وليام كيد أو القبطان كيد.. إنه أحد أكثر القراصنة شهرة في العالم، تم تناقل قصص دهائه وثرائه عبر قرون منذ محاكمته وإعدامه عام 1701، لكن البعض يعتقد أن محاكمته لم تكن عادلة وأنه ذهب ضحية تسلسل قيادي يعود إلى منصب ملك انجلترا الأعلى. هل كانت وراء إعدامه مؤامرة؟ سيتم الكشف عن ذلك من خلال التحقيقات التاريخية والأدلة العلمية، حيث نقوم بفتح ملفات الغموض المحيط بظروف اعتقال ومحاكمة القبطان كيد. «كيد» يدخل التاريخ لقد دخل وليام كيد التاريخ باعتباره قبطانا خبيرا صاحب سمعة جيدة، يتخذ نيويورك مقرا له كجزء من الإمبراطورية البريطانية. يقول عنه ريتشارد زاكس، الذي درس حياة كيد بالتفصيل في مؤلفه «صياد القراصنة»: «كان القرصان كيد أحد أبرز المواطنين البريطانيين في المدينة، كان رجلا قويا وذكيا ونبيها وقبطانا ناجحا، وخلال ست سنوات خسر مكانته بشكل فظيع وتمت محاكمته وإعدامه باعتباره قرصنا». بدأت قصة انهياره عام 1695 عندما ذهب إلى لندن بغية إقامة مشروع للقرصنة ضد الأعداء. كانت القرصنة ضد الأعداء مرخصة من طرف الدولة بهدف الاستحواذ على سفن الأعداء ومهاجمتها، وكان يسمح للقراصنة بأخذ النسبة الأكبر من الغنائم من هذه المواجهات كتعويض عن المخاطرة التي يقومون بها. كانت الوجهة التي يقصدها القبطان كيد هي المحيط الهندي. لقد كان هذا المحيط صلة الوصل بين الطرق التجارية الأساسية بين الهند والغرب، تبحر فيه الكثير من السفن التجارية، أي الكثير من الغنائم. استحوذ القبطان كيد على عدة سفن فرنسية في الهند الغربية إلى غاية 1698، حين أصبحت رأسه مطلوبة بتهمة القرصنة غير الشرعية، والسبب حصوله على أثمن جوائزه وهي السفينة الأرمينية تاجركويداغ. في يناير 1698 أغرق بنفسه سفينة المغامرة في مدغشقر التي لم تعد صالحة للملاحة، وعندما وصل إلى أنغويلا في جزر الهند الغربية في أبريل 1699 عرف أنه تمت إدانته كقرصان وترك تاجر كويداغ في جزيرة تدعى ساونا في هيسبانيولا حيث ربما أغرقها واختفت مع ما فيها من غنائم. وفي عام 1698 – 1699 كانت قد وصلت إلى الحكومة البريطانية مجموعة الدعاوى القضائية ضده. وأمر اللورد بيلومونت بأن يعتقله متى عاد إلى أمريكا. أبحر كيد نحو نيويورك في سفينته الجديدة أنطونيو محملا بوزن 55 طنا وعلى متنها 40 رجلا وأخذ معه محاميا يدعى جيمس إينوت حاول إقناع بيلومونت وحاكم نيويورك ببراءته، لكن بيلومنت أرسله إلى إنكلترا بعد اعتقاله في يوليو 1699. كيد يخرج من التاريخ لم يعي القبطان كيد أن الرأي العام انقلب عليه وتم اتهامه بالقرصنة غير الشرعية أثناء غيابه، وعاد إلى لندن متهما بعد أن خرج منها بطلا. أثارت محاكمته نقاشات كثيرة، هل كان مذنبا؟ بالعودة إلى دفتر الرخص في ذلك الوقت، يظهر اسم كيد من بين القبطانات المخول لهم مهاجمة السفن، وخاصة الفرنسية والاستحواذ عليها. ستوجه إليه تهمة القرصنة غير الشرعية، وكانت التهمة تدور حول السفينة الأرمينية تاجركويداغ، إنها الأكبر والأكثر قيمة، ومن سوء حظ كيد أنها تابعة لتجار أرمنيين، وليس فرنسيين وهو ما اعتبر فعلا غير شرعي. لكن كيد دافع عن نفسه وأكد أنه يملك الوثائق التي تثبت أنه مخول له شرعيا قرصنة «تاجركويداغ» لأنها ليست أرمينية. قال أثناء محاكمته إنه يملك الوثائق الرسمية التي ستثبت ذلك ودافع عن براءته، لكن الوثائق كانت مفقودة تماما.. رأى كيد أن حياته وسمعته وسمعة أسرته بنيويورك تنسل من بين يديه. رفض بدء المحاكمة دون هذا الدليل الرئيسي وأنكر الشهود رؤية أي تصاريح، وطالب القاضي كيد بالوثائق ليحكم ببراءته. لكن الأدلة ضعيفة ضد كيد وكان من الممكن الحكم ببراءته، لكن تهمة أخرى كانت كفيلة بجره إلى حبل المشنقة.. فقد وجهت إليه تهمة قتل المدفعي وليام مور عمدا. تعود القصة إلى أنه في تبادل غاضب جرح كيد أحد «مدفعييه» وليام مور جرحا قاتلا. ويقال إن كيد وصف مور بالكلب، فرد مور بأنه هو من جعله كلبا، فضربه بدلو أدى إلى مقتله. لم يتمكن القضاة من إثبات تهم القرصنة لكنهم أثبتوا واقعة القتل العمد في حق وليام مور، ليتم شنق كيد في لندن يوم 23 ماي عام 1701 مع تسعة من رجاله وظل ينادي ببراءته حتى النهاية. الوثائق المخفية في العام 1910، تم العثور على تراخيص «وليام كيد» للقرصنة المشروعة، والتي كانت ستمثل أساس دفاعه، وكانت مخبأة في أعماق أرشيف مجلس التجارة، والمفاجأة الأخرى أنها كانت موضوعة في الملف الخاطئ. هل كان الأمر مقصودا؟ يمثل البيان الصادر عن القاضي دليلا شرعيا كان يجب أن تتم بمقتضاه تبرئة كيد من القرصنة غير الشرعية، ويبدو أن هناك من كان يريد رقبة كيد بأي ثمن. تبين أن مشكلة كيد كانت أن «تاجركويداغ» تعود ملكيتها إلى شركة «إيست انديا» إحدى أقوى الشركات البريطانية آنذاك. بالعودة إلى كيفية دخول كيد إلى القرصنة المشروعة، يبرز اسم اللورد بيلمونت الذي وافق على عرض كيد ودعم مشروعه، غير أن بيلمونت كان نبيلا إيرلنديا فقيرا وجد بعض المستثمرين وكانوا من أقوى السياسيين اليمينيين في بريطانيا، منهم وزير الخارجية إيل شوربري إيل روملي، سامرز أوفرد، مستشار وزير المالية، واللورد أفرمن، أول لورد لإمارة البحر، وشخص آخر هو الملك وليام. كانت ستكون فضيحة لو تبين أن القبطان كيد يقوم بأعمال بالسرقة نيابة عن الملك وليام الذي كان يحظى ب 10 % من الأرباح ولتجنبها كان يجب إثبات أن كيد أصبح محتالا. كان لا بد من تقديم كبش فداء اسمه كيد، الذي تحول إلى أحد أعلام القراصنة في الأدب الغربي. وصور على أنه قرصان بشع محاط برجال من حديد وعضلات من فولاذ في سفينة تحمل علما بجمجمة وعظام بشرية.