• حول إيذاء الأطفال: أوضحت دراسة استطلاعية حديثة بمدينة الرياض أعدتها الدكتورة منيرة بنت عبد الرحمن آل سعود بعنوان "إيذاء الأطفال.. أسبابه وخصائص المتعرضين له". إن المستشفيات تقوم بتبليغ الشرطة عن حالات الإساءة إلى الطفل إذ أن الأهل يحضرون الأطفال على أنهم مصابون بحادث أو أي مبرر آخر فيكتشف الفريق الطبي أن الطفل تعرض للإيذاء ، ويبدأ بالتحري ومتابعة الحالة للوصول إلى الحقيقة. وتؤكد د. منيرة أن الأطفال لا يتعرضون للإيذاء فقط من الأم أو الأب ، بل من الخدم والمربيات أو الأقارب أو الجيران. وتبين نتائج الدراسة أن أكثر أنواع إيذاء الأطفال التي تعامل معها الممارسون هي حالات الإيذاء البدني بنسبة تصل إلى 91.5% ويليها حالات الأطفال المتعرضين للإهمال بنسبة 87.3% ثم حالات الإيذاء النفسي، ويليها الإيذاء الجنسي، ثم من يتعرضون لأكثر من نوع من الأذى من هذه الحالات التي تعامل معها الممارسون في المستشفيات. • مع القضية وجها لوجه : حول الواقع ونتائج الدراسة السابقة : نشرت جريدة الشرق الأوسط أن( طفلة في الثالثة عشرة من عمرها حضرت إلى المستشفى في حالة نزيف ليتبين بعد الكشف عليها أنها تعرضت للإجهاض رغم أنها غير متزوجة وبالعودة لإفادة المدرسة لوحظ أن الطفلة كانت منتظمة ومؤدبة وغير مشاغبة، ولم تظهر عليها أي بوادر حمل ، إلا أنه في أحد الأيام أصيبت بمغص في إحدى الحصص وبالعودة للمدرسات تبين أن الطفلة قضت وقتاً طويلا في الحمام وخرجت بملابس ملوثة بالدم فظنوا أنه ناتج عن الدورة الشهرية ، ولكن عمالا في الشركة التي تتولى أعمال نظافة المدرسة وجدوا طفلاً مولوداً بعد سبعة أشهر من الحمل متوفى وملقى بالحمام في نفس اليوم، وبعد التحقيقات تبين أن المعتدي هو ابن عم الأم (45 سنة) وكان بدأ بممارسة الاعتداء على الطفلة منذ كان عمرها تسع سنوات وكان يهدد الطفلة ويخوفها ويحضر أثناء غياب الوالدين عن المنزل فيقفل على إخوتها الصغار في إحدى الغرف ثم يعتدي عليها. وسجن المعتدي وجلد 30 جلدة وسلمت الطفلة لدار الرعاية إثر الحكم عليها بالبقاء في دار رعاية الفتيات لمدة سنة، ثم التغريب لمدة سنة، ثم الجلد، إضافة إلى حرمانها من التعليم عقاباً لها وعادت الطفلة لأسرتها وعمرها 15 سنة). واتسائل كيف يتم عقاب الضحية ؟ ولماذا لم تشمل العقوبة الأسرة التي لم تحمي الطفلة ؟ ولماذا لا نتحرك لإيجاد دار إيواء لحماية الأطفال من أسرهم المتهرئة اجتماعيا ؟ ففي موقع " أمان" والذي هو من أكثر المواقع تقديم للخدمات المعلوماتية بالنسبة لموضوع العنف وجدت أن لورين وايز (أستاذة في معهد الصحة في بوسطن ) درست حال 237 امرأة أمريكية تتفاوت أعمارهن بين 63 و54 عاماً، فلاحظت أن 632 منهن مصابات بالاكتئاب، وأنهن عانين من العنف خلال طفولتهن أو خلال سنوات المراهقة، وأكدت وايز أن العنف الذي تعانيه النساء جسدي أو جنسي. حالات واقعية : 1. في مسبح المنزل : ( أريج ) ( جامعية تعمل في حقل التدريس) :- ((أحيانا أشك في حصول الحادثة وأقول لنفسي ربما أنا أتخيل ، فعقلي لا يصدق أن " خالي " هو سبب تعاستي لكنني الآن وفي هذا العمر (26) عاماً أعرف أن الآثار النفسية التي أعاني منها تؤكد حدوث ذلك .. فعندي موقف عدائي تجاه الرجل دون مبرر، زوجي يحبني ولكنني أعاني من البرود وأشعر حين يقترب مني كأنه يحاول اغتصابي أيضا أتأثر كثيرا حينما أسمع بحكايات إيذاء للأطفال ). قالت : ((كان عمري 7 سنوات ولدينا في بيت جدي مسبح ، ذلك اليوم دعاني خالي وعمره آنذاك ( 13 ) عاما للسباحة معه كنت أخاف السباحة لكنه طمأنني بأنه سيحملني على ظهره واشترط أن أحمله أيضا على ظهري ، فرحت لأنني كنت أريد أن أسبح في أمان حملني على ظهره ، كنت سعيدة ثم جاء دوري لأحمله لم يكن ثقيلا فبنيته كانت ضئيلة ، حملته على ظهري وبدأت أدور فيه لكنني شعرت أن ثمة شيء يلامسني من الخلف واكتشفت أنه نزع ملابسه الداخلية ، غضبت وخرجت من المسبح وعدت إلى منزلنا دون أن أبيت في بيت جدي كما اعتدت كل أسبوع .. وأضافت : عدت سريعا واستسلمت للنوم وكأنني نسيت الحادثة حيث استيقظت في الصباح بشكل اعتيادي لكنني بعد ذلك بدأت أشعر بعنادي وتمردي على كثير من الأوامر في الأسرة وازداد انطوائي ورغبتي في العزلة ، ففي أول ليلة في زواجي لاحظ زوجي ولاحظت أنا خوفي من العلاقة العاطفية الخاصة وكذلك برودي رغم أن زوجي من أقربائي, ولكنه كأي رجل شرقي لم يساعدني لأتخلص من مخاوفي بل ذهب بي إلى طبيبة نساء لتسهل له الطريق التقليدي للعلاقة الخاصة , لكن حياتنا لم تكن تستمر بسبب برودي وعنادي وحساسيتي المفرطة تجاه كل شيء ....). والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا أقدم الخال مصدر الأمان على التحرش بابنة أخته ؟ وهل كان يدرك وهو مراهق نتائج سلوكه ؟من المسئول هنا ؟ ..... 2. معاناة الطفلة الجميلة : (( منى/35 عاما )) ((جامعية موظفة في احد القطاعات الأهلية )) (لقد كنت طفلة جميلة جدا وهذا سبب تعاستي.. البداية كانت من صديق ابن عمي ، كانت أعمارنا متقاربة عمري 6 سنوات وعمر ابن عمي وصديقه 13 عاما ، كنت ألعب معهما لكنهما تهامسا ذلك اليوم وطلب ابن عمي أن أجلس في مكان مرتفع قليلا في الشارع ربما كان حجرا كبيرا جلست عليه ولم أشعر إلا وصديق ابن عمي ينزع عني ملابسي الداخلية وينتهك حرمة جسدي للدرجة التي صرخت متألمة وخاف ابن عمي ووضع يده على فمي وهددني إن أخبرت أبي أن يقول أنني السبب ,, بعد ذلك حصلت حادثة أخرى ليست مشابهة مع ابن خالتي فاستجمعت قواي وشكوت إلى إحدى عماتي الحادثة إلا أنها نهرتني واتهمتني أنني افتري عليه ...) فعمتي من خلال نهرتها لى أشعرتني بتأنيب الضمير وكأنني السبب فيما يحدث لي) . ( فأنهيت دراستي الجامعية والتحقت بالوظيفة وتقدمت كثيرا في حياتي العملية وتقدم لخطبتي رجل مناسب فتزوجته ، وهنا بدأت المشكلة حيث رفضت تماما الاقتراب منه منذ أول ليلة من الزواج ... بكيت كثيرا وتذكرت كل الحوادث القديمة التي ربما أسست في داخلي كرها للرجل وكالعادة ذهب بي زوجي إلى طبيبة نساء لتسهل عليه الطريق إلى العلاقة الخاصة لكنها أي الطبيبة لم تفلح في أن تجعلني أتفاعل مع زوجي أبدا وبعد عام من العذاب عدت إلى بيت أهلي مطلقة ..) نظرتها للمستقبل أنها تريد أن تنتقم من كل الرجال ... أنا الآن أبني علاقات عاطفية مع الرجال أمارس الخداع معهم ..وفي الليل ابكي كثيرا لما افعله ويؤنبني ضميري ). والسؤال هنا كم من امرأة تسلك طريق الخيانة إذا كانت متزوجة ، والانحراف عن معايير المجتمع بتعدد العلاقات مع الرجال دون أن تدرك أن أصل خيط البكرة حادثة قديمة في الطفولة ؟..... ولماذا لا نكسر الحواجز بيننا وبين أطفالنا ونحدثهم بما يتناسب مع إدراكهم عن كيفية احترام الجسد وحمايته ؟ 3. الطفلة التي توهمت انها امرأة : (ح/22 عاما )( طالبة في الجامعة ) كان عمري 8 سنوات وكانت البداية أن لدينا " عزومة" كبيرة في منزل جدي ، كنت ألعب في فناء المنزل " الحوش " مع الأطفال ,, ناداني " عمي " كان عمره ( 13 ) عاما كنت مشغولة أريد أن أكمل اللعب مع أصدقائي قال لي : تعالي دقائق فقط ، وكان يسكن في غرفة خارجية في (الحوش) دخلت الغرفة.. بدأ يتحسس بعض مناطق خاصة من جسدي ، لم أكن أفهم ما يفعل لكنه قال لي لا تخبري أحدا .. حدث ذلك 3 أو 4 مرات وكنت لا أفهم شيئا لكني أستجيب له ليتركني أكمل لعبي مع الأطفال المجتمعين في المنزل. ولكن بدأ عذابي وخوفي في نهاية المرحلة المتوسطة وعمري ( 14) عاما، بدأت أذكر كل الممارسات من عمي وأبكي كثيرا ،، كنت أشعر أنني شاذة عن كل البنات وكأنني عارية خاصة حينما أقابل عمي الذي سافر بعد الحادثة ليكمل دراسته ... أمضيت سنوات طويلة أتعذب لأنني أحسب أنه أفقدني مستقبلي وكنت أرفض أي عريس يتقدم لخطبتي . وخفت أن أبلغ أمي فلو علم أبي لربما قتل عمي وأمي امرأة ضعيفة ، لكنني مؤخرا حكيت لأمي ما حدث ، وبالفعل ذهبت معي إلى الطبيبة التي أكدت سلامتي . ولكن سلامتي لم تحل المشكلة ، ما زلت خائفة من الزواج.إن بداخلي غضب شديد على عمي الذي جعلني أتعذب أكثر من (11) عاما ، لقد جعلني أشك في كل الرجال ، ولذلك حينما أنجب بنتا سألازمها طيلة الوقت.. • من المسئول عن قتل الطفولة ؟ إن الاعتداء الجنسي على الأطفال مسئولية الجاني الذي يقترف جريمة مثل هذه ، مسئولية الأسرة بلا شك في إهمالهم للطفل قبل الحادث بإفهامه لمعنى المحافظة على خصوصية جسده وملابسه الداخلية وعدم الثقة في من حوله من المراهقين وإن كانوا محارم ، ثم تبدأ مسئولية أكبر يهملها الأهل تتضح في عدم السماح للطفل بالتعبير عن مشكلته بنهره أو تكبيته أو تجاهل شكواه حينها تكبر مسئولية الطفل عما حدث ، ويقع في صراع ما بين تهديدات الجاني أو إغراء ته وما بين شعوره بالذنب كمثال (كان لدي طفل عمره ( 15 ) عاماً مشكلته أن ابن عمه يعتدي عليه ويغريه باصطحابه إلى المطعم وكان الطفل يوافق على الاعتداء رغبة منه في الحفاظ على الهدية " المطعم " فلم يكن والده يهتم باصطحابه إلى المطعم أو التنزه معه وقد مرض الطفل حيث تمزق بين قوتين تجذبه قوة رفض الاعتداء وقوة المحافظة على متعة المطعم ، وقد استمر اعتداء ابن عمه له سنة متواصلة ، عاش فيها مشاعر الخوف الشديد ، الشعور بالذنب ، عدم الثقة في خطواته المستقبلية ... هذه المشاعر السلبية للأسف عممت على حياته بشكل كامل حينها خضع للانسحاب). التحرش الجنسي ينعكس على مستقبل الطفل الصغير حين يكبر فيغدو رجل أو امرأة كيف يكون تأثير التجربة المّرة عليه ؟.... الطفل المجني عليه إذا غدا رجلا فإنه يتوحد مع الجاني ويمارس الاعتداء على الأطفال كما أن الميل إلى الشذوذ الجنسي يوجد في حياته سواء كان ذلك الميل معلن أو غير معلن والغضب الشديد يكبت في داخله ويتحول إلى نقمة على الموقف السابق وعلى الحياة بأكملها .. ويصبح الرجل خجولا ، قلقا ، يخاف التحدي ، ويعاني من الشذوذ والعجز الجنسي ، قد تظهر هذه الأعراض عليه بشكل مباشر " القلق الاجتماعي " ويمكن أن يحدث العكس فيصبح شخصية عدوانية متحفزة ، ولكن الحقيقة ،أنه خواء من الداخل . أما المرأة فإن أكثر ما ينعكس على حياتها من جراء ذلك خوفها من الرجل عموما ، الرهبة دون أسباب واضحة ، الخوف من المستقبل .. هي تشابه الرجل الضحية فيما ينعكس عليها من آثار ولكنها بالذات تخاف العلاقة العاطفية الخاصة في الزواج ، تخاف من أي لمس للأماكن الحساسة من جسدها ، فذلك يحرك مخاوفها القديمة الراكدة . والمرأة قد يتولد لديها شذوذ جنسي وربما أحيانا بشكل غير مباشر والمرأة عموما في مثل هذه الحالة تكره الرجل وأي علاقة معه ، وهذا يفسح لها المجال للميل إلى جنسها حيث تشعر بالأمان في ظل خوفها ورفضها للرجل ، وكثيرا من العلاقات في الزواج تدمرت بسبب تحرش جنسي على المرأة حين كانت طفلة حتى وإن كان مجرد لمس جارح لملابسها ، فالموقف برمته يحدث شرخا في داخلها . أحيانا لا تهتم الأسرة بأن يشاهد الطفل أفلاما بها مناظر فاضحة ، أو أن يرى والديه في وضع خاص في غرفة النوم مثلا أو تترك الأطفال بصحبة أعمامهم أو أخوالهم المراهقين دون رقابة..... كيف لك أن تصفي لنا أهمية ما نهمل ؟ يمكن أن يحدث آثار سلبية لطفلة صغيرة خافت من نظرة فاضحة أو فاحصة أتتها من رجل في الشارع مثلا أو في المنزل ، أو مثلما قلت طفل يشاهد أبويه في حجرة النوم في وضع خاص لا يفهمه .. القضية أن أجهزة الطفل الإدراكية ما تزال قاصرة عن فهم هذه الصور فجهازه المعرفي لم ينضج بعد بالدرجة الكافية لفهم وتفسير ما يرى . نحن فيما نهمل.. نغرقه بمعلومة لا يفهمها وهو بقصوره الإدراكي والمعرفي يضعها في مكان خاطئ فيشعر بالذنب ، وهذا ما يفسر أن تفعل الطفلة بأخيها الأصغر ما شاهدته من سلوك " جنسي "يمارسه الكبار أمامها سواء في الواقع أو على شاشات الفضائيات . إن التحرش البسيط يحدث أثرا قويا فالطفل في ذلك الموقف الذي يكون فيه مستسلم للمعتدى عليه دون أرادته يشعر بالعجز والخوف ولسان حاله يقول أنا عاجز. الذي يحدث بعد ذلك أن الطفل يعمم هذه الصورة أو التجربة لاحقا على مواقف الحياة ..تفعل ذلك الفتاة عندما تعمم الصورة على الرجال فيما بعد ،بالإضافة إلى الشعور بالذنب والخوف من الاكتشاف ، وهذا هو الجانب الخطر الذي يكشف لنا إهمالنا التوعية بالثقافة الجنسية .. ربما كان الطفل يمارس بعض السلوكيات الاستكشافية لجسده ولكن شعوره بالذنب هو الذي يضره. سأعطيك مثالا... لو افترضنا أن هناك طفلين احدهما يمارس التصرفات الجنسية ، والأخر يسرق ، نجد أن شعور الأول بالذنب يفوق شعور الثاني . طبعا يختلف الأطفال عمريا في إدراكهم ، لذلك لا نستطيع أن نحدد للأطفال سن معين للتوعية بالأمور الجنسية ولكن الأم تعرف مدى إدراك طفلها ، وهنا يتوجب عليها أن توعّيه تجاه جسده أولا باحترامه وعدم السماح لأي كان بالتحرش به. كذلك .. إن اقل تحرش بالطفل يخلق له عاهة نفسية مستديمة طوال حياته .. • واقولها.... من منطلقات علمية علاجية......, إلا أن معظم الناس لا يدرون عما يحدث لأطفالهم ليس بالضرورة لإهمال منهم ، بل لان الطفل ربما لا يصارح أحدا بما حدث، فقد يخاف أو يشعر بالذنب,, فهو لا يعرف بأنه بريء وانه ضحية ولا يدري ما هو حجم دوره وما ذنبه في الموضوع,بل وحتى الكبار يصمتون حين يعرفون, وكثيراً ما اسمع عن أمهات سكتن عما حدث لأطفالهن حفاظاً على علاقتهن بالجاني فهو من الأقارب وهي لا تريد (الشوشرة) أو تخاف أن لا يصدقها الآخرون. سيكولوجيه الطفل : ماذا عن الطفل ......هل يتذكر الاعتداء أو الصور الغير مفهومة والمختزنة لديه ؟ بعض الأطفال يتذكر الموقف إذا كان واضح وبعضهم لا يتذكره بوضوح . فالطفل عادة .. وهذا يرجع إلى بناؤه السيكولوجي يسعى إلى تجنب الألم ، فأي تجربة مؤلمة يزيحها الطفل ويسقطها في اللاشعور . تبقى هناك حية نابضة تبرمج إدراكه وتبرمج استجاباته للحياة دون أن يعرف ، وعادة قد يتذكر الطفل صور محددة من الموقف مثل أن شخصا ما وضع يده على أماكن حساسة من جسده ، وبعض الأطفال لا يتذكر التفاصيل لأنه رمى بها في العقل الباطن . لكننا في جلسات العلاج النفسي نستطيع التعرف على التفاصيل بعد جلسة العلاج الثانية تتفجر الرؤى المخزونة فتتذكر الحالة مالم تكن تتذكره . إن بعض السلوكيات الخطأ التي نمارسها كأسرة تجاه الطفل المعتدى عليه وفي اعتقادنا أنها لصالحه مثل تحاشينا تذكيره للموقف أرجو أن تلقي الضوء على هذه السلوكيات الخاطئة ؟ نعم للأسف ؟؟؟؟؟ فإن الأسرة إذا لمست تغير في سلوك الطفل وانعزال أو حزن فإنها تحاول إرضائه بالهدايا وتتحاشى سؤاله عن مصدر تعبه بل وإيهامه أحيانا بأنه يتمتع بصحة جيدة بعبارات مثل " أنت ما شاء الله عليك بطل وشجاع ولا فيك إلا العافية " وإذا ذكر الطفل مثلا عبارات مثل " أنا ما أحب ولد عمي ، أو حدد فلان بعينه " توبخه الأسرة بأن ذلك عيب دون أن تسأل لماذا يعبر الطفل عن كراهيته لشخص محدد في وقت يتزامن مع تغير سلوكه إلى الانعزال؟ ، أحيانا يرفض الطفل الذهاب إلى مكان الحدث مثلا وتخطئ الأسرة حينما ترغمه إلى الذهاب ، والكارثة أن الطفل أحيانا يحكي وتحاول الأسرة أن تمنعه بتهدئته ومنعه من الذهاب لمكان الحدث دون أن تمنحه الإحساس بالأمان أو تخفف من شعوره بالذنب . إن نصيحتي أوجهها بالفعل لكل مسئول عن طفل ,, إلى كل أم وكل أب .. إلى الأسرة بألا نهمل رعاية الطفل النفسية . علينا أن نستمع إلى شكوى الطفل ومراقبة بداية تغير سلوكه والتفتيش عن السبب من خلال استرجاع الأماكن التي يذهب إليها بمفرده ، وعلى الأسرة أن تمنح الطفل الأمان حتى يعبر عن غضبه وحزنه فتحكي له بعض حكايات المجرمين الذين يعتدون على الأطفال ، وتخبره أنه كطفل لا يعتبر مسئولا , أحيانا يغضب الطفل ولا يستجيب لمحاولات الأم لحثه على التعبير ولكن محاولاتنا التي تشبه انتزاع الشوكة من حلقه سوف تريحه مستقبلا .. أيضا علينا ألا نثق بالآخر مهما كان ، فالجاني ليس بالضرورة مريض نفسي .فمن خلال بعض الإحصاءات الغربية والعربية فان الاعتداء الأكبر على الطفل يتم داخل الأسرة... أود أن أسالك عن الفارق في الآثار بين تحرش الأقرباء والغرباء ...؟ تحرش المحارم أكثر تحطيما للإنسان من تحرش الغرباء ، وهو الذي يؤدي إلى سقوط قيم الإنسان حيث يشعر الطفل أن أكثر شخص ينتظر منه الحماية والأمان هو الذي يعتدي عليه .. قالت إحدى الحالات " فتاة عمرها 25 عاما ": أتذكر أن أخي كان يمنعني أن أقف عند باب الشارع كان عمري حينها 7 سنوات ، ثم يعتدي علي .. لم أكن لأفهم ما الذي يحدث ؟ من هنا أستطيع التعليق على خطورة تحرش الأقارب . فالحياة هنا تسقط في اللامعنى ، وبالنسبة للفتاة تصبح فيما بعد مستهترة جدا فهي تخاف الرجال جدا ، لكن تبعا لأحاسيسها الجنسية المطفئة تلجأ إلى العلاقات المتعددة مع الرجال وهذا نوع من التكوين الضدي .. سلوكها موجه بصورة مباشرة أو معممة لا يتكون لديها رادع ، فالشعور الديني والأخلاقي يكاد يكون معدوم ولا يوجد لديها فهم للحياة ... • كيفية التعامل مع الاعتداءات الجنسية : أ- توصيات للأهالي و المربين: ذكرت إحدى الدراسات توصيات هامة لاحتواء الطفل الذي يعاني وهي : 1- التصرف بحذر و الحفاظ على هدوء الأعصاب و عدم إلقاء التهديدات للطفل، فالطفل بحاجة إلى الأمان و الهدوء و الدعم. 2- عدم استسلام الأهل لتأنيب الذات واللوم مما ينسيهم من هو المعتدي الحقيقي الذي يجب أن ينال عقابه. 3- عدم إلقاء المسؤولية على الطفل. 4- استعمال لغة الطفل و عدم تبديل ألفاظه أو الكلمات التي يستخدمها لأن راحة الطفل هي المهمة في هذه الأوقات. 5- الحفاظ على الهدوء النفسي بتوفير الأمان ، فإذا لم يستطيع الأهل العمل مع ابنهم الضحية عليهم أن يطلبوا منه إشراك أحد من الخارج..(مرشد نفسي) مثلا. 6- تصديق الطفل (قد لا يقول كل شيء ليس لأنه يكذب بل لأنه خائف، فكلما كانت الثقة قوية يكون الطفل أدق في وصفه للحادث). 7- تعليم الطفل كيفية التوجه إلى أشخاص آخرين باستطاعتهم المساعدة. ب- مسئوليتنا تجاه القضية : في قضية بحجم مسئوليتنا تجاه الطفولة حولنا نحتاج خطة وقائية وعلاجية للموضوع لعلني أوجزها في النقاط التالية: 1-إيجاد الوعي الأسري بالتربية الجنسية ومساعدة المؤسسات التعليمية الاجتماعية وتبنيها لهذا الجانب منذ سنوات الطفل الأولى في الروضة على أن تكون الأسس مستمدة من الإسلام. 2- على الإعلام مسئولة كبرى في توعية أفراد المجتمع وعدم تداول الجانب المثير في الموضوع ، بل التركيز على توعية الأسر واستنهاض المسئولين بعلاج المشكلة. 3- توفير القوانين التي تحمي الأخصائيين العاملين في مجال الإرشاد مع حالات ضحايا الاعتداء. 4-وجوب تكاتف المؤسسات العاملة في مجال الصحة النفسية والخدمة الاجتماعية وتطوير مهارات العاملين فيها لتقديم التوجيه والإرشاد المناسب للطفل الضحية وأسرته. 5- ضرورة تحمل الجهات المسئولة كالشرطة والهيئات الرسمية والوزارات المسئولة عن الطفولة ، والشئون الاجتماعية مسئولية هذه القضية في السعي لاتخاذ القرارات وسن القوانين المناسبة للحد من تعنيف الطفل داخل وخارج آسرته. انتبهوا أيها الآباء....أيتها الأمهات .. أبناءكم أمانه في أعناقكم ..... اللهم إني بلغت اللهم فاشهد ...... إلى هنا .. وانتظرونا ...