الانتقاء الأولي لمشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر تغطي جهات كلميم والعيون والداخلة    باريس: المغرب يدعو إلى احترام سيادة لبنان ووقف كامل لإطلاق النار    طقس الجمعة.. تساقطات مطرية مرتقبة بالريف والواجهة المتوسطية    وسط تكتّم شديد...هذه تفاصيل ذ.ب.ح سائحة سويسرية أمام أطفالها في الجزائر    جوائز (الكاف 2024) .. سبع ترشيحات مغربية ضمن القوائم الأولية للمرشحين (فئة الرجال)    بلاغ باير ليفركوزن يخص اصابة أمين عدلي    في مباراة تألق فيها المغاربة.. فنربخشه يفرض التعادل على مانشستر يونايتد    نقابي لناظور سيتي: نرفض إصدار قانون الإضراب وإصلاح التقاعد تنفيذا لإملاءات دوائر عالمية    الوظيفة العمومية: توقع إحالة أزيد من 65 ألف موظف مدني على التقاعد خلال الفترة 2024-2028    مجلس الحكومة يصادق على مشروعي مرسومين يتعلقان بمدونة الأدوية والصيدلة    تيزنيت : هل يُعيد إبعاد الوزير الميراوي أمل الساكنة في الإفراج عن قرية المعرفة المجمدة منذ 3 سنوات ؟    اللاعب المغربي السابق برادة في ذمة الله    اللحوم الحمراء.. بايتاس: التحكم في الأسعار يمر عبر الحفاظ على القطيع وتوفير العرض    السكوري يقدم معطيات التكوين المهني    الأمن يوضح بشأن "عنصرية ضد أجنبية"    المغرب يدعو إلى احترام سيادة لبنان ووحدته الترابية    "لارام" ترفع أسعار تذاكر الخط الجوي بين الحسيمة وتطوان رغم دعم الدولة    العثور على جثة شخص أربعيني داخل منزله في درب الهلالي بالجديدة    25 سنة سجنا نافذا لقاتل شقيقه نواحي اقليم الحسيمة        منشورات الكراهية تجاه فينسيوس تورط أربعة متهمين رئيسيين    منتخب الشاطئية ينهزم أمام موريتانيا        الشيخة مهرة وفرنش مونتانا يلتقيان في دبي (صور)    تركيا تقصف مواقع حزب العمال الكردستاني في العراق وسوريا ردا على هجوم أنقرة    بايتاس: التعديل الحكومي لن يؤثر على عمل البرلمان بعد تعيين خمس برلمانيين أعضاء في الحكومة    مجزرة جديدة.. 17 قتيلا في قصف إسرائيل مدرسة تأوي نازحين بغزة        الجولة السابعة من الدوري الاحترافي : نهضة بركان يرتقي إلى الصدارة والوداد يعود لإهدار النقط    إعادة انتخاب المغرب عن جدارة ضمن اللجنة الفرعية لمنع التعذيب بجنيف    بايتاس يدافع عن تعيين برادة صاحب شركة "المصاصات" وزيراً للتعليم: "الكفاءة لا ترتبط دائماً بالتخصص"    لا أريد جوائز    شُجُون…    يوم السبت ... يوم عشتار السيء    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    عارضة أزياء تتهم ترامب بالاعتداء عليها جنسيا    المنتخب المغربي يرتقي في تصنيف "فيفا"    السجن 8 أشهر لجزائرية بسبب تصريحاتها المحرضة على "الهروب الكبير" من الفنيدق نحو سبتة المحتلة    لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب تصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي        فرط صوديوم الدم .. الأعراض والأسباب    التغير المفاجئ للطقس بيئة خصبة لانتقال الفيروسات    المغرب يؤكد أمام مجلس السلم والأمن بأديس أبابا على العلاقة بين الجماعات الإرهابية والانفصاليين    كيوسك الخميس | الحكومة تعتزم رفع عدد المستفيدين من برنامج التكوين بالتدرج المهني    ارتفاع أسعار الذهب وسط إقبال على الملاذ الآمن    تقرير: مؤشر أسعار الخدمات البنكية ينخفض بنسبة 1% عند نهاية 2023    إسرائيل تستهدف مخازن لحزب الله    سجن تركي يأذن بزيارة زعيم الأكراد    مصطفى الفن يكتب: هكذا تصبح وزيرا بوصفة سهلة جدا    استطلاع: المغاربة يعتبرون الصلاة متفوقة على التلقيح في الوقاية من "كوفيد"    منظمة الصحة العالمية تعلن تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة    وفاة وحالات تسمم ببكتيريا في أحد منتجات "ماكدونالدز"    تغييب الأمازيغية عن تسمية شوارع العروي تجلب انتقادات للمجلس الجماعي    كمال كمال ينقل قصصا إنسانية بين الحدود المغربية والجزائرية في "وحده الحب"    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الذاكرة التاريخية الوطنية بين سؤالي الهوية ومنظومة القيم"

هو موضووع الدرس الافتتاحي برسم الموسم الجامعي 2015-2016، الذي ألقاه الدكتور مصطفى الكتيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، أمام حشد كبير من الأساتذة الأكاديميين والباحثين وطلبة ماستر العلوم السياسية والقانون العام وفريق الدراسات السياسية، وبحضور صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وإعلاميين ومهتمين من أوسع فئات الرأي العام المحلي.
وفيما يلي، ندرج النص الكامل للدرس الافتتاحي الذي استأثر باهتمام المتلقين لما بسطه من قضايا وأفكار تدعو للتحلي بقيم الوطنية والمواطنة الإيجابية وبالمثل العليا والسلوك القويم على قاعدة وخلفية الموروث التاريخي ورصيد الذاكرة الوطنية.
بسم الله الرحمان الرحيم
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الهادي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
- السيد الدكتور مصطفى شاكر، نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية بسلا؛
- السيد الدكتور عادل الموساوي، المشرف على ماستر علم السياسة والقانون العام وفريق الدراسات السياسية؛
- السادة أعلام الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير؛
- السيدات والسادة الأساتذة الأجلاء؛
- أعزائي الطالبات والطلبة؛
- الحضور الكريم.
بمشاعر حنين جياشة، أتأمل هذا المشهد وأنا بين ظهرانيكم؛ مشهد يسافر بي إلى زمن مضى، سَفرٌ فيه عودة إلى الأصل وزمن جميل ومكان أجمل؛ مكان كان ولا يزال نبعا ثرا متدفقا للعلم ومعينا لا ينضب للمعرفة، النبع الذي من معينه اغترفت حتى ارتويت لما كنت طالبا، وفيه سقيت كل وارد وزودت كل طالب زادٍ لما عملت أستاذا محاضرا. «والعودة للأصل أصل كما يقال».
ومن دواعي الفخر والاعتزاز أن تلقيت هذه الدعوة الأكاديمية الطيبة والكريمة، بمبادرة من ماستر علم السياسة والقانون العام وفريق الدراسات السياسية، لإلقاء درس افتتاحي للموسم الجامعي»2015-2016» بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، أمام هذا الجمع الطلابي الحاشد والنوعي من شباب وشابات هم عَمَدُ مغرب الغد ودعاماته.
أود بادئ بدء أن أجزل الثناء والتقدير والامتنان للسيد عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا والسيد الدكتور عادل الموساوي المشرف على ماستر علم السياسة والقانون العام وفريق الدراسات السياسية، على دعوتهم لي،التي استجبت لها، بإلقاء هذا الدرس الافتتاحي.
والشكر والتقدير موصول لكافة الأساتذة الأجلاء ولجمهور الطلاب ولصفوة قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من مدينة سلا، وللحضور الكريم في هذا الملتقى العلمي الوازن والمتميز.
درس إفتتاحي موسوم ب: «الذاكرة التاريخية الوطنية بين سؤالي الهوية ومنظومة القيم « والذي يتزامن تنظيمه مع احتفاليات الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بالذكرى 40 للمسيرة الخضراء المظفرة يوم 6 نونبر، والذكرى 60 للأعياد الثلاثة المجيدة عيد العودة يوم 16،وعيد الانبعاث يوم 17 وعيد الاستقلال يوم 18 نونبر 2015.
هذا الدرس الافتتاحي كما يبوح بذلك عنوانه يتناول الذاكرة التاريخية الوطنية ودورها في تحديد ورسم معالم الهوية الوطنية وترسيخ قيم الوطنية الحقة والمواطنة الإيجابية لدى الناشئة والأجيال الجديدة والمتعاقبة.
وفي تصوري وتقديري أن بسط هذا الموضوع للنقاش والتحليل يصدر من انطباعات واستنتاجات تم الوقوف عندها وملاحظات مفادها ومشاهدات مؤداها أنه لدى الإنسان قدرة خارقة جداً على وأد ذاكرته التاريخية بكثير من العدائية واللامبالاة. وعندما نبحث عن الأسباب أو المبررات لهذا الجور المتعمد، نجدها تكمن في الجهل بأهمية الحفاظ على الذاكرة التاريخية، وغياب أو لنقل فتور الدور التعبوي للمؤسسات التعليمية والتربوية ووسائل الإعلام والاتصال ومنظمات المجتمع المدني إلا فيما ندر.
إن الحديث في هذا الموضوع يقتضي البدء بتعريف أولى عناصره هي الذاكرة التاريخية الوطنية.
الذاكرة التاريخية الوطنية هي أولا روح الأمة ومكنوناتها وهي محطات تاريخية مفصلية حددت قَدَر الوطن، إنها التوجهات والقناعات والاختيارات الوطنية والنضالية للمجاهدين والمقاومين والمناضلين وأعلام الحركة الوطنية والماهدين للعمل الوطني وصناع ملحمة ثورة الملك والشعب؛ وهي المواقف البطولية في أوضاع الشدة والضيق، وهي أيضا مبادئ صدق والتزام وأوجه عراقة وأصالة ونبل، كما انها قصص رجال ونساء شيمهم الإخلاص والوفاء والبذل والعطاء دون حساب وبسخاء.
لمثل أولائك النساء و الرجال من أبناء هذا الوطن، يصدق قول الشاعر:
كأن الله إذا قسم المعالي */ * لأهل الواجب ادخر الكمالا
ترى جدا ولست ترى عليهم */ * ولعا بالصغائر واشتغالا
وليسوا أرغد الأحياء عيشا */ * ولكن أنعم الأحياء بالا
إذا فعلوا فخير الناس فعلا */ * وإن قالوا فأكرمهم مقالا
وإن سألتهم الأوطان أعطوا */ * دما حرا وأبناء ومالا
الذاكرة التاريخية الوطنية هي تلك اللحظات المشرقة من تاريخ الشعب المغربي التي يتم الاحتماء بها عند الشدائد ويوم تبلى السرائر، الذاكرة التاريخية الوطنية هي بيرق سلام خفاق على جغرافية الوطن، وهي أيضا أسفار خطت بدم الشهداء وزخرفت بشهب النار وتعبق منها رائحة البارود ويسمع بين أسطرها دوي الرصاص ووقع الحوافر ويعلو جملها نقعُ المعارك وتتخلل أوراقها الزغاريد...إنها تراث لا مادي يستحيل تسعيره، فهي لاشيء إن تركت على الغارب، وهي أثمن من أثمن كنوز الدنيا إن أوليت لها العناية الواجبة والاهتمام القمين.
الذاكرة التاريخية الوطنية هي معارك، وقائع، شهداء، انتصارات، انكسارات، نجاحات وإخفاقات، وقفات وكبوات، سلالات سادت ثم بادت. ذاكرتنا التاريخية التي نحرص اليوم بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على إحيائها وتوثيقها وتدوينها وتلقينها هي التي صنعت المغرب الذي نعيش في كنفه اليوم، وهي التي حددت معالم الهوية التي نعتز ونفتخر بحملها ويرددها بعض الشباب بقولهم: «مغربي وأفتخر».
فذاكرتنا التاريخية التي يزيد عمرها عن 14 قرنا، حبلى بكل ما يدعو ويحث على الانتشاء والافتخار بالانتماء للهوية المغربية والاعتزاز بالانتماء الوطني. واللحظة التاريخية التي نعيشها اليوم في مواجهة التحديات في عالم معولم وأحيانا التحرشات الجهوية والإقليمية التي يتعرض لها وطننا تقتضي أن نأخذ المبادرة لنكتب تاريخنا وفق تصور وسيناريو خصوصيتنا ومرجعيتنا، وليس حسب سيناريو أولئك الذين يدفعون باتجاه النسيان أو التحريف، وبالتالي لن نكون مالكي حاضرنا، ومن ثم حتى مستقبلنا.
ذاكرتنا التاريخية الوطنية هي فسيفساء أمازيغي وعربي وحساني ويهودي وأندلسي وإفريقي وعثماني وأوروبي، فعلى مر جل العصور والحقب، لم يكن المغرب بلدا منعزلا أو معزولا بل منفتحا بإيجابية على كل الروافد والمصبات الغيرية، لكن مدافعا مستميتا عن هويته وأصالته وجذوره.
ذاكرتنا التاريخية هي مجموع الأعلام والوقائع والأحداث التي تم تأريخها مما قبل زمن الأمير الأمازيغي «يوبا الثاني» إلى زمننا الراهن، وعهد الملك محمد السادس حفظه الله مرورا ب «كسيلة»، والأميرة الأمازيغية «داهيا»، و»طارق بن زياد»، ودولة الأدارسة والامتداد الجغرافي للمرابطين والموحدين إلى الأندلس وتونس وحتى نهر السينغال جنوبا وجبال البيريني شمالا، وانكسارات بني مرين وبني وطاس، والانتصار العسكري الباهر للسعديين بوادي المخازن، وانتصارات المجاهد «العياشي» بسلا، و»الخضر غيلان» بالقصر الكبير، وميادين أصيلة وطنجة، وصولات السلطان العلوي مولاي إسماعيل، والسلطان سيدي محمد بن عبد الله، والسلطان الحسن الأول، والملك محمد الخامس، والملك الحسن الثاني.... وهي أيضا سقوط المغرب في براثن الحمايتين الفرنسية والإسبانية، وتدويل منطقة طنجة بعد هزيمتي حرب تطوان ومن بعدها معركة إيسلي، وما أعقب ذلك من بروز لحركات جهادية ونضالية دفاعية وهجومية بزعامات محلية من الشريف محمد أمزيان إلى محمد بن عبد الكريم الخطابي، فموحى أوحمو الزياني وعسو باسلام و زايد اسكونتي والحنصالي والشيخ الهيبة والريسوني ورجالات الفداء والمقاومة من أمثال محمد الزرقطوني وعلال بن عبد الله وغيرهم كُثر، ممن لا يسمح الحيز الزمني ولا يتسع المقام لذكرهم واحدا واحدا.
ذاكرتنا التاريخية الوطنية هي سلطان منفي وعرش شاغر ووطن مهدد، هي ثورة الملك والشعب، وهي مظاهرة المشور بمراكش، وانتفاضة وجدة وتافوغالت في 16 و17 غشت 1953، ومظاهرات وادي زم في 20 غشت 1955 وانطلاقة جيش التحرير ليلة الفاتح من أكتوبر 1955 بمثلث الموت بتيزي واسلي واكنول وبورد وأجدير وبمناطق مرموشة، وانطلاقة جيش التحرير بالجنوب، ومعركة إيكوفيون والمسيرة الخضراء المظفرة، وغير ذلك كثير من المواعيد والمحطات والأعلام التي يجب، أقول يجب، أن تُحفظ عن ظهر قلب ومن بعد ذلك يتم التدبر في معانيها، في مواقفها ونضالاتها وبطولاتها وفي دروسها وعبرها وعظاتها. والله سبحانه وتعالى أوصى ابن آدم فيما أوصاه، بالتدبر بقوله، بعد بسم الله الرحمن الرحيم «كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته» صدق الله العظيم.
والذاكرة الوطنية هي سِفر مطلوب من الجميع التدبر والتأمل في مكنوناته، فهل من مذَّكر ومتدبر ومتأمل؟
فالحفاظ على الذاكرة التاريخية والوعي بأهميتها وفاعليتها واجب وطني سامي. فلا حداثة صحيحة وفعلية دون ذاكرة تاريخية موسوعية شاملة ومتكاملة تقوِّم المسار وتصحح الأخطاء وتجنب الوقوع في مهاويها.
وإذا كانت الذاكرة البشرية الشخصية هي عماد حياة الفرد، فإن الذاكرة التاريخية الجماعية هي أساس تطور المجتمع وتقدمه. فهي التي تمكنه من فرز الخبيث من الطيب، وتمييز الغث من السمين، ومن اتخاذ القرارات الصائبة التى تضع المجتمع على المسار الصحيح وفي مصاف الأوائل ممن يكتب لهم التمكين في الحياة.
بعد هذا التناول لموضوع الذاكرة التاريخية الوطنية، ما هي أوجه علاقتها بالهوية ؟
على الرغم من كثرة ما كتب أو قيل عن الهوية، فإن الحاجة ماسة لنُذكر بأهم متعلقاتها، بدءا من مفهومها إلى مكنوناتها ومجمل ومختلف القضايا المثارة حولها.
وبعيدا عن كل إطناب وتوسع في مفهوم الهوية إلى الحد الذي يفقدها كثيرا أو قليلا من سماتها المميزة لها عن غيرها. وبعيدا كذلك عن تضييقه ليتقلص في خصوصيات محدودة، فإن مفهومها النابع بموضوعية وذاتية ،يعني الماهية والإِنية والتشخص والكيان والانتماء. وتحقق هذا الانتماء في الوعي واللاوعي ضروري لإثبات إرادة الوجود والحياة سواء بالنسبة للفرد أو للجماعة.
والهوية الوطنية بهذا المعنى تتمثل في مقومات ثابتة وقيم ناظمة لها بحكم التشبث المتواصل بها عبر العصور والأجيال بحب صادق وبروابط فكرية ونفسية تشد هذه الأجيال وتجعل الكل يتفاعل معها، بإدراك عميق وحتى بدونه، أي بعفوية وتلقائية.
ومن ثم، فان الهوية هي التي تحث المشدودين بها وإليها على بناء الوطن وتنميته، والعمل على تقدمه والذود عنه وصون عزته وكرامته وفتح آفاق مستقبله، وتجاوز الإكراهات التي تعتريه، ومواجهة العراقيل التي يصادفها في مسيرته والتصدي للأخطار والتحديات المحدقة به والمهددة له، خارجية وداخلية، وخاصة تلك التي تكون ناجمة عن سوء فعل الذات، حائلة دون صون عزة أبناء هذا الوطن واحترام انسانيتهم وضمان نيل ما لهم من حقوق وأداء ما عليهم من واجبات، في ظل أحوال مستقرة وحكامة نزيهة وعدالة تتحقق بها المساواة القائمة على تكافؤ الفرص وكذا التكافل بينهم، من غير أي شكل من أشكال التمايز والتفاضل، إلا ما كان راجعا الى مستوى الدفاع عن مكونات الهوية وما تفرضه درجة هذا الدفاع من جهود وتضحيات لا شك أن الناس في بذلها متفاوتون. ويمكن حصر عناصر المكونات التي بها تتشكل الهوية وتتفاعل في خمسة ناصر أساسية:
أولها: عنصر الوطن الذي يكون منطلقه الأرض، أي من المكان وما يرتبط به من زمان يعكس تاريخه، ليشمل المعطيات والعوامل السيادية الطبيعية والبشرية، وما ينشأ عنها من أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية وأنماط سلوكية وثقافية.
ثانيها: عنصر الدين بما يكون له من تأثير على معتقديه بشرائعه المكيفة لكل النظم التي تتحكم في سير الوطن، وما يترتب عنها من أفكار ومفاهيم وتصورات ومبادئ، بها يهتدي المواطنون ويقيسون كل شؤون حياتهم. والدين في المغرب هو الإسلام الذي تجاوز كونه مجرد معتقد، إذ احتضن أقلية يهودية قاسمته المواطنة بحرية وتسامح، فأصبح لقداسته والالتزام به رمزا للهوية والوحدة الوطنية، وباطنيا في الوعي واللاوعي لا تُتصور الحياة بدونه.
ثالثها: عنصر اللغة باعتبارها أداة تواصل وبنية خطاب، ووعاء فكر ووسيلة تعبير عن الإبداع الأدبي والفني والكشف عن المشاعر والأحاسيس. واللغة القائمة والمعتمدة في المغرب هي العربية الفصحى مع ما يعايشها ويغنيها من لغات ولهجات محلية بدءا من الأمازيغية والحسانية وسائر العاميات العربية المنتشرة في البوادي والحواضر.
رابعها: عنصر الثقافة، بدءا من التراث الذي تراكم عبر العصور والأجيال، ووصولا إلى ما استجد من خلق وابتكار وإبداع أبناء الوطن في كافة الحقول المعرفية والعلمية، العقلية والروحية والعاطفية وما إليها من قدرات ومهارات تجسد ذاتهم وشخصيتهم.
خامسها: عنصر الذاكرة التاريخية، التي تجسد ذلك الحبل السري الواصل بين الماضي والحاضر والمستشرف للمستقبل والضامن لتدفق الغذاء الفكري اللازم والضروري لتقوية الشعور الوطني والاعتزاز بالانتماء للوطن والتباهي به والمفاخرة به بين الأمم.
من هنا، فإن التمسك بالهوية يبدأ من التذكير بالموروث التاريخي ويصل الى التوعية به؛ باعتباره مجموعة أفكار وقيم وصيغ للتعبير ومعايير قيمية وسلوكية ونشاطات الناس في حياتهم اليومية والتي نتمكن من خلال التأمل فيها وطرح الأسئلة بشأنها ونفض الغبار عن زوايا العتمة فيها أن نعيد التوازن لذاتنا في دورة مستمرة لا تنتهي. ذلك أن عملية التأمل والتبصر لاستكشاف واستنباط الدروس والعبر هي عملية دائمة ومستمرة يرتد فيها الجواب سؤالا ليدعوك للبحث عن جواب، وهكذا دواليك في تعاقب للأجيال. والإشكالات تكون الإجابة عنها بمثابة وضع لبنة في صرح شعب عريق بهويته أصيل ومتأصل ضاربة جذوره التاريخية في أعماق الجغرافيا.
وماذا عن علاقة منظومة القيم بالذاكرة التاريخية الوطنية؟
منظومة القيم في مفهومها الوطني -القيم الوطنية- شعبة من شُعب منظومة القيم العامة، وهي التي تهمنا في هذا الباب والتي يمكن إجمالها في مصطلحين اثنين هما: الولاء والالتزام، واللذان يعنيان فيما يعنيانه استشعار الفرد للحب تجاه وطنه، ومؤكدا وجود ارتباط وانتساب إلى هذا الوطن باعتباره عضوا فيه، وشعوره نحوه بالفخر والولاء، واعتزازه بهويته وتوحده معه، ويكون منشغلا ومهموما بقضاياه، وعلى وعي وإدراك بمشكلاته، وملتزما بالمعايير والقوانين والقيم الموجبة التي تعلي من شأنه وتنهض به، محافظا على مصالحه وثرواته، مراعيا الصالح العام، ومحفزا ومسهما في الأعمال الجماعية، ومتفاعلا مع الأغلبية ولا يتخلى عنه حتى وإن اشتدت الأزمات ونائبات الدهر.
وماذا عن علاقة الذاكرة التاريخية الوطنية -من حيث صيانتها- بمنظومة القيم الوطنية المحدِّدة للمواطن الصالح؟ يمكن اختزال هذه العلاقة في معادلة هي إجمالا وفي جملة: «إن ذاكرة حقة تمنحنا مواطنا حقا، ومواطن حق يمنحنا وطنا قويا، ووطن قوي يمنحنا مواطنا معتزا، ومواطن معتز يمنحنا وطنا معطاء سخيا». والوطنية كما ورد في إحدى خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله «تمثلت لدى جيل التحرير في مقاومة الاستعمار، فإنها تقوم بالنسبة للأجيال المعاصرة على التعبئة الشاملة وتحرير الطاقات لمكافحة المعضلات الصعبة».
أن تكون مواطنا فذلك يعني التشبث بثوابت الهوية المغربية الموحدة الغنية بتعدد وتنوع روافدها وتقاسم القيم والتطلعات المشتركة للأمة والتفاعل الإيجابي مع مستجدات العصر. ومعنى هذا أيضا أن بناء جيل وطني مواطن لن يتأتى إلا بتحمل كل الفاعلين والمؤسسات مسؤولياتهم التاريخية تجاه وطنهم، بدءا من البيت ورياض الأطفال والمدارس والإعداديات والثانويات، وانتهاء بالجامعات ليعملوا على تلقين الأجيال الصاعدة معنى وواجب اكتشاف ذاكرة أجدادهم وآبائهم والحضارات التي خلت قبلهم والنهل منها، وأن يجعلوهم يعتنقون اعتناق المؤمن لعقيدته قضايا وهموم وطنهم، غيورين على مقوماته ومقدساته وثوابته، مبلورين بذلك أروع صور الانصهار في الوطن أو لنقل بلغة أهل التصوف «الحلول» أي أن يحل الوطن في قلب المواطن، وأن يحل المواطن في ثنايا الوطن.
إن هذا المواطن الوطني الذي لن تصنعه وتعده وتؤطره لنا سوى الذاكرة التاريخية الوطنية الفردية والجماعية، هو وحده المؤهل والقادر على أن يسير بالوطن إلى الأمام. فتقدم أي أمة من الأمم مهما كبر أو صغر شأنها، مرهون بالتشبث بتاريخها وذاكرتها. فالذاكرة دروس وعبر وخلاصات من لم يتعظ بها ومنها، سيكون مضطرا لأن يعيد تجاربه الفاشلة أو الناقصة مرة أو مرات.
إن المواطن الحافظ لذاكرته والمحافظ عليها، هو القادر والكفيل بمواجهة ورفع التحديات في التزام اخلاقي وروحي تجاه الوطن الذي ليس هو حدود جغرافية وأرقام بالكيلومترات المربعة. إنه أكبر من ذلك بكثير. فالوطن هو صيغة الجمع. هو نحن عندما نتحمل الأمانة ولا نتحلل منها أو نخل بها ونتحمل المسؤولية ولا ندعها ونلتزم بالقانون ولا نخرقه ونربط الحقوق بالواجبات والالتزامات، ولا نجعل من أجواء الحريات العامة والفردية مطية للتسيب ولا نجعل من قيم التضامن سببا مقنعا للتواكل والانتهازية والأنانية. وهذه هي منظومة القيم الوطنية التي يجب أن يتربى عليها النشء.
فثمةَ مقولةٌ تقول «الشعب الذي لا يعرف ماضيه لا يقدر على فهم واقعه، وبالتالي يعجز عن السيطرة عليه، ما يعني أن آخرين سيُسيطرون على هذا الواقع بدلاً منه»، وهي مقولة غنية بالدلالات. وتظهر السيطرة على الواقع في الأبعاد الثقافية والإيديولوجيّة، وفي السياسة والاقتصاد. ويؤدي ضعف المعرفة بالتاريخ الوطني إلى عجز في فهم التطورات والتحولات والسياقات التاريخية التي أدّت وتؤدي إلى الوقائع والأحداث التي نعيشها اليوم، ما يولّد، بدوره، قصوراً عميقاً في تطور البلد ويسمح بنمو كائنات طفيلية وذيلية تعتاش وتقتات على هذا القصور وهذه الدونية.
والمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير كمؤسسة راعية للشأن العام والمرفق العام للمقاومة وجيش التحرير، جعلت من تاريخ الحركات الوطنية والتحريرية فعلا وممارسة وتفكيرا وتنظيرا من أهم وأبرز أولوياتها واهتماماتها، وذهبت فيه خطوات كبرى وقطعت أشواطا بعيدة، هدفها الأسمى تقديم تاريخ الحركة الوطنية والمقاومة الوطنية والتحريرية في أجود حلة وأحسن توثيق وتدوين مكتوب.
نعم إن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لواعية كل الوعي، ومدركة تمام الإدراك للمسؤولية الملقاة على عاتقها، والتي مفادها أن الحركة الوطنية والتحريرية بتاريخها الزاخر بالملاحم والنضالات والمواقف البطولية والطافح بالقيم والمثل العليا ومكارم الأخلاق والسلوك القويم وكل الرسائل المرموزة والواضحة، من الواجب إيصالها وبأمانة إلى الناشئة والأجيال الجديدة والمتعاقبة.
ومن ثم، فقد سخرت كل جهودها وقدراتها البشرية والمادية لخدمة رسالة الذاكرة التاريخية الوطنية تدوينا وتوثيقا ووضعها رهن إشارة كل راغب في الاستزادة من خلال ما يزيد عن 520 إصدار نوعي وجيد يشمل أطاريح جامعية ومؤلفات وسيرا ذاتية وندوات علمية وأياما دراسية وكتبا للأطفال، و26 عددا من أعداد مجلة الذاكرة الوطنية، بالإضافة إلى موسوعة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بالمغرب في 16 مجلدا، ومليونين ونيف من وثائق الأرشيف الفرنسي الخاص بحركة المقاومة و التحرير بالمغرب، و100 ألف وثيقة تاريخية من رصيد الأرشيف الإسباني، ومئات المستندات والوثائق المودعة بمراكز الأرشيف الروسي والتي تم جلب بعضها، علاوة على مبادرات ومشاريع استنساخ المزيد من الوثائق التاريخية القابعة في بلدان أوروبية أخرى.
ودائما في مجال صيانة الذاكرة، تجدر الإشارة الى 63 فضاء للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير مفتوح عبر التراب الوطني، والتي ما زال الانكباب على ورشها قائما لاستكماله في 110 فضاء للذاكرة التاريخية أو أكثر تكون المرجع الأساس لكل راغب في البحث والاستكشاف للمصادر والمنابع التاريخية المغربية الوطنية منها والمتقاسمة، في أفق ترسيخ الهوية الوطنية وإشاعة منظومة القيم الوطنية.
تلكم سبيلنا لمقاربة الذاكرة التاريخية الوطنية للإجابة عن سؤالي الهوية ومنظومة القيم، موضوع هذا الدرس الافتتاحي الذي آمل أن ينال استحسانكم ويلبي انتظاراتكم ويذكي الهمم والعزائم في مسيرات الحاضر والمستقبل لبناء وإعلاء صروح الوطن لجميع أبنائه ليكونوا قادرين على مواجهة التحديات وكسب رهانات التنمية الشاملة والمستدامة بكل أبعادها.
«وما ذلك علينا بعزيز، وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله المؤمنون» صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بين سفر تختاره و آخر يُفرض عليك، يختلف معنى السياحة عن معنى الغربة، معنًا لسفر تختاره و آخر يختارك، كيف يمكن الحديث عن إحساس بالغربة أثناء سفر للسياحة، حيث تتقلص حدود المكان أمام امتداد معنى الإنسان ، حينما تختار وجهتك السياحية تذهب إليها، ليس عن رضى فحسب بل عن حب و عشق ، تملأ حقيبتك بأحلامك و شوقك المجهول لبلد طالما تمنيت زيارته، و استقطعت حيزا من ذاكرتك لأجله، سفر كان من مشاريعك المؤجلة، كيف تكون غريبا في مكان أحببت الذهاب إليه، و سكن حيزا من أحاسيسك قبل حتى أن تزوره؟؟؟ ، لكن حينما تفقد حرية الاختيار فعوض أن تملأ حقيبة سفرك بالذكريات و الشوق، ستمتلئ بالغربة و الخوف و لو كنت في عطلة..
حتى أحلامنا ببساطتها صُودرت منا، حلمت كثيرا شأن العديد من أبناء هذا الوطن بزيارة البلدان العربية مؤمنا بوحدة الإنسان العربي و كافرا بأسلاك الحدود، بدأ حلمي و أنا طفل في سنوات الثمانينات، كنت أسافر بخيال الطفل الفسيح الذي لا تمنعه أسلاك الحدود إلى العديد من البلدان العربية، تارة إلى العراق عبر مجلة المزمار و ماجد أو غيرها، كنا أطفال عرب توحدنا مساحة صغيرة لا تتعدى مساحة ورقة «ركن التعارف» في نهاية كل عدد، و تارة أخرى يأخذني خيال الطفل إلى مصر العربية، عبر مسلسل ليالي الحلمية أو الثلاثية أو فيلم مطول بخاتمة نصر عربي لم أنتبه لسذاجته وقتها، أكثر من انتباهي و حفظي لأسماء حارات و أزقة علقت بخيالي و حجزٓت حيزا من ذاكرتي، في انتظار أن يكبر ذلك الطفل و يطابق الخيال بالحقيقة، يستبدل صور بلا احساس، بشعور حقيقي لغروب جوارالأهرام أو ذوق طبق «فول مدمس» بحارة شعبية، أو «ترمس»على كورنيش النيل.
كنت أتوق لزيارة بغداد و سوق عكاظ، لأقارن صور الواقع بصور ركبت في مخيلتي كلما قرأت شيء عن تلك البقاع، حينها كنت أظن أنه لا يفصلني عن تحقيق أحلامي سوى صغر سني و قسط يسير من المال لن يستعصي عني حينما أكبر، كبر ذلك الطفل و كبر معه حلم زيارة كل البلدان العربية حتى فلسطين لم تستعصي على أحلامي، رغم الإحتلال كنت أومن أنها دولة للعرب، يمكن زيارتها و لو على طريقة رأفت الهجان ، كنت أظن أن تحقيق حلمي مسألة وقت لا غير، كنت أبحث عن هوية قومية تقوي هوية انسانية امتلكتها و أنا طفل وبدأت أفتقدها كلما كبرت و استعصي علي تحقيق حلمي، تمنيت حقيقة لو حققت حلمي العربي، تمنيت لو زرت فلسطين و العراق و مصر و سوريا و لبنان و اليمن و ليبيا و تونس و الجزائر ... لكن للأسف ، حلم كان من أحلام اليقضة ، أصبح مستعصيا الآن حتى في المنام، حتى بعد ربيع عربي، ظننت أن أحلامي ستزهر معه أكثر، و جدتها تموت و تُقبر.
فهل أبدل بلدان أحلامي ببلدان أخرى..؟؟؟
بلدان قيل عليها أنها بلدان إنسانية كونية و ربيع دائم ، بلدان الديمقراطية و حقوق الإنسان بلدان لا تفرق بين عربي و عجمي ...
لا لن أتخلى عن حلمي العربي، فرغم ما يزعمون فلن أكون في تلك البلدان أكثر من سائح غريب في بلد أعجمي، لساني غير لسان أهله، و هويتي غير هويتهم، في بلد عربي لن أتصنع ضحكة أو ابتسامة لن أترجمها إلى لغة غريبة عن عروبتي، حتى لو نجحت في ذلك فلن تفهم إلا كخدعة إرهابي أتى من دول ربيع بلا زهور ليزرع رعبا من حقد دفين، في أرض تمنى لو كانت وطنا له، ابتسامتك لن يرد عليها بابتسامة مقابلة، و لكن بنظرة رعب و ريبة، سحنتك العربية ستكون كافية لتحسسك غربة ضيف ثقيل حل على غرباء حين رفضه أهلُه.
لن يتغير حلمي و لكن سيُأجل ... أن تسافر و حقيبتك مليئة بالذكريات ليس كأن تسافر و حقيبتك محملة بعقدة النقص و الغربة. عجزت أنا و لم يعجز ذلك الطفل، فقدرنا أن نحلم بالماضي و غيرنا يحلم بالمستقبل...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.