أعلن الديوان الملكي أن جلالة الملك محمد السادس، بصفته أمير المؤمنين ورئيس المجلس العلمي الأعلى، قرر إحالة بعض المقترحات المرتبطة بنصوص دينية، التي رفعتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، على المجلس العلمي الأعلى للإفتاء بشأنها. تأتي هذه الخطوة ضمن سياق حرص جلالته على تفعيل دور المؤسسات الدستورية الوطنية في معالجة قضايا الأسرة، بما يتناسب مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وفضائل الاجتهاد والاعتدال، وبما يحقق المصلحة الفضلى للأسرة المغربية. السياق والغاية تشكل هذه الإحالة الملكية جزءًا من اختصاصات إمارة المؤمنين، التي تهدف إلى توسيع المسار التشاوري بخصوص مراجعة أحكام مدونة الأسرة. تعكس هذه الخطوة احترام جلالة الملك لعمل المؤسسات الدستورية الوطنية، من خلال إشراك المجلس العلمي الأعلى في النظر في بعض المقترحات الدينية المتعلقة بقضايا الأسرة. دور المجلس العلمي الأعلى تكليف المجلس العلمي الأعلى بهذه المهمة يهدف إلى إشراك العلماء في عملية التفكير الجماعي التشاركي لمراجعة مدونة الأسرة، في ما يتعلق باختصاصهم. تمتاز مدونة الأسرة بخصوصية مقارنة بالقوانين الأخرى، نظرًا لاستنادها إلى المرجعية الدينية. ويبرز هذا التكليف الدور المحوري للعلماء في تحصين الأمن الديني للمغاربة، بما يكفل احترام التعاليم الدينية السمحة مع مواكبة التطورات المجتمعية. تحارب حاسمة للمجلس العلمي الأعلى تعد هذه الإحالة من صميم الصلاحيات الدينية لصاحب الجلالة، وهي موجهة حصريًا للمؤسسة التي أوكلها الدستور صلاحية إصدار الفتوى. سبق للمجلس العلمي الأعلى أن اضطلع بمهام مماثلة، مثل فتوى خطة العدالة بالنسبة للنساء، وفتوى إغلاق المساجد مؤقتًا بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19، وفتوى استعمال القنب الهندي لأغراض طبية وعلاجية وصناعية، مما يبرهن على دوره الحيوي في معالجة قضايا مجتمعية ودينية معقدة. مقاصد الإحالة وضوابطها حدد بلاغ الديوان الملكي مقاصد هذه الإحالة في البحث عن التأسيس البناء للمسائل المرتبطة ببعض المقترحات ذات المرجعية الدينية، عبر سلك باب الاجتهاد لتوفير حلول مبتكرة قادرة على كفالة استقرار مؤسسة الأسرة وضمان ديمومتها كخلية أساسية للمجتمع. كما شدد جلالة الملك على "أنه لن يحلل حرامًا ولن يحرم حلالًا"، محددًا ضوابط واضحة لهذه الإحالة. تعزيز الاجتهاد والوسطية استشارة المجلس العلمي الأعلى في المقتضيات الدينية المرتبطة بمدونة الأسرة من شأنها أن تعزز المقترحات التي رفعتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة إلى جلالة الملك. تسهم هذه الخطوة في دعم باب الاجتهاد لاستنباط مصلحة الأسرة من تعاليم الدين الإسلامي ووسطية أحكامه واعتدال منهجه. كما تضع هذه الفتوى حدًا للتأويلات الدينية الفردية التي لا تراعي الواقع الاجتماعي وتطلبات العصر، وتستحضر التفسير المقاصدي للنصوص الدينية. فتح باب الاجتهاد تبرز هذه الإحالة الملكية أهمية فتح باب الاجتهاد في القضايا المستجدة المرتبطة بأحوال الأسرة المغربية، وفق مقاصد الشريعة الغراء، وفضائل الاعتدال والاجتهاد، عن طريق الفهم المتجدد لضوابطها ومقاصدها. تسعى هذه العملية إلى تقديم حلول راهنة لإشكالات معاصرة، تراعي الواقع والتوقع، وتبحث في أسبابه ونوازله، مع مراعاة القوة الاقتراحية والمطالب الاجتماعية المعبر عنها، بما يحقق استقرار العلاقات الزوجية وديمومة السكينة والمحبة بين جميع مكوناتها. وتعكس هذه الخطوة الملكية حرص جلالة الملك على تعزيز التشاور والشراكة بين المؤسسات الدستورية والعلماء في معالجة قضايا الأسرة، بما يتناسب مع تعاليم الدين الإسلامي السمحة وفضائل الاجتهاد والاعتدال. يأتي هذا القرار في إطار السعي الدائم لتحقيق المصلحة الفضلى للأسرة المغربية، وضمان استقرارها وديمومتها كمكون أساسي للمجتمع.