تعد جهة تادلة أزيلال من المناطق الرائدة لزراعة الشمندر السكري، إذ أنها تساهم بما يفوق %21 من الإنتاج الوطني لهذه المادة الحيوية في الإستهلاك اليومي لدى مختلف الشرائح الاجتماعية بالمغرب. و نظرا للدور الهام الذي تلعبه في تنمية الاقتصاد المحلي و الجهوي، حظيت هذه الزراعة باهتمام متميز يتمثل في تصنيفها ضمن مشاريع الدعامة الأولى لمخطط المغرب الأخضر. في هذا الإطار بالذات، عمل المكتب الجهوي على إعداد برنامج تنموي طموح خلال الموسم الفلاحي 2009/2010 لتطوير هذه الزراعة بالرفع من مردوديتها و توسيع المساحة المخصصة لها. و بالفعل، بعد إنجاز هذا البرنامج المتكامل المتمحور حول عدة مجالات التقنية منها و التأطيرية و التنظيمية و دعم المنتجين شملت مختلف مراحل الإنتاج في إطار تظافر مجهودات كل المتدخلين و بتنسيق تام مع المهنيين، جاءت حصيلة هذا الموسم جد إيجابية، حيث سجل محصولا قياسيا بمعدل جد مرتفع للإنتاج بلغ 34.59 طنا للهكتار الواحد مقابل 51 طنا فقط خلال موسم 2008/2009، أي بزيادة تقدر ب 16،3 %، بالإضافة إلى نسبة الحلاوة التي ارتفعت إلى 3. 18 % مقابل 59 . 17 % خلال الموسم الفارط. من أهم العوامل التي أفرزت هذه الحصيلة نذكر بشكل خاص، عملية تعميم استعمال البذور ذات النواة الواحدة ( Semences monogèrmes) المقاومة لمرض الريزوماني(la rhizomanie) حيث شملت 100 % من المساحة المخصصة لهذه الزراعة المقدرة خلال هذا الموسم ب 11200 هكتار. لقد اتخذ قرار التعميم هذا من طرف اللجنة التقنية الجهوية للسكر بتادلة منذ بداية الموسم مع المكتب الجهوي من أجل القضاء على هذا المرض الفتاك الذي أثبتت دراسات البحث الزراعي أنه السبب الرئيسي في تراجع مستوى الإنتاج خلال موسم 2008/2009 . لإنجاح هذه العملية، اتخذ المكتب الجهوي عدة إجراءات تقنية ووقائية مصاحبة أهمها تنظيم حملات تحسيسية واسعة لفائدة منتجي الشمندر من أجل استعمال البذور ذات النواة الواحدة، إشراك الجمعية المغربية للبذور و الأغراس في عملية البذر و تتبع نمو هذه الفصيلة من البذور، وضع هذه البذور رهن إشارة الفلاحين بمختلف المتاجر الفلاحية ابتداء من شهر شتنبر، منح المزارعين ثلاث حصص مبكرة من ماء السقي الأولى لتسهيل عملية الحرث و حصتين مباشرة بعد البذر، العمل على تزويد الشركات المحلية للمكننة ببذارات حديثة ومعدات اخرى ملازمة مع تقديم منح لأجودها و إعداد دورات تكوينية لفائدة المقاولين الشباب من طرف معمل السكر. لتفعيل كل هذه الإجراءات والتدخلات المصاحبة لمختلف مراحل الإنتاج تم تشكيل لجن التتبع بشكل قار بالمراكز الفلاحية تعمل على تحسيس الفلاحين وتأطيرهم أثناء عملية البذر والسقي المتواصل للشمندر والحرص على تعميم البذر الميكانيكي بالجهة. في نفس السياق، يجب ألا نغفل الدور الإيجابي الذي لعبته الظروف المناخية الملائمة خلال هذا الموسم في إنجاح هذه المبادرة الطموحة، حيث تميزت بالتساقطات المطرية الهائلة التي فاقت 400 مم مقابل 380 مم فقط خلال سنة 2009 خاصة بين شهري دجنبر ومارس مع هيمنة طقس مشمس ابتداء من شهر مارس الذي ساهم بدوره في نمو نبات الشمندر و نضج المحصول، على عكس السنوات الماضية. على ضوء هذا المعطى، تميز الموسم الفلاحي لهذه الزراعة بهيمنة البذر الميكانيكي الذي شمل 7094 هكتارا مقابل 5658 هكتارا خلال الموسم الفارط، أي بزيادة 25 % من مساحة الشمندر وكذا بأهمية المساحات التي شملتها عملية الإبادة الكيميائية و اليدوية للأعشاب الضارة ، إضافة إلى التدبير الجيد لعملية قلع الشمندر من حيث تنظيم المواعيد و طرق الإخبار و اعتماد القلع الميكانيكي الذي راوح الألفي هكتار، كما عرف أيضا تقلصا هاما في مدة التصنيع من 97 يوما سنة 2009 إلى 78 يوما فقط خلال الموسم الحالي. اما على مستوى الإنتاج فيجدر التذكير بأن جهة تادلة أزيلال قد حققت نتائج جد إيجابية إذ بلغ المحصول السنوي من الشمندر 653773 طنا و ارتفع معدل المدخول للهكتار الى 25000 درهم مقابل 19900 درهم في السنة الماضية. لكل هذه المؤهلات انعكاسات اقتصادية و اجتماعية هائلة نذكر منها بإيجاز؛ خلق حوالي مليونين و نصف يوم عمل، تشغيل قار لفائدة 29 شركة للتموين و 18 شركة مختصة في الخدمات. كل هذه النتائج تؤكد بالملموس بأن جهة تادلة أزيلال قد حققت مردودية قياسية من إنتاج الشمندر السكري ليس فقط بالنسبة للسنوات الماضية محليا بل وطنيا مقارنة بالمناطق الأخرى بالمملكة. كقطاع استراتيجي يمثل الشمندر بجهة تادلة أزيلال رافعة تنموية أساسية ليس فقط على المستوى المحلي و الجهوي بل دعامة هامة هذه السنة في تقليص الخصاص المسجل من هذا المنتوج بالأقاليم المنكوبة كمنطقة الغرب مثلا.