مع اقتراب الشهر الكريم، بدأ القلق من المضاربات في الأسعار يخيم على الأسواق، حيث تم تسجيل ارتفاعات، وإن لم تصل إلى مستويات قياسية، إلا أنها نزلت بثقلها على القدرة الشرائية للمغاربة، منها ما اتخذ طابعا رسميا كالزيوت التي لم تبارح مستواها الذي سجلته ابان أزمة المواد الأولية، والزبدة التي عرفت تباينا في الزيادة المسجلة مابين 5دراهم و15درهما للكيلوغرام الواحد، والشاي الذي وصلت زيادته إلى 10دراهم في الكيلغرام الواحد مع النقص من الوزن، وينتظر أن تشهد باقي أنواع السكر زيادات طفيفة تتراوح التقديرات بشأنها مابين 50 سنتيما و درهم في حين يتم «التلاعب» بباقي أسعار المواد الغذائية الأخرى إن بالزيادة أو بالنقص من الوزن. أسعار الخضر والفواكه من المنتظر أن تلتهب مع أول أيام رمضان بحسب المتتبعين داخل السوق، حيث يزيد الإقبال عليها وبشكل خاص الطماطم والبطاطس والبصل ونبات القزبر والبقدونس والكرافص.. المواد الأكثر استعمالا في تحضير وجبة الإفطار الرئيسية (الحريرة). بالرغم من كون الأسعار الحالية للخضر لا تشكل مرجعا رئيسيا للأسعار خلال شهر رمضان . من جهة أخرى تعرف أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعات طفيفة خاصة بعد الارتفاعات القياسية لأسعار اللحوم البيضاء، وهي أسعار قد تحافظ على بعض مستوياتها . على صعيد آخر، عرف سوق السمك مؤشرات تنبئ بارتفاعات قياسية لأسعاره خلال الشهر الكريم، حيث من المنتظر أن يتجاوز سعر الكيلوغرام من سمك السردين 20 درهما بعد أن استقر سعره خلال الأشهر الأخيرة في 15درهما في المدن الساحلية، في حين قارب عتبة 20 درهما في المدن الداخلية، وينتظر أن تتجاوز أسعار الأسماك الأخرى عتبة 70 درهما. وبعملية حسابية بسيطة لتكلفة القفة بالنسبة لأسرة متوسطة الدخل مكونة من خمسة أفراد، لاتقل عن 200 درهم في اليوم الواحد في المتوسط ، وهي التكلفة التي تفوق بكثير في الشهر الواحد الحد الأدنى للأجور، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام عن الطريقة التي تتدبر بها فئة كبيرة من المواطنين أمورها المعيشية خلال هذا الشهر الكريم. أمام هذا الوضع ، ومن أجل ضمان تغطية باقي المصاريف الأخرى، يتم الضغط على مصاريف القفة من خلال محاولة تقليصها إلى أقل مستوى لها مع محاولة ضمان التغذية اليومية. هذه المعادلة، وإن بدت صعبة في الوهلة الأولى، إلا أنها ترتبط بحنكة (مولات الدار) في الاقتصاد وقدرتها على التقشف من خلال الإستغناء عن الكماليات والاقتصار فقط على أهم الضروريات من المواد الغذائية، حيث يصبح الاستغناء عن اللحوم الحمراء وتعويضها بلحم الديك الحبشي (بيبي) أو الدجاج أمرا معتادا، إلا أن اللحوم البيضاء بدورها ارتفعت أسعارها بشكل كبير ، فاللحوم تصبح مجرد مادة لإعطاء البنّة وليس للأكل بالنسبة لعدد كبير من العائلات. كما أن الحديث عن الفواكه على موائد مجموعة كبيرة من الأسر، أمر غير وارد وإن ورد فبشكل مناسباتي فقط، كما أن بعض الأنواع من الفواكه محرم عليها الظهور فوق موائدهم. مصاريف القفة خلال رمضان بشكل عام، يستحيل ضبطها في معدل واحد قار، فلكل واحد قفته، وتكلفة المعيشة تختلف ليس فقط حسب الطبقات الاجتماعية، بل داخل نفس الطبقة أيضا. مصاريف القفة لاتضاهيها إلا مصاريف فواتير الماء والكهرباء التي ارتفعت بدورها والتي، وبالرغم من المحاولات الحثيثة للإقتصاد فيها بالنسبة للفئات المتوسطة الدخل أو الضعيفة، إلا أنها تنزل بثقلها نظرا للزيادات المتتالية فيها. هي محنة يومية مع مصاريف لاتنتهي، مصاريف لاتترك مجالا للأسر المغربية للإدخار، فموجة الغلاء تأتي على كل الأجرة الشهرية وتفتح باب الإستدانة على مصراعيه، وتلك حكاية أخرى...