ينعقد ، يومه الخميس، الجمع العام لجامعة كرة القدم الوطنية، في ظرف تعالت فيه الأصوات مستنكرة التردي الذي عرفه المشهد الكروي في العقدين الماضيين. كما ينعقد قي شروط اتسعت فيها دائرة السؤال حول سبل الإنقاذ، والتفكير في إيجاد الحلول الناجعة عوضا عن طرح مسكنات تخفف من وجع الرأس، لكنها ما تلبث أن تغذيه وتساعده على مزيد من الارتفاع والنمو! من جملة هاته الأسئلة التي تشغل بال المتتبعين والمهتمين، ما يتعلق بشروط انعقاد هذا الجمع، ومدى احترامه والتزامه بالقوانين المسطرة، ومدى تطبيقه لقواعد المنهجية الديمقراطية؟! الأكيد، أن الطريق قد عُبِّد لصالح المرشح الوحيد لمنصب الرئيس، علي الفاسي الفهري، والأكيد أن القانون والديمقراطية سيتم، مرة أخرى، كما جرت بذلك العادة، تجاهلهما لحساب تعيين هذا الأخير، والأكيد كذلك، أن «حضور» رجالات العهد السابق في المشهد القادم، قد أصبح على كف عفريت، بالنظر إلى أن «الاستراتيجية» التي من المرتقب أن يتم اعتمادها بعد محطة الجمع العام، لن يكون فيها مكان للوجوه «القديمة»، خصوصا أن بعض الأخبار تؤكد أن «الرئيس القادم» قد أعد عدته وكون تركيبة مجموعته أو «الكوماندو» الذي سيعول عليه لتطبيق «مخطط الماجدي» القاضي بخلق «الرابطة الاحترافية» بعد حل المجموعة الوطنية لكرة القدم النخبة! تاريخ .. لقد ظلت الرياضة بشكل عام منذ بداية عهد الاستقلال، قطاعا يلفه غطاء المخزن، وميدانا يتم تدبيره بواسطة التعليمات الفوقية، والتعيينات والأوامر العليا. وظلت كرة القدم الرياضة الأكثر خضوعا لهذا المنطق، حيث عرف تاريخ تسييرها مركزيا، تدخلا مباشرا للقصر في تعيين رؤساء الجامعة، بل تدخلا ملكيا حتى في بعض التفاصيل «الصغيرة» المحيطة باللعبة، كما حدث في سنة 1972، بعد أن تدخل الملك الراحل الحسن الثاني شخصيا في تحديد تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم قبل موعد مباراة دولية ضد منتخب الجزائر، برسم تصفيات كأس إفريقيا للأمم 1972، بالكامرون، وكان حينها المنتخب الوطني قد عاد من الجزائر منهزما في لقاء الذهاب بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، ليفوز بالدارالبيضاء بحصة ثلاثة أهداف لصفر وينال بطاقة المرور إلى نهائيات البطولة الافريقية بالكامرون! فمنذ سنة 1957، وطيلة 52 سنة الماضية، شهد محيط تسيير رياضة كرة القدم الوطنية تدخلات ملكية مباشرة وغير مباشرة في تعيين الرؤساء والمسؤولين، إما تحت غطاء «الشرعية» وعبر صناديق الانتخاب، وإما عن طريق المؤقت! التأسيس.. تأسست الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم سنة 1957، وذلك خلفا للجنة مؤقتة كان قد تم خلقها لتعويض العصبة التابعة للاتحاد الفرنسي أيام الحماية. وكانت اللجنة إياها، قد أنيطت بها مهمة إعداد برنامج للبطولة الوطنية، وتنظيم كل المنافسات الكروية، وخلق مكتب وطني جامعي يتكلف بإعداد القوانين والأنظمة الداخلية والعامة. في سنة 1957، عين الملك الراحل محمد الخامس، الدكتور بوستة كأول رئيس لجامعة كرة القدم، وقد امتد مقامه لخمس سنوات ليعوضه سنة 1962 إدريس السلاوي الذي تم تعيينه من طرف الراحل الحسن الثاني، وقد استمر رئيسا إلى غاية سنة 1966. وبداية من سنة 1966، وإلى حدود سنة 1969، سيعين محمد بنجلون رئيسا، ليعوضه بعد ذلك ولموسم واحد فقط، المعطي جوريو، الذي تميز عهده بمشاركة المنتخب الوطني في مونديال مكسيكو 1970، وبعد الرجوع من هناك، سيغادر منصب الرئاسة لتولي مهام حكومية عالية. وعلى نفس المنوال، لم يقض بدرالدين السنوسي سوى موسم واحد كذلك كرئيس للجامعة، ليحل مكانه أرسلان الجديدي من 1971 إلى سنة 1974. ومن سنة 1974 إلى سنة 1976، سيتولى عثمان السليماني مهمة الرئاسة، حيث سيقود الكرة الوطنية إلى تحقيق أهم إنجاز كروي عبر تاريخها وهو الفوز بكأس إفريقيا للأمم بإثيوبيا سنة 1976، كما عرفت الكرة الوطنية في عهده فوز النجم أحمد فرس بأول كرة ذهبية إفريقية للمغرب سنة 1975. بعد هذا التاريخ، ستلج كرة القدم الوطنية عهدا جديدا تميز ب «الهيمنة العسكرية» على كل مفاتيح التسيير، وذلك بعد أن تم تعيين الكولونيل المهدي بلمجدوب على رأس الجامعة من 1977 إلى 1979. بعد ذلك، ومباشرة بعد هزيمة المنتخب الوطني بالدارالبيضاء أمام الجزائر وبحصة مستفزة وصلت إلى خمسة أهداف مقابل هدف وحيد للمغرب، ستحل الجامعة، وسيتم تعيين لجنة إدارية برئاسة فضول بنزروال أحد أطر وزارة الشبيبة والرياضة حينها، حيث سيمتد مقامه لسبع سنوات متتالية بداية من 1979 وإلى غاية 1986. في سنة 1986، عادت «الشرعية» للجامعة، وتمت تسمية الضابط العسكري إدريس باموس رئيسا للجامعة، حيث سيستمر مقامه بها إلى غاية سنة 1992. في سنة 1993، سيعود الملك الراحل الحسن الثاني ليعين أحد رجالاته العسكريين خلفا لباموس، حيث أسندت مهمة رئاسة الجامعة للكولونيل الحسين الزموري، لكنه لم يعمر لأكثر من موسم واحد، ليخلفه الجنرال حسني بنسليمان كرئيس للجنة مؤقتة مكلفة بتسيير شؤون كرة القدم الوطنية، إلى غاية 1999، حيث تم «انتخابه» رئيسا «شرعيا» للجامعة، وهو المنصب الذي ظل يتقلده إلى حدود يومه الخميس 16 أبريل من سنة 2009! «التجربة العسكرية» وعهد الجنرال بنسليمان من غير المنطقي أن نرهن النقاش المحيط بتجربة الجنرال الرئيس الأخيرة، وهو رابع عسكري يتكلف بقيادة شؤون الكرة بعد المهدي بلمجدوب إدريس باموس والحسين الزموري، بنتائج المنتخب الوطني الأول فقط. صحيح أن المنتخب يظل هو المرآة التي تعكس نجاح أو فشل النظرة التسييرية الجامعية، ولكنها لن تكون وحدها المقياس الموضوعي لتقييم التجربة، وهنا يمكن طرح السؤال على النحو الآخر: كيف كانت ستسير الأمور لو نجح منتخب روجي لومير وأتباعه في تحقيق الفوز على منتخب الغابون؟ هل كانت الأمور ستأخذ مجراها العادي، أم أن التغيير كان بالفعل مخططا له وفق كل المتغيرات والمستجدات وفي كل الظروف؟ على هذا الأساس، ينطلق النقاش، ومن المفروض تقييم التجربة السابقة بمعيار يشمل كل جوانب هذا المحيط الكروي الذي لا يختلف اثنان حول دوره الحيوي ليس في الحياة الرياضية وحدها، بل في كل الجوانب المجتمعية الأخرى.. ماذا أضاف تسيير الجنرال وأتباعه لكرة القدم الوطنية؟ وماذا تحقق على مستوى القاعدة وهي الأندية، وعلى مستوى القوانين العامة والداخلية، وعلى مستوى التكوين والبنية التحتية، وغير ذلك من الأسس المفروض أن يواكبها التجديد والتطور في كل حين. الجانب المالي.. في هذا الجانب مثلا، لا يمكن أن ننكر أنه في عهد الجنرال وأتباعه، نجحت كرة القدم الوطنية في جلب أرقام مالية كبيرة بفضل انفتاح المؤسسات الاقتصادية والمالية، عبر عقود الاستشهار، وتدخل الحكومة كمدعم كبير وأساسي لهذا القطاع خصوصا بعد توقيع عقد برنامج التأهيل بينها وبين جامعة الكرة. إلا أنه، ورغم «إيجابيات» تلك النقطة المضيئة الوحيدة في التجربة السابقة، فقد تخللتها بدورها نقائص عديدة، ومظاهر خلل اغتالت إمكانية استفادة الكرة الوطنية من إيجابيات هذا المعطى الجديد. فكما يوضح أحد المسيرين السابقين في فريق الوداد البيضاوي اعتزل الميدان، ويرفض الكشف عن اسمه، كون تدبير الأموال الطائلة التي تم ضخها في محيط الكرة، كان خاطئا ولم يتم التعامل معه بما يناسب المصلحة العليا لكرة القدم الوطنية، في الوقت الذي وضعت فيه كل تلك الأموال لتلميع الصورة فقط، بعيدا عن صرفها بما يفيد مساعدة الأندية على إعادة وضع هيكلة جديدة لها، بقواعد وأسس تضبط تعاملا احترافيا ونظرة مستقبلية ترفع من قيمة القاعدة وهي الأندية، كشرط أساسي للوصول إلى تحقيق التطور المنشود. واكتفى المسؤولون، حسب رأي المسير الودادي، بمجرد ضخ بعض «الدريهمات» ومبالغ قليلة تكفي فقط لإسكات الأفواه، وتحد من حالة «الجوع» المنتشرة في وسط الأندية الوطنية المتعطشة لكل درهم إضافي يضخ بعض الدفء لصناديق غالبيتها تعاني من الفراغ والخصاص! ويضيف المسير الودادي السابق، أن الأموال المحصل عليها، لم يراع في صرفها منهج واضح وشفاف، وتخللت عملية صرفها نظرة جد محدودة غير متطلعة لرسم آفاق جديدة مبنية على وضع تصور بإمكانه تحقيق القفزة المنتظرة، سيما في القاعدة التي ظلت منسية ولم تستفد من أية برامج تنموية بالرغم من «تمتع» الجامعة بما يكفي من أرصدة مالية بإمكانها تغطية تكاليف كل المخططات! في مقابل ذلك، يضيف العضو المسؤول الودادي السابق، تم صرف أموال طائلة خصصت لتزيين وتلميع الواجهة، وفي مقدمتها المنتخب الوطني، عبر انتداب مجموعة من المدربين الأجانب وبمبالغ عالية جدا، وعبر السماح لهم بتطبيق «تجاربهم» على المنتخب الوطني، وهي تجارب اشتركوا جميعا في نهج نفس تفاصيلها المعتمدة أساسا على تغييب اللاعب المحلي، وتعويضه باللاعب المحترف بالخارج، مع ما كان يتطلبه ذلك من اعتمادات مالية لتغطية تكاليف الرحلات الاستكشافية المكوكية التي قادها هؤلاء المدربون الأجانب، والنتيجة كانت دائما، الفشل في الحصول على تركيبة بشرية قارة ومستقرة للمنتخب الوطني! التأهيل .. بخصوص هذا الموضوع، يوضح أحد المهتمين بأنه وبعكس ما يشنف به مسامعنا بعض أعضاء مكتب الجنرال بنسليمان، وما يرددونه حول ضرورة إتمام إنجاز الورشات المفتوحة، كمشروع التأهيل مثلا، لابد من الإشارة إلى كون مشروع التأهيل نفسه، انطلق بطريقة خاطئة، وتم الالتفاف على جوهره، وتم تحويل اتجاهه صوب آفاق غير تلك التي انبنى وتأسس عليها البرنامج! ويمكن القول بأن برنامج التأهيل كان أول ضحايا عهد الهيمنة العسكرية على المشهد الكروي، كما كان أحد أبرز مهندسيه أحمد عمور الكاتب العام السابق للجامعة، أول ضحاياه كذلك! والجميع يتذكر، في هذا الباب، كيف تم الإجهاز على تلك المضامين الحقيقية لعقدة الأهداف المسطرة مع الحكومة المغربية، والتي يعتبر مشروع التأهيل أحد بنودها الرئيسية. تلك العقدة التي فتحت أبواب صندوق الجامعة لاستقبال أكثر من 100 مليون درهم سنويا! أموال طائلة كانت في الأصل موجهة، أو على الأصح، في العقدة الأصلية قبل أن يتم تحريفها، لبناء ملاعب جديدة وإصلاح الموجود منها، ومخصصة لإنجاز مراكز للتكوين في كل مناطق المغرب، مراكز بهيكلة إدارية وتقنية منظمة، وبعشب اصطناعي يسمح بالممارسة لعشرين ساعة في اليوم.. أموال يوزع جزء كبير منها لهيكلة الأندية لتحسين مداخيلها والارتقاء بها مما كان سينعكس إيجابيا على مستوى اللاعبين. هؤلاء، كان البرنامج التأهيلي، في نسخته الأصلية، قد خصّهم بحيز كبير وأولاهم كل الاهتمام على أساس أنهم يشكلون الرحى التي تدور حولها كل المنظومة ! البرنامج التأهيلي ، في نسخته الأصلية، فرض على الأندية التقيد بدفتر تحملات بنصوص محددة، في مقدمتها أساسا، توثيق عقود قانونية مع اللاعبين، مما يضمن حقوق الطرفين، كما يفرض على الجامعة عدم الترخيص لأي لاعب لايتجاوز عمره 25 سنة، بالانتقال للممارسة في الدوريات الأجنبية، حتى تحفظ البطولة الوطنية «نجومها» وترقى بمنتوجها لما في ذلك من فائدة على مستوى المنتخبات الوطنية كلها! إلى جانب ذلك، فرض دفتر التحملات ذاك، وجود محاسبة ومراقبة على مالية الأندية، لمساعدتها على تنظيم معاملاتها المالية وفق نظام عصري متطور، يضمن الاستقرار كما يضمن الشفافية والوضوح في درب انتزاع ثقة كافة المتدخلين خصوصا الفاعلين الاقتصاديين والمستشهرين! ويذكر الجميع، أنه وبمجرد توقيع الاتفاقية مع الحكومة المغربية، وسنة 2005 ، سنة توقيع الاتفاقية، لم تنته بعد، حتى انتفض بعض رؤساء الأندية الوطنية «بإيعاز من مسؤولي الجامعة»، معلنين رفضهم للعديد من النقط التي تضمنها دفتر التحملات، ونجحوا بذلك في تحريف مضامين برنامج التأهيل، ضاربين عرض الحائط المصلحة العليا لكرة القدم الوطنية! والنتيجة، أن مشروع البرنامج التأهيلي راح ضحية انغلاق الرؤية، كما راح بعض المسؤولين الذين آمنوا به وتمسكوا بتطبيقه على الوجه الأصح، بل وكانوا مهندسينه، ضحية لذلك.. والنتيجة ، هي أنه تم الدفع بمثل هؤلاء إلى الاستسلام وإلى المغادرة والرحيل! اليوم، وقد مرت قرابة خمس سنوات على توقيع عقدة الأهداف، وانطلاق مشروع التأهيل، لم تتبلور الأهداف المسطرة على أرض الواقع، وتحول التأهيل إلى «تخريب» أطفأ البصيص من نور التفاؤل الذي ظل يحمله البعض.. من المفروض في محطة الجمع العام ليومه الخميس، أن تفتح أبواب المساءلة والمحاسبة من هذا المنطلق، ومن المفترض، أن يشرح لنا أعضاء مجموعة الجنرال، وبعد مرور قرابة خمس سنوات على توقيع العقد مع الحكومة، مصير أموال الشعب الطائلة التي وضعت رهن إشارة الجامعة، وأين صرفت؟ وفي انتظار أن يتحلى المسؤولون، قبل مغادرتهم لكراسي المسؤولية، بالشجاعة اللازمة ليقدموا كل التوضيحات للرأي العام الذي تكبد مرارة الصدمات كثيرا في عهدهم، يطرح السؤال مرة أخرى حول شروط انعقاد جمع اليوم، ومدى قدرة المسؤولين على التمسك باحترام المنهجية الديمقراطية والقانون، خصوصا أن لغة «التعيينات» أكدت في كل المناسبات السابقة، أنها لم تنجح في تحقيق ما نطمح إليه جميعا بخصوص تطوير مشهد كروي بقدر ما أضحى يحتل الجزء الأكبر من الاهتمامات، بقدر ما أصبحت عملية تتبعه والانخراط في محيطه مستفزة ومنفرة؟! الجانب التقني: لن يختلف اثنان في كون الفشل الذريع صاحب العهد التسييري السابق بامتياز، وعلى مختلف المستويات. فعلى مستوى المنتخبات الوطنية مثلا، أظهرت النتائج التقنية التراجع المهول لكرة القدم الوطنية مقارنة مع نظيراتها الافريقية، وأضحت الكرة الوطنية شبه «لقيطة» بدون خصوصيات وبدون روح أو طابع مميز، فقدت خصوصيات المدرسة المغربية، وتاهت في بحور التجارب الأوربية، مما انعكس على أداء المنتخبات الوطنية بكل فئاتها، والنتيجة، وهي السبب في نفس الوقت، اعتماد المشرفين التقنيين على قطع الغيار المستوردة من الخارج، لجاهزيتها، وظنا منهم أنها الوصفة الناجعة لتحقيق النتائج المرجوة! على صعيد المنتخبات الصغرى، اتضح أن المسؤولين فشلوا في إيلائها الاهتمام اللازم، إلى درجة أن كل الفئات من أمل شبان وفتيان، لم تنجح في الحضور في أية تظاهرة قارية أو دولية. ونفس الشأن بالنسبة لفئة الإناث، التي لم تستفد من أي تخطيط ممنهج يرسم لها التوازن المفقود! وظل الإطار التقني المشرف على المنتخبات الوطنية، الشماعة التي تختبئ وراءها كل الإخفاقات، إذ بعد كل هزيمة أو إقصاء، يتم تغيير المدرب وكأنه وحده المسؤول عن التخلف والتردي، إلى درجة أن المسؤولين الجامعيين، لم يترددوا في تغيير قرابة 10 مدربين في ظرف لم يتعد خمس سنوات! وطيلة الفترة السابقة، لم يكن هناك اهتمام مدروس يخص تنظيم وهيكلة الإدارة التقنية الوطنية، واكتفى المسؤولون بتعيينات غير مستقرة لمنصب المدير التقني، على حساب وضع برنامج شامل يولي ، كأولوية، الاهتمام لتكوين المدربين والأطر التقنية،وإعداد المشرفين التقنيين على المراكز التكوينية. في الجانب القانوني: تميز عهد الجنرال وأتباعه، بتجاهل ضخ دماء جديدة في شرايين القوانين العامة للجامعة، والقوانين المنظمة للمشهد الكروي الوطني بشكل عام. واكتفت مجموعة الجنرال، في مقابل ذلك، بسن قوانين اتضح جليا أنها هندست وخططت ليس في صالح الكرة الوطنية.. وإنما لصالح القابضين بمفاتيح شؤونها! في هذا الإطار، يشير فاعل سابق في أحد أندية الصفوة، إلى أن «الاجتهاد» الذي يحسب لمجموعة الجنرال في هذا الموضوع، هو ما ترتب عنه التعديل المدرج في القانون المنظم للجمع العام للجامعة، والذي يفرض أن يتشكل المكتب الجامعي من محطة الجمع العام، عبر لائحة ترشيحات يقدمها المرشح للرئاسة، ترشيحات يجب أن تضم قانونيا، نفس الوجوه المسؤولة في الأجهزة المسيرة، حسب المادة 16 من الفصل الخاص بعقد الجمع العام، والذي ينص على أن تضم اللائحة: 10 أعضاء من المجموعة الوطنية للنخبة. 6 أعضاء من مجموعة الهواة. 4 من العصب الجهوية. ويقوم الجمع العام بانتخاب : 6 من بين العشرة المقترحين من مجموعة النخبة، و3 من مجموعة الهواة، و3 من العصب الجهوية! ويتضح جليا إذن، بأن الهم الذي سيطر على من وضع تلك التعديلات، كان مبنيا على خدمة مصالح المسؤولين، الذين ينجحون في الاستمرار في تقلد المسؤولية، كيفما كان مردودهم، تحت غطاء القوانين المنظمة! نفس المسؤول السابق، يرى أن نفس «الاجتهادات» الرامية إلى إجراء تعديلات في القوانين المنظمة، أفرزت ميلاد المجموعة الوطنية لكرة القدم، في شطريها النخبة والهواة، كجهازين مكلفين بمأمورية التدبير الكروي الوطني، ويحملان نتيجة ذلك كل التبعات السلبية منها على الخصوص، مع ما يترتب عن ذلك من إسقاط للمسؤولية عن «ظهر» رجالات الجامعة! على نفس المنوال، يرى متتبعون ومهتمون، بأن ما بني على باطل، فمآله سيكون باطلا. ويلمح أصحاب هذا الرأي إلى أن عهد الجنرال وأتباعه انطلق خاطئا ومتجاوزا للقانون، بدليل ما أحاط بالجمع العام لسنة 1999، الذي عرف «الولادة الشرعية» لهذا العهد، حيث غابت كل الشروط القانونية التنظيمية، وتم تجاهل كل المساطر القانونية خصوصا بعد أن منح «الرئيس المنتخب» صلاحية تشكيل المكتب المسير، مخالفا القاعدة التي تلزم أي رئيس منتخب أن يشكل مكتبه من أعضاء المجموعتين النخبة والهواة، والعصب الجهوية، وخصوصا بعد أن تم إلغاء كل النقط المفروض قانونيا أن يتضمنها جدول الأعمال، ومن ضمنها تلاوة التقريرين الأدبي والمالي، والمصادقة عليهما، وتلاوة تقرير المحاسب المالي، وفتح الباب أمام الجمع للنقاش وللتداول! تم تغييب كل ذلك، واكتفى الجمع بكلمة لوزير الشبيبة والرياضة ومن بعده لرئيس اتحاد الخميسات، يطالبان فيهما الحضور ب «انتخاب» الجنرال رئيسا، وهو ما استجاب له الجمع بالتصفيق الحار.. والحار جدا! وعندما انطلق ذلك العهد، وبالطريقة غير القانونية تلك، وبعد أن أغفل «الرئيس وأتباعه» ضرورة وضع برنامج محدد للعمل، بأهداف واضحة، وبمنهجية مسطرة، فقد كان من البديهي أن تغيب المحاسبة والنقاش، وأن تسقط مساءلة المسؤولين في الجمع العام الذي لم يتم عقده إلا بعد مرور خمس سنوات، عكس ما تنص عليه القوانين التي تلزم عقده مرة في كل سنة! لم يكن حينها المتدخلون يحملون جرأة المطالبة بعقد الجمع العام، وبالأحرى محاسبة ومساءلة المسؤولين المحميين بغطاء قوة الجنرال الرئيس! في ظل تلك الأجواء، وجدت الأندية الوطنية نفسها متراجعة بشكل مخيف عن القيام بدورها، على مختلف المستويات. بل إن قوانين وضعت في ذلك العهد، ساهمت بشكل كبير في ما آلت إليه أوضاع الأندية الوطنية، خاصة على مستوى هيكلتها وتشكيل مكاتبها المسيرة، والأمر هنا يتعلق أساسا بقانون المنخرط، الذي أريد له أن يكون دافعا نحو دمقرطة هيكلة الأندية، فإذا به يتحول إلى حصان يركبه القابضون بزمام الأمور، وتم تحريفه لخدمة مصالح العديد منهم! وعوض أن تشكل الأندية قاعدة البناء والتأسيس، تم تجاهلها على حساب تلميع صورة الجامعة، عبر توهيم المتتبعين بانشغالها بفتح أوراش كبرى انطلقت مع وضع برنامج تأهيل كرة القدم الوطنية!