اختتم مجلس النواب ولايته التشريعية (2011-2016) أول أمس. وقدم رئيسه حصيلة أولية لإنجازاته خلال الخمس سنوات الماضية التي تعد الأولى في ظل دستور يوليوز 2011، مستعرضا سياقات وأرقاما ومحطات . ودون شك، فإن عملية التقييم تقتضي بعض الوقت كي يتأمل المختصون والسياسيون على السواء في أوجه هذه الحصيلة وإكراهاتها وإضافاتها لمسار التشريع المغربي الذي انطلق دون توقف عبر مسلسل انتخابي أكمل عقده الرابع. لكن هناك بعض الملاحظات والأسئلة الأولية التي لابد من الإشارة إليها اليوم، تتعلق أساسا بعلاقة الحكومة مع المؤسسة البرلمانية عموما ،أي مدى إعمال الفصول الدستورية المحددة لهذه العلاقة؟: أولا؛ زجت المؤسسة التنفيذية بالبرلمان في ساحة توتر من خلال إصرار رئيس الحكومة من جهة على الاستبداد بمساحة الخطابة في الجلسات المخصصة لتدخلاته . ومن جهة ثانية، بالطريقة التي ترافق هذه الخطابة من حركات وخروج عن النص والموضوع . وثالثا بنفثه لمصطلحات وتعابير قدحية أحيانا وتهريجية أحايين...أو في دخوله بمشادات يصطنعها مع نواب أو مستشارين حولت العديد من الجلسات عن أهدافها المحددة دستوريا وقانونيا . ثانيا ؛ أحالت الحكومة مشاريع قوانين ضعيفة المبنى والمعنى . وهو ما جعل المؤسسة التشريعية تتحمل عبئا إضافيا وإن كان من اختصاصها التشريع . عكست هذه المشاريع مدى قدرة الحكومة على إنتاج نصوص قانونية وليست جملا مرتبة بتعسف نفسها القانوني مهترئ. والمتأمل ل 8500 تعديل التي تقدم بها النواب مثلا نجد أن العديد منها انصب على معالجة الضعف الحكومي. ثالثا ، لم تجب الحكومة عن ثلثي الأسئلة الشفوية التي وجهها لها أعضاء مجلس النواب. فمن 11237 سؤالا أجابت فقط عن 3433 ضمنها 556 سؤالا آنيا . أما الأسئلة الكتابية التي كان مجموعها في هذه الولاية 26925 فلم يتوصل باعثوها سوى ب 18184 جوابا والباقي تم إهماله . إن الأسئلة تعد من إحدى آليات المراقبة. والتهرب منها يعد إخلالا بالمسؤولية، وذلك ما يتضح من الإحصائيات التي وردت في خطاب رئيس مجلس النواب. رابعا ؛ لم يكن هناك منطق لدى الحكومة في إحالة النصوص على المؤسسة التشريعية إلا منطق الارتجال والعشوائية، انطلاقا من مخططها التشريعي الذي لم تحترمه بالمرة، أو من خلال متطلبات التأطير القانوني لمؤسسات دستورية متواجدة، أو يجب إحداثها، كان من الأجدى أن تتم مراعاة الأولويات في ذلك . خامسا؛ برهنت الحكومة على أنها لا ترى بعين التقدير والاحترام للمؤسسة التشريعية. وآخر مثال أن أعضاءها تغيبوا عن الجلسة الأخيرة مثلما فعلوا في العديد من المرات. هذه بعض الملاحظات الأولية ونحن ننهي ولاية تشريعية . نتمنى أن تكون الحكومة المقبلة التي ستتمخض عن اقتراع السابع من أكتوبر المقبل أكثر حرصا على علاقات دستورية سليمة مع البرلمان.