حركة غير اعتيادية تلك التي شهدتها النقطة المقابلة لمجسم السندباد بشاطئ عين الذئاب، صبيحة يوم الأحد الأخير، إذ نصبت لافتة على المدخل المؤدي نحو الشاطئ إضافة إلى علمين/لواءين أزرقين، في حين تحلق شباب، تظهر قسماتهم وطريقة لباسهم ولغة موليير التي يتحدثون بها، على أنهم مغاربة ينتمون إلى فئات ميسورة، فتراهم يتحدثون تارة بكل جدية منخرطين في نقاش حول موضوع من المواضيع، وتارة أخرى تثير القهقهات الصادرة عنهم بكل عفوية انتباه المارة، الذين منهم من يسارع بدوره لاستطلاع الأمر، سيما أن المتجمهرين لم يكونوا من المغاربة فقط، وإنما حتى من الأجانب، ليجد طاولة اصطفت عليها مجموعة من القفازات وبجانبها أكياس بلاستيكية كبرى ذات اللون الأزرق، فتتلقفه ابتسامة مرحبة تدعوه إلى المشاركة، في عمل تطوعي ليس سوى حملة بيئية للنظافة ارتأى هؤلاء المتطوعون أن تتصدر جدول أعمالهم ليوم الأحد. تجاوزت عقارب الساعة العاشرة والنصف، ليتم الاعلان عن انطلاقة برنامج التطوع، فشرع المشاركون يتدفقون (مثنى وثلاث ورباع)، نحو رمال شاطئ عين الذئاب منهم من يلبس قميصا يحيل على الجمعية صاحبة الفكرة، ومنهم من يلبس لباسه العادي، كيف لا والبعض لبى الدعوة بتلقائية، والبعض الآخر بتلقائية أكبر كان يتنزه هناك خلال ذاك الصباح فاستهوته الفكرة، سيما أن بعضا منهم كانوا مصحوبين بأطفالهم فاعتبروا أن المناسبة مواتية لتقديم درس في التطوع لأطفالهم وتلقينهم قيما بيئية للحفاظ على جمالية ونظافة المحيط الخارجي، على اعتبار أنه ملك جماعي يدخل ضمن ممتلكات كل مواطن، وليس بملك الآخرين الذي لايستحق الاهتمام ؟ لحظات قليلة كانت كافية لتتم ترجمة الحماس الذي كان هو القاسم المشترك بين كل المشاركين، إذ انخرط الجميع في العملية، شابات وشبان، كبارا وصغارا، مرفوقين بمجموعة من عمال النظافة الذين ساهموا بدورهم في العملية/التعبئة، التي أبت أيادي وسواعد المشاركين إلا أن تؤكد نجاعتها، مسارعة إلى التقاط العديد من المخلفات البلاستيكية، الزجاجية، الخشبية والحديدية، التي تعايشت ورمال الشاطئ، مؤكدة على غياب الوعي لدى بعض الفئات التي جعلت منها حاويات لرمي مخلفاتها بها! عملية تنظيف رمال عين الذئاب رافقها تأطير من الآباء والأمهات لأطفالهم الذين ارتدوا قفازات أكبر من أياديهم البضة، التي سارعت بدورها إلى اقتفاء أثر كل ما هو ليس بحبات رمل، في طقس تنافسي يعمه المرح أضفى على المكان بهجة وغبطة وإحساسا بالحياة، لم يجد بكل أسف صداه لدى بعض ممن استلقوا على الرمال غير عابئين لا بالمتطوعين وروح العالية التي يتحلون بها، ولا بدلالات ونبل الخطوة التي أقدموا عليها، ولا بالأزبال التي تجاور وجوههم وأجسادهم، وكأنها أصبحت طقسا أساسيا لامحيد عنه في بعض شواطئنا وشوارعنا بشكل عام !