تخوف كبير من مستقبل ومصير مجهول ينتظر أسر الحرفيين المتواجدين بالسوق القديم بمدينة بنسليمان، بعد أن شرعت مؤخرا شركة العمران في تهيئ وتجهيز القطعة الأرضية التي تتواجد بها محلات المهنيين، وذلك من أجل إقامة مشروع سكني فوقها. ورغم الأشغال الجارية حاليا بهذا المشروع، فإن الحرفيين ما زالوا يزاولون أنشطتهم بشكل عاد دون أن يكلف المسؤولون بالإقليم وممثلي الشركة المشار إليها عناء الاتصال بهم و الجلوس إلى طاولة الحوار من أجل إيجاد حل لهذا الموضوع الذي من المنتظر أن يعرف بعض التطورات في حالة ما إذا قامت الجهات المسؤولة والمعنية بمعالجته بشكل أحادي و على حساب الحرفيين الذين قضوا حوالي 30 سنة وهم يزاولون أنشطتهم المتمثلة في الحدادة و التلحيم وصناعة الرخام ...بعد أن تم ترحيل بعضهم سنة 1981 من شارع الحسن الثاني ومنحهم محلات بهذا المجمع الحرفي، إثر اتخاذ المسؤولين آنذاك لقرار يقضي بإعادة تأهيل وتهيئ المدينة من جديد، حيث ترك هؤلاء حينذاك محلاتهم التي توجد في مواقع استراتيجية وهامة بالمدينة، والتي تصل سومتها حاليا لحوالي 300 مليون للمحل الواحد حسب تصريحات بعضهم ل«الاتحاد الاشتراكي» ويقارب عدد محلات الأنشطة الصناعية المجاورة لحي لالة مريم 2 والحي الحسني حوالي 40 محلا تزاول فيها مختلف الأنشطة الحرفية من حدادة وتلحيم ونجارة وصناعة الرخام... ويكتري الحرفيون هاته المحلات والأماكن من المجلس البلدي و يقومون بتأدية واجبات الجبايات المحلية المفروضة عليهم ومنهم من يتوفر على السجل التجاري ويقوم بتشغيل يد عاملة مهمة من أبناء المدينة. ويستقطب هؤلاء الحرفيون زبناءهم من المدينة ومن مختلف المناطق المجاورة لها، منذ أن كان سوق أربعاء بنسليمان يقام بالمنطقة قبل أن تعمد السلطات إلى ترحيله إلى جماعة الزيايدة منذ حوالي 10 سنوات في إطار الاتفاقية المبرمة ما بين هذه الأخيرة وبلدية بنسليمان. وقد ظل مكان السوق القديم عبارة عن أرض خلاء إلا من الحرفيين و بائعي المتلاشيات وبعض الإسطبلات والمساكن العشوائية وكذا بائعي الخضر بالجملة. علما بأن هذه القطعة الأرضية التي تبلغ مساحتها حوالي 11 هكتارا تم تفويتها إلى شركة العمران لإقامة مشروع سكني فوقها «رياض بنسليمان» يحتوي على سكن اجتماعي وعمارات و مساكن بالإضافة إلى بعض المرافق و المساحات الخضراء. وعرفت عملية تفويتها صراعا معلنا وخفيا بين مؤسسة العمران و المسؤولين بالمجلس البلدي للمدينة، وأدى ذلك إلى تأخر انطلاق المشروع السكني، فهل ترتبت عن عملية التأخر هاته بعض الجزاءات أم أن الشركة المعنية تحظى بمكانة خاصة لدى المسؤولين؟ وقد علمت الجريدة في هذا الصدد أن بلدية بنسليمان رفضت في أول الأمر الترخيص للشركة بإنجاز مشروعها معللة قرارها بضرورة قيام هذه الأخيرة بإيجاد حل لكل الذين لا يزالون يتواجدون فوق القطعة الأرضية المشار إليها ومن ضمنهم الحرفيون. لكن شروع مؤسسة العمران مؤخرا في حفر القنوات وتهيئ الأرض قصد تجهيزها يبين أن المشروع السكني قد عرف انطلاقته الحقيقية بعد تأخر دام مدة طويلة. غير أن هذه الانطلاقة لم تراع وضع المتواجدين فوق البقعة الأرضية موضوع المشروع السكني، ولم تبادر أية جهة لإيجاد حل لهؤلاء. بل أن أصحاب المشروع عمدوا إلى تضييق الخناق على المتواجدين بالسوق القديم وبادروا إلى محاصرة المكان من خلال حفر قنوات كبيرة وعميقة دون مراعاة حقوق الحرفيين في ضمان عيشهم وقوتهم اليومي من خلال مزاولتهم لأنشطة صناعية وحرفية مختلفة والتي بواسطتها يؤمنون الحياة والعيش الكريم لأسرهم التي يعيلونها. وتجدر الإشارة إلى أن منطقة الأنشطة الصناعية التي تم إحداثها بجوار ضريح الولي الصالح سيدي امحمد بن سليمان بهدف تجميع الحرفيين بها قد زاغت عن أهدافها وعرفت عدة خروقات وتلاعبات، حيث استفاد منها أشخاص لا تربطهم بعالم الحرف أية علاقة، في حين تم تهميش وإهمال طلبات الحرفيين الذين أنجزت من أجلهم تلك المنطقة. بل إن عملية الاستفادة من قطع أرضية بها تمت عن طريق الزبونية والمحسوبية وتمكن بعض المستشارين الجماعيين وبعض المحسوبين على المسؤولين وكذا بعض القاطنين خارج الإقليم، من ضمان بقع أرضية بالمنطقة الصناعية. وتحول الهدف والغرض من إقامة هذه المنطقة بقدرة قادر من مكان لاستيعاب الحرفيين بالمدينة وتنظيمهم بها لمزاولة أنشطتهم المهنية إلى مكان يضم شركات و مساكن ومستودعات لتخزين بعض منتوجات ومبيعات الشركات المتواجدة خارج الإقليم. ويأمل الحرفيون في أن يقوم المسؤولون بتصحيح الأخطاء التي وقع ضحيتها الحرفيون بالمنطقة الصناعية والعمل على إيجاد حل لمشكلهم بما يضمن حقوقهم ويراعي وضعيتهم في إطار مشروع «عملية رياض بنسليمان».