نظمت مؤسسة مقاربات «الصناعات الثقافية واستراتيجيات التواصل والنشر» التي يرأسها الدكتور جمال بوطيب، يوما دراسيا حول «التعلم بالإبداع: نماذج وتصورات»، وبدعم من المديرية الجهوية للثقافة وبتعاون مع جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس وكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس، وذلك يوم الأحد 5 يونيو 2016 ابتداء من الساعة العاشرة صباحا، وقد احتضنت القاعة الكبرى بدار الثقافة – لافياط- ساحة المقاومة، فعاليات هذا اليوم الدراسي الذي شارك فيه نخبة من الباحثين والأساتذة وطلاب الجامعة المغربية وعرف حضورا مكثفا. يأتي اليوم الدراسي حول «التعلم بالإبداع: نماذج وتصورات» تتويجا لسلسلة من الأنشطة العلمية والتكوينية التي دأبت مؤسسة مقاربات للصناعات الثقافية واستراتيجيات النشر، تنظيمها طيلة الموسم الثقافي الحالي 2015-2016، والتي تجاوزت أربعين نشاطا ثقافيا، فضلا عن تنظيم مهرجانات ثقافية ومعارض للكتاب امتدت لعدة أيام، مما أسهم في تنشيط الحركة الثقافية بمدينة فاس. ترأس جلسات هذا النشاط الثقافي الشاعر والناقد الدكتور سلام أحمد إدريسو، وشارك بأوراق علمية نخبة من الباحثين الذين قدموا مداخلاتهم حول التعلم بالإبداع مستعرضين وجهات نظرهم وحصيلة تجاربهم في هذا المجال، وقد افتتح الجلسات مدير مقاربات الدكتور جمال بوطيب بكلمات رحّب فيها بالحضور وشكر كل المبادرات الإعلامية التي تُعرّف بمشروع مقاربات وتتابع أنشطتها، ثم تناول سياق هذا النشاط الذي يأتي تتويجا لمسار حافل من الأنشطة التي قامت بها مقاربات وحلقة الفكر المغربي ومحترف الكتابة، مقدما التهاني للجميع بحلول شهر رمضان، وموضحا فكرة هذا اليوم الدراسي، الذي يعود أصله إلى أطروحة جامعية في طور الإنجاز تعدها الباحثة فاطمة الزهراء زولاتي، لتستفيد من رؤية الباحثين ويجري النقاش حول جوانب من الموضوع يمكن أن تثري تصور الباحثة وتفتح أمامها آفاقا من التأويل والبحث والتجديد. ثم قدّمت الباحثة فاطمة الزهراء زولاتي مداخلة في خمس عشرة دقيقة قدمت من خلالها تصورا شاملا حول مكونات بحثها الأكاديمي ونتائج اجتهادها في جمع مادته واستخلاص بعض الأفكار الأولية والخلاصات وأيضا بعض التساؤلات والفرضيات. ليُفتح النقاش بعد مداخلتها لباقي الحضور ليقدموا أوراقهم وهكذا قدمت الباحثة سارة زويتن مداخلة حول ما يمكن أن نتعلمه من ترجمة الإبداع على مستويات اللغة والقيم والمعارف، وذلك عبر تقديم نماذج مختارة من الأعمال الأدبية المترجمة. وقدّم الأستاذ الباحث عبد الغني الخالدي مداخلة حول أهمية التعليم وتعدد أنواعه ومجالاته، معتبرا التعلم بالإبداع نوعا من اقتصاد المعرفة، حيث إن القوي معرفيا هو قوي اقتصاديا لأنه يستثمر معلوماته ومهاراته بكيفية مثلى تدرّ عليه عائدا ماديا. أما مداخلة الدكتور سعيد ساسيوي فقد ركزت على استعراض بعض الاختلالات التي تعرفها المنظومة التربوية ببلادنا مقارنا المنهاج التعليمي المغربي بنظيره الغربي والآسيوي، ومقدما بعض الاقتراحات العملية للارتقاء بجودة تعليمنا. وتناولت الباحثة خديجة أحمد فال في كلمتها قضية الانفجار المعرفي وصعوبة مواكبة كل ما يُنشر، ومن ثم ضرورة أن يكتسب المتعلم مهارات تؤهله للاستثمار الجيد للمعلومات، مؤكدةً أن اللبنة الأولى في التعلم بالإبداع هو المعلم المبدع، نظرا لتأثيره القوي على تلاميذه. أما الأستاذ عبد لله أحادي فركز على ضرورة الإبداع وأن هذا الأخير مرتبط بكل مجالات الحياة، ويقتضي تحقيقه شرطي الحرية والابتكار، داعيا إلى مقاربة نسقية في التعليم. واختتمت هذه المداخلات بكلمة لصاحب المشروع الدكتور جمال بوطيب الذي جدد الشكر والتقدير لأعضاء مقاربات على تجشمهم عناء الإسهام في تنظيم ما يربو على أربعين نشاطا ثقافيا خلال هذا الموسم، قبل أن يقدم نماذج من التدريس بالإبداع التي خبرها مع طلابه في الكلية وأعطت نتائج جيدة، سواء في اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة أو في حفز الطلاب على مواصلة التكوين الذاتي والمستمر أو إنتاج نصوص من إبداعهم، بل بعضهم ألّف كتابا، وشارك آخرون في كتاب جماعي، وقد مهّد الدكتور جمال بوطيب لهذه النماذج باستعراض تصوره الخاص للتعلم بالإبداع، معتبرا اللعب عند الطفل بوابة الإبداع، وأنَّ كل تعلم يخرج عن دائرة اللعب يكون خارج الإبداع.