يتساءل المغاربة، قاطبة، عن من الدور، داخل مجلس الأمن الدولي بعد الولاياتالمتحدة وفرنسا، للقيام بالخطوة الحاسمة باتجاه الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه. ويذهب التفكير بطبيعة الحال باتجاه الدول الخمس الدائمة العضوية؟ وثمة اجتهادان، موزعان بالتساوي بين المملكة المتحدة البريطانية وبين جمهورية الصين الشعبية؟ وكانت جريدتنا أيضا التقطت أخبارا متفرقة ومقالات ذات الصلة بقرب فتح الصين لقنصلية في الصحراء. شخصيا، أميل إلى الصين، لارتباط خاص، فكري، في غالبه، وسياسي وإنساني. ترجمته في كتابي: «ذهبنا إلى الصين وعدنا من المستقبل». وكان علي أن أنقل هذا الميل الأسيوي في تفكير العلائق الدولية المغربية، في ارتباطها بالصحراء، إلى مصدر ديبلوماسي مغربي مأذون وآخر رفيع المستوى في حوار خاص، طابعه استكشافي. وما استخلصته من الحوار أن الدبلوماسية المغربية ترى أن الصين «دخلت مرحلة المواقف البناءة من علاقاتنا». والدليل الذي لم أفطن إليه من قبل، في الواقع، لا يمكن تقديره إلا باستحضار التوأم الأسيوي، روسيا، فقد اعتدنا أن نتابع «تلازما» سياسيا، أحيانا كثيرة، بين قرارات بيكين وموسكو، وهو تلازم موجه ضد الغرب، في الغالب، بحيث تكون الصينوروسيا «اثنان سكنا بدنا واحدا».. ولكن الملاحظ أن «الحالة الوحيدة التي لا يحصل فيها تلازم روسي صيني ضد أمريكا وقرارات الغرب عموما هي .. حالتنا المغربية». وقد بدأت الصين، منذ سنة 2018، تبتعد عن الموقف الروسي، بوضوح، عندما صوتت على القرار الذي كتبته أمريكا، رغم رفضها الشبه أوتوماتيكي لكل ما له علاقة بواشنطن، ولعلها أخبرت روسيا بهذا الانزياح، بخصوص العلاقة مع المغرب. ومن الأخبار. التي يتم تدويلها، أن الخارجية الصينية أخبرت نظيرتها المغربية في لقاء تم في غضون هاته السنة بأن تحولا إيجابيا سيطبع تصويت الصين داخل مجلس الأمن! الصين محكومة إلى جانب ذلك، بمواجهة النزعة الانفصالية. في تايوان، وطالما سمعنا من المسؤولين الصينيين هنا وفي بيكين أن التايوان خط أحمر، ولعل الموقف المغربي المعلن والدائم والثابت من »الصين واحد، له أثره في أروقة القرار الصينية، علاوة على أن المغرب نفسه منسجم مع ذاته في هذا الباب، أي الدفاع عن وحدة الدول وسيادتها كما يدافع عن وحدة وسيادة دولته. المغرب في مقابل ذلك لا ينافق الصين، بخصوص قضايا ذات صلة بما قد يكون موضوع تداول دولي مثل حقوق الإنسان أو الحقوق الثقافية أو غيرها. وهو ما يعني وجود علاقات مواقف واضحة وضوح الصداقة الموقع عليها بأفق استراتيجي منذ 2016. هل الصين ستقوم بالخطوة المنتظرة؟ للجواب نستحضر أولا تصويتها للمرة السادسة، على الأقل، على القرار، في حين كان المعتاد هو اصطفافها مع الموقف الروسي في الامتناع أو التصويت المعاكس في زمن بعيد. إلى ذلك يضاف ما صرح به السفير الصيني بالمغرب، لي تشانغلين(Li Changlin) في لقاء تم مع الصحافة وبعض الأحزاب السياسية المغربية عند استقبال وزير الشؤون المالية للتراب الوطني، وقتها أعلن السفير بأن السفارة تنقل كل ما يتعلق بالصحراء داخل المجتمع وتفاعلاته إلى المركز، في عملية اطلاع دقيقة على التفاعلات الوطنية وثوابت الوطن، إضافة إلى عمل ثقافي وتواصلي آخر غير مسبوق للتعريف بالقضية الوطنية لدى الصينيين وعموم الفاعلين والمثقفين والإعلاميين عبر ترجمة كتب ذات علاقة بتاريخ الصحراء ومرافعات المغرب، منها كتاب للمحامي الفرنسي صديق المغرب «روبير سيان،»، وكتاب آخر للمغربي ناصر بوشيبة… للصين أيضا عادتها الديبلوماسية، في المحافظة على توازن دقيق في التعامل مع جيراننا شرقا لحماية مصالح طويلة الأمد.. ومن ذلك أن الصين التي أَرْضت المغرب بالتصويت على القرار الأخير في مجلس الأمن 2756 ، بما يرضي بلادنا، و في الوقت ذاته لم تمتنع عن التصويت على مقترح من مقترحات الجزائر المقدمة في سياق التعديلات (23 على 44 فقرة من فقرات القرار) لإرضاء الجزائر. وتكون الخلاصة أنه ما زال من الصعب أن تنحاز الصين بوضوح كبير للموقف المغربي عبر فتح قنصلية في الصحراء، ولا بد من توفير شروط استثنائية لهذا التحول، ألم يقل الحكيم الصيني كونفوشيوس: «الصبر سلاح لا يمكن أبدا رميه بعيداعنك، لأنك لا تعلم متى تحتاج له» …