ينعقد المؤتمر الإقليمي الثاني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ببنسليمان يوم 29 مارس 2015، في إطار ظروف وسياقات متعددة. فقد مرت أربع سنوات على دستور 2011 الذي تضمن مجموعة من القواعد والقوانين الدستورية المتقدمة والمؤطرة لمختلف السلط، والرامية إلى الدفع بعجلة الإصلاح في اتجاه النهوض بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والثقافية... ولا يمكن لأي أحد، في هذا الصدد، أن يجادل في أن ما جاء به الدستور الجديد من تقدم في الإصلاحات السياسية والدستورية، وهو نتاج و ثمرات كفاح ونضال مستمر للأحزاب التقدمية والديمقراطية وفي مقدمتها حزب القوات الشعبية الذي قدم تضحيات كبيرة منذ عقود خلت من أجل إرساء الديمقراطية والكرامة والحرية ببلادنا، لكن وصول حكومة محافظة بقيادة حزب العدالة والتنمية لتدبير الشأن العام والتي نسفت طموحات المواطنين و خيبت آمالهم بإجهازها على المكتسبات التي حققتها حكومة التناوب بقيادة أخينا المجاهد عبد الرحمان اليوسفي ، أطال الله في عمره، وبتماطلها في التنزيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور الجديد، وهو ما أدى إلى تعطيل الإقلاع الحقيقي لعجلة التنمية ببلادنا، حيث بصمت المرحلة الأخيرة لتسيير الشأن العام على حجم النكوص والتراجعات التي طالت مختلف المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية والثقافية. ونزل الخطاب السياسي للحزب الأغلبي إلى أدنى مستوياته، خاصة في مؤسسة البرلمان الدستورية مما خلف امتعاضا لدى المواطنين قد يدفعهم إلى هجر السياسة والعزوف عن ممارستها. هذا التوجه المحافظ أبان، مع مرور الأيام، عن أنه يفتقد إلى رؤية سياسية واضحة وإلى برامج اقتصادية واجتماعية التي تمنح أملا للمواطنين في المستقبل. إن حزبنا مدعو اليوم إلى التعبئة والوقوف في وجه هذا المشروع الذي التف على جميع المكتسبات التي حققتها بلادنا خلال السنوات الأخيرة، والتي ساهمت في تحقيقها الحركة الاتحادية والقوى الديمقراطية. وهو مطالب بتجاوز هذه المرحلة الصعبة باعتباره دعامة أساسية للديمقراطية والحداثة، وذلك باقتراح مشروع اقتصادي واجتماعي للإجابة عن انتظارات المواطنين، وعن كل الأسئلة المقلقة التي تشغل بال ساكنة الإقليم. ينعقد المؤتمر الإقليمي أيضا في أفق التحضير للانتخابات الجماعية و الجهوية و المهنية التي تستعد بلادنا لإجرائها خلال السنة الحالية، وتكتسي هذه الاستحقاقات أهمية بالغة بالنسبة لحزبنا الذي هو مطالب كذلك ببلورة مخطط تنموي للنهوض بأوضاع الإقليم الذي يعرف إشكاليات حقيقية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية ،رغم أنه يتوفر على مؤهلات طبيعية وبشرية هائلة لو استثمرت بالشكل الأمثل لجعلته في مصاف الأقاليم التي تعرف إقلاعا تنمويا حقيقيا. هذه الاستحقاقات تطرح على حزبنا مجموعة من التحديات على المستوى الإقليمي. فمن جهة علينا أن نتعبأ ونهيء أنفسنا بالشكل المطلوب الذي تنتظره ساكنة الإقليم من خلال تقديم مرشحين يتسمون بالمصداقية والكفاءة لينالوا ثقة الناخبين. ومن جهة أخرى تقديم البديل و مقترحات مشاريع تنموية تعبر عن انتظارات السكان وتتجاوز الاختلالات والنقائص التي يعاني منها الإقليم. مر إقليم بنسليمان، منذ إحداثه، بمراحل وفترات جد معقدة، فقد أريد له أن يكون ضيعة لذوي النفوذ بحكم المصالح الاستراتيجية، حيث شكلت هذه الوضعية عرقلة حقيقية للتنمية. فجل المسؤولين الذين تعاقبوا على تدبير شؤونه كانوا يهتمون فقط برعاية وحماية مصالح تلك الجهات و تهميش و إهمال حاجيات الساكنة، مما جعلها تعيش هشاشة اجتماعية و تعرف ارتفاعا في نسبة الأمية و الجهل. وعرف الإقليم تعثرا في الإقلاع التنموي وتفاوتا ملحوظا بين مناطقه على مستوى مؤشر التنمية. فإذا كانت المراكز الحضرية و المناطق المحيطة، تتلمس الطريق في اتجاه تحقيق التنمية المنشودة، فإن بعض الهوامش والمناطق النائية مازالت تعاني من ضعف كبير على مختلف المستويات والمجالات. وهذا ما ينطبق على منطقة ازعير، أي الجماعتين القرويتين سيدي بطاش وبئر النصر اللتين تفتقران لأبسط شروط العيش حيث العزلة والتهميش والإهمال وانعدام وتدني الخدمات الأساسية. نفس الشيء يمكن أن يقال عن منطقة أحلاف والمذاكرة وبعض الجماعات الأخرى التي تتميز بتضاريس وعرة، حيث أن غياب الاهتمام بهاته المناطق جعل السكان يعيشون أوضاعا جد مزرية في غياب وجود البنية التحتية الأساسية. فالمسالك القروية قليلة جدا في بعض الجماعات ومنعدمة في بعضها الآخر. وأغلبها غير صالح للاستعمال، خاصة عند تهاطل الأمطار حيث يضرب على المناطق المذكورة حصار شامل يجعلها في عزلة شبه تامة. التعليم والتكوين المهني يعرف قطاع التعليم مشاكل بنيوية أثرت بشكل كبير على التحصيل والدراسة وساهمت في ارتفاع نسبة الهدر المدرسي. فبنية الاستقبال لا تتماشى وحجم المتمدرسين الذين يبلغ عددهم 45260 تلميذا وتلميذة منهم 26254 يتواجدون بالوسط الحضري و19006 بالوسط القروي، موزعين على 60 قسما للتعليم الأولي منها 43 بالوسط القروي وكذا 60 مؤسسة ابتدائية منها مؤسسة جماعاتية واحدة توجد بسيدي بطاش، و16 ثانوية إعدادية و6 ثانويات تأهيلية و23 مؤسسة تعليمية خصوصية. أما هيأة التدريس بالإقليم فيبلغ عددها 1698 أستاذا وأستاذة لمختلف الأسلاك التعليمية، بالإضافة إلى 202 مدير تربوي. والإقليم لا يتوفر سوى على 12 داخلية تبلغ طاقتها الاستيعابية 1568 سريرا و5 دور للطالب والطالبة توفر الخدمات لفائدة حوالي 320 تلميذا و تلميذة. ويتوفر الإقليم على106 مطاعم مدرسية بالابتدائي، يستفيد منه 11000 تلميذ و تلميذة. كما توجد به حوالي 15 حافلة للنقل المدرسي تتوزع على عشر جماعات. ويتضح من خلال الأرقام المشار إليها، أن الإقليم لايزال يعاني من ضعف بنية الاستقبال خاصة على مستوى الإعدادي و الثانوي ،و ذلك مقارنة مع العرض التربوي الذي بدأ يتسع في هذين السلكين التعليميين. مما ينتج عن ذلك الاكتظاظ في الأقسام. كما أن هناك خصاصا مهولا في الموارد البشرية. فعدد 1698 أستاذة وأستاذا غير كاف لتدريس ما يزيد عن 45000 تلميذ وتلميذة. ويلاحظ أيضا أن بنية الاستقطاب في مجال الدعم المدرسي والمتمثلة في الداخليات ودور الطالب لا تكفي لإيواء التلاميذ والتلميذات، الشيء الذي أدى إلى ارتفاع الهدر المدرسي والانقطاع عن الدراسة خاصة في صفوف الفتيات بالوسط القروي. إن قطاع التعليم بالإقليم يعاني من انتشار ظاهرة الأقسام المشتركة والاكتظاظ، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على جودة التعليم، إضافة إلى النقص الحاصل في التجهيزات الأساسية ببعض المؤسسات التربوية المحدثة. وعدم ربط بعضها بالبنية التحتية والمرافق الضرورية كالكهرباء و الماء الصالح للشرب و المرافق الصحية. و هي كلها عوامل و معيقات تساهم في التعثر الدراسي و في تدني مستوى التعليم. كما يفتقد الإقليم لنواة جامعية ، فعدد طلبة الإقليم الملتحقين بالسلك الجامعي في تزايد مستمر، حيث يقصد هؤلاء الجامعات و المعاهد المتواجدة بالمدن المجاورة. وتصطدم طموحات الطلبة في متابعة دراساتهم الجامعية بمجموعة من المشاكل والعراقيل التي تنتصب أمامهم، ومنها معاناتهم مع وسائل النقل و البحث عن كراء مساكن بالقرب من المؤسسات التي يدرسون بها. هذه الإكراهات تساهم هي أيضا في انقطاع الطلبة عن الدراسة. وعلى مستوى التكوين المهني، هناك معهدان متخصصان للتكنولوجيا التطبيقية ببنسليمان وبوزنيقة يستفيد منهما ما يزيد عن 1000 من التلاميذ و الطلبة في مجال التكوين في بعض التخصصات. بالإضافة إلى معهد مركز للتكوين ملحق بالسجن المحلي. لكن غياب الداخليات بهذين المعهدين يخلق مشاكل كثيرة ومعاناة كبيرة للمستفيدين، خاصة أن غالبية الذين يفدون عليهما ينحدرون من الوسط القروي و المناطق النائية، حيث يجدون صعوبة في متابعة تكويناتهم بسبب المعاناة مع التنقل والسكن. كما أن عدم وجود فرص للشغل بعد تخرج هؤلاء يطرح أيضا تساؤلات عديدة حول الجدوى من تكوين هؤلاء إذا لم يتم توفير فرص للعمل وخلق وحدات صناعية بالإقليم للاستفادة من خبراتهم والتقليص من نسب البطالة في صفوف حاملي دبلومات التكوين. وقد أدت هذه العوامل مجتمعة إلى ارتفاع نسبة البطالة بالإقليم لدى الشباب الحاصل على شواهد دراسية، بسبب غياب فرص للشغل نتيجة قلة الاستثمار، مما يجعله عرضة للضياع و الانحراف، ويدفعه نحو ممارسة بعض الأفعال الإجرامية لتغطية مصاريفه اليومية. الصحة العمومية ما يقال عن قطاع التربية والتكوين، ينطبق على قطاع الصحة العمومية الذي يعاني من مجموعة من الأوضاع غير السليمة التي تخلق مشاكل ومعاناة للمواطنين الذين يقصدون المستشفى الإقليمي والمراكز الصحية للتطبيب والعلاج نتيجة افتقار القطاع لمجموعة من المقومات، سواء على مستوى البنية التحتية أو بنية الاستقبال أو على مستوى الموارد البشرية. فإقليم بنسليمان يتوفر على مستشفى إقليمي به 40 سريرا، ويعمل به 26 طبيبا من بينهم 16 طبيبا مختصا في الجراحة والقلب والتوليد والجلد وطب الأطفال والأذن والجهاز الهضمي... أما عدد الممرضين به فيصل إلى حوالي 56 ممرضا وممرضة. ويوجد به مختبر للتحليلات الطبية ومركز الأشعة بالصدى. وعلى مستوى المراكز الصحية، فيتواجد بالإقليم 24 مركزا صحيا يتوزعون على مختلف الجماعات الحضرية والقروية (دائرة بنسليمان، دائرة بوزنيقة، دائرة المنصورية) يقوم بتقديم الخدمات الصحية بهاته المراكز الصحية ما يزيد عن 80 ممرضا و40 طبيبا. بالإضافة إلى ذلك فقد أحدث مؤخرا بمدينة بنسليمان مركز لتصفية الدم يوجد به 14 سريرا ويعمل به 3 أطباء و13 ممرضا وممرضة من ضمنهم 9 متعاقدين. وبالنظر إلى الأرقام المشار إليها أعلاه، فإن واقع القطاع الصحي بالإقليم لايزال يعاني من اختلالات كبيرة. ومن بينها النقص الملحوظ في الموارد البشرية. فإذا قارنا عدد الأطر العاملة بهذا القطاع بالساكنة التي يضمها الإقليم والتي تتجاوز 200 ألف نسمة، فعدد 40 سريرا غير كاف لاستقبال المواطنين الذين يفدون على المستشفى الإقليمي للتطبيب والعلاج. كما أن النقص الحاصل في المعدات والآلات الطبية في بعض التخصصات يخلق معاناة كبيرة للمرضى مما يدفعهم ويضطرهم إلى التنقل إلى المدن المجاورة لإجراء الفحوصات الطبية الضرورية والاستفادة من التشخيص الطبي بالآلات الطبية المتطورة. نفس الشيء يمكن أن نلاحظه في مجال التوليد ، حيث هناك خصاص ونقص في المولدات ببعض المراكز الصحية المتواجدة بالجماعات القروية، مما يخلق ضغطا على جناح طب النساء و التوليد. فيضطر المسؤولون عنه إلى توجيه النساء المقبلات على الولادة إلى المستشفيات المتواجدة بالمدن المجاورة. أما المراكز الصحية بالوسط القروي فتوجد بنيتها التحتية في وضعية جد مزرية وتفتقر إلى أبسط الوسائل والشروط الضرورية لتوفير العلاج والخدمات الطبية للمرضى بهذه المناطق النائية. وهو ما يتطلب القيام بشراكات فعالة ما بين الجماعات القروية و قطاع الصحة للنهوض بأوضاع القطاع. بالإضافة إلى التراجع الملحوظ في القيام بالحملات التحسيسية التي دأب المسؤولون بالقطاع على تنظيميها بمختلف المراكز الصحية والأسواق لتوعية الساكنة بمخاطر بعض الأمراض. القطاعات المنتجة وقطاع الخدمات الفلاحة يلعب هذا القطاع دورا مهما في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث أن حوالي 68% من ساكنة الإقليم تعيش في العالم القروي وترتبط بشكل ملحوظ مع هذا القطاع. وقد كان بالإمكان أن يحقق هذا القطاع الأهداف المنشودة المتمثلة في تحقيق الأمن الغذائي وتحسين مستوى وظروف عيش السكان وإنعاش الشغل والمحافظة على البيئة، لو استغلت المقومات التي يتوفر عليها الإقليم بالشكل المطلوب، حيث أنه يتوفر على جودة عالية للأراضي الفلاحية، تبلغ مساحتها حوالي 150.000 هكتار صالحة للزراعة وعلى مناخ معتدل يساعد على إقامة زراعات مختلفة. بالإضافة إلى قطاع الماشية الذي يعتمد عليه في إنتاج الحليب واللحوم. لكن هذا القطاع يعرف عدة مشاكل وعوائق تحد من تطلعاته. نذكر منها غياب التجهيزات الهيدروفلاحية كالسدود، خصوصا وأن المنطقة عرفت خلال السنوات الأخيرة ضعفا في التساقطات المطرية مما انعكس سلبا على المنتوج الفلاحي بالإقليم الذي يعتمد بشكل كبير على الفلاحة البورية، بالإضافة إلى غياب التمويل والتأطير والتنظيم. ورغم المجهودات المبذولة في إطار برامج مخطط المغرب الأخضر للنهوض بأوضاع الفلاحين، إلا أن سوء تدبير هذا الجانب خلق مشاكل ومعاناة كبيرة لهم. فعملية الاستفادة من الدعم الممنوح و قبول المشاريع تتم عن طريق الزبونية والمحسوبية. كما أن المساطر المتبعة للتمويل تشكل عرقلة حقيقية لإنجاز المشاريع. وفي غياب التتبع والمواكبة من طرف المسؤولين تبقى مشاريع مخطط المغرب الأخضر دون المستوى المطلوب. الثروة الغابوية رغم توفر الإقليم على غطاء غابوي مهم يصل إلى حوالي 85000 هكتار، أي بنسبة 20% من المساحة الإجمالية للإقليم، فإنه لم يتم استغلال هذه الثروة الغابوية في الاستثمار لتحقيق التنمية. بل إن هذا الغطاء الغابوي، في غياب المحافظة عليه ومراقبته،فإنه يتجه نحو تدمير مقوماته بفعل مجموعة من العوامل والتصرفات العشوائية التي تضر بالثروة الغابوية. وتتوزع المساحات الغابوية على الجماعات القروية (عين تيزغة 9673 هكتارا، الزيايدة 5916 هكتارا ، أحلاف 6673 هكتارا، بئر النصر 13446 هكتارا، سيدي بطاش 10267 هكتارا، مليلة 6081 هكتارا، المنصورية 1183 هكتارا...) وتضم عدة أصناف من الأشجار. فالبلوط الفليني الذي يعد من أجود الأصناف في العالم يغطي مساحة 21175 هكتارا. أما العرعار فمساحته 15310 هكتارات. وتتوزع باقي الأصناف على المساحة المتبقية. غابة بنسليمان تلعب دورا رئيسيا في المحافظة على البيئة ومحاربة التصحر وتحسين المحيط البيئي. وتعتبر ملجأ للوحيش ولأنواع فريدة من الطيور والأعشاب البرية. وتعد موردا ماليا مهما لمجموعة من الجماعات القروية، حيث تضخ مبالغ مالية مهمة في مداخيلها. بالإضافة إلى ذلك فإنها تلعب دورا اجتماعيا من خلال خلق فرص موسمية للشغل تقدر بما يزيد عن 200000 يوم عمل. وتلعب دورا اقتصاديا من خلال إنتاج خشب الصناعة وحطب التدفئة والأعشاب الطبية و توفير الكلأ للماشية. وتقدر مداخيلها سنويا بحوالي 8 ملايين درهم. وفي مجال القنص فإن غابة بنسليمان تعد من أهم المناطق المغربية التي تحتوي على مساحات غابوية صالحة للقنص، تقدر بحوالي 70000 هكتار تنشط بها عدة جمعيات للقنص، لكونها تشكل ملجأ للعديد من الحيوانات البرية، حيث يتوافد عليها عدد كبير من هواة القنص من مختلف مناطق البلاد. وتعتبر عملية القنص موردا اقتصاديا مهما، تساهم في خلق فرص الشغل وكذا إنجاز بعض المشاريع والتجهيزات الأساسية بها من طرف جمعيات القنص كإقامة وإصلاح المسالك القروية، وبناء القناطر وتشغيل اليد العاملة من حراس و.... ويمكن الاستثمار في المجال الغابوي لتحقيق التنمية من خلال تربية الطرائد وتكثيف التشجير وتنمية الوحيش و العناية بمحتويات الغابة من أشجار ونباتات وأعشاب طبية قصد استثمارها في المجال الاقتصادي. بالإضافة إلى إقامة محميات غابوية لاستثمارها في المجال السياحي وإقامة مراكز للتخييم بالغابة خاصة في فصل الربيع. وكذا الاستثمار في مجال تربية النحل وتربية الحجل... وفي المجال السياحي أيضا يمكن الاستثمار في خلق بعض المرافق والمنتزهات الغابوية في بعض المناطق التي تتميز بمواقع استراتيجية وبمؤهلات سياحية قصد جلب السياح للنزهة والترفيه والتمتع بهواء ومناظر الغابة الخلابة. وإذا كانت غابة بنسليمان تعد ثروة وطنية وتؤرخ لنشأة الإقليم، و تجعل منه إقليما متميزا من الناحية المناخية و البيئية وكذا من ناحية جمالية الطبيعة لدرجة أطلق بعض المهتمين بالمجال البيئي والسياحي على عاصمة الإقليم، بنسليمان »إفران الشاوية« أو »المدينة الخضراء«، فإن ما يلاحظ هو أن هذه الثروة الغابوية تتجه نحو التدهور بسبب غياب العناية والحراسة والمراقبة. فقد أصبحت بعض الظواهر تهدد الغابة كالقطع العشوائي المستمر لأشجارها، والرعي الجائر الذي يؤدي إلى تدمير الأشجار والأعشاب، بالإضافة إلى السياحة العشوائية وإفراغ الشاحنات للنفايات ومخلفات البناء في وسطها وكذا رمي الأزبال بمحيطها مما ساهم في تشويه منظرها وتلويث بيئتها، الشيء الذي يهدد تواجدها ويؤدي إلى الإخلال بالدور الذي تلعبه و المتمثل في محافظتها على التوازن البيئي والتنوع البيولوجي ومحاربة التصحر. القطاع السياحي يتميز إقليم بنسليمان بمناخ معتدل ويتوفر على غطاء نباتي مهم و تنوع بيولوجي متميز، وله مؤهلات سياحية يمكن أن تجلب مستثمرين للاستفادة من هذه الامتيازات والمساهمة في تنمية الإقليم اقتصاديا واجتماعيا الذي يجمع بين مجموعة من المنتوجات السياحية: فهناك السياحة البيئية بفضل المساحات الغابوية التي يتوفر عليها الإقليم و المقدرة ب22,7% من المساحة الإجمالية له. بالإضافة إلى السياحة الشاطئية لكونه يتميز بشاطئ جميل يمتد على مسافة 35 كيلومترا. فضلا عن وجود أنشطة ترفيهية تتمثل في الصيد ورياضة الكولف وركوب الخيل. لكن رغم ما يتميز به الإقليم من مؤهلات سياحية كبيرة فإن مجال التنمية السياحية يعرف تأخرا ملحوظا بسبب هزالة الطاقة الإيوائية وعدم توفر الإقليم على وحدات فندقية لتشجيع الخواص على الاستثمار في المجال السياحي، وكذا انتشار ظاهرة الاستغلال العشوائي للواجهة البحرية التي انتشرت بها المباني والمساكن العشوائية التي أغلقت كل المنافذ المؤدية إلى الشاطئ. في المجال الصناعي يعرف الإقليم تراجعا في قطاع الصناعة. فالمنطقة الصناعية لبوزنيقة كانت هي نقطة الضوء الوحيدة في المجال الصناعي، والتي استطاعت أن تخلق استثمارا وأن تستقطب يدا عاملة مهمة. لكن إغلاق شركة ليوني (فاليو سابقا) التي كانت أهم وحدة إنتاجية والتي ساهمت في خلق فرص للشغل واستقطبت ما يزيد عن 3000 يد عاملة، إغلاقها كان بمثابة ضربة موجعة وجهت إلى شباب الإقليم حيث تشريد وضياع العديد من الأسر. وكان بالإمكان تفادي هذه الوضعية لو قام المسؤولون بالتدخل لحل المشاكل التي كانت قائمة آنذاك بين ممثلي الشركة وبعض ممثلي العمال. أما منطقة الأنشطة الصناعية التي تم إحداثها بضواحي بنسليمان والتي راهن عليها المسؤولون والمنتخبون بالإقليم لخلق الاستثمار والمساهمة في التنمية وكذا تشغيل اليد العاملة والتقليص من نسب البطالة، فقد عرفت هي الأخرى تعثرات كبيرة منذ إنشائها حيث أن عملية الاستفادة منها شابتها عدة خروقات، ساد خلالها منطق الزبونية والمحسوبية. فقد استغل البعض هذه الفرصة ليقوم بإنشاء مساكن عوض محلات صناعية وتحولت المحلات إلى مستودعات لتخزين بعض المنتوجات للشركات المتواجدة بالمحمدية والدارالبيضاء. كما أنها تعرف عدة مشاكل على مستوى التحفيظ العقاري بسبب تدخل شركة العمران صاحبة المشروع وعدم احترام المستفيدين للمدة المحددة في دفتر التحملات لانطلاق أنشطتهم الصناعية، مما خيب آمال شباب الإقليم الذي كان يأمل في أن توفر له منطقة الأنشطة الصناعية فرصة للعمل لضمان عيش كريم. قطاع النقل العمومي ` يتخبط قطاع النقل العمومي في مشاكل متعددة. ففي فترات سابقة تم إغراق الإقليم بمأذونيات ورخص سيارات الأجرة الكبيرة من طرف أصحاب النفوذ الذين كانوا متحكمين في الإقليم وكانت تربطهم به مصالح متعددة، وكانوا يعتبرونه ضيعة لهم يخططون له حسب ما يحمي ويحافظ على مصالحهم ووفق ما يستفيدون من خيراته، حيث تم الاستيلاء على الأراضي الخصبة مقابل تمكين البعض من مأذونية سيارات الأجرة التي كانت تمنح بشكل عشوائي مما جعل أسطول هذه الأخيرة يقارب 500 سيارة أجرة. وهو عدد كبير جدا كان له الأثر السلبي على الحرفيين و المهنيين، وجعل قطاع سيارات الأجرة يعرف فوضى كبيرة دون أن تتدخل السلطات لتنظيمه. كما أن بعض المراكز الحضرية تفتقر لمحطة رئيسية خاصة بمدينة بنسليمان عاصمة الإقليم، مما دفع بالمهنيين إلى احتلال بعض الأماكن وجعلها محطات فرعية،وهو ما أدى إلى إحداث الفوضى وعرقلة حركة السير والجولان وكذا خلق الضجيج و إزعاج راحة السكان خاصة ببعض المحطات الفرعية التي تتواجد بها كثافة سكانية مهمة، وتضاعفت مشاكل قطاع النقل العمومي مع استفادة إحدى الشركات من النقل الحضري ومابين الحضري، حيث أصبح القطاع يعيش على إيقاع الصراع والتوتر ما بين مهنيي الطاكسيات وحافلات النقل التي تستفيد من الخطوط المتجهة من عاصمة الإقليم بنسليمان نحو بوزنيقة والمنصورية والمحمدية، وذلك بسبب عدم احترام هذه الأخيرة لدفتر التحملات وتواطؤ المسؤولين مع أصحاب شركة الحافلات لاستغلال الخطوط دون احترام القانون، وتقليص هذه الأخيرة لأسطولها من الحافلات في كثير من الأحيان دون احترام دفتر التحملات وشروط تنقل المواطنين. هذا الوضع كثيرا ما خلق معاناة لمستعملي هذه الحافلات خاصة التلاميذ والطلبة الذين يتنقلون يوميا عبرها إلى المدارس والمعاهد والكليات لمتابعة دراستهم. الفوضى التي يعرفها قطاع النقل العمومي تحتم على المسؤولين التدخل لإيجاد بعض الحلول التي تنظم القطاع من خلال إحداث محطة رئيسية بمواصفات تليق بالمهنيين و المسافرين ،وكذا إعمال القانون ودفع العاملين فيه إلى احترام القانون، والعمل على احترام مبدأ تكافؤ الفرص في الصفقات المتعلقة بالنقل الحضري و مابين الحضري. مجال التعمير والإسكان يعرف مجال التعمير فوضى كبيرة، فقد تناسلت التجزئات السكنية بشكل كبير ومخيف، وتكالب على الإقليم مجموعة من المستثمرين الذين وجدوا الفرصة سانحة للقيام بمشاريعهم دون حسيب ولا رقيب، وقد ساهم التوسع الحضري والتقطيع الإداري وكذا التفويتات التي عرفتها أراضي التعاونيات في تسابق مجموعة من الشركات التي تنشط في مجال التعمير وكذا أصحاب المضاربات العقارية للاستحواذ على القطع الأرضية وأملاك الدولة التي توجد في مواقع جد متميزة بالمجالات الحضرية للإقليم بأثمان جد بخسة وإنشاء سكنيات دون احترام خصوصيات الإقليم ولا احترام قانون التعمير، الشيء الذي ساهم في تشويه المراكز الحضرية بالإقليم. فببوزنيقة انتشرت بشكل فظيع التجزئات السكنية التي شوه بعضها جمال وموقع المدينة خصوصا على الواجهة البحرية، نفس الشيء يقع بالمنصورية وبنسليمان وقد شجع المسؤولون على انتشار هذه الظاهرة حيث وجدها المضاربون في العقار فرصة لتحديد أثمان خيالية لبيع منتجاتهم السكنية في إطار تبادل المصالح بينهم وبين المسؤولين والمنتخبين، دون مراعاة خصوصية وطبيعة الإقليم السياحية والبيئية والمستوى الاجتماعي للساكنة. البنية التحتية الأساسية قطاع النقل والتجهيز يتوفر إقليم بنسليمان على شبكة طرقية سواء على الصعيد الإقليمي أو الجهوي أو الوطني، يبلغ طولها 779 كلم منها 699 كلم معبدة 58 منها في حالة ما بين الجيدة و المتوسطة و هي موزعة على الشكل التالي: الطريق الوطنية: يبلغ طول المعبدة منها والتي تمر من الإقليم 25 كلم، وتمثل نسبة حالتها ما بين الجيدة والمتوسطة 32% الطرق الجهوية: طول المعبدة منها يصل إلى 215 كلم، نسبة حالتها من متوسطة إلى جيدة تصل إلى 72% الطرق الإقليمية: المعبدة منها تبلغ 450 كلم وغير المعبدة 80 كلم. 52% منها فقط توجد في حالة من متوسطة إلى جيدة. أما الطرق السريعة، فهناك الطريق 313 الرابطة مابين المحمدية وبنسليمان والتي يبلغ طولها 20 كلم، تم إنجازها سنة 2011. والطريق السيار مابين بوزنيقةوالمحمدية. وستتعزز شبكة الطرق السريعة بإنجاز طريق سريع ما بين بنسليمان و بوزنيقة على مسافة 14 كلم وقد تمت المصادقة على إنجازه من طرف القطاعات الحكومية المعنية. كما أن الطريق السريع لبوزنيقة الشاطئ هو في طور الدراسة. ورغم توفر الإقليم على شبكة طرقية مهمة إلا أن البعض من الطرقات خاصة الإقليمية منها، توجد في وضعية مزرية وتحتاج إلى إعادة التأهيل و الإصلاح والتوسيع، خاصة تلك التي تربط حد فريد بالخطوات مرورا ببئر النصر. بالإضافة إلى طرق إقليمية و جماعية أخرى التي تربط مابين الجماعات. فجل هذه الطرقات في حاجة إلى تهيئة وإصلاح لفك العزلة عن المناطق النائية خاصة بجماعة أحلاف و مليلة و بئر النصر، حيث يعاني سكان هذه المنطقة مع مشاكل التنقل، خصوصا و أن التضاريس المشكلة لهذه المناطق وعرة. مما يشكل صعوبة للساكنة في التنقل لقضاء أغراضها من المدن والأسواق المجاورة، ويساهم في انقطاع التلاميذ والطلبة عن الدراسة لبعدهم عن المؤسسات التربوية، وبسبب وضعية المسالك القروية غير الصالحة خاصة عند تهاطل الأمطار، حيث يجد سكان المناطق المذكورة صعوبة بالغة في التنقل عبر تلك المسالك. الكهربة القروية وتزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب ابتدأ العمل ببرنامج الكهربة القروية الشمولي سنة 1996، و يهدف هذا البرنامج الوطني إلى تعميم الكهربة القروية قبل سنة 2010 بالاعتماد على كل التقنيات المتاحة و تجنيد كل الموارد المتوفرة لدى جميع الفعاليات التمويلية. وإذا كانت بعض الجماعات القروية التي توجد في وضعية مريحة من حيث حجم المداخيل المتوفرة لها، استطاعت أن تصل إلى كهربة الدواوير المتواجدة بها بنسب محترمة، فإن بعض المناطق و الجماعات الأخرى التي تفتقد إلى الموارد المالية اللازمة لم تستطع تغطية كل المناطق و الدواوير بالكهرباء، و مازالت نسبة استفادتها من الكهربة القروية جد ضئيلة، بل إن البعض منها لم يتمكن من تغطية ولو دوار واحد بهذه المادة الحيوية. وهذا ما ينطبق على جماعة بئر النصر التي باستثناء مركزها الذي يوجد به كهرباء فباقي الدواوير تنعدم فيها الكهربة. نفس الشيء يمكن أن يقال عن المناطق المهمشة والنائية التي مازالت لم تصل إلى تحقيق الهدف من هذا البرنامج الوطني الطموح المتمثل في الكهربة القروية الشمولية. وهو وضع لايزال يكرس مقولة و فكرة «المناطق النافعة وتلك غير النافعة». ويغيب فيه مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص لكل المواطنين في عيش كريم. أما على مستوى تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب فمازال هناك نقص وضعف كبير في إنجاز هذه العملية. فجل المناطق والجماعات القروية لم تستفد من هذه المادة الحيوية بسبب غياب إرادة لدى المسؤولين في إعطاء هذا المجال العناية الكافية. فالسقايات المحدثة لتزويد بعض الجماعات بالماء الصالح للشرب لم تعد تؤدي وظيفتها نتيجة غياب الصيانة والحراسة وكذا تعقيد المساطر من إدخال الماء إلى المساكن. انتشار المقالع والأضرار البيئية إذا كان إقليم بنسليمان يتميز بموقع استراتيجي مهم وبمناخ فريد وغطاء غابوي شاسع وشاطئ ساحلي جميل يمتد على مسافة 35 كلم، فإن الترخيص للمقالع بالقيام بأنشطتها في بعض الأماكن و المناطق الحساسة من الإقليم، جعله يفقد تلك الشارة التي تميزه عن باقي الأقاليم و المتمثلة في نظافة ونقاء هوائه. فقد انتشرت وبشكل فظيع مجموعة من المقالع (حوالي 20 مقلعا) ببعض المناطق وتمركزت خاصة بجماعة عين تيزغة وجماعة الزيايدة، حيث تم الترخيص لها باستخراج الحصى وبعض المواد الأخرى. وحلت بالمنطقة مجموعة من الشركات التي تنشط في هذا المجال. وتكالبت على نهب خيرات الإقليم دون حسيب ولا رقيب ودون احترام دفاتر التحملات.فقد حولت المقالع حياة الساكنة المجاورة إلى جحيم وألحقت بها وبممتلكاتها وماشيتها أضرارا بليغة. فقد تضررت المساكن من الانفجارات القوية التي تحدثها عملية استخراج الأحجار والحصى من باطن الأرض مما أدى إلى إحداث شقوق بتلك المنازل المجاورة وخلفت رعبا وذعرا في صفوف الساكنة التي أصبحت لا تنعم لا بالراحة ولا الأمن نتيجة النشاط المزاول ليلا ونهارا بتلك المقالع التي لا يحترم أصحابها ما تم الاتفاق عليه في دفتر التحملات. وقد شملت هذه الأضرار الناتجة عن المقالع صحة ونفسية السكان. وتضررت من ذلك الفلاحة التي تعتبر مصدر عيش الساكنة المجاورة، بالإضافة إلى تربية الماشية وأدى النشاط المزاول بالمقالع إلى تلويث المناطق المجاورة و إتلاف أشجار الغابة.