في تطور مفاجىء، لوحت نقابات عمال ومستخدمي «نقل المدينة» بالدار البيضاء، بإمكانية الدخول في حركات إضراب واحتجاج واسعة، جراء تمادي الادارة في سياسة التملص من تسوية مؤخر مستحقات الاشتراك لدى الصناديق الاجتماعية (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الصندوق المهني المغربي للتقاعد، تعاضدية «أومفام» وكنوبس) التي وصل مؤخر مجموع مستحقاتها لما يزيد عن 4,5 ملايير سنتيم. النقابات التي أصدرت بهذا الشأن بلاغاً مشتركاً، أشعرت السلطات الادارية المحلية بخطورة الترامي غير المبرر لإدارة نقل المدينة على حقوق أساسية يحفظها القانون بشكل واضح، متسائلة في ذات الآن عن الأسباب الحقيقية وراء محاولة الإجهاز غير المشروعة على واجبات اشتراك يتم اقتطاعها بشكل منتظم من أجور أزيد من 4100 عامل، لفائدة الصناديق. إلى ذلك، أكد عدد من المسؤولين النقابيين في اتصال مع «الاتحاد الاشتراكي»، يوم الإثنين، بأن التوتر الاجتماعي السائد بالمؤسسة الذي أرجعوا فيه المسؤولية المباشرة، إلى الادارة العامة لنقل المدينة، من شأنه أن يحمل مضاعفات خطيرة على السير العادي للخدمات بالشركة، حيث يقولون بأن الاتجاه السائد اليوم بالقطاع، يذهب نحو التوقف الجماعي عن العمل إلى حين تسوية مؤخر الصناديق. وقالوا، بأن هذا الإجراء الاداري، الذي لم تدخل في إطاره الوكالة المستقلة للنقل الحضري إلا بعد أربعة عقود من العمل، رغماً عن محدودية الإمكانات المالية التي كانت تتلقاها كدعم مالي من طرف الدولة المستثمر الوحيد بالقطاع، وبصفة غير منتظمة، فإن إمكاناتها الذاتية كانت توفر صرف أجور أزيد من 3300 عامل في وقتها المحدد (يومي 26 و 27 من كل شهر). علاوة على أن وضعيتها لدى الصناديق الاجتماعية لم تكن يوما ما محط تأخر، (هذا الإجراء) يشكل ضربة قوية لعقد التدبير المفوَّض من قبل المفوَّض له أمام السلطة المفوِّضة. الكتاب العامون لمختلف النقابات في تصريحاتهم المتطابقة، وجهوا في هذا السياق، انتقادات شديدة اللهجة إلى السلطة المفوضة، جراء عدم تفعيلها لمقتضيات عقد التدبير من خلال تفعيل آليات المراقبة والمتابعة الذي أناطه المشرع بلجنة التتبع عبر الوقوف عند كل أشكال التجاوز لمضامين العقد بشقيه الإنتاجي والاجتماعي. وأضافوا، بأن النقابات سبق وأن خاضت بهذا الشأن، عدة إضرابات ووقفات احتجاجية لوقف نزيف ترامي الادارة على هذه الحقوق المكتسبة، حيث لم تسفر الحوارات المترتبة عنها إلا عن التوقيع على بروتوكولات اتفاق بالتسوية النهائية، دون أن تجد، يقولون، طريقها إلى التطبيق «لنكتشف في النهاية أننا كنا ومازلنا أمام وعود كاذبة». وتساءل ممثلو النقابات الأكثر تمثيلية عما إذا لم تكن الزيادة التي وصفوها ب «الصاروخية» في تذكرة التنقل التي وصلت إلى درهم ونصف الدرهم، خلال فترة قياسية لم تتجاوز أربع سنوات (2008/2004) من دخول الشركة مجال استغلال النقل الحضري بواسطة الحافلات ،غير كافية لتسديد مؤخر مستحقات الصناديق؟ هل يجوز، يقولون، أن تظل أزيد من 4100 أسرة خارج التغطية الصحية في الوقت الذي تقتطع فيه إدارة الشركة واجب اشتراك المأجورين، بشكل منتظم، من راتبهم الشهري؟ هل من المعقول أن يغادر المؤسسة أزيد من 100 متقاعد سنويا بين شهري يونيو ويناير، دون أن يستفيدوا، في ظل راهن الوضع، من راتبهم التقاعدي بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والصندوق المهني المغربي للتقاعد؟ هل يحق، يضيف ممثلو النقابات، أن تخوِّل السلطة المفوِّضة ل «مدينا بيس» حق الاستغلال دون غيرها، لمرفق النقل الحضري نهاية أكتوبر القادم، «وإن كنا لسنا ضد القرار» في ظل التوتر الاجتماعي السائد، الذي تشكل فيه الصناديق الاجتماعية بؤرة تصدع بامتياز؟!