في بحر الأسبوع الماضي، تم الاتصال بجمارك الباب الخاص بالعبور إلى خارج الميناء، لإىقاف ومنع شاحنتين كانتا تحملان حاويتين، وذلك بعد تسريب خبر بشأن الشك في عملية المعاينة التي خضعت لها الحاويتان، وهو ما عرضهما من جديد للتفتيش، حيث تبين أن ما تحتويانه مخالف تماما للتصريح المقدم من طرف صاحبهما، والذي أدى واجبات الرسوم على ما يوجد بالتصريح وليس ما يوجد بالحاويتين. وتكمن الفضيحة في كون الحاويتين تمت معاينتهما من طرف مفتش رئيس المعاينة والذي سلم لصاحبهما إبراء بأداء جميع الرسومات، وبالتالي العبور إلى خارج الميناء في اتجاه الأسواق البيضاوية ومنها الى الأسواق الوطنية. الحاويتان اللتان مازالتا محجوزتين بميناء الدارالبيضاء، كشفت المعاينة الثانية عن وجود ألبسة رياضية تحمل علامات شركات كبرى بواحدة وبالأخرى أحذية رياضية، وهي البضاعة التي توجد ضمن التصريح المقدم للمصالح الجمركية ، وواجبات الرسوم الجمركية لا توازي ما تم كشفه في الحاويتين، مما يؤشر على أن عملية التهريب هذه كادت تتم بتواطؤ مع من سلم الإبراء، علما ، تقول مصادر تتابع هذا الملف، أن كل عملية معاينة تتم بواسطة مفتش رئيس المعاينة صحبة عون جمركي إلا أن المفتش الذي قام بهذه المعاينة فضل عدم مصاحبته لأي عون جمركي لينفرد لوحده بهذه المعاينة. نفس المصادر أكدت أن عملية تعيين التفتيش لأي عملية معاينة تتم عن طريق الجهاز المعلوماتي المعروف «بدر»، وهو جهاز تم اقتناؤه كأداة تقنية متقدمة تفرز تعيينات مضبوطة بشكل يجعل عملية المعاينة تمر بشكل تراتبي ديمقراطي.إلا أن حسب المصادر نفسها هذا الجهاز أصبح يفرز أسماء بعينها لعملية المعاينة قد تتكرر لأربع مرات متتابعة، الشيء الذي يؤكد أن هذا الجهاز أصبحت أيادي بعض المسؤولين تتحكم في تسيره وفق ما تريده، وذلك بحذف الأسماءغير المرغوب فيها وترك فقط الاسم الذي سيقوم بعملية المعاينة لحاويات أو واردات معينة وبعد إفراز هذا التعيين يتم ارجاع الأسماء الأخرى، وهكذا وكأن كل تعيين هو من تلقاء هذا الجهاز لإبعاد كل الشبهات الممكنة. وأكدت بعض المصادر من داخل ميناء الدارالبيضاء أنه منذ اكتشاف هذه» الفضيحة»، لوحظت حركة غير عادية، حيث ثم تشديد المراقبة والبحث، علما، تضيف نفس المصادر، أن هناك حاويتين مازالتا بالميناء لنفس الزبون ومن غير المستبعد أن تكون حمولتهما من نفس الصنف المحجوز وأن تكون الاجراءات الخاصة بالمعاينة والتسليم تسير بنفس الطريقة. وقدرت بعض الجهات ذات الصلة بالموضوع حجم الخسارة التي تسببها مثل هذه العمليات التهريبية بملايير السنتيمات فهي أولا تضر بالمداخيل، حيث هذه السلوكات تحرم خزينة الجمارك ثم الدولة المغربية من ملايير الدراهم، هذا بالاضافة إلى إغراق الأسواق البيضاوية والوطنية بسلع وبضائع مهربة تحمل علامات شركات دولية كبرى، قد تعصف بالعديد من الباعة الصغار إذا ما كانت هناك حملات بحث وتفتيش من تلك الشركات عبر القضاء، ثم أيضا هذه العملية لاشك أنها تضر بأصحاب المحلات التجارية التي تؤدي كل الرسوم والضريبة وكل ما يتعلق بالأرباح إلى غير ذلك من واجبات الكراء أو الشراء واليد العاملة. وأضافت المصادر نفسها أن ما شجع على القيام بمثل هذه العمليات هو عدم اتخاذ أي اجراءات زجرية قانونية في حق العديد من الذين ثبت تورطهم في مجموعة من الخروقات التي توضح بالملموس تورطهم في التدليس على مصالح الواردات، وبالتالي تقديم تصريحات مخالفة لما بداخل الحاويات حتى تكون مبالغ الرسوم الجمركية فقط رمزية بمقابل الحصول على مداخيل شخصية. وناشدت مصادر من الميناء، الادارة العامة للجمارك، التحرك بما تستلزمه الظرفية الاقتصادية وطنيا ودوليا، للوقوف على حجم الخسائر الفادحة ماليا والتي تتسبب فيها شبكة منظمة من بعض أصحاب الحاويات وبعض العناصر الجمركية. لكن يبقى الخطير هو عملية تسهيل مرور حاويات قادمة من دول بعيدة وقريبة ولا تخضع للمعاينة اللازمة والتفتيش المفروض في ظروف يشهد فيها العالم توترا كبيرا، قد تكون نتائجها وخيمة على البلاد، رغم المجهودات الكبيرة التي تقوم بها المصالح الأمنية عبر التراب الوطني وعبر كافة الحدود لحماية البلد من أي تسريبات قد تهدد أمنه واستقراره.