قال عبد المولى عبد المومني، خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية حول الثالث المؤدي، المنعقدة تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، مساء الجمعة الماضي بمدينة مراكش، إن هذه اللحظة تاريخية للوقوف على الأهمية البالغة للعيش المشترك بين شعوب العالم . وشدد عبدالمومني رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية ورئيس الاتحاد الإفريقي للتعاضد على أن القيم تفتقد قيمتها ،وإن لم تكن قادرة على تغيير واقع الإنسان، إن لم تكن لها آثار إيجابية على الوجود الإنساني ،وحماية من هم في حاجة إلى الحماية، مشددا على أن موضوع الندوة الدولية يحرك الكثير من الحكومات كما يثير العديد من الإشكاليات والصراعات الخاصة بمجالات تمويل الصحة. واستشهد عبدالمولى عبدالمومني ،في هذا الصدد، بالمديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، التي كشفت عن أرقام مهولة في هذا الباب، إذ أوضحت أن العالم الثالث رغم أنه أنفق ما يفوق 120 مليار دولار في قطاع الصحة، إلا أنه مازال في حاجة في العشر السنوات القادمة إلى الكثير من المليارات قد يتجاوز المبلغ فيه 100 مليار دولار. وفي تطرقه إلى أهمية الاتحاد الإفريقي للتعاضد، أشار إلا أن هذا الإطار الإفريقي حمل صوته إلى المنتظم الدولي وصدح بصوت القارة السمراء بتنسيق مع الاتحاد الأمريكي للتعاضديات، قصد إسماع صوته سواء في المنتدى الاجتماعي العالمي أو لدى مكتب العمل الدولي. وأكد عبد المولى عبد المومني أن الولوج إلى العلاج يتطلب أداء فاتورة باهظة التكاليف، مما يساهم في عرقلة الولوج إلى هذه العلاجات. وصرح أن جلالة الملك منذ مافتئ يعطي أهمية قصوى للعلاقات المغربية داخل محيطه الإفريقي، مستشهدا في هذا الباب بمضامين الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى 63 لثورة الملك والشعب . كما ذكر بالراحل الملك الحسن الثاني الذي أكد منذ عقود أن المواطن يحتاج إلى شبكة تضامنية لتجويد الخدمات الاجتماعية والصحية، مشيرا إلى أن التعاضدية العامة سارت على هذا النهج وعززت تواجدها في كافة الجهات والمناطق المغربية. كما توجه عبد المومني إلى من يهمهم الأمر، موضحا أن التعاضديات لا تريد منافسة القطاع الخاص ولا تريد أن تكون بديلا لخدمات القطاع العام، بل تريد أن تكون نهجا ثالثا يحمي من لا يتوفر على دخل مادي يؤهله لذلك. وأوضح أن نظام التعاضد ساهم ، استنادا إلى أرقام للفيدرالية الدولية للتعاضديات والتعاونيات لأمريكا اللاتينية، في رفع حصته في نظام التأمين من 23.8في المئة سنة 2007 إلى 27.3في المئة حاليا مما يثبت قدرة الحركة التعاضدية في مواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية ومواصلة عرض الخدمات المقدمة لمنخرطيها. الوزير الجيبوتي حسن إدريس سمريي شدد في الجلسة الافتتاحية المنعقدة تحت شعار «الثالث المؤدي بين التوازن المالي لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ودور التعاضد في تسهيل الولوج للخدمات الصحية «على أن الولوج إلى العلاجات له تكلفة مادية باهظة، إذ أن العديد من الدول الإفريقية اعتمدت على المواطن في تمويل قطاع الصحة إلى جانب الدولة، سعيا لتجويد الخدمات الصحية» . وكشف في مداخلته على أن التكلفة أصبحت مرتفعة، كما أوضح أن هناك بعض المظاهر السلبية التي مازالت مصدر قلق، منها الأداء تحت الطاولة مما يزيد من هشاشة البنيات الصحية ويعرقل الاستمرار في المسار العلاجي للمرضى. ولإحقاق المساواة في هذا المجال ،يقول المسؤول الحكومي الجيبوتي، لجأت الحكومات إلى الدعم والتمويل.وأكد أن المواطنين يضطرون إلى اللجوء إلى خدمات لا تتوفر فيها الجودة وأن مرضا بسيطا إن لم يعالج بشكل جيد قد يؤدي إلى الموت. كما أثار مسألة الأزمة المالية العالمية التي شهدها العالم سنة 2008 وتأثير ذلك على الخدمات العلاجية، إذ تم تقليص الإمكانيات سواء في البلدان النامية أو المنتمية إلى العالم الثالث، وشدد الوزير الجيبوتي على أن بلاده انخرطت في برنامج لتعميم التغطية الصحية لجميع مواطنيها، مشيدا في كلمته بمجهودات المغرب في هذا المجال، خاصة في ما يتعلق بالثالث المؤدي. وزير التشغيل عبد السلام الصديقي، قال إن إصلاح وتقوية التغطية الصحية بالمغرب يمر عبر تأهيل وتعزيز الثالث المؤدي من خلال تعميمه على جميع الأمراض مع إعطاء الأولوية للأمراض الخطيرة والمزمنة خصوصا على مستوى اقتناء الأدوية. مشيرا إلى أن الثالث المؤدي الذي يسمح بإعفاء المرضى من الدفع المسبق لنفقات العلاج سواء تعلق الأمر بالعلاجات والاستشارات الطبية أو التحاليل أو الأدوية بالصيدليات، يعتبر دعامة أساسية في إنجاح المخططات الصحية التي تستهدف المساواة والعدالة في الولوج إلى العلاج والحل الأمثل للتأخيرات التي تعرفها أحيانا التعويضات. وأن الاهتمام بالثالث المؤدي تترتب عنه مجموعة من النتائج الإيجابية تتمثل أساسا في تقليص مدة ولوج المريض إلى العلاج وتحسين شروط التحمل والتكفل بالمرضى وضمان المتابعة الطبية،زيادة على حكامة نفقات القطاع الصحي. ورأى أن الأداءات المسجلة في إطار الثالث المؤدي من طرف الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي بالنسبة للتعاضديات بلغ مليار و783 مليونا و618 ألفا و553 درهما سنة 2015 مقابل مليار و758 مليونا و975 ألفا 698 درهما سنة 2014 مسجلة نموا طفيفا يقدر ب1 في المئة. كاشفا أن القطاع الخاص حظي بحصة الأسد بمبلغ مليار و291 مليونا و255 ألفا و510 دراهم بنسبة 72 في المئة ثم القطاع العام بمبلغ 252 مليونا و510 آلاف و897 درهما بنسبة 14 في المئة والقطاع التعاضدي بمبلغ 209 ملايين و801 ألف و69 درهما . وعرفت هذه الندوة الدولية المنظمة من قبل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بشراكة مع الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، التوقيع على الأنظمة الأساسية للاتحاد الإفريقي للتعاضد مع كل من تشاد من خلال سفيرها في الرباط ، وجيبوتي ممثلة في وزير من الحكومة ،وجزر القمر ممثلة في سفيرها بالرباط ، كما شهدت الندوة تكريم مغربيتين من الأقاليم الجنوبية وثلاث نساء إفريقيات من الكوت ديفوار وبوركينا فاصو والسنغال، تقديرا للمرأة، واعترافا بإسهاماتها إلى جانب الرجل في جميع المجالات، وخاصة في ميدان التعاضد. ويتعلق التكريم بكل من الداودي الباتول منتخبة محلية وتنشط في العمل الجمعوي في مجال التعليم، وفاطمتو زعما الفاعلة الجمعوية، و الأمينة العامة للاتحاد الإفريقي للتعاضد والنائبة البرلمانية بالجمعية العامة بالكوت ديفوار ، كايو صلاحا كلاريس، وجوليات كامباوري (بوركينا فاصو) أمينة مال الاتحاد الإفريقي للتعاضد، وياسين فال (السنغال) النائبة الأولى لرئيس الاتحاد الإفريقي للتعاضد.