عمر بوسنة الرجل المراكشي الذي جعله التجنيد الاجباري في بداية السبعينات يعشق الجندية، فانخرط في القوات المساعدة ليجد نفسه أسيرا لدى جبهة الانفصاليين.. عمر بوسنة، واحد من 56 أسيرا من ابناء مراكش مازالوا يلتقون كل أسبوع بباب الجديد, يستحضرون تلك السنوات الطوال التي كانت بالنسبة إليهم جحيما وسعيرا.. عمر بوسنة، حكاية لمأساة إنسانية، يحكيها عمر للاتحاد الاشتراكي من خلال هذه الحلقات، حيث يكشف عن جرائم البوليساريو ضد الانسانية.. عن وحشيتهم في مخيمات ومعتقلاتهم, حيث القتل، والتعذيب والاغتصابات الجماعية للمحتجزات، ورمي جثث ضحاياهم للكلاب والذئاب والوحوش الضارية.. عمل الأسرى المغاربة على أن ينقلب سحر الساحر على دنيال ميتران زوجة الرئيس الأسبق فرانسوا ميتران مؤسسة منظمة « فرنسا ليبرتي « ، حيث قاموا بفضل حنكتهم و ذكائهم على قلب الطاولة على دنيال ميتران الموالية لجبهة البوليساريو التي سبق لها أن قامت عدة مرات بدعمهم بإعانات مالية ومادية كانت خيالية من حيث الأدوية والتموين ، وقد اشترت لهم ذات مرة المئات من الإبل ، ومع ذلك فقد تمكن الأسرى المغاربة من إقناع مسؤولتين تابعتين لمنظمة فرانسوا ميتران أواخر سنة 2003 التي كانت إحداهما تتقن النطق باللغة العربية اسمها عفيفي كرموس أعتقد أنها من دولة لبنان ، الشيء الذي سهل علينا التواصل معهما بكل سهولة ووضعهما في الصورة بأدق تفاصيلها لما نعيشه كأسرى مغاربة بسجون لحمادة ، حيث ساعدناهما على أخذ شرائط فيديو وصور وتصريحات للأسرى تشهد وتعبر بكل وضوح على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان داخل سجون البوليساريو وبالمخيمات ، كما سهرنا على الحفاظ على حقائب هاتين المسؤولتين حماية لما توجد بها من تسجيلات تثبت حقيقة الواقع المأساوي المعاش بالسجون والمخيمات ، حيث نبهناهما بأن حراس البوليساريو يقومون بسرقة كل أعمال الوافدين من رجال الصحافة وممثلي المنظمات الدولية التي تثبت انتهاكات حقوق الانسان بما فيها الحق في الحياة بالصحراء المغربية ، وعملنا جيدا على ضمان الثقة المتبادلة فيما بيننا ، فكم من مرة تركتا عندنا أمتعتهما خاصة حينما تريدان الذهاب لقضاء حاجتهما أو أثناء وجبات الأكل ... طيلة مدة ثمانية أو عشرة أيام قضوها في التنقل بين الأسرى المغاربة ، وقد كنا في مستوى هذه الثقة ، كما كانتا هما أيضا في موضع ثقة من طرف عناصر البوليساريو ، ولم تكونا تحت المراقبة المشددة للحراس مثلما هي عادتهم مع زائري سجون لحمادة بحكم أنهما مبعوثتان من منظمة « فرنسا ليبرتي « ، الشيء الذي جعلهم يقفون على العديد من الحقائق التي كانت حججها صادمة لدنيال ميتران ، فقد تتبعت عبر شرائط فيديو والصور والتسجيلات الصوتية كيف يتم التعامل على الخصوص مع الأسرى المغاربة أوقات مناداتهم بالأسماء لإثبات حضورهم ، وأثناء توزيع العمل والقيام به من طرف الأسير ، ونوعية تغذيته وتسلمه قسط تموينه الشهري ، وطرق توصله بالرسائل الواردة من عائلته ، و علاجه أثناء إصابته بأحد الأمراض وكل صغيرة أو كبيرة تتعلق بحياة الأسير بسجون لحمادة ، ولما علم عناصر البوليساريو بما ترتب عن زيارة هذين الحقوقيتين جعلونا نؤدي ضريبة فضحنا للظروف اللاإنسانية الناجمة عن انتهاكات حقوق الإنسان بهذه السجون التابعة للبوليساريو ، حيث عانينا من أقصى أنواع التعذيب ما يجعل المرء يفضل الموت بدله ، فقد شرعوا في تعذيبنا بالتناوب بعد أن جردونا من كل ملابسنا و قيدوا أيادينا وأرجلنا بأسلاك ووضعونا فوق الرمال الحارقة بفعل شدة حرارة الشمس خلال موسم الصيف ، وصار كل أربعة من الحراس يمطرون كل أسيرا منا على حدى بالضرب بواسطة ( الكابل ) دون مراعاة أين تنزل الضربة على أجسادنا ، إذ أنها تارة تنزل على الرأس ومرة أخرى على ذكر الرجل وصراخنا يتعالى في السماء ، وقيادهم يجدون المتعة الكاملة في مشاهدتنا أوقات تعذيبنا ، حيث سمعت أذناي وشهدت عيناي أحدهم ينطق بكل انفعال وعصبية شديدين : » اشمتونا يالمغاربة ، اشمتونا يا اشلوحا ، بعدما درنا فيكم الثقة ، ودرناها في هادوك النسارى ، اشمتونا « ، وكانت هذه اللحظة بمثابة إيذانا بتخفيف عمليات التعذيب التي كنا نعاني من ويلاتها منذ أول يوم من أسرنا ، حيث علمنا بأن المنظمة الدولية للصليب الأحمر قد دخلت على الخط بقوة فأعطيت تعليمات صارمة للبوليساريو لكي يتوقفوا على هذا النوع من التعذيب وعن الأساليب المستعملة لانتهاكات حقوق الإنسان بسجون لحمادة .