مرت 4 سنوات على تحرير منطقة الكركرات من شراذم المرتزقة الذين كانوا يحاولون زرع الرعب وإثارة الفوضى في الطريق الدولي الرابط بين المغرب وعمقه الإفريقي. في يوم 13 نونبر 2020 أجْلت القوات المسلحة الملكية بحرفية عالية عناصر البوليساريو، الذين فروا دون إطلاق رصاصة واحدة، تاركين وراءهم الغبار والأحذية المتطايرة، ونقلوا معهم رسالة قوية إلى المموّل الجزائري بأن أرض المغرب لا تقبل أبدا القلاقل والتهديدات الأمنية. ومنذ ذلك الحين، تحوّل اسم الكركرات إلى رمز للحزم والصرامة التي تتعامل بها بلادنا مع كلّ من سوّلت له نفسه تهديد وحدتها الترابية أو الإضرار بأمنها واستقرارها. وكي تعبر هذه الرمزية عن الرسائل القوية التي تحملها، كان لا بد أن تحوّل بلادنا نقطة الكركرات القريبة من الحدود الموريتانية إلى بقعة نماء وبناء بدلاً من أن تكون بؤرة توتر وتهديد مثلما كان يخطط لها الانفصاليون. ومنذ أن فرّ المرتزقة بعد عملية التطهير الهادئة أصبح الطريق الدولي الذي يصل المغرب بعمقه الإفريقي آمنا ومستقرا، وعلامةً على أهمية الانفتاح على القارة السمراء بما يمثله ذلك من فرص التطوير والتنمية والتبادل الاقتصادي والتجاري. وفي المقابل تحوّلت الكركرات إلى نكسة بالنسبة إلى النظام الجزائري، إلى درجة أنه ما يزال يناور ويحاول دبلوماسيا وماليا أن يعيد خلق بؤرة توتر جديدة في المناطق الحدودية بين المغرب وموريتانيا، لكن دون جدوى. نذكر جميعا أن إجلاء المرتزقة حدث دون إهراق قطرة دم واحدة، ورأينا كيف حرصت القوات المسلحة الملكية على تنفيذ عملية نظيفة إلى أبعد الحدود، وقد كان الحرص على عملية سلمية إشارة قوية إلى الجميع، سواء الأصدقاء أو الحلفاء، أو حتى خصوم الوحدة الترابية، بأن المغرب لا يريد الدخول في صراع مسلح أو حرب لكن إذا فُرضت عليه فإن القوات المسلحة الملكية تظل باستمرار على أهبة الاستعداد للدفاع عن حوزة الوطن. كما أن الرسالة الأخرى الأكثر أهمية، هي أن أوهام وقوف تنظيم مسلح من إرث الحرب الباردة في مواجهة جيش نظامي ودولة مستقرة مثل الدولة المغربية، قد انتهت منذ زمن طويل، وعلى الذين يواصلون بيع هذا الوهم والمتاجرة به أن يعودوا للارتباط بالواقع والحقيقة. والواقع هو أن الكركرات تحوّلت في ظرف بضع سنوات فقط إلى مركز حضري مهم يتضمن كل المرافق الحيوية مثل المسجد أو المراكز التجارية أو المؤسسات العمومية أو محطات الوقود أو باحات الاستراحة. لقد أجلت قواتنا المسلحة الملكية يد الخراب، ومدّت يد النماء والبناء، وهي رسالة جد بليغة، كان من المفروض أن يستوعبها النظام الجزائري الذي يواصل مناوراته اليائسة. لكن الوجه الآخر لموقعة الكركرات، هو أن بلادنا قادرة على مدّ يد السلام، لكنها قادرة أيضا على تأديب كل من سولت له نفسه الاعتداء على سيادتها ووحدتها. ومثلما فرّ المرتزقة من الكركرات لينجو بجلودهم فقد واصلت القوات المسلحة الملكية في مناسبات عديدة الردّ بحزم، واصطياد الإرهابيين الذين حاولوا اختراق المنطقة العازلة. وقد تابعنا كيف تم اصطياد هؤلاء المسلحين في عمليات قصف مركّزة. لذا؛ فنحن مطمئنون إلى الحماية التي توفرها القوات المسلحة الملكية لحدودنا الجنوبية والشرقية، في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي والنظام العسكري الجزائري الذي يدعمه. وما حدث في الكركرات لا يمكن ببساطة أن يتكرر مرة أخرى، لأن زمن الفوضى والقلاقل انتهى، وما وراء الجدار العازل أصبح اليوم منطقة حارقة لهؤلاء المرتزقة. وهذا يعني أن ما بعد مرحلة الكركرات أدى إلى فرض قواعد اشتباك جديدة من طرف القوات المسلحة الملكية، قوامها الردع والحزم والمقاربة الاستباقية التي لن تسمح أبدا لأيّ انفصالي بالوصول إلى عمق التراب المغربي.