أسقطت الرياح القوية التي ضربت حكومة العثماني وبنكيران الكثير من حبات "سنبلة" الحركة الشعبية، آخرها محمد حصاد، والعربي بن الشيخ، المعفيين من قبل الملك محمد السادس، وحكيمة الحيطي التي تلقت هي الأخرى "إعداما سياسيا"، بعد التقرير المزلزل للمجلس الأعلى للحسابات، معطيات اعتبرها الحزب أنها لن تغير أي شيء من موقعه داخل الحكومة، حيث أكد نيته مواصلة العمل الحكومي داخل سفينة العثماني في آخر اجتماع لمكتبه السياسي. فما السر وراء إصرار الحركة على الشبث بذلك على الرغم من مخلفات "الزلزال الملكي" و"كراطة أوزين" و"شكولاتة الكروج"؟ وفي هذا الصدد قال عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن حزب الحركة الشعبية من الصعب عليه أن يشتغل خارج الحكومة ، على اعتبار أنه يدرك جيدا أن العمل من داخلها يوفر إمكانيات كبيرة لأي حزب سياسي، موضحا أن "الاشتغال من بوابة المعارضة قد يهدد الحزب بالضعف أكثر مما هو عليه اليوم، بالنظر إلى نتائج الحزب الآخذة في التراجع منذ سنوات، خاصة على مستوى الانتخابات التشريعية".
وأضاف قراقي في تصريح ل"الأيام24" أن البقاء ضمن مكونات الأغلبية الحكومية يجنبه صعوبة العمل في المعارضة في ظل القيادة الحالية للحزب ، معزيا ذلك إلى أنه سيجد صعوبة كبيرة في بلورة خطاب سياسي في المعارضة ، إلى جانب قدرته على إيجاد نخبة بإمكانها ممارسة النقد تجاه الحكومة والنقد الذاتي للحزب، "هذه الأمور صعبة على الحركة، لأنه اعتاد على الاشتغال دائما من داخل السلطة التنفيذية، وهذا يوفر له الكثير من الموارد ويجنبه الكثير من المشاكل، خاصة الداخلية منها"، يقول المتحدث ذاته.
وعن تأثير إعفاء محمد حصاد الذي كان مرشحا لتعويض العنصر على رأس الأمانة العامة في البنية الداخلية ل"السنبلة"، قال قراقي إن ذلك سيغير أشياء كثيرة داخل الحزب ومكانته ، وطبيعة ومستوى نخبه ومدى نضاليتها، ويضعه أمام إشكالية تدرج النخب في الهيئات التنظيمية ومستوى تشبعها بمبادئ وقيم الحزب، مؤكدا أن الحركة دفعت ثمن استقطاب أسماء ومنحها القبعة الحزبية.
وشدد الأستاذ الجامعي على أن حزب العنصر مطالب اليوم بضرورة العودة إلى هيئاته في جميع المناسبات، ولا يجب أن يكون حزبا فوقيا مناسبتيا ،يرتبط بالانتخابات وعندما والحكومة والمناصب الوزارية فقط.
وبعد العديد من المتغيرات والمستجدات التي عرفتها الخريطة والبيئة السياسيتين في الآونة الأخيرة، أكد المحلل السايسي أن ذلك يفرض على الحزب أن يتخذ منعطفا جديدا على مستوى رؤيته السياسية إن أراد البقاء، "لأن البنية السياسية في المغرب تغيرت كثيرا، وأصبحت تعطي أهمية كبيرة للبناء الداخلي ومؤسسات الحزب، مشيرا إلى أنه منذ إعفاء أوزين والكروج دخل الحزب في مرحلة ضعف.
"إذا لم تكن لدى العنصر نية في الرحيل فلا أحد يستطيع أن يزيحه، لأن الآليات التنظيمية للحركة تعطي لزعيما إمكانية الرجوع والبقاء، وبالتالي إذا لم يقرر هو انطلاقا من رغبته وقناعاته وتقييمه لمساره على رأس الحزب، فالعنصر سيبقى على رأس السنبلة من دون شك"، هكذا علق قراقي على إمكانية استمرار إبن إموزار في قيادة الحزب التي تسلم مفاتيحها منذ العام 1986. ونشير إلى أن موقع "الأيام24" حاول الاتصال بمحند العنصر، لأخذ وجهة نظره في الموضوع، إلا أن هاتفه ظل يرن بدون جواب.
يذكر أن حزب الحركة الشعبية أصدر يوم السبت الماضي بلاغا رسميا للرد على إعفاءات عدد من وزرائه، أكد فيه المكتب السياسي من خلال "منطلق القناعات المبدئية الثابتة للحركة الشعبية، انخراط الحزب التام والمطلق في كل المبادرات الملكية الهادفة إلى ترسيخ أسس دولة الحق والقانون و تدبير الشأن العام بالاستناد إلى الحكامة الرشيدة، وتدعيم الخيار الديمقراطي".
وأضاف البلاغ أن الحركة الشعبية تؤكد "انخراطها الفعال في بلورة وتفعيل المشروع المجتمعي التنموي الذي وضع الملك محمد السادس، لبناته وركائزه، وهو المشروع الذي انخرطت فيه الحكومة الحالية، التي تبقى الحركة الشعبية أحد مكوناتها الأساسية، سعيا إلى أجرأته برؤية ودينامية جديدتين".