لا يمكن لأي متتبع للشأن المحلي ببنسليمان أن ينفي أو ينكر أن مشروع المنطقة الصناعية الذي تم إحداثه بجوار ضريح الولي الصالح سيدي امحمد بن سليمان، قد عرف فشلا و تعثرا كبيرا و أن المسؤولين بالبلدية و كذا بالسلطات الإقليمية الذين كانوا وراء فكرة إنشاء منطقة للأنشطة الصناعية بالإقليم، قد باعوا الأوهام و الأحلام لفئة كبيرة من الحرفيين و العاطلين بادعائهم أن المشروع المذكور سيخلق ما يزيد عن 4000 منصب شغل، و يساهم في تأهيل و تحقيق التنمية بالمدينة. و هو مشروع استغل في الانتخابات الجماعية و التشريعية لعدة مرات و أوصل البعض منهم إلى الحصول على مقعد بالبرلمان و كذا تدبير شؤون المدينة. لكن منطقة الأنشطة الصناعية التي تم إحداثها بشراكة ما بين بلدية ينسليمان و جهة الشاوية ورديغة و وزارة الطاقة و المعادن بتخصيص حوالي 17 هكتارا لإنجازها عبر أشطر و تم صرف أموال طائلة على بنيتها التحتية (400 مليون لقنوات الصرف الصحي) لم تحقق أهدافها، المتمثلة في امتصاص البطالة و خلق مناصب الشغل للعاطلين و كذا ترحيل الحرفيين من وسط المدينة بتمكينهم من بقع أرضية بالمنطقة الصناعية. وذلك راجع بالأساس لعدة عوامل و اختلالات، و كذا إلى العشوائية و السرعة في إحداث هذه المنطقة دون تهييء الدراسة و الشروط الضرورية لها. فالشطر الأول الذي تم تدشينه سنة 2006 لايزال متعثرا و عملية توزيع البقع على المستفيدين به تمت عن طريق الزبونية و المحسوبية حيث استفاد منها بعض المنتخبين و الموالين و كذا البعض ممن لا تتوفر فيهم الشروط الضرورية للحرفيين و لا تربطهم بالإقليم أية علاقة ، مع العلم أن شرط الاستفادة كان يرتكز على أن تعطى الأولوية في الاستفادة لأبناء المنطقة. لكن الغريب في الأمر هو أنه و عوض أن يقوم المستفيدون بإقامة محلات لمزاولة أنشطة صناعية وخلق مناصب للشغل، فإذا بهم يستغلون هذه الاستفادة من البقع التي تراوحت أمتارها ما بين 170 و 400 متر لإقامة مبان للسكن و كذا تحويل المحلات الصناعية إلى مستودعات لتخزين المواد الأولية و المنتوجات لبعض الشركات المتواجدة بالمدن المجاورة، مما ضيع فرصا على الحرفيين و الشباب العاطل بالمدينة الذي كان يأمل حسب ما و عد به المسؤولون، أن تقام بالمنطقة المذكورة شركات تخلق فرصا للعمل. لكن أحلامه و متمنياته ذهبت أدراج الرياح. فبالبقع الأرضية التي تم توزيعها إلى حدود 2013 هي 182 بقعة أرضية بالمنطقة المشار إليها، 34 منها فقط هي التي انتهت الأشغال بها في حين أن باقي البقع لم تعرف نهايتها الطبيعية بها، و أصبحت عبارة عن أطلال لم يستطع أصحابها إتمام المشاريع بسبب العراقيل التي انتصبت أمامهم و من بينها التسوية العقارية حيث كان هؤلاء يراهنون على الحصول على الرسم العقاري لبقعهم من اجل الاستفادة من بعض القروض التي تمكنهم من تحقيق مشاريعهم.لكن اصطدموا بمشكل التسوية العقارية الذي لايزال عالقا بسبب الاختلاف ما بين مؤسسة العمران صاحبة مشروع المنطقة الصناعية و المحافظة العقارية نتيجة تأخر الأولى في تسديد ما بذمتها لفائدة الأملاك المخزنية في ما يخص عقد بيع البقع الأرضية بمنطقة الأنشطة الصناعية. هذه الوضعية دفعت بالبعض من المستفيدين إلى توقيف الأشغال في انتظار حل مشكل التسوية العقارية أو بيع البقع إلى بعض المستثمرين من خارج الإقليم ، و هو ما جعل أن معظم البنايات المقامة بالأنشطة الصناعية هي في ملكية أشخاص ليسوا هم المستفيدون الأصليون من تلك البقع. تعثر و فشل مشروع المنطقة الصناعية فند كل الإدعاءات التي راجت حول تشغيل جيوش العاطلين، حيث أنه رغم مرور حوالي 8 سنوات على تدشين المنطقة الصناعية، فإن الأنشطة التي راهن عليها المسؤولون في تحريك عجلة التنمية بالمنطقة و امتصاص البطالة التي تزايدت نسبتها بالمدينة لم يظهر لها أي أثر. و لتدارك الوضع غير الطبيعي بهذا المشروع بادر كل من المجلس الإقليمي و المجلس البلدي إلى خلق لجن من المنتخبين و المسؤولين لرصد الاختلالات و إيجاد الحلول للمنطقة الصناعية و كذا تفعيل الأهداف التي من أجلها أحدثت، لكن تبين بعد ذلك أن هاته اللجان كانت صورية حيث أنها و لحد الآن لم تقم بالمهمة المنوطة بها. و ما يثير الاستغراب هو أنه رغم تعثر الشطر الأول من المنطقة الصناعية، فإن المسؤولين بالإقليم يحاولون إتمام المشروع بإنجاز الشطر الثاني على مساحة 4 هكتارات و الذي سوف يكلف مبالغ مالية مهمة دون تحقيق الأهداف المسطرة له ، حيث هناك مشكل ربطه بالماء الصالح للشرب و الذي قد تصل تكلفته إلى 200 مليون. الاختلالات التي شابت مشروع المنطقة الصناعية تتطلب من الجهات المسؤولة و المعنية فتح تحقيق في الموضوع لمحاسبة المسؤولين عن فشل هذا المشروع. و في الوقت الذي كان المواطنون ينتظرون قيام المسؤولين بالإقليم باتخاذ الإجراءات الضرورية لتصحيح الوضعية بالمنطقة الصناعية، و كذا الانكباب على بعض الملفات الثقيلة و العالقة، فإذا بهم يجدونهم منهمكين و مهتمين بتلميع واجهة المدينة بإقامة النافورات وتحسين الفضاءات الخضراء بالشارع الرئيسي و ببعض الأماكن المتواجدة في الواجهة.