في لحظة صفاء قال المولى إسماعيل وهو لم يصل إلى عتبة عقده الثالث (29 سنة): "إن إمبراطور ألمانيا رفيق لناخبيه، وملك إنجلترا عبد لبرلمانه، وملك إسبانيا طفل خاضع للنساء، أما امبراطور فرنسا فهو وحده من يعرف كيف يحكم مثلنا"، لقد كان يتحدث عن لويس 14 الذي عشق المولى اسماعيل كريمته الأميرة "دوكنتي" وطلب يدها عبر سفيره عبد الله بن عائشة عام 1699. هكذا كان يحس الملك الحسن الثاني وهو يلتقي رؤساء وملوكا أقل منه علما وحكمة، ودونه شرفا عائليا ومحتد نسب وامتدادا إمبراطوريا، يجلسون على عروش من ذهب على دول لقيطة، أو رؤساء بلداء قيد لهم أن يحكموا دولا كبيرة، وهو المتقد ذكاء، الرجل الاستراتيجي، والسياسي العبقري، عاش يحلم بأن تتفجر آبار البترول بما يسد الحاجة فقط، ويوم أنعم الله بخيرات الفوسفاط قبل أن تكف الهند عن استيراده، جاء المسلسل الديمقراطي بالخير العميم وزاد في أجور موظفي الدولة بما يفوق مائة بالمائة من رواتبهم، وخاطب المغاربة: "خصكوم تصرفوا، راه الفلوس إلى بقاو فاليد تيحرقوا". وبدأ مسلسل القروض لبناء مشاريع كبرى، وفجأة اكتشفت الهند الفوسفاط بأراضيها، فدخلنا في ثقل الديون والتقويم الهيكلي وما واكبه من أزمة اقتصادية وانفجارات اجتماعية، أخرجت الحسن الثاني عن طوعه فخاطب معارضيه ب"داك الشي اللي ما تيتسماش"..