تهتم بظواهر الأمور وتماثيل الواجهات ، ولا تشغل البال بطول الملابس أو قصرها في غياب الفارس الحر . كيف لي أن أعشقها و أقمطها في ثوب نكتة سريعة التبخر والزوال ؟ كيف تداهمني إشراقة نبضها الساحر وأقتلها في رمشة عين مشاع ؟ وكيف لي الفوز بلذة احتضانها فوق سرير المفاجئ غير المتوقع وأنا أقتل إحساسي بلقمة سريعة لا طعم لها ؟!!! وما كان لشهرزاد الحسناء أن تفوز بالحب والحياة لولا الذكاء المفرط وموهبتها الفذة في التغلب على الموت وقرارات النهار الدموية ، أطلقت العنان لعنادها الماكر، طاوعت سحر الحكاية المرهون بمبدأ نكون أو لا نكون ، طافت رفقة الليل دروبا غير معلومة وقصورا غير موجودة وعايشت شخوصا ليسوا من دم ولحم وأحداث ليست أسيرة زنازن اليومي .. هي حسناء الخيال الجامح وجنون مسارات تجمع بين الواقعي والحلمي والغرائبي والسحري والعجائبي في خلطة فريدة فاتنة نجحت في فضح غباء الكائن والتمتع بنعمة الحياة والوجود والتواجد.