قضت يومها وهي تحرك أمها وتطلب منها أن تستيقظ، ربما صرخت وبكت بشدة، وحين لم يستجب لندائها أي مناد، عانقت أمها واستشعرت الدفء من جثة باردة، واستسلمت لنوم في حضن أم لآخر مرة،حتى طرقت المربية الإيطالية الباب لتأخذ سعيدة إلى المدرسة، أجابتها من خلف الباب أن أمها لا تريد أن تستيقظ.... « أمي نائمة ولا تجيبني» هذه هي الجملة التي ظلت ترددها سعيدة، ابنة الخمس سنوات التي قضت طيلة اليوم وطوال الليل بجانب جثة أمها تحركها،تناديها كي تستيقظ ،ثم نامت بجنبها حتى طرقت المربية التي تأخذها صباحا إلى المدرسة ، فأجابتها من خلف الباب «أنا لا أستطيع الخروج أمي نائمة ولا تجيبني» مما أقلق ذهن المربية فاستدعت رجال الشرطة الذين قاموا بفتح الباب ليجدوا فتيحة،ملقاة على وجهها ،جثة هامدة بلا حراك، إثر سكتة قلبية مفاجئة، لم تجد معها من يغيثها أو تستغيث به غير طفلة ذات خمس سنوات تشاهد التلفاز في صمت. هذا الحدث كان موضوع نشرات الأخبار الإيطالية وموضوعا في الجرائد المحلية التي كتبت بتأثر عن الحالة النفسية المأساوية للطفلة، مما حذا بمجموعة من الأسر الإيطالية طلب تبنيها تضامنا منهم مع حالتها. هاجرت فتيحة فكري،ذات 43 سنة، منذ مدة طويلة إلى الديار الإيطالية ،في جينوفا بالضبط، حيث اشتغلت واستقرت، وتزوجت وولدت ابنتها الوحيدة سعيدة الترابي، لم تنجح علاقة الزواج، طلقت من زوجها لتعيش وحيدة مع ابنتها ،موفرة لها كل ما يطلبه الأطفال في سنها، من رعاية واهتمام وتمدرس جيد،حسب ما يشهد به من عرفها هناك في إيطاليا الذين بكوا فيها مغربية تكد وتعيش من عرق جبينها بكرامة. حملوها جثة إلى مسقط رأسها بالبيضاء ،حيث ووريت الثرى، وظلت سعيدة ،الطفلة هناك تبكي أمها، مصيرها، مستقبلها في بلد لا تعرف فيه حضنا آخر أدفأ من حضن الأم، احتفظت بها السلطات لأنها تحمل الجنسية الإيطالية،وتكلفت بها حاليا مربيتها حتى يتم النظر في أمرها ، لكنها لازالت تبكي، تريد من أمها أن تستيقظ، أن تجيبها ، لم تستوعب قط أنها رحلت وتركتها، مازالت الطفلة تعيش تحت تأثير صدمة شديدة. أفراد عائلة الأم في المغرب بعد أن بكوا ابنتهم ودفنوها، لم يسكن ألمهم وجزء من ابنتهم مازال يتألم هناك، يودون لو عانقوا الطفلة وواسوها واطمأنوا على حالها ومصيرها، لكن صعوبات السفر تمنع من ذلك، لذا تتوسل هذه العائلة المكلومة من سلطاتنا المغربية أن تمنح أحد أفرادها،الأم أو الأخت تأشيرة الذهاب إلى إيطاليا لرؤية طفلة ابنتهم والإطمئنان عليها، علما أن العائلة لا ترغب في جلب سعيدة إلى المغرب،بل تود أن تبقى هناك لمتابعة دراستها والإستفادة من كافة الحقوق التي تضمنها لها الدولة الإيطالية بحكم أنها تحمل جنسيتها. لتقريب هذه المسافة ومؤازرة الطفلة سعيدة في محنتها، فهذه العائلة تسكن بدرب غلف ،زنقة 47 رقم الدار 6 الدارالبيضاء- الهاتف 0675120811.