عقد المجلس الجهوي مكناس تافيلالت يومين دراسيين حول موضوع الجهوية الموسعة بالمغرب ، وقد ساهم في هذا اللقاء الذي سهرت على إعداده لجنة منبثقة عن المجلس الجهوي، باحثون جامعيون ومستشارون جهويون وبرلمانيون وفاعلون سياسيون واقتصاديون واجتماعيون وأطر من المصالح الخارجية بالجهة. +وأجمع المشاركون ، أن قناعة المغرب أصبحت راسخة بأن الجهة يجب أن تكون جماعة محلية منسجمة مجاليا تروم خلق تكامل اقتصادي إداري تنموي للنهوض بالإمكانيات البشرية والطبيعية والمالية وتسخيرها في إطار منسجم. اعتبارا للأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يتوخاها مشروع الجهوية الموسعة والواردة في الخطاب الملكي ليوم 3 يناير 2010، حرص المنظمون على أن يكون اليومان الدراسيان ترجمة فعلية للمضامين والتوجهات الملكية ، وتجسيدا لمغرب متشبع بمبادئ وقيم الديمقراطية والحداثة ومرتكزا على أصالته وتاريخه العريق وثوابته التي تشكل رصيدا راسخا للتلاحم والتضامن. وقد خصص اليوم الأول لمعالجة موضوع: الجهوية الموسعة، مقاربات نظرية وآليات التطبيق، وذلك عملا بضرورة طرح الجهوية الموسعة في أبعادها القانونية والمؤسساتية والمجالية، واستجابة لأهمية عرض التجربة الجهوية المغربية في أفق الإقلاع بالاختيار الجهوي وتطوير مرتكزاته السياسية والتنظيمية والتدبيرية. وبالنظر إلى الدلالات والأبعاد المتعلقة بالجهوية الموسعة، وإلى الرهانات التنموية والمقتضيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنتظرة منها، فقد خصصت أشغال اليوم الثاني لموضوع: الجهوية والتنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وضمانا للمساهمة الواسعة والمكثفة في هذين اليومين الدراسيين، تم تنظيم أربع ورشات تولى المساهمون فيها طرح القضايا التي يمليها النموذج الجهوي الموسع، واستحضار المستلزمات وتحديد الأبعاد الكفيلة بتثبيت وتطوير هذا الورش الوطني الكبير الذي سيرسم تحولات واعدة ومجددة في الحياة الوطنية وسيضمن إشعاعا للمغرب في محيطه الدولي. وقد ارتكزت مساهمة المشاركين في هذه الورشات في إطار مناقشتهم للمحاور المقترحة فيها على أهمية جعل الحراك السياسي متناغما مع الحراك الاجتماعي والاقتصادي، وذلك بالعمل على تجديد العمل السياسي وتخليقه، وضمان أساليب وأدوات ناجعة وفعالة للحياة الديمقراطية، وخاصة على المستوى الجهوي، بدءا من مراجعة النظام الانتخابي وإنشاء هيئات منتخبة متشبعة بمبادئ الديمقراطية وبالقوانين والقواعد المنظمة لها. كما تم التركيز على تعزيز دور القضاء الإداري والمجالس الجهوية للحسابات، وتفعيل آلية المراقبة البعدية حتى تتمكن الجماعات المحلية والمجالس الجهوية بالخصوص من تفعيل ثوابت ومبادئ الديمقراطية المحلية وتحقيق وظائفها المؤسسية والتنموية، وتساهم في تدعيم أسس دولة الحق والقانون. وانسجاما مع الطرح المؤكد على انتداب أعضاء المجالس الجهوية بواسطة الاقتراع المباشر، تم التأكيد على ضرورة تمتيع هذه المجالس بالاستقلال في بلورة القرارات وتنفيذها بهدف خلق ديناميكية متواصلة وواعدة في كل مستويات الحياة الديمقراطية على الصعيد الجهوي، وترسيخ أسس الحكامة الجيدة وتحقيق أغلب مقتضياتها ومنتظراتها على أرض الواقع. وبالنظر إلى الحاجة إلى تمتين الحياة الحزبية ودمقرطتها، فإن تقوية المشهد السياسي وتجسيد الحكامة الوجيهة والمؤسساتية على المستوى الجهوي، يتطلب تشكيل أقطاب مؤهلة لجمع الشتات السياسي وإحداث حركية جديدة كفيلة بجعل الجهوية الموسعة قاطرة لتثبيت الديمقراطية المبنية على الكفاءة والمسؤولية والتداول المنتظم والمسؤول على السلطة، وقادرة على تأهيل المنظومة الجهوية لتكون ركيزة لحسن التدبير وسندا للتنمية المندمجة والمستدامة، وذلك انسجاما مع التوجيه الملكي الداعي إلى « انبثاق مجالس ديمقراطية، لها من الصلاحيات والموارد، ما يمكنها من النهوض بالتنمية الجهوية المندمجة. فجهات مغرب الحكامة الترابية الجيدة، لا نريدها جهازا صوريا أو بيروقراطيا، وإنما مجالس تمثيلية للنخب المؤهلة، لحسن تدبير شؤون مناطقها». إن الإصلاحات الكبرى على المستوى التنظيمي ضرورة ملحة بالنسبة للحاضر والمستقبل، وتتجلى أهمية هذه الإصلاحات في فتح الباب أمام التنافسية في مستوياتها السياسية والاقتصادية والحد من العزوف السياسي، وضمان اهتمام المواطنين بشؤون الحياة العامة وإسهامهم في النهوض بأعبائها، علما بأن إحداث مرصد لتتبع تفاعلات المشهد السياسي والمؤسساتي على الصعيد الجهوي يظل من الأولويات في الوقت الراهن، بالنظر إلى أهمية تخليق الحياة العامة، واعتبار هذا التخليق ورشا كبيرا يستوجب إخراج ميثاق يخصه، وهو شرط كفيل بتحرير الطاقات وتوسيع الاختصاصات كمدخل لتمتين اللامركزية واللاتمركز الإداري وتدعيمهما بالموارد المالية الضرورية والقارة وبالكفاءات البشرية المؤهلة. وإذا كان التقطيع الجهوي أسلوبا لإقرار علاقة وثيقة بين الجهوية والديمقراطية، فإن المقاربة النوعية لهذه المبادرة كفيلة بتدارك التفاوتات الجهوية وتحقيق التوازن وتشديد التضامن والتآزر بين مكونات التراب الوطني، بالإضافة إلى ما يجسده ذلك من تماسك للوحدة الوطنية، وتعبئة مستمرة لمحاربة اقتصاد الريع وفتح المجال أمام الاقتصاد التنافسي ووضع حد للامتيازات التي تتنافى مع روح الحياة الديمقراطية. إن التقسيم الجهوي المتوازن أداة ناجعة للكشف عن المؤهلات واستثمارها بما يرجع بالنفع على المجال والمجتمع، وتحقيق التناغم بين التوجهات الوطنية والمبادرات التنموية التي تمليها الضرورة الجهوية. وبناء على مجموع المكاسب والإنجازات التي حققها المغرب في العشرية الأخيرة، فإن الانتقال إلى مستوى التربية على الديمقراطية مسؤولية ينبغي أن ينهض بها الجميع، وأن الاهتمام بالمرفق العمومي في تعدد أبعاده، يطرح على كل المتدخلين في الحياة العمومية مهمة تحصين المكتسبات الديمقراطية وتطويرها، وترجمة واقع التنوع الذي يطبع الحياة الوطنية إلى حصن منيع يعزز وحدة المغرب ويجعل من الحكم الذاتي في أقاليمنا الصحراوية المسترجعة مثالا للخصوصية المجالية والاقتصادية المنصهرة في وحدة وطنية متماسكة، وذلك انسجاما مع المبادئ والأهداف النبيلة والواعدة للجهوية الموسعة. اعتبارا لما تقدم، تتحدد التوصيات الصادرة عن الورشات الخاصة باليومين الدراسيين كما يلي: الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 1 - ضرورة اعتماد التدبير الإداري المحكم من أجل الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي. 2 - ضرورة إشراك القطاع الخاص في التنمية الجهوية. 3 - اعتماد التشارك والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني لتحقيق التنمية الاجتماعية. 4 - ضرورة إحداث مراكز جهوية للبحث للقيام بدراسات علمية لتشخيص المشاكل الجهوية واقتراح الحلول المناسبة. 5 - خلق مرصد جهوي للتنمية المستدامة. 6 - الانفتاح على الجامعة ودعم البحث العلمي كقاطرة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية. 7 - تفعيل التضامن بين الجهات مع القضاء على منطق الإعانات واقتصاد الريع. 8 - ضرورة تعزيز دور المرأة في تحقيق الجهوية الموسعة عن طريق الأخذ بمقاربة النوع على مستوى إعداد مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية و على مستوى إعداد ميزانية الجهة. 9 - تدعيم سياسة التدبير اللامتمركز للاستثمار. 10 - ضرورة اعتماد سياسات التسويق الترابي للتعريف بإمكانيات الجهة وجلب الاستثمار. الجهوية والديموقراطية: 1 - العمل بمبدأ الحكامة الجيدة لتعزيز التوجه الديمقراطي للمجالس الجهوية. 2 - مراجعة نمط الإقتراع على المستوى الجهوي، وتبني نظام الإقتراع المباشر كأسلوب ملائم للجهوية الموسعة. 3 - إعادة النظر في القوانين المنظمة للانتخابات في اتجاه ملاءمتها مع الجهوية الموسعة. 4 - سن سياسة وطنية للجهوية الموسعة. 5 - تقوية الحياة الحزبية من خلال المقاربة القطبية وطنيا وجهويا بهدف إفراز نخب قوية وقادرة على النهوض بتحديات وأهداف الجهوية الموسعة. 6 تخليق الحياة العامة انطلاقا من: مبدأ الكفاءة والمسؤولية والمحاسبة، انتخابات نزيهة وشفافة وديمقراطية. 7 - فتح وتوسيع أوراش التربية على الديموقراطية عبر انخراط مختلف مؤسسات التنشئة السياسية والاجتماعية (الأسرة، المدرسة، الجامعة، الأحزاب، النقابات، الجمعيات...) الجهوية وأجهزة الدولة 1 - إقرار جهوية مؤسساتية ذات استقلال إداري ومالي فعلي وذلك من خلال: * إعادة النظر في نظام الوصاية في اتجاه استبدال المراقبة القبلية بالمراقبة البعدية. * دعم الإستقلال المالي للجهات عن طريق تمكينها من موارد مالية ذاتية، متنوعة، كافية وقارة. 2 - ضرورة سن نظام أساسي خاص بالولاة يحدد بشكل واضح ودقيق اختصاصاتهم في علاقاتهم بالعمال والمصالح الخارجية على الصعيد الجهوي. 3 - إحداث مؤسسة يعهد إليها بتحقيق التضامن المالي بين الجهات. 4 - إعادة النظر في توزيع الإختصاصات بين الدولة والجهات وباقي الجماعات المحلية الأخرى في اتجاه دعم اختصاصات الجهة. 5 - اعتماد مبدأ التخصص الوظيفي في مجال التنظيم الإداري. 6 - تقوية اللاتمركز الإداري عن طريق تخويل المصالح الخارجية صلاحيات واسعة وتجميعها في أقطاب وظيفية. 7 - إصلاح النظام القضائي ودعم استقلاليته. 8 - اعتماد سياسة التعاقد في العلاقة بين الجهة والدولة على أساس عقود برامج. 9 - دعم وتقوية المؤسسات الجهوية بموارد بشرية كفأة ومتخصصة وعقلنة توزيعها. 10 اعتماد نظام لتأهيل الكفاءات البشرية الجهوية. الجهوية والتقطيع الجهوي 1 - ضرورة مراجعة التقطيع الجهوي على قاعدة التكافؤ والتنافسية والتضامن. 2 - منح اختصاص التقطيع الترابي للسلطة التشريعية. 3 - التركيز على البعد الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في التقسيم الجهوي بعيدا عن النزعة الاثنية. 4 - الحفاظ على الترابط التاريخي الموجود بين مجموعة من الحواضر المنتمية لنفس الجهة (حاضرة تافيلالت وحاضرة مكناس نموذجا) 5 - الإبقاء على الوضعية الترابية الراهنة لجهة مكناس-تافيلالت بالنظر إلى انسجام وتكامل مكوناتها التاريخية، المجالية والاقتصادية وإلى تنوعها الطبيعي والثقافي. 6 - ضرورة اعتماد نظام معلوماتي جغرافي جهوي.