إن شعبا بدون ذاكرة هو شعب بدون تاريخ، والذاكرة الوطنية الموثقة هي التي تضمن الاستمرار للأوطان في تعاقب الأجيال، تلك الأجيال التي من حقها أن تعرف تاريخ أجدادها ورموز وطنه، حتى تتمدرس على شيم الشهامة في حب الوطن وقيم المواطنة، الضامنة للاستقرار والأمن والعيش المشترك. رجالات المقاومة وجيش التحرير، أولائك الذين استشهدوا، وأولئك الذين رحلوا بعد أن أكملوا الرسالة الوطنية، وأولئك الذين شاخوا بيولوجيا، لهم على الجميع، من مؤسسات، وباحثين، وفاعلين سياسيين ومدنيين، وإعلاميين، ومثقفين وفنانين، حق الاعتراف ورد الجميل، عبر توثيق ملاحمهم الوطنية ونقلها إلى الأجيال المقبلة، وتحمل كامل المسؤولية في الحفاظ على تلك الذاكرة، التي هي ذاكرة التاريخ الوطني المشترك. واعترافا بجميل رجالات المقاومين، تسلط "المغربية" الضوء على مسارات حياة بعض أعلام الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، طيلة شهر رمضان، بتنسيق مع المندوبية السامية لقدماء المقاومين وجيش التحرير، مساهمة في التعريف بمن بصموا سجل التاريخ الوطني الطافح بالملاحم والبطولات، ويشكل نشر سيرهم مدخلا أساسيا لتقريب القراء أكثر من تاريخ الكفاح الوطني، والسفر بهم ومعهم لسبر أغوار الذاكرة التاريخية الوطنية الغنية بالدروس والعبر والعمل على الاقتداء بها، خدمة لروح المواطنة، وإسهاما في بناء المجتمع الديمقراطي والحداثي المتضامن، والمتصالح مع تاريخه، لأن الأمم بدون ذاكرة وبدون تاريخ أمم بدون هوية وبدون مستقبل. إن نبذ وسير حياة أعلام المقاومة وجيش التحرير مقتبسة من عمل موسوعي، عملت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على إصداره، وهو مشروع توثيقي غير مسبوق جاء ثمرة مبادرة جماعية ساهمت فيها تدوينا وكتابة شخصيات وطنية من رجال السياسة والفكر، وصفوة من المؤرخين الباحثين والدارسين. وشكل الإصدار فصلا من فصول صيانة الذاكرة التاريخية التي تضطلع المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالعناية بها، وإشاعة ملاحمها وبطولاتها في صفوف المواطنين، خاصة الشباب والناشئة والأجيال الجديدة. وأنجزت المندوبية السامية عملا موسوعيا كبيرا يتكون من 13 مجلدا، الجزء الأول منه في مجلدين، وهو إصدار موضوعاتي، يتناول قضايا وجوانب متصلة بالكفاح الوطني تغطيها 508 صفحات، كما صدر المجلدان الأول والثاني من الجزء الثاني في 492 صفحة، وأعقبه إصدار المجلدات الثالث والرابع والخامس والسادس من الجزء الثاني دفعة واحدة، في 1050 صفحة، علاوة على المجلدين السابع والثامن، وكل هذه الأجزاء ترصد جوانب مفصلية من حياة وسير ومسارات 461 علما من أعلام الحركة الوطنية وفعاليات الحركة السياسية والنقابية والدعوية والثقافية المغربية. وصدر الجزء الثالث في مجلدين، من 524 صفحة موثقة لعمليات ووقائع المقاومة والفداء وجيش التحرير خلال الفترة من سنة 1953 إلى سنة 1960.