"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعتداء الجنسي على الأطفال.. حقيقة محاطة بالسرية
نشر في محمدية بريس يوم 09 - 07 - 2009

- يمينة حمدي: يطلق مسمى "التحرش الجنسي" SEXUAL ABUSE‏ على كل إثارة يتعرض لها الطفل/ الطفلة عن عمد، وذلك بتعرضه للمشاهد الفاضحة أو الصور الجنسية أو العارية، أو غير ذلك من مثيرات كتعمد ملامسة أعضائه التناسلية أو حثه على لمس أعضاء شخص آخر فضلا عن الاعتداء الجنسي المباشر في صوره المعروفة، الطبيعي منها والشاذ.‏
وقد يكون الاعتداء عليه جنسيا في سن الثانية من العمر - وربما أقل - كما يمكن أن يقع ضحية للتحرش- بصوره المختلفة ويمكن أن يواجه هذا الخطر في أي وقت وفي كل وقت يمكن أن يغيب فيه عن رقابة الوالدين أو المربي ولعل تلك الحقيقة قد تذهل الكثيرين ويعتقدونها مبالغة، لكن ما أثبتته الحالات الحقيقية للأطفال الذين تعرضوا لهذا الاعتداء الوحشي ليس أمرا خياليا.
ولكنه يبقى مشكلة مستترة، وذلك هو سبب الصعوبة في تقدير عدد الأشخاص الذين تعرضوا لشكل من أشكال الاعتداء الجنسي في طفولتهم.
فالأطفال والكبار على حد سواء يبدون الكثير من التردد في الإفادة بتعرضهم للاعتداء الجنسي ولأسباب عديدة قد يكون أهمها السرية التقليدية النابعة عن الشعور بالخزي الملازم عادة لمثل هذه التجارب الأليمة.
ومن الأسباب الأخرى صلة النسب التي قد تربط المعتدي جنسيا بالضحية ومن ثم الرغبة في حمايته من الملاحقة القضائية أو الفضيحة التي قد تتبع الإفادة بجرمه. وأخيرا فإن حقيقة كون معظم الضحايا صغارا ومعتمدين على ذويهم مادياً تلعب دورا كبيرا أيضا في السرية التي تكتنف هذه المشكلة.
ويعتقد معظم الخبراء أن الاعتداء الجنسي هو أقل أنواع الاعتداء أو سوء المعاملة انكشافا بسبب السرية أو "مؤامرة الصمت" التي تغلب على هذا النوع من القضايا.

ولكل هذه الأسباب وغيرها، أظهرت الدراسات دائما أن معظم الضحايا الأطفال لا يفشون سرّ تعرضهم إلى الاعتداء الجنسي. وحتى عندما يفعلون، فإنهم قد يواجهون عقبات إضافية. ونفس الأسباب التي تجعل الأطفال يخفون سرهم هي التي تجعل معظم الأسر لا تسعى للحصول على دعم خارجي لحل هذه المشكلة، وحتى عندما تفعل فإنها قد تواجه بدورها مصاعب إضافية في الحصول على الدعم الملائم.‏
أرقام واحصائيات
هناك بعض الدول العربية أعلنت عن بعض الإحصاءات الخاصة بالتحرش الجنسي بالطفل داخل إطار العائلة، مع العلم أن ما يتم الإبلاغ عنه إلى السلطات المختصة لا يتجاوز نسبة ضئيلة مقارنة بالحالات الحقيقية نتيجة حالة السرية والصمت التي تحيط بهذا النوع من الاعتداء.
ففي الأردن تؤكد عيادة الطبيب الشرعي لوحدة حماية الأسرة أن عدد الحالات التي تمت معاينتها خلال عام 1998 قد بلغ 437 حالة، شملت 174 حالة إساءة جنسية، كان المعتدي فيها من داخل العائلة في 48 حالة، وكان المعتدي معروفا للطفل الضحية "جار – قريب" في 79 حالة، وفي 47 حالة كان المعتدي غير معروف للطفل أو غريبا عنه.

وقد أشارت أول دراسة عن حوادث التحرش بالأطفال في مصر أعدتها الدكتورة ‏"فاتن عبد الرحمن الطنباري" -أستاذة الإعلام المساعد في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس- إلى أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل.
وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية أشارت الدراسة إلى أن النسبة هي 35% من الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة بالطفل الضحية، وفي 65% من الحالات لا توجد بينهم صلة قرابة.
وتعد قضية التحرش الجنسي بالأطفال في مصر واحدة من أهم القضايا التي طرحت نفسها على أجندة العاملين بمجالات حقوق الإنسان، وبخاصة المهتمين بحقوق الطفل بداية من الرصد والاشتباك مع الانتهاكات الواقعة على الأطفال وبخاصة الاعتداءات الجنسية.

وفى الغالب تسود ثقافة مجتمعية ترفض الاعتراف بالأمر كظاهرة، كما لا تتوافر أي بيانات حكومية إحصائية وبخاصة بعد منع إعلان تقرير الأمن العام، برغم وجود عدد كبير من المؤسسات الحكومية معنية بالرصد والتدخل في مثل هذه الانتهاكات، وعلى سبيل المثال شرطة الأحداث ونياباتها، وأقسام وزارة الشؤون الاجتماعية المختصة بالتأهيل النفسي لضحايا العنف الجسدي.
و أشارت الإحصائيات التي نشرها المجلس القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في المؤتمر الثانوي الرابع تحت عنوان: "الأبعاد الاجتماعية والجنائية للعنف في المجتمع المصري"، إلى أن إحصائيات الإدارة العامة للأحداث تظهر تزايد الجرائم الماسة بالشرف بصفة عامة، في الفترة من عام 1997حتى عام 2000، والتي تضم الفعل الفاضح وهتك العرض وممارسة الدعارة والتعرض للأنثى، حيث بلغت "5909" منها 5427 جنحة تعرض لأنثى.
وبلغت جنايات هتك العرض والاغتصاب 92 جناية عام 1997 و32 جناية عام 2001 ومن بين 2143 طفلاً مودعين بدار أحداث المرج خلال عام ‏2001 بلغت نسبة المتهمين في قضايا هتك العرض والخطف المقترن بهتك العرض والاغتصاب 30%.
والأخطر في الأمر ما رصده مركز حقوق الطفل المصري من تحول الاستغلال الجنسي والجسدي للأطفال من ظاهرة وقتية مرتبطة بعوامل محددة، إلى ظاهرة قائمة على مؤسسات غير شرعية تعمل بشكل منظم على استغلال الأطفال جنسيا، لتحقيق أرباحها علي حساب براءة الطفولة وإنسانيتها.
وتشير بعض الاحصائيات التي أعلنت عنها سجلات عيادة الطب الشرعي في وحدة حماية الأسرة بالأردن أن عدد الحالات التي تمت معاينتها خلال عام 1998 قد بلغ 437 حالة، شملت 174 حالة إساءة جنسية على الأطفال، صنفت الى 48 حالة إساءة جنسية كان المعتدي فيها من داخل العائلة، و79 حالة إساءة جنسية كان المعتدي فيها معروفاً للضحية - قريبا أو جارا أو غيره- و47 حالة كان الاعتداء على الطفل فيها من قبل شخص غريب.
وقد أكدت إحدى الدراسات التي قامت بها اللجنة القومية لمنع إيذاء الأطفال في السعودية أن ربع أطفال المملكة العربية السعودية قد تعرضوا للتحرش الجنسي، والنسبة الدقيقة هي 22.7 %، وأن 62.1% رفضوا الإفصاح عن الأشخاص الذين أساءوا إليهم. وترجع الدراسة ذلك إلى حساسية العلاقة التي تربطهم بهم.
إلا أن 16.6 % قالوا أن الأقرباء هم الذين أساءوا لهم جنسيا بينما قال 4.8 % أن إخوة هم من فعل بهم ذلك، و12.3 % أصدقاء، و2.1% معلمين، بينما تنخفض النسبة إلى1 % لكل من الآباء والأمهات.

أما في لبنان فقد أظهرت دراسة قامت بها منظمة "كفى عنفا واستغلالا" بالإشتراك مع منظمة غوث الأطفال - السويد وبالتعاون مع المجلس الأعلى للطفولة التابع لوزارة الشؤون الإجتماعية ومراكز الخدمات الإنمائية والجمعية العربية الدولية لحماية الأطفال من سوء المعاملة والإهمال ومؤسسة رينيه معوض ومشاريع التنمية المحلية لمنظمة الرؤية العالمية الى جانب المنظمات غير الحكومية التي تعنى بحماية الأطفال تناولت 1025 طفلاً، أن 16.1% من الأطفال الذين شملهم المسح قد تعرّضوا لأحد أشكال الإساءة الجنسية على الأقل قبل حرب تموز وبعدها، و ‏12.5% كانوا ضحايا أفعال جنسية، في حين أن 8.7% قد تعرّضوا لمحاولات الشروع في أفعال جنسية، و4.9% قد أرغموا على مشاهدة صور وأفلام إباحية•‏
أما معدل عمر الأطفال الذين تعرضوا لأحد أشكال الإساءة فهو 10.3 سنوات. ولم يلحظ أي اختلاف من جهة احتمال تعرض الطفل للإساءة مرتبط بنوع الجنس أو الدين أو نوع المدرسة او مستوى تعليم الأب أو نوع جنس الشخص الذي يشارك الطفل غرفته.‏
في المقابل لوحظ أن الأطفال الأكثرعرضة للإساءة الجنسية هم الأطفال الذين ينتمون إلى عائلات مفككة والذين يعيشون إما في منازل صغيرة "عدد غرفها اقل من اثنتين" أو كبيرة "أكثر من ستة" والذين تتمتع والدتهم بمستوى تعليمي متدن أو مرتفع أو تكون عاملة والأطفال العاملون.‏
وبينت الدراسة ان معظم حالات الإساءة الجنسية للأطفال قد حدثت بشكل متكرر في المنزل من قبل معتدٍ ذكر لم يتم الكشف عن هويته. وقد لوحظ أن نسبة انتشار حالات الإساءة الجنسية ترتفع في المنازل التي تشهد عنفا او يتعرض فيها الأطفال لعنف جسدي او نفسي كما في أوساط الأطفال الذين يشعرون بانعدام التعاطف الأسري.‏
كما كشف 54.1% من ضحايا الإساءة الجنسية أنهم قد اعترفوا بما حصل لأحد الاشخاص – الام في معظم الحالات. ومقارنة بالأطفال الآخرين ارتفعت نسبة الرسوب المدرسي لدى الأطفال الذين تعرضوا للإساءة الجنسية.
كما لوحظ تراجع في أسلوب الحياة الصحية وارتفاع نسبة المشاكل والاضطرابات النفسية. واختلفت الأعراض لدى ضحايا الإساءة بحسب نوع الجنس حيث لوحظ ارتفاع في نسبة مشاكل النوم واضطرابات ما بعد الصدمة وحالات القلق لدى الفتيات مقارنة بالفتيان.‏
وأظهرت النتائج أن نسبة شيوع حالات الإساءة الجنسية خلال الحرب قد بلغت ‏4.8% وهي أكثر لدى الفتيان منها لدى الفتيات كما حدثت معظم هذه الحالات داخل المنزل من قبل شخص ذكر لم يتم الكشف عن هويته.‏
وعكست جلسات النقاش ضمن "المجموعات البؤرية" - التي تمت مع الأمهات والمربين – نقصاً معيناً في مستوى المعلومات المتوفرة عن نسبة انتشار الإساءة الجنسية للطفل والعوامل المهيئة لها.
كما بينت النقاشات وجود انحياز جذري بارز في ما يتعلق بطريقة مقاربة هذه القضية مع الميل الى اعتماد السرية في الحالات التي يكون فيها ضحايا الإساءة من الإناث. كما تبين أن هنالك تحفظاً وتمنعاً حيال الكشف عن هوية المعتدي في الحالات التي يكون فيها هذا الأخير من أفراد العائلة.
وعلى الرغم من اعتبار هذه القضية من المحرمات إلا أن المشاركين اعترفوا بأهمية وضرورة معالجة مسألة الإساءة الجنسية للطفل على المستوى الوطني. وتناولت هذه الدراسة مسألة الإساءة الجنسية للطفل في لبنان من خلال تقييم حجم الإساءة الجنسية وتحديد العوامل التي تزيد من احتمال وقوع هذا النوع من الإساءة عبر توصيف الأطفال الاكثر عرضة للاساءة وتقييم اثار حرب تموز 2006 على نسبة انتشار الإساءة الجنسية للطفل.
وشمل البحث قطاعات مختلفة في لبنان وضم مسح مقطعي لاطفال تتراوح اعمارهم بين 8 و17 سنة ونقاشات ضمن "مجموعات بؤرية" تضم اطفالا وامهات ومربّين.‏
كما أظهرت دراسة نشرتها جامعة بنسلفانيا الأميركية ارتفاعا ملفتا للنظر في جرائم استغلال الأطفال للأغراض الجنسية في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
فقد ذكرت الدراسة الجنائية التي أجراها باحثون في قسم الدراسات الاجتماعية بالجامعة أن حوالي 325 ألف طفل دون سن 17 يقعون ضحايا التحرش الجنسي والدعارة الإجبارية والفنون الإباحية في تلك الدول.‏
وقد أمضى الباحثون عامين في إجراء هذه الدراسة، كما أجروا مقابلات مع مئات الأطفال في 17 ولاية أميركية. وأجرى الباحثون كذلك مقابلات مع مسؤولين حكوميين وقضاة وموظفين في أجهزة الخدمات الاجتماعية. وأشار التقرير الذي كتبه الباحث ريتشارد أيستس إلى أن جرائم استغلال الأطفال للأغراض الجنسية هي من أكثر جرائم إيذاء الأطفال انتشارا في الولايات المتحدة وأميركا الشمالية اليوم.‏
وذكر إيستس في تقريره الذي حمل عنوان "الاستغلال التجاري الجنسي للأطفال في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك" أن جرائم اغتصاب ودعارة الأطفال أصبحت هذه الأيام وباء ينتشر بصورة واسعة في أجزاء مختلفة من البلاد.
وقال إيستس في التقرير إن الرجال هم أكثر من يقترفون تلك الجرائم, وإن معظمهم متزوجون ولديهم أطفال.‏
وذكرت الدراسة أن أكثر الأطفال عرضة للجرائم الجنسية هم الهاربون والمشردون واللقطاء وأولئك الذين تخلى ذووهم عنهم. وأشار إيستس في دراسته إلى أن 122 ألف طفل يعمدون إلى ممارسة الجنس لأغراض تجارية من أجل الحصول على الطعام والمأوى والملابس والمستلزمات الحياتية الأخرى.‏
وحذر إيستس من أن الأطفال الذين يعملون في مجال الدعارة وأداء الأفلام الإباحية يتعرضون للعنف والإدمان على المخدرات والاغتصاب والقتل أحيانا على أيدي تجار الجنس وبعض الزبائن والمسؤولين عن أعمالهم.
كما أظهرت الدراسة أن 73 ألف طفل من أولئك الذين يعيشون في كنف عوائلهم يتجهون إلى طريق البغاء والدعارة لأغراض الكسب المادي السريع من أجل شراء الملابس والبضائع الاستهلاكية والمخدرات.‏
وطبقا للتقرير فإن معظم هؤلاء الأطفال ينحدرون من أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة. واستنتج الباحث أن جميع جرائم الإساءات الجنسية للأطفال اقترفها أناس يعرفهم الطفل.
فقد تعرض 49% من الأطفال للاغتصاب والإساءات الجنسية على يد معلميهم أو مدربيهم الرياضيين أو جيرانهم, وتعرض 47% منهم لجرائم اغتصاب واعتداء من قبل أناس يسكنون معهم في البيت نفسه, وأن 4% فقط من الأطفال تعرضوا للاغتصاب على يد الغرباء.‏
وأوصى الباحث في نهاية تقريره بتشكيل وكالة فدرالية للإشراف على التحقيقات الجنائية في تلك الجرائم، ووضع إجراءات قانونية رادعة لتلك الممارسات سواء إزاء الجناة أو المجني عليهم الذين ينخرطون في عالم الجريمة والمخدرات والدعارة مستقبلا.‏
وفي سراييفو ذكرت دراسة اعدت مؤخرا في كرواتيا، ان واحدة من كل اربع فتيات تعرضت للاغتصاب على يد اقربائها.‏
وان كل واحد من ستة شباب يتعرض للاغتصاب. وان %90 من الاناث والذكور يمارسون الجنس دون سن الثامنة عشرة ثلثهم مع الاقارب و40% مع الجنس الواحد. ويقول الاطباء الذين يعالجون حالات دون سن العاشرة، ان بعض الاطفال لا يمكن ان يعودوا للحياة الطبيعية، وانه حصل لبعضهم لوثات عقلية بسبب الاغتصاب وبعضهم في حالات نفسية يصعب شفاؤها.‏

واكدت منظمة إنقاذ الطفولة البريطانية فى تقرير لها صادر فى عام 2008 أن مئات الأطفال في هايتي وساحل العاج وجنوب وغرب السودان يتم استغلالهم جنسياً على يد نفس الأشخاص المنوط بهم حمايتهم وتوفير الأمن لهم.
وأن هؤلاء الأطفال يعانون من تلك الانتهاكات في صمت دون أن يكون لديهم القدرة على إبلاغ أحد خوفا من الجنود أو من أسرهم ويقول التقرير عن دارفور منذ نشوب النزاع فى المنطقة، ما زال النساء والاطفال بحاجة للحماية من الاغتصاب والهجمات العنيفة التي ترتكب في شتى أرجاء دارفوربينما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن كلاً من القوات الأمنية الحكومية وعناصر حفظ السلام الدولية، لم توفر ما يكفي من حماية للنساء والاطفال الذين مازالوا معرضين لخطر الاغتصاب وغيره من ضروب الإساءة، سواء في سياق الهجمات واسعة النطاق، أو حتى في فترات الهدوء النسبي.‏
عنف في حل من القانون
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن كلاً من القوات الأمنية الحكومية وعناصر حفظ السلام الدولية، لم توفر ما يكفي من حماية للنساء والاطفال الذين مازالوا معرضين لخطر الاغتصاب وغيره من ضروب الإساءة، سواء في سياق الهجمات واسعة النطاق، أو حتى في فترات الهدوء النسبي.
مشيرة الى مواجهة ضحايا العنف الجنسي لمعوقات كثيرة على طريق العدالة، مما يجعل فرصة المقاضاة ضئيلة ويتفق المحامي محمد عبد الله ابوحريرة فيما ذهب اليه المنظمة بشأن الفرصة في المقاضاة والانصاف لان المشرع السوداني حسب ابوحريرة في كافة مراحل التطور التشريعي لم يعنِ بحقوق الاطفال مدللا على ذلك بان اول قانون عني به الطفل كان قانون رعاية الاطفال لعام 1971 الذي كان بغرض تنظيم جمعيات رعاية الاطفال مقتصرا على هذا الجانب فقط.
ونوه ابو حريرة الى ان فيما عدا ذلك لم يصدر اي قانون تخصصي بالاطفال الامؤخرا وهو قانون الطفل لعام 2004الذي وقع عليه بتاريخ 22 يونيو 2004 ومن قبله قانون رعاية الاحداث لسنة 1983 والذي لم يذكر هو الآخر تعريف محدد للطفل اذ جاء تعريفه كالآتي كل ذكر او انثى دون سن ال 18 من العمر مالم يبلغ سن الرشد.
ويقول ابو حريرة ان صدور هذا القانون جاء متماشيا مع الدور المتنامي من قبل المنظمات الدولية فيما يتعلق بحقوق الاطفال لاسيما الاعلان العالمي لبقاء الطفل ونمائه ورفاهيته لسنة 1990 والذي صادقت عليها حكومة السودان فى يوليو 2008.
وذهب ابوحريرة فى استعراضه لقوانين العقوبات الى ان قانون 1974 يمثل حقبة تشريعية متأثرة بالقوانين الانجلوساكسونية والقانون الجنائي لسنة 1991 الذي يستمد نصوصه من احكام الشريعة الاسلامية.
ويؤكد ابوحريرة ان هنالك تباين واضح بشأن هذين القانونين فيما يتعلق بتلك الجزئية اذ ان قانون 1974م تناول الاعتداءات التى يتعرض لها الانسان بصورة عامة والاطفال على وجه الخصوص تحت بند الاغتصاب والجرائم الجنسية الاخرى فى المواد من" ‏316 -319".
ومضى ابوحريرة قائلا فى هذا القانون فرق المشرع فى عمر المجني عليه فى توقيع العقوبة اذ نص على انه لايعتد بعنصر الرضا اذا كان المجني عليه امرأة دون سن ال18 كما اكد على ان الرضا الصادرمن الطفل وفقا للشرح القانوني للطفل لايعتد به.
واعتبر ابوحريرة انه وفقا لهذا البند يمكن ان ندرج الاعتداءات الجنسية التى يتعرض لها الاطفال والتى مال المشرع فيها الى تشديد العقوبة اذ جعل عقوبة الاغتصاب السجن لمدة 14 سنة.
ويواصل قوله اما قانون 1991 فقد تناول تلك الجرائم فى الباب ال15 من المادة" 145 -151" ويقول ابوحريرة بالغاء نظرة فاحصة فى هذا القانون نلاحظ ان المشرع لم يبين عمر المجني عليه اذ أن جل ما جاء بالمواد المذكورة تعابير رجل وامرأة.
وفى بعض المواد لفظ شخص وتلك مفردات وفقا للتعاريف الواردة بالقانون لاتشير الى عمر المجني عليه باكثر تفصيل ويمضي ابوحريرة قائلا حتى المادة 149 المتعلقة بالاغتصاب والتى هي من اكثر المواد التى تعنى بما يتعرض له الاطفال.
جاء مفرد شخص للمجني عليه وان كانت الفقرة الثانية من المادة تشير الى عدم الاعتداد برضاء المجني عليه اذا كان الجاني شخصا ذو قوامة او سلطة على المجني عليه ويردف ابوحريرة بان لفظ القوامة لديه مدلولاته القانونية التى تكون ابعد ماتكون عن الاطفال وخلص الى ان المشرع جنح الى التساهل فى قانون 1971 اذ جعل عقوبة الزنا 10 سنوات .‏
فى ذات الاتجاه اعتبر القانوني والباحث في حقوق الانسان الطيب النضيف ان المشرع السوداني لم يضع تصوراً تشريعياً واضحاً اتجاه قضايا النوع الاجتماعي وضرب مثلا على ذلك بقانون الاحوال الشخصية لسنة 91 الذي احتشد بقوانين تكرس للتمييز السلبي.
واضاف ان القانون الجنائي لسنة 91 وتحديدا الباب ال 15 من القانون والذي يعالج القضايا الجنسية " العرض والآداب العامة والسمعة "مارس تمييزا واضحا داعيا المشرع الى اجراء المزيد من التعديلات كذلك طالب بسن قوانين لتوفير الحماية للضحايا بشكل يضمن مواصلة المجنى عليه في مقاضاة الجاني و بالنسبة للشهود لضمان توفير الادلة الاثباتية لمعاقبة الجانى واحقاق الحق خلال مراحل سير التحقيق الجنائي والقضائي.
ويرى النضيف ان هنالك قصور تشريعى فى الباب ال 15 آنف الذكر لان المادة 148 لواط لا تشمل القصر سواء كان فاعلا او مفعولا به مبينا بانه كان على المشرع ان يشير الى هذه الجريمة ويشدد العقوبة عليها كما فعل فى جريمة الاغواء والاستدراج كذلك المادة 149 اغتصاب حصرت الفعل المعاقب عليه فقط فى الزنا واللواط.‏
وبقراءة لطبيعة الاعتداءات التى يتعرض لها الاطفال يذهب ابوحريرة الى ان الاعتداءات التى يتعرض لها الاطفال والتى اصبحت ظاهرة اجتماعية متفشية فى الآونة الاخيرة مع انها تعتبر من الظواهر المسكوت عنها اجتماعيا لان معظم الاسر تتكتم على تلك الانتهاكات تحت مسميات الخوف من الفضيحة والآثار الاجتماعية.
‏ويوضح ابوحريرة ان 80 % من تلك الاعتداءات التي تحدث للاطفال يتم التكتم عليها وال20 % المتبقية التى يتم الابلاغ عنها عادة مايتم التدخل فيها بعد فتح البلاغ بغرض التستر عليها ويبين بان تلك القضايا لاتجد حظها من التقديم للعدالة الا بنسب ضئيلة.
وحتى هذه النسبة الضئيلة التي تحال الى ساحات المحاكم عادة ما يلجأ الاطراف فيها الى مبدأ السرية في المحاكمات مما يجعل المجتمع غافلا عما يدور فيه من انتهاكات فظيعة ومتنامية ويضيف ابوحريرة نقطة اخرى يرى انها ساهمت فى ذلك وهي الغياب التام لاجهزة الاعلام المسموع والمقروء الا فيما ندر حسب وصفه عن قضايا الانتهاك الجنسي للاطفال الى مرحلة الموت لاسيما حادثتي شيماء ومرام والتى تناولتها كافة الصحف وتابعت تغطيتها بصورة لصيقة .‏
وعلى خلفية الحديث الذي قيل والذي يمضي بشكل او بآخرالى اتهام المشرع السوداني بالقصور والعجز فى اصدار تشريع لبعض القضايا تبرز اسئلة فى ظل الحديث عن تنامي الظاهرة عن هل ساعد ضعف العقوبة وغياب التشريع القانوني الرادع فى استفحال الظاهرة ؟
ولماذا بعد تنامي المشكلة لم نشهد جهوداً لاصدار تشريع يلائم حجم الظاهرة ؟ ابوحريرة رد قائلا بالايجاب ولكنه عاد للتصدي لذلك التنامي ينبغي على اجهزة الاعلام اولا ان تقوم بدورها كسلطة رابعة لتوعية الرأي العام لابعاد الظاهرة حتى يمثل ذلك آلية دفع للمشرع للعمل على سن قوانين مشددة فى حال وقوع تلك الجرائم.
اذ ان العقوبة المقررة ابعد ماتكون عن الردع وكثيرا مايفلت الجناة بموجب ثغرات قانونية وصفها ابوحريرة بالمأساوية والمبكية لانه كما قال لايعقل ان يقوم شيخ تجاوز ال 70 من عمره بانتهاك براءة الطفولة بمواقعة طفلة لم تتجاوز ال 4 سنوات من عمرها.
وبعد ثبوت الجرم المشين بكل عناصره تقوم المحكمة بتسليمه الى وليه ليعاود الكرة مع اطفال آخرين ويضيف ابو حريرة بالرجوع الى سجلات القضاء في الجرائم التي هزت المجتمع في الآونة الاخيرة نكاد نجزم بان كل متحرش بالاطفال سبق له وان قام بهذا الفعل اكثر من مرة الا ان تكتم ذويه دفعه الى التمادي في فعله موضحا انه لايعقل ان يقوم شخص سوي باتيان هذا الفعل مع طفل مالم يكن يعاني من اضطراب نفسي او خلل عقلي.
وفيما يتعلق بتجاهل الظاهرة بدون العمل على وضع تشريع ملائم للحد منها قال ابوحريرة ان مراحل تطور القانون دائما ما تكون نابعة من تطور وحراك المجتمع بحيث يتناسب القانون وفقاً لمصالح واحتياجات المجتمع ويضيف هذا النوع من الجرائم كظاهرة انفلاتية لم يكن يعرفها المجتمع السوداني.
ولم تكن هنالك ضرورة ملحة للتشريع لكي يتناولها هذا الى جانب ان هذه الجرائم كانت تعتبر من الظواهر المسكوت عنها اجتماعيا والمحرم تناولها اعلاميا لافتا الى انه بات يتوجب على المشرع السوداني التشدد بسن قوانين ذات عقوبات رادعة بعد تفشي هذه الجرائم كمحاولة للحد منها منوها الى انه ومن خلال متابعاته اليومية في المحاكم يكاد يجزم بان من كل ‏100 طفل هناك طفل يتعرض للاعتداء الجنسي سواء ان تم كشف هذا الامر او لم يتم حتى اضحت الاسر السودانية على جميع مستوياتها الاجتماعية تعيش فى هلع دائم جراء تلك الحوادث.‏
الأسباب والمخلفات
وحول الأسباب والدوافع الاجتماعية التي تقف وراء هذه الظاهرة قال الخبير الاجتماعي ثائر الحموي:
إن أسباب وجود حالات التحرش إنما تعود أولاً إلى الانفتاح الكبيرة على الفضائيات التي تنشر ما هو مباح وغير مباح، بالإضافة إلى التفكك الأسري من طلاق وهجر بين الأبوين، وكذلك حالة الفقر والحرمان التي يعيشها الأطفال فتجعلهم يجندون طاقاتهم العقلية والجسدية للتخلص منه ولا يكترثون بالوسيلة التي يستخدمونها في ذلك كما أن ممارسة الجاني للجنس مع الطفل أو التحرش به يعتبر هدفا في حد ذاته وليس بديلا للعلاقة الجنسية الطبيعية بدليل إصرار أو تورط بعض الأشخاص في التحرش بالأطفال أثناء زواجهم .‏
ومن خصائص المتحرش وفقًا للدراسات ذات الصلة أنه يتسم بالشعور بالنقص واضطراب البناء النفسي، وتعرضه الواضح لحالات الاكتئاب، وغالبًا ما يكون المتحرش قد تعرض لخبرات التحرش الجنسي في الطفولة كما أن طبيعة المجتمع المغلق خاصة بالنسبة للأطفال وعدم وجود أندية ومراكز تربوية وترفيهية يفرغون خلالها ما تختزنه نفوسهم من طاقات تؤدي بهم إلى تفريغها بشكل خاطئ وغير مقبول اجتماعياً.
وبالتالي فإن الأطفال الذين يعترضون للتحرش الجنسي في سنوات عمرهم الأولى حين يكبرون يعمدون إلى ممارسة التحرش الجنسي بمن هم أصغر منهم سناً وذلك تثمره حالة التكتم والرفض من قبل الأهالي في توعية أبنائهم جنسياً لاعتبارهم الحديث في التربية الجنسية مع الأطفال خطأ فادح يؤدي إلى وقوعهم بالخطيئة كما أن هناك عوامل تزيد من شدة التحرش عند الأطفال.
فأولها العمر فكلما كان عمر المتحرش به جنسياً صغيراً كلما كان التأثير السلبي على نفسيته أكبر وأعظم وأخطر، بينما يتمثل العامل الثاني في استمرارية التحرش على المدى البعيد وأن التحرش إذا كان من قبل أحد أفراد العائلة يكون أكثر حساسية لدى المجني عليه وبالتالي لابد من الملاحظة الدقيقة لتصرفات الطفل اللاحقة لحادثة التحرش دون أن يشعر، وعرضه على طبيب نفسي لمساعدته على تجاوز هذه الأزمة.
بالإضافة إلى أهمية العمل على ملاحقة الجاني حتى ينال عقابه والتأكيد على ذلك للطفل، حيث إن ذلك يعتبر جزءا أساسيا في علاج الطفل، وفي نفس الوقت يكون رادعا للآخرين الذين تسول لهم أنفسهم التحرش بالأطفال وانتهاك براءتهم وأخيرا ً فإنه من المهم ملأ أوقات الفراغ لدى الطفل حتى لا يفكر بالأمور الجنسية مع ضرورة إيجاد حالة من التوعية والإرشاد للأهالي والأطفال على حد سواء لينأوا بأنفسهم عن ذلك الخطر المهين لكرامة الإنسان وأدميته .
الطب النفسي
وعن الآثار النفسية التي يتعرض لها الأطفال نتيجة تعرضهم للتحرش الجنسي أكد الدكتور عمار برازي الأخصائي بالأمراض النفسية ومعالجة الإدمان:‏
أن انعكاسات التحرش الجنسي تختلف من طفل لآخر فمن الممكن أن تمر الإساءة الجنسية دون أي انعكاس نفسي ودون أن تسبب أي مشكلة في بداياتها وقد يعاني الطفل الذي تعرض للتحرش الجنسي من القلق أو الخوف أو الاكتئاب أو اضطرابات نفسية وسلوكية بعد الحادثة فورا .
أو خلال فترات قادمة خاصة ً إذا كان التحرش الجنسي قد ترافق بعنف جسدي أو ترهيب وتهديد وتبدأ الأعراض التي تدل على تعرض الطفل للتحرش الجنسي بالظهور على شكل الشعور بالأرق والخوف والقلق او اضطرابات النوم أو من خلال الحديث خلال النوم وحتى من الممكن أن تظهر في مكونات ألعاب الطفل حيث يقوم الطفل بتمثيل الحادثة التي تعرض لها من خلال ألعابه وهذا مؤشر مهم جدا .
كما يمكن ملاحظة أن الطفل يعيش بحالة توتر وخوف دائمين حتى أنه يرفض الذهاب إلى المدرسة منفردا ً ويشتد خوفه من الغرباء ولكنه قد لا يعبر عن سبب خوفه ومن الممكن أن تتوتر علاقة الطفل مع أشقائه ويمتد أثر حادثة التحرش إلى طريقة الطعام أو الانتقال إلى النوم بجانب والدته من شدة الخوف أو حدوث تبول لا إرادي لديه وهذه الارتكاسات من الممكن أن تحدث مباشرة ً بعد تعرض الطفل أو الطفلة للتحرش وقد تأخذ وقتا ً حتى تظهر لما بعد البلوغ وحتى في سنوات متقدمة.
كما أن الطفل الذي تعرض لتحرش جنسي ولم يتلق العلاج قد يصبح متحرشا ً جنسيا ً وهذه هي إحدى الاضطرابات المستقبلية التي قد يتعرض لها الطفل ولكن هذا الفعل بالتأكيد غير مبرر قانونيا ً ولا يمكن معاملة هذا الشخص كمعاملة مريض الفصام الشخصي والذي هو غير مدرك لما يجري حوله أما الأول فهو مدرك وواع ِ وبالتالي يمكننا القول أن الطفل الذي تعرض لتحرش جنسي وفي ظل وجود عوامل مساعدة أخرى قد تكون نسبة تحوله لمتحرش جنسي عندما يكبر أكثر بكثير.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا تعرض الطفل لإساءة جنسية طويلة ومتكررة ومترافقة بعنف فإن ذلك يترك أثرا ً نفسيا ً مستقبليا ً أكثر شدة .‏
كما أن الشخص الذي يقوم بالتحرش الجنسي بالطفل ليس بالضرورة أن يكون مريضا ً نفسيا ً بل يمكن القول أنه يعاني من اضطراب سلوك جنسي وهذا الاضطراب من الممكن أن يكون ثانوي لاضطرابات شخصية أخرى يعاني منها الشخص كاضطراب العمل أو الاضطراب السلوكي .‏
وتوجد فئة أخرى تسمى فئة " البيدو فيليا " أي محبي الأطفال وهؤلاء لا يعانون من أي اضطراب في حياتهم وسلوكهم سوى حبهم لممارسة الجنس مع الأطفال ونادرا ً ما يقصد هؤلاء طبيب نفسي بقصد العلاج .
وطريقة علاج الطفل الذي تعرض لتحرش جنسي في طفولته تتم عبر دراسة حالته في الوقت الذي يلي تعرضه للصدمة من خلال تشخيص الحالة هل هي ارتكاسات تحرش فقط أم اضطرابات قلق ونوم أو اكتئاب فإذا تم تشخيص متلازمة نفسية فيتم التعامل مع حالة الطفل كأي مرض نفسي ناتج عن سبب معين ويكون العلاج نفسيا.
‏أما إذا كانت التبعات من نوع الخوف أو الانعزال فذلك يحتاج إلى دعم نفسي من خلال بث الطمأنينة في نفس الطفل وإعطاء ملاحظات للأهل لكيفية التعامل معه من خلال التأكيد للطفل أن الذي حدث معه لن يتكرر وان الشخص الذي فعل به ذلك سيلقى عقابه ولن يراه مستقبلا ً والأهم هو إحساس الطفل بالأمان .‏
وفي النهاية لابد من التأكيد على أن للعلاقات الأسرية تأثير كبير في تركيب ونمو شخصية الإنسان ونفسيته كما أن الضمير نفسه والانا العليا التي تحدث عنها فرويد يتشكل عند الإنسان منذ الصغر.
وبالتالي فوجود الطفل في عائلة مفككة ووجود أب يعاني من مشاكل وأم كذلك الأمر يسهل ارتكاب الأخطاء دون إحساس بالذنب كما أن تعرض طفل من هذه العائلات لتحرش جنسي وعدم وجود من يعالجه ويحميه فإن ذلك سيجعل النتائج المستقبلية كارثية بالتأكيد .‏
الآثار المستقبلية
الآثار المستقبلية للتحرش الجنسي بالأطفال: في بحث للعالم الأمريكي "جريجوري ديكسون" عام 1996 ظهر أن 49% من الشواذ جنسيا الذين تناولهم البحث قد حدث لهم نوع من أنواع الاعتداء الجنسي أثناء مرحلة الطفولة.
كما ذكر الأستاذ "أمجد عدنان جميعان" في دراسة له عن معدل انتشار الانتهاك الجنسي للطفل وآثاره على المدى الطويل في عيِّنة من الأطفال الذكور في الأردن أنه "تمت دراسة معدل انتشار الانتهاك الجنسي للطفل بالملامسة لدى عيِّنة من الطلبة الأردنيين، كما تم تقييم العلاقة بين الانتهاك الجنسي في الطفولة وبين الصحة النفسية للبالغين.
وقد تم تقييم التجارب التي مرَّ بها مائة من الطلاب الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 سنة، بشكل فردي، باستخدام نوعين من الاستبيانات هما الصيغة العربية للاستبيان حول الصحة العامة، والترجمة العربية للاستبيان الذاتي الأداء، للانتهاك الجنسي للطفل بالملامسة.
وقد تبيِّن أن 27% من الطلاب لديهم سوابق للانتهاك الجنسي للطفل قبل سن الرابعة عشرة، وأن أولئك الذين تعرضوا للانتهاك الجنسي في الطفولة قد عانوا من مشكلات في الصحة النفسية أكثر ممن لم يتعرضوا للانتهاك".
‏ومما يذكر أن عدداً من المؤسسات في العالم العربي أخذت بالاهتمام بالفترة الأخيرة لمعالجة ظاهرة التحرش الجنسي عند الأطفال، ومن بين هذه المؤسسات "الإدارة العامة للحماية الاجتماعية" بالمملكة العربية السعودية، والتي تختص باتخاذ تدابير معينة تحمي بعض أفراد المجتمع المعرضين للإيذاء البدني والنفسي والجنسي، خاصة الأطفال الذين يقل عمرهم عن 18 سنة.
وتقوم هذه المؤسسة بدراسة المشكلات المسببة، والتنسيق مع الجهات الأهلية والحكومية، كذلك تنظيم المشاركة في المؤتمرات والندوات وورش العمل المتعلقة بمهام الإدارة، والتدخل السريع فيما يصلها من شكاوى بتنسيق فوري مع إمارات المناطق والمحاكم الشرعية والشرطة.
وفي مملكة البحرين يهتم برنامج "كن حرًّا" التابع لجمعية البحرين النسائية بتقديم الدعم المعلوماتي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي.أما الأردن فقد افتتح فيها هذا العام "دار الأمان- مركز حماية الطفل "التدخل/العلاج""، وهو أول مركز متخصص في الوطن العربي في مجال حماية الأطفال من مختلف صور الانتهاكات، وهو متخصص أساساً في إعادة التأهيل ومعاملة ضحايا الانتهاكات، ويستقبل المركز كل انتهاكات الأطفال، سواء كانت جنسية أو بدنية أو بسبب الإهمال.
وتوجد في الأردن مؤسسة نهر الأردن وهي واحدة من المؤسسات التي تعنى بالطفل عموماً، وقد أطلقت عام 1997 "برنامج أطفال نهر الأردن" الذي يلتزم بتقديم الدعم العلمي والأخلاقي والقانوني لضمان تنمية قدرات الأطفال لأقصى الحدود.
ويهدف إلى تطوير برامج وخدمات للأطفال من عمر ما قبل الولادة حتى سن ‏18 عاماً، كما يهدف إلى خلق مجموعات داعمة للأطفال والقائمين على رعايتهم ‏"الأسر والمعلمين" في المجتمع المحلي والمجتمع بشكل عام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.