تعتبر الأمراض المزمنة عبئا صحيا، عضويا ونفسيا، وكذلك اقتصاديا واجتماعيا على الشخص المصاب، حيث تتطلب تقبلها والتعايش معها باطمئنان، وتدبيرها يوميا حسب نصائح الطبيب المعالج. في شهر رمضان المبارك، الذي فرض الله فيه الصيام على المؤمنين وجعله شهر عبادة وتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، تتغير ظروف التدبير اليومي للمرض المزمن، عند الصائم، حسب سن المصاب تطور المرض والظروف البيئية والاجتماعية، وهل الشخص المصاب قادر على تحمل الصيام. سؤال ترجع الإجابة عنه إلى الطبيب المعالج، الذي يجب استشارته أسبوعين قبل دخول شهر رمضان المبارك، الذي يعمل على تقييم الحالة الصحية للمريض، ويبحث حسب مرض كل شخص، بالاستعانة ببعض التحاليل البيولوجية أو الإشعاعية على تطور المرض، مضاعفاته، تتبع الوصفة الطبية، سن المريض، مدة الصيام، الظروف الاجتماعية للمريض، ليخلص في الأخير إلى نتيجة ترخيص بالإفطار أو الصيام مع نصائح يجب على الصائم المصاب تتبعها. هذه الرخصة الطبية يستنبطها الطبيب المعالج من الرخصة الإلهية التي تسمح للصائم المريض بالإفطار وتسهل عليه العبادة حسب الاستطاعة. وتشكّل الأمراض المزمنة رزمة متباينة ومختلفة من الأمراض، تختلف أعراضها وعلاجاتها وتطورها وكذلك مضاعفاتها ومقاربتها، إذ أنه بالنسبة لمرض السكرى، بصفة عامة، يجب على المريض بالنوع 1 عدم الصيام، وكذلك المصاب بالسكري من نوع 2 غير المتوازن أو في وجود مضاعفات، أو بالنسبة لمن يتناول أكثر من ثلاثة جرعات في اليوم، أو الذي له أكثر من ثلاث حقنات في اليوم. أما الصائم المصاب بارتفاع الضغط الدموي، إذا كان ضغطه غير مستقر أو غير متوازن رغم العلاجات المخفضة للضغط، أو في حال وجود مضاعفات قلبية أو كلوية أو شرايينية، فيجب على المريض تقبل الرخصة الإلهية والإفطار، علما أن نسبة الحوادث الشرايينية ترتفع عند الصائم المصاب بارتفاع الضغط الدموي غير المتوازن، بالإضافة إلى مرض السكري وارتفاع الكوليسترول. وينضاف إلى ما سبق المريض بالصرع الذي يتابع أدوية علاجية تغطي مفعولها العلاجي مدة محددة والذي يرتفع عنده خطر هبوط نسبة السكر في الدم، إذ ينصحه الأطباء بالإفطار، شأنه في ذلك شأن المصاب بالأمراض القلبية والكلوية والشرايينية المصاحبة بمضاعفات أو تغير في مسارها حيث يجب التعامل معها حسب كل حالة، وغالبا ما ينصح الطبيب المعالج بعدم الصيام، إلى جانب المصاب بالقرحة المعوية، خصوصا إذا كانت حيوية، ومن يعانون من مشاكل في وظيفة الكلى، ومرضى السرطان، والذين يعانون من اضطرابات عقلية وأمراض نفسية...الخ.