تشير الأرقام إلى أن نسبة تفشي ارتفاع الضغط الدموي في بلادنا هي تقدر بحوالي 30 في المئة في صفوف المغاربة، علما بأن عددا كبيرا من المواطنين المرضى هم يجهلون إصابتهم ومضاعفات وتداعيات المرض. ويصنف ارتفاع الضغط الدموي في خانة الأساسي عندما لا يكون ناجما عن مرض آخر، وهو الشائع في جميع المجتمعات، بينما يكون ثانويا إذا ما ارتبط بمرض آخر أدى إلى حدوثه كنوع من المضاعفات، وهذا النوع يوجد بنسبة ضعيفة مقارنة بارتفاع الضغط الدموي الأساسي، والذي يصيب خاصة الشباب. ومن بين مضاعفات ارتفاع الضغط الدموي عند الإنسان نجد التأثير الكلوي التدريجي الذي يصل في نهاية المطاف إلى الضعف الكلوي المزمن، وكذا مضاعفات انتفاخ البطين الأيسر للقلب، بالإضافة إلى مضاعفات شرايينية قلبية ودماغية، فضلا عن الحوادث الشرايينية الدماغية والنزف الدماغي. ويعتبر ارتفاع الضغط الدموي في بلادنا السبب الثاني للقصور الكلوي المزمن بعد مرض السكري، كما أن ثلتي الأشخاص المصابين بمرض السكري يعانون من ارتفاع في الضغط الدموي، ويعتبر هذا الداء كذلك السبب المباشر الأول للمرض الشراييني الدماغي وللوفيات في العالم . ولا يمكن أن نتحدث عن ارتفاع الضغط الدموي بدون التركيز على أهمية التحسيس والذي يعتبر قطب الرحي لأي برنامج علاجي ووقائي، بالنظر إلى النسب والأرقام التي ترتبط بمرض ارتفاع الضغط الدموي في بلادنا، فالتحسيس يبدأ بحث الناس على قياس الضغط الدموي في سن مبكر وقبل ظهور الأعراض السريرية، خاصة عند الأشخاص الذين لهم زيادة في الوزن، وعند الأشخاص الذين لهم سوابق عائلية لارتفاع الضغط الدموي، وكذا الأشخاص المصابين بالسكري أو لهم عوامل خطر قلبية شرايينية، دون إغفال جميع النساء الحوامل. لذا يجب على الشخص المصاب بارتفاع في الضغط الدموي الحرص على استشارة طبيبه المعالج قبل بداية شهر رمضان المبارك، والقيام بالفحوصات اللازمة، والبحث عن المضاعفات القلبية والشرايينية والكلوية للضغط الدموي، وفي حالة عدم استقرار الضغط الدموي رغم متابعة العلاج بانتظام أو استعصاءه على الانخفاض رغم العلاجات الدوائية المخفضة يرخص الطبيب المعالج للشخص المصاب بالإفطار وعدم الصيام. كما يوصي الطبيب المعالج الشخص المصاب بارتفاع في الضغط الدموي والذي يمكنه أن يصوم بدون تعرضه لتفاقم مضاعفات الارتفاع الضغط الدموي بشرب كثير من الماء بعد الإفطار، والحرص على أن يكون طعامه ناقصا من مادة الملح، وبضرورة الرفع من حصة الخضر والفواكه مقابل التقليل من السكريات ذات الهضم السريع، مع أخذ السكريات ذات الهضم الطويل في السحور، والنوم الكافي مع عدم السهر، وتجنب المجهود الجسماني القوى خلال الصيام، وكذا مراقبة الضغط الدموي ، ومتابعة أدوية الضغط الدموي بشكل موزع ما بين الفطور والسحور. وفي الأخير، لا بد أن أذكر بأن الشخص المصاب بارتفاع الضغط الدموي الجسيم والمستعصي على الانخفاض رغم العلاجات الدوائية هو مرخص له بالإفطار في رمضان وهي رخصة مستقاة من الترخيص الإلهي رحمة بعباده.