بعد وصول قطار مدونة الأسرة إلى محطته الأخيرة والتي سبقتها محطات عدة متعلقة ب"بتقديم الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية الوطنية تصورتها ومقترحاتها إلى الهيئة المكلفة بإعادة النظر في القانون الأسري"، أسند الملك محمد السادس باعتباره أميرا للمؤمنين مهمة جديدة للمجلس العلمي الأعلى الذي يرأسه من أجل إصدار فتاوى دينية إسلامية في بعض المسائل الشائكة المتعلقة بالمدونة التي توجد في طور التعديل.
وأشار بلاغ الديوان الملكي في لغته ورسالته الواضحة إلى أن "الجهة الوحيدة المخول لها إصدار الفتوى داخل المملكة المغربية هي المجلس العلمي الأعلى بناء على الفصل 41 من الدستور المغربي"، حيث رافق تطور هذا المشروع المجتمعي عدة تأويلات وضعها أصحابها في ركن "الفتاوى" الصحيحة، في سياق السجال الذي حصل بين التيارات المحافظة والحداثية.
وعلى ضوء هذا المستجد الذي ظهر بعد حوالي 90 يوما من الصمت الذي عقب خطوة تسلم رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، التقرير المفصل من الهيئة التي كلفها الملك محمد السادس باستقبال مقترحات الجهات المعنية وذلك تفعيلا لمبدأ التشاركية، من المنتظر أن تشهد الأسابيع المقبلة جديداً في الموضوع، لاسيما وأن بلاغ الديوان الملكي لم يحدد الفترة التي من المفترض أن يجزم فيها المجلس رأيه في المواضيع الأسرية المتشعبة.
وفي هذا السياق، قال لحسن سكنفل بن ابراهيم، رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيراتتمارة، إن "هذه المبادرة الملكية السامية تأتي في سياق المبادرات المتعددة من طرف أمير المؤمنين أعز الله أمره للحفاظ على اللحمة الإجتماعية القوية بين مكونات المجتمع المغربي، وسبق للأمير المؤمنين أن استفتى المجلس العلمي في عدد من المسائل من أهمها مسألة المصلحة المرسلة ودورها في رعاية مصالح العباد خصوصا مع مستجدات العصر التي تحدث للناس قضايا يبحثون لها عن الحلول المناسبة".
وأضاف سكنفل، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "اليوم وبعد انتهاء اللجنة الملكية بمراجعة مدونة الأسرة التي مر على إخراجها عشرون سنة يحيل مولانا أمير المؤمنين مقترحات هذه اللجنة إلى الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى من أجل فتي في المقترحات التي لها علاقة بالأحكام الشرعية في إطار احترام النصوص القطعية الدلالة التي لا مجال لتغييرها".
وتابع المتحدث عينه أنه "بعيدا عن تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله وفي إطار الاجتهاد المقاصدي الذي يستحضر واقع الناس المتغير ويعمل على تنزيل الأحكام الشرعية العملية على ذلك الواقع تنزيلا لا يدخل الفرد في الحرج والضيق والمشقة بالرجوع إلى مقاصد الشريعة ومكارمها المبنية على الرحمة والعدل والرفق والمساواة حفاظا على الأسرة التي هي أساس النظام الاجتماعي في عقيدتنا وشريعتنا وقيمنا وتقاليدنا وأعرافنا".
وأردف أيضا: "استنادا إلى هذه المبادرة الكريمة من الملك محمد السادس فلا خوف على بلدنا وعلى تديننا وعلى أسرنا وعلى نسيجنا المجتمعي ما دام أمير المؤمنين حفظه الله باعتباره خليفة رسول رب العالمين هو الحكم بين فرقاء المجتمع ومادام الأصل في التشريع واصدار القوانين هو شريعة رب العالمين، ومادام علماء الشريعة وفقهاؤها هم المرجع في البيان و البلاغ والتأصيل".