كما كان متوقعا، عطلت الولاياتالمتحدةالأمريكية، يومه الأربعاء، صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو الى وقف "فوري وغير مشروط ودائم" لإطلاق النار في قطاع غزة عبر استخدام حق النقض مجددا دعما لحليفتها إسرائيل. قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية لم يكن مفاجئا ولا يمكن على الإطلاق وصفه بالغريب لأن الغرابة هي قبول الولاياتالمتحدةالأمريكية بمشروع قرار لا يرضيها ولن يرضي أداتها في منطقة الشرق الأوسط التي تخوض مند السابع من أكتوبر 2023 حرب إبادة وتطهير عرقي بتسليح أمريكي ودعم أوروبي وتواطؤ عربي على كل المستويات دون أن تعير أي اهتمام لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ونداءات الأممالمتحدة ومواقف المحكمة الجنائية الدولية! الولاياتالمتحدةالأمريكية لن تقبل بأي قرار أممي لوقف الحرب في غزة وفي لبنان لأنها ترى في نفسها أنها أكبر من المجتمع الدولي وأكبر من الأممالمتحدة وأكبر من المحاكم الدولية وأكبر من الأمين العام للأمم المتحدة وأكبر من أحرار وحرائر العالم. ومادام أن قرار الحرب في إسرائيل قد اتخد بضوء أخضر أمريكي خلال ولاية الرئيس الامريكي المنتهية ولايته جو بايدن عن الحزب الديمقراطي فإن قرار وقف الحرب ينبغي أن يكون بمساعي امريكية تحت رعاية الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب الجمهوري لأن شرعية خوض الحرب وايقافها ينبغي أن تكون أمريكية حفاظا على كبرياء الولاياتالمتحدةالأمريكية التي لازالت تنظر إلى نفسها كرأس حربة للنظام العالمي! مشروع قرار مجلس الأمن طرح بالتزامن مع وجود مفاوضات ومساعي أمريكية للتوصل إلى حل ومن غير المستساغ بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية أن يكون الحل أمميا لأن أمريكا كما سلف الذكر ترى في نفسها الآمر والناهي الوحيد في العالم الذي يستطيع إعطاء الضوء لشن الحروب ووقفها ولا توجد أي قوة في العالم تستطيع تحييدها أو محاولة فرض قرار معين دون رضاها وموافقتها! دونالد ترامب ومن خلفه الدولة العميقة في الولاياتالمتحدةالأمريكية يراهنان على مساعي المبعوث الأمريكي الذي قام بزيارة لبنان وسيقوم غدا بزيارة إسرائيل لإيجاد حل يحفظ ماء وجه نتايناهو وصورة الجيش الاسرائيلي الذي دمر وخرب وقتل وجوع وهجر السكان في غزة في ولبنان دون أن يحقق أهدافه الاستراتيجية باستثناء سلسلة الاغتيالات التي طالت قيادات كبيرة في حزب الله اللبناني وفي حركة المقاومة حماس! الولاياتالمتحدةالأمريكية في مأزق لأن الحرب استنزفتها واستنزفت الكيان الاسرائيلي وأضرت بصورة الديمقراطية وحقوق الإنسان في الغرب وفي أوروبا ومرحلة ترامب ستركز على كيفية تعويض الخسائر الفادحة التي تكبدها الطرفين بالنظر إلى كلفة الحرب التي فشلت في تغيير الشرق الأوسط القديم بشرق أوسط جديد وهنا ستتجه أنظار ترامب بدون أي شك إلى دول الخليج التي باركت الحرب ووفرت لها الغطاء الاعلامي والسياسي كما بدا واضحا مند غزوة السابع من أكتوبر لدفع الفاتورة! الحرب ستتوقف في غضون الأيام المقبلة وبقرار أمريكي على أعلى مستوى ومصير نتيناهو سيكون بيد دونالد ترامب خصوصا وأن جزءا كبيرا من المجتمع الاسرائيلي فقد تقته في الحكومة والجيش بعد أن استحال عليهما تأمين شمال إسرائيل من صواريخ المقاومة التي زرعت في قلوبهم الرعب وأدخلتهم للملاجئ في المرحلة الأولى من الحرب وفرضت عليهم الفرار في مراحل لاحقة دون الحديث عن الضغوط الكبيرة التي يمارسها الإعلام وأسر الأسرى والقتلى مند بدأ الحرب إلى حدود اليوم! اعتقد بأن الربح الوحيد في هذه الحرب هو تدمير قطاع غزة وجنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت وإبادة آلاف النساء والاطفال بدون أي رحمة وبدون أي مراعاة للقانون الدولي الإنساني (اتفاقيات جنيف الأربع). أما بالنسبة لاغتيال حسن نصر الله او هاشم صفي الدين أو يحيى السنوار أو اسماعيل هنية فهؤلاء جميعا نذروا أنفسهم للاستشهاد ورحلوا إلى مثواهم الأخير كما رحل الرعيل الأول من المقاومين والدليل على ذلك أن موتهم جميعا لم ينهي المقاومة في لبنان وفي قطاع غزة بل زاد من مناعتها وقوتها وشراستها ويكفي تأمل ما صدر اليوم من تصريحات قوية على لسان الأمين العام لحزب الله وفي بلاغات حركة حماس أيضا.