من مكر الصدف أن «الحراك القضائي « الذي كشفته بعض الملفات المعروضة على العدالة و التي يتابع فيها برلمانيون يمثلون الأمة في أعلى مؤسسة دستورية ، كشف عن واقع مريب ، ذلك أن الأدوار الرقابية و التشريعية و المبادرات الدبلوماسية و «تشفير» القانون المالي يحتاج بكل تأكيد إلى نخب و كفاءات من أجل ضمان الأداء الجيد للمؤسسة التشريعية . اليوم نكتشف و من خلال الملفات المعروضة على القضاء ، أن بعض من تسللوا خلسة إلى البرلمان لا يتوفرون على مستوى تعليمي يساعدهم على تدبيج الكلام و استقامة المنطق ! . بالصدفة «القضائية» و ليس من القضاء و القدر في شيء، أن يتورط بعض البرلمانيين في جنحة الأمية أو الجنوح منها . برلماني ( ع.م ) قضى تسع سنوات بالغرفة الثانية و ضمن الولوج إلى الغرفة الأولى في المرحلة الثانية ليتعثر حظه إثر حكم قضائي قضى بعدم أهليته لتورطه في فساد انتخابي بالصورة و الصوت ، هذا البرلماني «التعيس الحظ» حكم عليه مؤخرا بآسفي ،و بعد سبع سنوات من الانتظار- بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ لأنه زور شهادة مدرسية إثر توليه رئاسة جماعة اثنين الغيات ، فالرجل الذي لم تطأ قدماه المدرسة العمومية أصبح حاملا لشهادة في المحاسبة إيه نعم، و بالعبارة السليمة كما هي مدبجة في الشهادة المطعون فيها ، فالرجل كان يتابع دراسته بمؤسسة خاصة بقسم السنة أولى محاسبة بعد الابتدائي ( كذا ) ... ليتبين للقضاء بعد سنوات على أن الرجل - الذي كان يجيد الحساب الانتخابي - هو أصلا لا يستقيم الكلام على لسانه و لم يسبق له أن ولج المدرسة المغربية . الحالة الثانية تتعلق بمستشار برلماني (ع.ك) ضبط بدوره متلبسا بالأمية ، فالرجل الذي ينتمي إلى أكبر فريق بغرفة المستشارين و الذي يتولى مسؤولية نائب رئيس المجلس الإقليمي لعمالة آسفي ، سنكتشف مع القضاء الإداري بعد تحريك متابعة الطعن من طرف الأستاذ امبارك الفارسي أن المستشار المحترم لا يتوفر على الشهادة الابتدائية التي تخول له أن يتربع على كرسي خلافة الرئيس ، و رغم العطف التي أبدته السلطة تجاهه فإن القضاء الإداري في المرحلة الابتدائية قضى بعدم أهليته ليكون نائبا للرئيس لأن حظه في التحصيل الدراسي لم يساعده على تجاوز عتبة السلك الابتدائي. بذات الفضول لا زلنا نتتبع مآل ملف آخر لبرلماني (ع.ك ) من الفريق الكبير كذلك يرأس غرفة مهنية على صعيد دكالة عبدة و معروف بلسانه الطويل الذي لا يجيد نظم الكلام الفصيح ، الرجل عندما تولى رئاسة جماعة قروية بحد احرارة سنة 2003 ، تم الطعن في مستواه الدراسي ، لكن القضاء ارتأى حفظ الملف لانعدام الدليل ، علما أن الشهادة التي أدلى بها تفيد على أن التلميذ الذي أصبح برلمانيا اليوم و الذي لم يتجاوز السلك الابتدائي كان حظه كبيرا ، فقط لأنه ولج المدرسة العمومية في السبعينات و عمره أقل من خمس سنوات ... !؟ بآسفي نماذج من البرلمانيين الذين لا يجيدون الرقابة على الحكومة و ليس بإمكانهم المساهمة في الإنتاج التشريعي ، و إن بعثوا في مهمة دبلوماسية فإن المؤكد أننا سنخسر مقاصدها السياسية آبنعدي . بآسفي برلمانيون لهم لسان طويل و يجيدون حصد المقاعد و حصد الثروة عبر منافذ الريع و الامتيازات ، بئس آسفي ، بئس المصير ...