هي أشبه بكابوس يعيشه عمال شركة إيكوماي الرائدة في طلبيات الماركات العالمية للبذلات الرجالية لأكثر من 3 عقود، هي مأساة بكل ما في الكلمة من معنى بعد سلك رب العمل مسطرة الافلاس واكتشاف حوالي ألف عامل أن المستحقات المالية التي كانت تقتطع من أجرتهم الشهرية لفائدة الصناديق الاجتماعية لم تكن الإدارة تؤديها عنهم، هي أكثر من كارثة عندما استيقظ العمال على خبر الافلاس وهم المثقلون بأقساط الديون لدى الأبناك بل إن منهم من صار مهددا في كل وقت وحين بدخول السجن بسبب هذه الديون. أولى بوادر الأزمة التي ستصيب هذه الشركة تعود إلى سنة 2009، حيث بدأ العمال يحسون بأن شيئا غريبا يقع بشركتهم، فالعمال الذين تتعاقد معهم الشركة بعقود يتم تجديدها كل 6 أشهر لم تعد تجدد عقودهم وفقا لنفس المدة المحددة، كما أن العمال الذين تربطهم بالشركة عقود نهائية واشتغلوا بها لمدد تفوق 30 سنة بدأ يطلب منهم تقليص ساعات العمل، حيث تقلصت هذه الساعات من 8 ساعات كمعدل يومي إلى أربع، وبقي العمال طيلة سنة بكاملها يعيشون على هذا المنوال إلى حدود يوم 28 يناير من السنة الجارية، حيث أخبروا بأنهم سيتوقفون عن العمل بشكل اضطراري لعدم تجديد عدد من الشركات التي يتعاملون معها لطلباتها نتيجة للأزمة العالمية التي عصفت بأوربا و أن هذا التوقف الاضطراري لن يدوم أكثر من 15 يوما . مرت الأيام الأولى لهذا التوقف وبعد انقضاء الأجل الذي حدده المسيرون للشركة لأجل استئناف العمل، تخلفوا عن الحضور وحج العمال إلى باب الشركة بشكل يومي على أمل أن تفتح أبوابها، لكن الخبر نزل عليهم كالصاعقة «أفلست الشركة وسيتم اللجوء إلى مسطرة الافلاس!» ومع ذلك لم ييأس العمال وظلوا متشبتين بأمل أن تفتح الشركة أبوابها من جديد، خاصة بعد أن انعقدت سلسلة من لقاءات تفاوضية مع المسيري بحضور ممثل عن وزارة الشغل وممثل عن السلطة المحلية بعمالة البرنوصي، وفي كل لقاء كان يتم التوقيع على محضر برتوكول يكون موضوعه تسوية وضعية المتأخرات الناتجة عن تقليص ساعات العمل، خلال سنة 2009، وتطبيق نفس القاعدة على تقليص مدة الشغل، خلال سنة 2010، عند استكمال شروطها القانونية. كما تم الاتفاق من خلال هذه البروتوكولات على استئناف العمل تدريجيا ابتداء من 8 فبراير الماضي. وإحداث لجنة يقظة تتكون من أعضاء المكتب النقابي داخل الشركة، وذلك خلال فترات تقليص ساعات العمل. وبتاريخ 25 فبراير الماضي، سيعقد بمقر عمالة سيدي البرنوصي اجتماع في إطار اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة من أجل إيجاد تسوية للنزاع القائم بين شركة إيكوماي للخياطة وعمالها المنخرطين في الكونفدرالدية الديمقراطية للشغل وممثل عن هذه المركزية إلى جانب المدير العام والمدير المالي والإداري للشركة. وبعد نقاش مستفيض توافقت الأطراف على إحداث لجنة تتكون من أربعة أعضاء من المكتب النقابي للعمال والإدارة تجتمع مرة في الأسبوع لتتبع وضعية الشركة يكون فيها لأعضاء المكتب النقابي حق الاطلاع على المعلومات الأساسية المتعلقة بسير الإنتاج والتسويق والمداخيل والمصاريف. كما تم الاتفاق على أن تخصص جميع المداخيل لأداء أجور العمال والمستخدمين والمصاريف الضرورية. وأن يستأنف العمل تدريجيا، ابتداء من 22 مارس الماضي وأداء متأخرات أجور أيام العمل الفعلية داخل أجل أقصاه أسبوع من استئناف الإداريين لعملهم. تذرعت الإدارة بكون الشركة تعيش وضعية مالية خانقة بسبب الحجوزات البنكية والديون المتراكمة عليهم جراء عدم أداء المتعاملين معهم للفواتير المتأخرة، وأن الشركة لم تعد قادرة على أداء أجور العدد الكبير من العمال لكن مالم يكن متوقعا أن يكتشف العمال أن مستحقات السنوات الأخيرة لصناديق الضمان الاجتماعي والتقاعد التكميلي وشركات التأمين عن المرض لم تكن تؤديها الشركة. رفعت دعوى قضائية ضد الشركة وخسرها العمال لأسباب بدت لهم واهية، فانتشر خبر المؤامرة بين العمال واكتشفوا أن كل تلك اللقاءات كانت مجرد خطة لربح الوقت ولامتصاص غضب العمال. بعد أن تم وضع طلب لدى المحكمة التجارية بالدار البيضاء قصد الحماية القضائية، ليصدر خلال فبراير الماضي قرار من المحكمة ذاتها يقضي بوضع هذه الشركة ضمن إجراء التصفية القضائية ليواجه العمال مصيرهم لوحدهم. فهل يتعلق الأمر بتداعيات أزمة عالمية في قطاع النسيج أم أن الأمر لايعدو أن يكون محاولة من أصحاب الشركة التخلص من العمال ونقل نشاطها إلى مدينة طنجة ؟ كيفما كان الأمر فإن النتيجة واحدة مآت العمال مشردين، منهم من يتهدده الحجز على ممتلكاته لعدم تأدية ديونه، ومنهم من يبيت الليالي ولايغمض له جفن خوفا على مصير أطفاله. وفي انتظار أن تتضح معالم الحل يبقى سؤال المآل يؤرق العمال.