«تعددت التقارير والنتيجة واحدة «.. خلاصة تنطبق على تواتر «الدراسات والبحوث» ، الصادرة منها عن منظمات أممية مختصة أوغيرها ، المهتمة بجغرافية المغرب و»مستوى عيش « الإنسان فوق أرضها ، ومدى توفر المعدلات المحددة دوليا في ما يخص التنمية بمفهومها الشامل . من آخر هذه التقارير - مع الوعي التام بتحكم عوامل غير موضوعية في بواعث صدور بعضها أحيانا– ذاك الذي طرق موضوع « التغذية الكافية «، والمنجز من قبل المعهد الدولي للبحوث السياسية التابع للأمم المتحدة ، والذي استعرض معطيات رقمية تفيد بأن «المغرب يحتل المرتبة 42 في ما يتعلق ب»مؤشر الجوع العالمي» الذي يقيس الجوع والافتقار إلى الغذاء، وذلك ضمن دراسات همت 118 دولة عبر العالم،إذ حصلت بلادنا على نسبة إجمالية متوسطة بلغت 9.3 في المائة. وتعرف كل من منظمة الصحة العالمية والزراعة العالمية «الجوع « بأنه «الحرمان من الطعام وسوء التغذية، الذي يجعل الفرد لا يستطيع الحصول على 1800 سعر حراري، كحد أدنى يوميًّا، لحياة صحية ومُنتجة». وتبعا للأرقام الواردة في التقرير المومأ إليه أعلاه الخاصة بعام 2016 ، فإن «4.4 في المائة من مجموع سكان المغرب يعانون نقصا في التغذية، و2.3 من الأطفال دون سن الخمس سنوات يعانون من الهزال الناتج عن ضعف التغذية، بينما 14.9 في المائة من الأطفال دون الخامسة يعانون من التقزم، و2.8 في المائة من الأطفال الرضع تحت معدل الوفيات». أرقام، وإن كانت تحمل في طياتها دواعي وأسباب القلق وعدم الاطمئنان ، خاصة في ظل تتابع السنوات العجاف وما تتركه من آثار سلبية على الدورة الاقتصادية ، بشكل عام، بالنظر للدور المحوري للقطاع الفلاحي داخلها، فقد أشارت المعطيات ذاتها ، إلى أن المغرب «لايزال بعيدا عن وضعيات البلدان التي تعاني من «سوء التغذية» أو»الجوع «، وذلك انطلاقا من كون المغرب قد أفلح «في خفض النسبة الإجمالية المتوسطة للمجاعة من 18.3 في المائة في 1992 إلى 15.6 في 2000، ثم 12 في المائة في 2008، وصولا إلى 9.3 في المائة في 2016» ، مع العلم أن القارة السمراء تبقى- حسب مختلف معايير التنمية - في مقدمة القارات التي تواجه استفحال تردي الوضع الغذائي ، حيث سبق أن أودت المجاعة بآلاف الضحايا في الصومال واثيوبيا وغيرهما . وللتذكير، فإن «مؤشر الجوع العالمي» ، يعتمد في تحديده على عدة معايير لقياس مستوى الجوع داخل هذا البلد أو ذاك، وتتمثل، بشكل أساسي، «في حساب النسبة المئوية للسكان الذين يُعانون من نقص التغذية، والنسبة المئوية لانتشار ما يعرف ب «الهُزال» بين الأطفال دون سن الخامسة، والنسبة المئوية لانتشار «التقزم» بين الأطفال دون سن الخامسة، ثم النسبة المئوية للأطفال الذين يموتون قبل سن الخامسة. ويندرج تقرير مؤشر المجاعة لسنة 2016 ، في سياق دق ناقوس الخطر بشأن التأثيرات المدمرة لظاهرة التغير المناخي، التي أضحت تعاني من وطأتها مختلف بقاع المعمور ، كما تشهد بذلك «موجة» الفيضانات والأعاصير من جهة أو الجفاف وانحباس المطر من جهة ثانية ، حيث من المرتقب أن «تتراجع محاصيل الحبوب والخضروات والذرة والبطاطس...» في بعض بلدان شمال أفريقيا ، كما هو حال المغرب ، الذي يبقى مطالبا - في ظل ما كشفت عنه منظمة «الفاو» بخصوص»حالة الأغذية والزراعة ل2016» -، بمضاعفة الجهود التنموية للحفاظ على الأمن الغذائي، خلال العقود القادمة . هذا و ما يؤكد استعجالية إيجاد السبل الكفيلة بتفادي العواقب الوخيمة لتوالي سنوات الجفاف بالعديد من جهات المغرب، النقص غير المسبوق في الماء الصالح للشرب ، الذي دفع ساكنة العديد من الدواوير والتجمعات السكنية إلى تنظيم مسيرات وخوض وقفات احتجاجية بعد أن صاروا قاب قوسين أو أدنى من العطش، خصوصا في المناطق النائية ، كما هي وضعية العديد من المداشر التابعة لقبيلتي «إداوزكري وإداوزدوت» بإقليم تارودانت ، و»إبركاك» المحسوبة على النفوذ الترابي لإقليم طاطا ، حيث أضحى الماء يقتنى بمبالغ مالية غير ميسرة لغالبية السكان ، دون إغفال دلالات قرار تقنين تزويد ساكنة تطوان ، ومدن مجاورة، بالماء الشروب، والذي يعد عنوانا قاتما لما قد تخفيه السنوات القادمة من مفاجآت غير سارة ؟