دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا            تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    رشاوى الكفاءة المهنية تدفع التنسيق النقابي الخماسي بجماعة الرباط إلى المطالبة بفتح تحقيق    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    هجوم ماغديبورغ.. الشرطة الألمانية تُعلن توجيه تهم ثقيلة للمشتبه به    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 16 جنديا و8 مسلحين في اشتباكات شمال غرب البلاد    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



درس في السينما:«فرانسيس فورد كوبولا» يكشف أسرار ملحمة «العرّاب»
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 03 - 04 - 2016

فرانسيس فورد كوبولا من أعظم المخرجين السينمائيين في أمريكا. ارتبط اسمه بالأفلام الأكثر إلحاحا في أواخر القرن العشرين، من «القيامة الآن» إلى «المحادثة» إلى «العرّاب» الأول والثاني والثالث؛ وهي التحف الفنية منحته مكانة قوية في الصناعة السينمائية.
ناضل كوبولا بعد تخرجه من مدرسة السينما، وكسب رزقه كسيناريست للأفلام. كما تزعم العديد من المخرجين الشباب الموهوبين، بما في ذلك جورج لوكاس، وتوجه إلى سان فرانسيسكو للهروب من استوديوهات لوس أنجلس وإطلاق العنان للإبداع.
واستمرت الصراعات هناك. ولكن في أوائل 1970 جاء هذا العرض لإخراج فيلم مقتبس عن كتاب «ماريو بوزو» ، «العرّاب»، وهو يؤرخ بشكل كاسح لعائلة المافيا في نيويورك. لكن كوبولا يكن مهتما بذلك، لأنه أراد إخراج فيلم «المحادثة». أما مساعده في الإخراج «لوكاس» فكان مندفعا، وكانت الشركة التي شكل كوبولا «زوتروب الأمريكية» قد أفلست فانتقلت العدوى بعد ذلك إلى المخرجين. وكان العرض المقدم من طرف شركة « صوَرالبارامونت» بمثابة المنقذ للمجموعة من الناحية المادية. وفي النهاية، وافق كوبولا على هذا المشروع؛ لكن ذلك لم يكن سوى بداية للصعوبات.
في حوار مع «مارفن شانكين»، محرر وناشر « السيجار أفيشيونادو» أسدل كوبولا الستار عن تاريخ صنع الأفلام الأمريكية. فهو يتحدث عن المفاوضات، وعن المعارك وعن الصراعات التي تحيط بالعرّاب. ويوضح لماذا أصبح هذا الفيلم مفضلا في أمريكا.
o مارفن شانكين: كان العراب الفيلم المفضل في أمريكا. وهناك تقارير تفيد بأن عرض «باراماونت للفيلم» استفاد منه ثلاثين مخرجا قبلك، لكنهم رفضوا ذلك جميعا. ما هي الخلفية وراء حصولك على المشاركة في مشروع «العراب»؟
n كوبولا: أنا لا أعرف إذا كان هؤلاء الثلاثين مخرجا قد رفضوا «العراب» أم لا. كان هناك فيلم قبل العراب مقتبسا عن رواية «الإخوة» والذي لعب دور البطولة فيه «كيرك دوغلاس». وكان أكبر استوديو للإنتاج يمثل عصابات المافيا، لكنه لم يكن ناجحا. عندما جاء اقتراح «العراب» ظن الكثير من الناس أن هذا لن ينجح.
هوليوود هي التي تقرر إن كان العمل ناجحا أم لا. عندما حل كتاب «بوزو» لأول مرة، خلص العاملون بأستوديو الفيلم إلى أنه سيفضي إلى صنع فيلم رخيص جدا. في تلك الأيام، كان جميع المخرجين أكثر نضجا، وكذلك المنخرطون في نادي مجلس الإدارة في هوليوود. فلا وجود لأي طالب استطاع إنجاز فيلم روائي طويل.
كنت في التاسعة والعشرين من عمري في ذلك الوقت. وكان من المفروض صنع فيلم تبلغ تكلفته مليوني دولارا، وربما توظيف مخرج من أصل إيطالي أو إيطالي أمريكي حتى يتسنى له فهم بعض العلاقات الأسرية في الفيلم. في ذلك الوقت كنت الطالب الأول الذي حصل على فرصة لإخراج فيلم روائي مطول. ففيلم «أنت صبي كبير الآن» كان فيلمي المتواضع الذي حقق نجاحا في نيويورك، وكانت هناك محادثات حول صناعة الفيلم، وحول المعدات الجديدة، وحول التكلفة المنخفضة. كان استوديو»تشارلي بلدورن بارامونت للصور» مهتما بصنع نسخة رخيصة جدا من الكتاب.
هناك قصة أود التصريح بها عن هذا الفيلم، لأنها قصة حقيقية. إنها حقا غريبة. كنت قد انتقلت إلى سان فرانسيسكو للبحث عن استقلاليتي. كنا نرغب في جعل الأفلام التي هي من إبداع شخصي مثل تلك الأفلام الأوروبية في الخمسينيات. كان معي شاب يدعى «جورج لوكاس». وكان يصغرني بخمس سنوات، وكان تلميذا في صناعة الأفلام. كنت الوحيد الذي بحوزته الأموال لأنني كنت كاتب سيناريو ناجح لمدة ثلاث سنوات. لدي منزل حيث أسكن وآخر لقضاء عطلة الصيف. وأمتلك سيارة جاكوار مع بضع دولارات.
بِعت كل شيء ثم انتقلنا إلى سان فرانسيسكو. باشرنا العمل في شركة مستقلة واسمها «زوتروب الأمريكية». وفي يوم الأحد، تلقيت مكالمة من رجل يدعى «آل رودي» وشريكه «غري فريدريكسون». وقال هؤلاء الرجال : «نحن هنا لصنع فيلم مع «روبرت ريدفورد» بعنوان «التنزه في نهاية المطاف» ولهذا نحن نريد رؤيتك». وكنت قد تصفحت جريدة «صنداي تايمز» قبل ولوجهم إلى بيتي، ولاحظت وجود إعلان صغير تحت عنوان «العراب ماريو بوزو» مما جلب انتباهي لأنني ظننت أنه يشبه بعض الكتاب المفكرين الإيطاليين «ماريو بوزو» ؛ ولربما مثل «إيتالو كالفينو».
كنت أبحث في الإعلان وأتساءل، من هو ماريو بوزو؟ هل هو كاتب إيطالي؟ لم يكن لدي أي فكرة. بدا الإعلان وكأنه يتضمن مفهوم السلطة، فوجدت نفسي مهتما به. عندئذ رن جرس الباب وولج هؤلاء الرجال الذين تحدثوا معي حول صنع الفيلم لريدفورد.
في ذلك الوقت، كنت أحاول صنع فيلم من مجهودي الشخصي تحت اسم «المحادثة». كنت قد أرسلت السيناريو إلى «مارلون براندو»، الذي لم أكن أعرفه معرفة شخصية، لكنني كنت معجبا به. كنت أتأمل إعلان العراب، وأتحدث إلى هؤلاء الرجال الذين هم منشغلون بإنجاز فيلم مع ريدفورد، فرن الهاتف وإذا به «مارلون براندو».
سمعت صوته وتعرفت عليه فقال: «مارلون براندو على الخط» وأجبته : «مرحبا سيد براندو»، وقال : «لقد قرأت السيناريو وهو جيد لكنه لا يناسبني». وقلت له: «أظن أنها سوف تغدو شخصية مثيرة للاهتمام» ؛ «أنت تعرف، إنها جيدة لكني لست مهتما». أقفلت سماعة الهاتف وقلت : «يا إلهي! إنه مارلون براندو».
جدير بالذكر أنه في اليوم نفسه ودون أن يعرف أحد بادر «آل رودي» و»غري فريدريكسون» إلى اختيار اسم العراب لهذا الفيلم. وهذا ما لاحظته بخصوص الإعلان في الجريدة. وبينما كان «رودي» و»فريدريكسون» في بيتي، هاتفني مارلون براندو. يا لهذه الصدفة الجميلة، في ذلك اليوم كل الرواد الذين أبدعوا «العراب» اجتمعوا في وقت واحد. لم يكن أحد يعرف بذلك. لم يكن براندو ولا رودي على علم بذلك و لم أكن أعرف أن هذا الفيلم سوف يصبح من توقيعي.
وبعد بضعة أشهر، كنا مفلسين. وكان رجل الأمن سيقفل مكاتبنا لأننا لم نسدد الضرائب بعد. وكان جورج لوكاس كثير القلق، ويقلق ربما لأبسط الأشياء. فقال لي : «يتوجب علينا كسب المال. ماذا عسانا أن نفعل الآن؟».
لسبب ما، منحتني «باراماونت» الفرصة لإخراج فيلم «العراب»، و»آل رودي» سوف يقوم بالإنتاج. قلت : «نجاح باهر إذن»، فأجابني جورج: «اِفعل ذلك». قلت : «لكنني أريد القيام بالمحادثة». قال: «حسنا، سوف نجني بعض المال.» فقرأت سيناريو بوزو. إذا كنتَ تتذكر السيناريو الأصلي، لم يكن كبعض الكتاب المفكرين الإيطالين؛ إنه مثل رجل في بروكلين وهو من جنسية إيطالية أمريكية. عندما قرأت السيناريو، وجدت القصة مثيرة جدا فهي تدور حول الإخوة ، الأب والمافيا.
كان جورج لوكاس يرى أن هذا السيناريو مناسب. فقال : « لا ترفضه فرانسيس، نحن مفلسون وليس لدينا أي عمل وسوف نقفل أبواب الشركة». وقلت: «ولكن جورج، أنا أفضل «المحادثة»، فكما تعلم فإن الكتاب غير أخلاقي.» فقال: «حسنا، إبحث عن شيء مثير في القصة». لذلك، ذهبت إلى المكتبة وتفحصت في الرفوف عن تاريخ المافيا.
o (م. ش) : أنا محق إذن في التفكير بأنك لا تعرف شيئا عن المافيا؟
n (كوبولا) : لا شيء يذكر. كل ما أعرفه عن المافيا هو فيلم اسمه «اليد السوداء» من بطولة «جين كيلي» والتي رأيتها عندما كنت طفلا بمعية والدي. كنت أعلم أن الفيلم يتحدث عن المافيا، لكني لم أكن على دراية بأي شيء على الإطلاق.
لقد حققت نجاحا لا مثيل له في كتابة أفلام الحرب مثل «باتون». وأذكر أنني ذهبت إلى المكتبة وقمت باقتناء ثلاثة كتب عن هذا الموضوع، وبالتالي قرأت هذه التحف.
(م. ش) : هل تتذكر تلك الكتب؟
(كوبولا) : هي عبارة عن كتب كلاسيكية قديمة؛ تدور الأحداث حول ما يسمى بالعائلات في نيويورك ونقطة التحول الشهيرة في تاريخ المافيا بنيويورك الذي تمثلت في مقتل زعيم المافيا «سالفادوري مارانزانو» والتي كتبها «لاكي لوشيانو». فطفا هذا الأخير على السطح في ذلك الوقت. وتكلمت هذه الكتب عن «فيتو جنوفز» و»جوزيف بروفاسي» و»جو بونانو». وكانت تحتوي على كل الروابط والعلاقات الأسرية.
وقد شدتني فكرة وجود عائلات مختلفة جعلت من نيويورك موطنا لها ومركزا لإدارة الأعمال التجارية. فيمكن للمرء تعاطي المخدرات أو الدعارة وكل هذا في إطار أعمال غير مشروعة؛ لكن الناس يرغبون في المقامرة، وفي الدعارة وفي تناول المخدرات وأشياء من هذا القبيل.
لقد غيرت موقفي عندما قرأت تلك الكتب لأن المافيا هي حقا مثيرة للاهتمام. سمعت عن «لاكي لوشيانو»، لكنه كان رائعا. ثم رجعت بذاكرتي إلى الوراء فكان هناك رجل المافيا الشهير في نيويورك الذي كان اسمه «الزناد» مايك كوبولا.
o (م. ش): من الواضح أنه من العائلة..
n (كوبولا) : لا، لم يكن كذلك. لكني أتذكر أن عمي ميكي ووالدي كانا يتحدثان بطرافة عنه. وهو متزوج من راقصة اسمها «دوريس» والتي كانت تجعل حياته جحيما ومليئا بالسخرية. عمي «دانتي» يعرف تاريخ المافيا جيدا. وأحبه كثيرا. ولهذا فقد تشبعت بهذه الثقافة التي تتحدث عنها أسرتي وبشكل خاص «الزناد» مايك كوبولا.
وبعد الانتهاء من الكتب، كانت لي نقطة مرجعية جديدة. لذلك ذهبت وقرأت «العراب» مرة أخرى. وهذا هو الكتاب الفعلي الذي قرأت. (وهو يحمل كتابا) عندما قرأته وضعت أسطرا، ودونت الملاحظات. وبعبارة أخرى، هذا هو الكتاب الأول للعراب الفيلم. وبعد تقنيات المقص وتجميع بعض العناصر قمت بتحليل الرواية.
o (م. ش) : هل هناك تطابق بين ماجاء في الفيلم والكتاب؟
n (كوبولا): عندما قمت بإخراج العراب، لم أطبق ماجاء في الكتاب أو السيناريو الذي كتبت. كسرت كل القواعد، كتبت ملخصا عما حدث، ثم دونت فقرة تتماشى مع الفترة الزمنية في 1940. وبالتالي جعلت المقطع الانتقالي بين الصور والنغمات في كل مشهد؛ ثم حللت كل مشهد على حدة، وعلى سبيل المثال عندما قام مايكل بقتل صولوزو في المطعم الإيطالي. كما استنتجت أن هذا العمل مثير جدا إذ تدور الأحداث حول قصة الأب وأبنائه الثلاثة.
o (م. ش) : قرأت عدة مقالات مفادها أن «تشارلي بلوهدورن» كان وراء ذلك، لأنك إيطالي الأصل، وباستطاعتك صنع هذا الفيلم دون غيرك، هل هذا صحيح؟
n (كوبولا) : نعم كانوا وراء ذلك. أقصد «بلوهدورن»، «بوب ايفانز» و»بيتر بارت»، وهذا الأخير هو نائب رئيس استوديوهات باراماونت للشؤون الإبداعية. لكن في البداية، كانوا يشعرون أنه الحصول على شاب إيطالي معناه صنع فيلم رخيص، رغم أنه سوف يضفي نكهة إيطالية على الفيلم. أنت تدرك أن الميزانية كانت دون ميليوني دولار وكان الكتاب قد جلب الانتباه في البداية لكنه لم يحقق نجاحا بعد ذلك.
o (م. ش) : كم قُدرت تكلفة الفيلم في نهاية المطاف؟
n (كوبولا) : ست ملايين دولار.
o هذا كل شيء؟
n نعم ست ملايين دولار.
o لا يمكن إنجاز كعكة في هوليوود اليوم بست ملايين دولار.
n كتبتُ السيناريو. وقاموا بالتعاقد مع المخرج الذي سيصنع الفيلم بأقل تكلفة. عرضوا علي السيناريو الذي كتبه «ماريو بوزو» تحت إشرافهم والذي لم يعجبني. وكان ذلك في عام 1972 .
o أخرج الفيلم إلى قاعات السينما في عام 1972، أليس كذلك؟
n نعم ، كانت النسخة الأصلية قد حددت في الزمن المعاصر وكان للهيبيين دور في ذلك. ذلك لأن الفيلم المعاصر كان أرخص بكثير في تلك الفترة. وفي الفيلم المعاصر، أنت تخرج إلى الشارع وتجد الكل يضع نفس الملابس بما في ذلك الهيبيين. ذهبت إليهم وقلت: «أنا لا أريد الاشتغال على الفيلم كفيلم معاصر. وجدير بالذكر أن أحداث هذا الفيلم تدور حول أمريكا. وأعتقد أنه من المهم جدا أن هذه الأحداث ينبغي تمثيلها في الأربعينيات». فأجابوا «قطعا لا». إذا كانت فترة الأربعينيات فسوف نقوم بتغيير الأزياء والسيارات. وسوف نقوم باقتناء سيارات قديمة. قلت: «حسنا، بالنسبة لي، فكرة الهيبيين لن تتماشى مع القصة لأنها قصة كلاسيكية».
قررت التركيز على قصة الأب والأشقاء وكأنها قصة كلاسيكية مثل قصة شكسبير. تتكلم القصة عن الرجل، وعن إيجاد خلفٍ له. لقد أنجب اِبنا صعبا وهو من رجال المافيا، وآخر متهورا وطائشا. وابنه الأصغر والمفضل لديه هو بطل حرب ويريد الخوض في الحياة السياسية عوض القذارة. وهذا هو محور الفيلم.
«سوف أقوم بإخراج الفيلم في نيويورك». فقالوا : «قطعا لا. أنت مجنون، لا يمكنك التفكير في إخراج الفيلم في نيويورك ولن تستطيع المزج بين تلك الفترة وبين أحداث الفيلم بل سوف تربطها بفترة السبعينيات ولن تقوم بتصويرها في نيويورك». قلت: «حسنا، ما هو اقتراحكم عن مكان الإخراج؟ «فأجاب رجال الاستوديو : «يمكنك القيام بذلك في لوس أنجلس أو في ولاية كانساس أو في سان فرانسيسكو. ولن يتسنى لك ذلك في نيويورك. لأن نيويورك هي أغلى مكان في العالم من حيث تصوير الفيلم. ولا يمكنك القيام بذلك في هذه الولاية».
وقلت : «حسنا، اسمحوا لي بإخراج الفيلم في مدينة كانساس». وسرت جنبا إلى جنب مع «آل رودي» و»فريدريكسون».. هؤلاء هما المنتجان. ذهبنا إلى الحي الإيطالي في مدينة كانساس ثم تفقدنا سان فرانسيسكو. وقلت: «لا يهمني. يجب أن يتم التصوير في نيويورك. إنها قصة نيويورك. إنها خامس العائلات التي تنحدر من نيويورك».
أنا أدرك الآن أنهم شرعوا في البحث عن كبار المخرجين، وذلك للتخلص مني. ولن تكون الميزانية أقل من مليوني دولار إذا كان الإخراج في نيويورك. وأفادت الشائعات أنهم قاموا بعرض العمل على «كوستا غافراس» و»إيليا كازان» لكنهم رفضوا هذا العرض. كان الكل يتجاهل هذا الفيلم لأن قصة الإخوان كانت بالنسبة لهم قصة فاشلة وليست مثيرة.
قمت بإجراء مقابلات مع الناس، إضافة إلى مصور موهوب للأفلام السينمائية، وبالتالي مديري الفن ومصممي الأزياء. وتعمدت اختيار الناس الذين يقطنون نيويورك. واستنتجت أنهم سيقولون، «أوه يا إلهي، حصلنا على الرجل الذي يعيش في نيويورك. وسوف نضطر إلى دفع مصاريف سفره للقيام برحلة إلى مدينة كانساس».
ثم اقترحوا «ريان أونيل» لأنه كان قد أبدع في فيلم «قصة حب». كما اتفقوا على أنه أصبح نجما بالرغم من صغر سنه. «ريان أونيل» و»إيرنست بورغنين» في دور والده. لذلك بدأ اختبار هذه الشخصيات. وأظن أن سبب حصولي على هذه الوظيفة راجع إلى كونهم سيلعبون دور الديكتاتور.
فقلت : «أنا لا أعرف حتى الآن من الذي سيلعب دور»العراب» ولكن هناك ممثل شاب أعرفه، و لم يلمع اسمه بعد على شاشات السينما، لكن في كل مرة أقرأ المشاهد مع «مايكل كورليوني» ، عندما كان يمشي في صقلية مع اثنين من حراسه والفتاة، كنت أتطلع إلى وجهه. «ما اسمه؟» فقلت : «آل باتشينو». وقال الكاتب «إيفانس»: «حسنا، من هو؟» فأجبته : «حسنا، إنه ممثل مسرحي.» و لأجل ذلك، قاموا ببعض الأبحاث، ثم قال «إيفانز» لن يلعب هذا القزم دور مايكل. فقلت: «حسنا، لكنه ممثل جيد، وهو إيطالي الأصل ولديه حضور قوي؛ وأعتقد أنه سيلعب الدور كما ينبغي». فرفضوا الفكرة تماما. «لن يلعب «آل باتشينو» شخصية «مايكل كورليوني»، لن يكون «آل باتشينو» في هذا الفيلم، ولن تقوم بالتصوير في نيويورك».
لقد عملت مع رجل يدعى «بوبي دوفال». وقمت باختبار شخص رائع يدعى «فريد روس». ثم بدأنا نبحث فيما إذا كان «آل باتشينو» سيلعب هذا الجزء أم لا؟ ودعوت كل الممثلين إلى سان فرانسيسكو. كانوا جميعهم أصدقاء قدامى وآخرون غير معروفين. وقامت زوجتي بحلاقة شعرهم واقتناء بعض الملابس ثم قمنا بتصوير ستة عشر دقيقة من اختبارات المشاهد.
انهم لا يوافقون على اقتراحاتي ويريدون طردي من العمل وبالتالي البحث عن مخرج آخر. وقلت :»أظن أن الفيلم يجب أن يصنع بطريقة مختلفة.» وفي نهاية المطاف، قالوا: «ماذا عن العراب؟» قلت: «حسنا، ليس هناك رجل إيطالي». قالوا: «وماذا عن كارلو بونتي؟»
وقال ايفانز: «دعنا نرى «كارلو بونتي» وهو يلعب دور العراب. إنه رجل إيطالي حقيقي وهو ليس بممثل». وأجبته : «لكنه يتحدث الإنجليزية بلكنة إيطالية؛ ورجال المافيا في نيويورك ليست لهم جنسية إيطالية». ثم قلت لهم: «أنا لا أريد ممثلا إيطاليا في فيلم العراب». أفضل إما أن يكون إيطاليا أمريكيا أو ممثلا عظيما بإمكانه تقمص شخصية إيطالي أمريكي». وقالوا: «ومن تقترح؟» فقلت لهم: « «لورانس اوليفييه» و»مارلون براندو». حسنا، لورانس أوليفييه هو إنجليزي الأصل. وهو يشبه «فيتو جنوفيز». براندو هو بطل الأبطال على شاشات السينما وأفعل أي شيء لمقابلته. انه شاب في السابع والأربعين من عمره وحسن المظهر. وكان ردهم كالتالي :»سألنا عن أوليفييه وهو لن يحظى بأية وظيفة. إنه مريض جدا وسيموت قريبا». فقلت لهم: «لماذا لا نتصل ببراندو؟».
قمت باستدعاء «براندو» على الهاتف قائلا : «سيد براندو، ألا تظن أنه من الممكن أن تلعب هذا الدور مع الاعتماد على الارتجال ثم يأتي بعد ذلك تقييم الأمر». «لم أقُل إنه اختبار على الشاشة بل هو شبيه بتجربة أمام شاشة الكاميرا. فقال: «موافق». وبالتالي اتفقنا على اختيار موعد لرؤية براندو في منزله والقيام بذلك. لقد قمت بتحريات عن براندو مفادها أنه لا يحب سماع الأصوات الصاخبة. إنه لا يحب الضجيج ولا الصراخ ولا الحديث بصوت عال. ولهذا السبب فهو يرتدي سدادات الأذن للقيام بالتصوير.
دعونا نلبس الأسْوَد ثم نذهب إلى بيته، ولكن لا أحد ينبس ببنت شفة؛ وسوف تكون الإشارات هي أداة التواصل بيننا. وذهبنا لرؤيته في لوس أنجلس صباحا. وكنت قد أحضرت السجائر الإيطالية وبعض الجبن «بروفولوني» و»السلامي» ثم وضعتها في غرفة الأكل. وكنا جميعا متوترين لأننا سمعنا عن استيقاظه من النوم. وقلت: «حسنا، صباح الخير، سيد براندو». رأى كل الترتيبات وبدأ بالغمغمة على طريقة براندو وهو يأخذ السيجار». ثم قام بالاختبار وكان ذلك رائعا.
على الطاولة في قاعة المؤتمرات بجوار مكتب «بلوهدورن»، أحضرت مسجل الفيديو ثم حصلت على المشهد الذي يصور «براندو» وهو يخرج من الغرفة مع ذات الشعر الأشقر. طرقت الباب ثم قلت : «سيد بلوهدورن، هل بإمكاني أن أريك شيئا؟» «مرحبا، فرانسيس، ماذا هناك؟». لم يكن مقتنعا به في البداية لكن كان رأيه مخالفا بعد ذلك.
o كيف جعلت براندو يقوم بذلك من أجل لا شيء؟
n لأنه كان مفلسا. وهو لا يعمل بالمجان، لكنه حصل على ثلاث مائة ألف دولار.
o كم من الوقت استغرق إنجاز هذا الفيلم؟
n مدة عامين.
o في أي مكان في نيويورك كان التصوير؟
n كنا نصور في أماكن مختلفة. كان المشهد الأول عندما كان مايكل يخرج بمعية «كاي» من أفضل متجر. وبوبي دوفال أمام متجر لعب عندما قاموا باستيلاب ما لديه . ثم قمنا بتصوير مشهد المطعم حيث قام مايكل بقتل صولوزو في اليوم الثالث من التصوير.
o ماذا عن انطباع المديرين التنفيذيين للباراماونت بعد نجاح الفيلم؟
n حاولوا بكل الطرق أن ينسبوا هذا النجاح إليهم.
o وماذا عن « آل باتشينو»، «روبرت دي نيرو» و«براندو»؟
n نعم، أصبحنا أصدقاء مقربين وعملنا معا. وهم أصبحوا نجوم السينما. كان هؤلاء الشباب مفعمين بالحيوية وبالاعتقاد بقدراتي الشخصية. كنا نشكل فرقة متكاملة. وبطبيعة الحال، عندما كنت بصدد إعداد الجزء الثاني من العراب ؛ لم تعارضني «الباراماونت» ولم تقم بمراجعة السيناريو.
o كيف كان باستطاعتك إنجاز مشروع «العراب» دون أية معرفة مسبقة عن المافيا؟
n على الرغم من أنه لم يكن لدي أية خبرة أو معرفة عن المافيا، في النهاية، كانوا مجرد أسرة إيطالية أمريكية. استعنت ببعض ذكرياتي مع عائلتي. كيف يجلسون حول الطاولة وكيف تخدمهم أختي. وكيف يحصل عمي على الطعام الصيني، وكيف يتناقش الأعمام حول حدث ما، وكل ما فعلته كان محاكاة لتصرفات عائلتي.
o قمت بنوع من المغامرة بإنجازك لهذا الفيلم الذي كان من المتوقع أن لا يروق المجتمع الأمريكي. مرت ثلاثون عاما، ويبدو أن هناك سلسلة من أفلام الجرائم اللا منتهية على شاشات التلفزيون. ونحن الآن في الألفية الجديدة، ولدينا هذه السلسلة «السوبرانو» التي يعتبرها الجيل الجديد امتدادا للعراب . لماذا اعتقدت أن مفهوم المافيا هو مثير للاهتمام وسوف يبهر الملايين والملايين من الأميركيين؟
n كنا نود رؤية أفلام رعاة البقر، أو عندما كنا صغارا ونحب لعبة القراصنة. أعتقد أننا نعيش حياة عادية. نذهب إلى العمل، ونحترم القانون إلى حد كبير. وهناك العديد من الناس الأحرار الذين يفعلون ما يحلو لهم من دون قيد ولا شرط. وفكرت في كون الولايات المتحدة الأمريكية كانت دائما ضد الخارجين على القانون ولهذا أضفيت لمسة الرومانسية على هذه الشخصيات.
o كان «العراب» تمهيدا لنجوميتك. هل هذا صحيح؟
n كان «العراب» عملا جماعيا مع ماريو بوزو، آل باتشينو، مارلون براندو، المصور السينمائي جوردي ويليس، والمدير الفني وارن كليمر. وأنا أعبِّر عن شكري وامتناني لهذا الفريق المتكامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.