تحفل الساحة الرياضية، خاصة الكروية منها، بمسيرين شباب برهنوا منذ توليهم مسؤولية التسيير، عن تدبيرهم الجيد المبني على النظرة المتطورة والعلمية الواضحة، وعلى نهج الطرق الحديثة المؤسسة أساسا على الحكامة الجيدة واعتماد الاشتغال على البرامج وعلى عقدة الأهداف. وبعيدا عن أية مبالغة، يحق لنا فعلا أن نفتخر بانخراط عدد هام جدا من الشباب المثقف والواعي في المنظومة الرياضية الوطنية، على مستوى الإشراف التسييري والتدبيري، لا على الصعيد المركزي وفي الهيئات المسؤولة وطنيا، بل وعلى صعيد الأندية المحلية والعصب والجمعيات في مختلف الجهات بالمغرب. وسط كل ذلك، ومن بين جميع هؤلاء الشباب حديثي التخرج من أعلى وأرفع المعاهد الدراسية، لا تجد، للأسف، قناة «الرياضية» ضيوفا لبعض برامجها غير مسيرين شاخوا في مناصبهم، وتعالت كل الأصوات مطالبة برحيلهم، بل منهم من لاشرعية له ووضعه القانوني على رأس الفريق الذي يسيره غير محسوم من الناحية القانونية، وموضع تدارس على مستوى الهيئات المركزية. خلال الأسبوع الماضي، كمثال فقط، لم يتردد، كما أشرنا إلى ذلك في مقال سابق بالجريدة، صاحب «مستودع» «الرياضية»، من استضافة شخص يشد بنواجذه على مفاتيح عصبة مكناس تافيلالت منذ إحدى عشرة سنة، وتلاحقه العديد من النداءات المطالبة برحيله وإقالته. بل إن البرنامج إياه، منح له كل الحرية لذاك الشخص، في سب وقذف الضيف الآخر الذي جيء به لتأثيث البلاطو، بعبارات سوقية استنكرها الجميع، وزاد من هيجانه تجاه الضيف بالتهكم عليه ومحتقرا المدينة التي يقطن بها وهي الراشدية، عندما تفوه بتلك الجملة المهينة: « سير تكلي الحمص في الراشدية..». أسبوعا فقط بعد تلك الفضيحة، وتحديدا يوم الإربعاء 23 فبراير، أبى صاحب البرنامج إياه، إلا أن يقدم لمشاهدي قناة «الرياضية» شخصا آخر من رموز العهد الكروي المنتهية صلاحيته، والذي يواصل تشبثه بالزعامة في المشهد الكروي بمدينة الخميسات بعد مرور أزيد من ثلاثين سنة من الحضور المتواصل في هرم المسؤولية بفريق اتحاد الخميسات. وكانت المناسبة، حسب تقديم منشط البرنامج، هي التوجه الذي سطره «الرايس الكرتيلي» وقرر تنفيذه في هذه الأيام عبر بيع الفريق الزموري، أو كما وصفه بمشروع تحويل الفريق لشركة!! معد البرنامج منح ميكرفون القناة، وسخر كاميراتها لتلميع صورة «صاحبه» المشهور بكونه حارب كل الطواحين من أجل الاستمرار رئيسا على فريق اتحاد الخميسات.. منحه وقتا طويلا في قناة عمومية، ليتحدث عن «إنجازاته»، وعن «تضحياته»، وعن «حبه الكبير» للفريق الزموري... وعن أشياء كثيرة في محاولة واضحة لوضع مزيد من الماكياج على صورته في ظرف تعالت فيه الأصوات بالخميسات، مطالبة برحيله، وعقدت خلاله جلسات واجتماعات تندد بطريقة تسييره، وتحتج على إغلاقه لكل أبواب الفريق في وجه الراغبين في الانخراط من أجل تصحيح الأوضاع. منحه كل الوقت، ليرد، ولو بشكل غير مباشر، على منتقديه، وليتحدث عن قرارات لم يستشر حولها مع أي أحد، ويجهل عنها «المنخرطون» كل شيء وهم المفروض أن تكون لمؤسستهم كامل الصلاحية وكامل الشرعية في تحديد كل عناوين مستقبل الفريق! من حق معد البرنامج أن يستضيف من يشاء، لكن ليس من حقه إقصاء طرف لصالح طرف آخر. بمعنى آخر، بأي وجه حق تتم استضافة «الكرتيلي» كرئيس لفريق اتحاد الخميسات، في الوقت الذي مايزال ملفه غير محسوم فيه، ولاتزال شرعيته في شغل منصب الرئيس متداولا فيها في جامعة كرة القدم، بل إن المنصب إياه لايزال متنازعا حوله، الأمر الذي لم تستطع الجامعة نفسها البت فيه وفضلت أن ترمي به في مرمى سلطات عمالة الخميسات، تنتظر منها منح أحد الأطراف المتنازعة حول الشرعية، وصل الإيداع القانوني النهائي والرسمي، كصك تعتمده الجامعة في منح تزكيتها لهذا الطرف أو ذاك! كان واضحا ومنتظرا أن ينتفض «الكرتيلي» في هذا الوقت بالذات، بعد شيوع أخبار تفيد باتجاهه لطرح الفريق الزموري للبيع وتلقيه فعلا عرضا من بلجيكا في هذا الاتجاه، ليوضح الأمور، وليبعد عنه ما يعتبره مجرد إشاعات، ووجد، في هذا الإطار، في «مستودع» قناة «الرياضية» وسيلة أكثر من مناسبة لنشر قراراته والحديث عن «أفكاره وقناعاته»، وتمرير كل خطاباته.. ظهر في البرنامج إياه، واستعمل كما هي عادته، أسلوبه في تمرير ما يعتقده أفضل الوسائل لتلميع صورته أمام جمهور فريق اتحاد الخميسات.. متناسيا ومتجاهلا أن نسبة كبيرة من هذا الجمهور لن تتراجع عن مواصلة رفع شعار «ارحل»، وتأكد ذلك في اليوم الموالي لبث البرنامج، حيث اتفق عدد كبير من الجمهور، ومن ممثلي الحركة التصحيحية على اتخاذ خطوات عملية للتنديد بالوضع داخل الفريق، وللوقوف ضد «قرارات» انفرادية يتخدها «صديق» صاحب «مستودع» «الرياضية».. هذا الأخير، وللتذكير فقط، تلاحقه بدوره، و منذ مدة طويلة أصوات من داخل القناة تطالبه هو أيضا ب «ارحل.. ارحل»!