a href="https://twitter.com/share" class="twitter-share-button" data-count="horizontal" data-text=""ماريا سيليستي" السفينة الشبح .. بين الوقائع الحقيقية وتناول هوليوود السينمائي" data-url="http://www.marrakechpress.com/?p=9666" data-via="" data-lang="ar" شارك ترجمة : محمد القنور عن مجلة : Reader's Digest كان قد تم إكتشاف سفينة "ماريا سيليستي" في عرض المحيط الأطلسي وهي تبحر على غير هدى من أمرها , تائهة وباردة ، خالية و مهجورة , مرعبة وعملاقة ، اختفى قبطانها و بحارتها في ظروف غامضة ، حيرت كل الباحثين والمحققين ممن تناولوا أمر هذه السفينة، ومع انها كانت لا تزال في حالة جيدة ,ظلت تحوم حولها الأسئلة والشكوك. فيا ترى ماذا وقع ل "ماريا سيليستي" السفينة التي ظلت جوهرة السفن التجارية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، و ماذا حل بقبطانها وطاقمها ؟ سؤال ناهز عمره القرن و النصف من الزمان , لكنه لازال بدون جواب لحدود الساعة , بل تحول إلى لغز من ألغاز البحار والمحيطات، وحكاية عجائبية من طلاسم السفن ، ورغم عشرات النظريات و الفرضيات التي حاولت تفسير لغز إبحار سفينة "ماريا سيليستي" في لجة الأمواج, بلا بحارة ولا قبطان، بل الغريب انه كلما إزدادت التحليلات حول تيهها وملابسات طاقمها المختفي كلما أغرقت في الغموض والتعقيد بسبب العديد من الخرافات و الأساطير التي نسجت حولها وحول طاقمها على مدى عشرات السنين. ولأن "مراكش بريس" عودت قرائها على ترجمة مثل هذه الملفات من الصحافة العالمية ، ضمن "فسحة الأحد" فإنها تسعد بتقديم مجمل الحقائق والحكايات والألغاز حول "ماريا سيليستي" السفينة الأكثر مدعاة لإستثارة العقول والألغاز في التاريخ البشري . ماريا سيليستي في السينما
وكانت هولييوود قد تناولت قصة السفينة "ماريا سيليستي" بشيء من الإثارة، كعادتها الفنية، ضمن شريط Ghost Ship من بطولة نجوم السينما العالمية ، جابريل بيرني، جوليانا مارجوليز و "رون إلدار". حيث يجمع طيار كندي يدعى جاك فيريمان، فريقًا لاستطلاع أمر سفينة رُصدَت هائمة في منطقة نائية قبالة سواحل ألاسكا، ليكتشف فريق الكابتن جاك أن السفينة الهائمة سفينة أسطورية ضاعت في البحار منذ أربعين عامًا، ومن الممكن أن تجلب لهم حقوق إنقاذ السفينة الضائعة ثروة من المال، فيقرر الفريق أن يبلغ عن السفينة بعد أن يعيدها إلى الشاطئ، لكن بعدما يدخل أفراد الفريق السفينةَ، سرعان ما يكتشفون أحداثًا غريبة مثل أصوات منادية، وجثث تختفي وتظهر، وأشباح ومأكولات يستحود عليها الديدان. ومع تطور الأحداث، يتأكد لأفراد الفريق أن هذه السفينة ملعونة ويسكنها شيطان أقوى من أي شيء واجهوه في البحار طوال حياتهم.
سفينة كبيرة وطاقم متمرس "ماريا سيليستي" السفينة الشبح .. بين الوقائع الحقيقية وتناول هوليوود السينمائي ترجمة : محمد القنور عن مجلة : Reader's Digest لقد كانت "ماريا سيليستي"هي سفينة شراعية ضخمة تبلغ حمولتها 282 طن , تم بنائها عام 1861 على سواحل منطقة الكيبيك في كندا و سجلت هويتها، وأوراقها التعريفية كسفينة تجارية, والواقع، أنها كانت سفينة شراعية جميلة و كانت على آخر طراز بمواصفات السفن العملاقة في القرن التاسع عشر الميلادي في زمانها , لكنها ظلت في عرف البحارة ممن عرفوا قصتها، سفينة ملعونة ومرعبة، فخلال رحلتها البحرية الأولى , لفظ قبطانها الكابتن "روبير ماكلاي" وهو ابن مالك السفينة , أنفاسه الأخيرة على سطحها نتيجة إصابته بأزمة قلبية مفاجئة , و قد لازمها النحس في رحلتها اللاحقة بعد ثلاثة أيام من وفاة "روبير ماكلاي", حيث اصطدمت بقارب صيد. و في أول رحلة لها عبر المحيط الأطلسي اصطدمت مرة ثانية بسفينة تجارية فرنسية داخل القناة الانكليزية , ثم أبحرت لعدة سنوات كسفينة لنقل البضائع من و إلى الولاياتالمتحدة الإمريكية ودول أمريكا الجنوبية , و في إحدى رحلاتها تلك تعرضت إلى عاصفة قوية فجنحت عن مسارها و أصيبت بأضرار بالغة , و في عام 1868 بيعت إلى شخص أمريكي سجلها في نيويورك تحت اسم "ماريا سيليستي" ثم ما لبث مالكها الجديد، ان باعها بدوره إلى مجموعة من الشركاء كان احدهم هو المستثمر "بنيامين بريدج" الذي أصبح قبطانها و أبحر بها في عدة رحلات تجارية عبر المحيط الأطلسي. في 5 نونبر 1872 أبحرت "ماريا سيليستي"من ميناء نيويورك , وكانت حمولتها حسب سجلات الميناء تتكون من 1701 برميل من الخمور والنبيد الخام المشحون نحو ايطاليا , و كان طاقمها يتألف من عشرة أشخاص هم القبطان "بنيامين بريدج" و زوجته "سارة" التي طالما رافقته في رحلاته البحرية , و ابنتهما الصغيرة والوحيدة "صوفيا" ذات العامين , أما البحارة فكانوا أربعة بحارة ألمان وبحار دانماركي و بحاران أمريكيان هم الطباخ و مساعد القبطان وكلهم بحارة من ذوي الخبرة والدراية بالمحيطات وأهوال البحار، ومجابهة العواصف البحرية وجميعهم مشهود لهم بالكفاءة والإنضباط وحسن السلوك. "ماريا سيليستي" السفينة التائهة بعد شهر كامل على إبحار سفينة "ماريا سيليستي", أي في 5 ديسمبر 1872, كانت "ديا كراتيا"سفينة أمريكية أخرى تمخر عباب المحيط الأطلسي باتجاه أوربا تحت إمرة القبطان ديفيد "مورا هاوس" و هو زميل متمرس وحميم قديم للقبطان "بنيامين بريدج" , و لم يكن يتوقع أبدا ان يلتقي بالسفينة "ماريا سيليستي"في عرض المحيط الأطلسي لأنها كانت قد انطلقت في رحلتها قبل ثمانية أيام على إبحاره , لكن بينما كان القبطان "مورا هاوس" يبحر بسفينته في المحيط الأطلسي على بعد 600 ميل إلى الغرب من البرتغال , لمح بحارته سفينة مجهولة، يكتنفها الضباب على مسافة حوالي الخمسة كيلومترات من سفينتهم , و عندما نظر القبطان "مورا هاوس" إليها بواسطة منظاره المقرب شعر بشيء غير طبيعي في طريقة إبحارها , كان شراعها في وضعية غير صحيحة و كانت تتأرجح في حركتها و لم يظهر أي شخص على سطحها , لذلك أمر القبطان"مورا هاوس" بحارته بالتوجه نحو السفينة المجهولة. وعندما اقترب بحارة "مورا هاوس" منها بدرجة كافية اكتشف بحارة القبطان "مورا هاوس"ان السفينة المجهولة لم تكن سوى " ماريا سيليستي", سفينة زميله القبطان بينيامين بريدج , التي كان من المفروض حسب عقدات سرعتها المعروفة ، أن تكون مبحرة أمام مشارف مدينة طنجة المغربية، أو قرب مضيق جبل طارق. مما جعل القبطان "مورا هاوس" يجزم أن السفينة "ماريا سيليستي" قد تعرضت لمشكلة ما، لذلك قرر إرسال احد بحارته الشجعان ليصعد على متنها و يعرف ماذا حل بها ,وهو البحار " ألبرتو لافاريطا" الذي توجه نحو "ماريا سيليستي" بقارب صغير ثم تسلق إلى سطحها. غير أن القبطان "مورا هاوس" سرعان ما تبع " ألبرتو لافاريطا" في قارب آخر ، رفقة معاونين له، فكان أول عمل قام به "لافاريطا"، رفقة البحارين الإثنين ممن كانا برفقته هو التحقق من مضخات السفينة فوجد ان احد المضخات مازال يعمل أما المضختين الأخريتين فكانتا مفقودتان, و خلال تفتيش "لافاريطا" للسفينة لم يعثر على أي شخص , ولا على أية جثت ، فقد كان الجميع قد اختفى , كما ان قارب الإنقاذ الوحيد في السفينة اختفى بدوره , بل أن الساعة كانت متوقفة والبوصلة محطمة في قمرة القيادة، وكانت معظم الأدوات الملاحية الصغيرة التي تستعمل لتحديد موقع السفينة، وقياس سرعتها، قد اختفت كما أن جميع أوراق السفينة ، وسجلات الرحلات كانت مفقودة باستثناء دفتر القبطان الذي يسجل فيه الملاحظات حول الرحلات . وذكر القبطان "مورا هاوس" بعد ذلك، لسائليه أثناء التحقيق، أن أخر ملاحظة كتبها قبطان السفينة كانت تعود إلى يوم 25 نونبر أي قبل عشرة أيام من إكتشافها, كما كانت بقية غرف و قمرات ممرات السفينة بحالة جيدة ، إلى ذلك، فإن أغراض الطاقم الشخصية بقيت متروكة في مكانها و ملابسهم مرتبة و يابسة , ومئونة السفينة من الطعام و المياه سليمة، وفي حالة جيدة مما يدل على أن كل طاقم السفينة كانوا قد تركوها بسرعة ، وعلى عجل من أمرهم، دون حتى ان تتاح لهم فرصة أخذ أي شيء منها معهم , و في المخزن الرئيسي للسفينة كانت الحمولة من براميل النبيذ سليمة و لم يتسنه طعمها , و لدى معاينته للجزء الخلفي من السفينة اكتشف القبطان "مورا هاوس" حبلا متينا و عملاقا كان قد تم ربطه بإحكام إلى مؤخرة السفينة أما طرفه الأخر فكان يتدلى خلفها مثل ثعبان أسطوري مخيف سابحا في مياه المحيط الأطلسي لمسافات طويلة. "ماريا سيليستي" و اللغز الأبدي ومهما يكن، فإن السفينة "ماريا سيليستي" كانت في عمومها فارغة من أي بصيص للحياة، ولكنها بصورة جيدة، حتى أنها حسب نفس القبطان "مورا هاوس" لم تكن تواجه أية مخاطر للغرق رغم أنها كانت مبللة و رطبة و يغطي الماء قاعها بارتفاع النصف متر تقريبا. والحق، أن القبطان "مورا هاوس"أخذت منه الشكوك كل مأخذ، ولم يصدق أن صديقه القبطان "بنيامين بريدج" ذو الخبرة البحرية الطويلة يمكن أن يترك سفينته في عرض المحيط الأطلسي بهذه الحالة , ودون سبب واضح وجلي، ويغادرها إلى وجهة لاتزال غير معروفة إلى الآن، لذلك أرسل بحارة آخرين ليتأكدوا مما رأه السابقون، فترأس بعثتهم نحو السفينة اللغز "ماريا سيليستي" نائبه "اوليفر ديافيو" , و قد عاد هؤلاء بعد قرابة أربع ساعات ليؤكدوا نفس كلام السابقين، وليخبروه أنهم لم يجدوا أي آثار للعنف ولا للفوضى على سطح السفينة ، بل أن جميع محتويات السفينة كانت سليمة , و هو الأمر الذي يلغي تماما فرضية تعرض "ماريا سيليستي" للهجوم من طرف القرصنة. هذا، وبأمر من القبطان "مورا هاوس"قام عدد من بحارة ديا كراتيا بقيادة السفينة "ماريا سيليستي"حتى أوصلوها إلى ميناء جبل طارق الخاضع ولايزال للسلطات الانكليزية , و فور وصول السفينة "ماريا سيليستي" إلى الميناء قامت وزارة أعالي البحار البريطانية ، التي كانت وإلى الآن تحتل جبل طارق كما سبق، بتشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات اختفاء طاقمها . هذا، و قد خلصت هذه اللجنة بعد الفحص والتدقيق و التمحيص و المعاينة إلى انه لا توجد هناك أي آثار للعنف تدل على تعرض السفينة للقرصنة كما أن حمولتها و أغراض طاقمها كانت سليمة لم تمس , أما اختفاء الركاب فلم تجد اللجنة أي مبرر له، ولا تفسير لأسبابه , مما دفع السفير الأمريكي في جبل طارق إلى زيارة السفينة بنفسه لأنها كانت تحمل رعايا الولاياتالمتحدة الإمريكية ، قبل أن يطلع حكومته عن الحادث فقامت وزارة الخارجية الأمريكية بدورها ببعث برقيات إلى جميع سفاراتها حول العالم لأجل الحصول على أي معلومات تدل على مصير طاقم السفينة , لكن بدون جدوى فطاقم السفينة "ماريا سيليستي"كان قد اختفى دون أن يترك أي مؤشر عن إختفائه نعم، إختفى إلى يومنا هذا، وكأن قوة قد إختطفت الركاب العشرة إلى الأبد. حادثة "ماريا سيليستي"بين الواقع والخيال بالتدريج جذبت حادثة "ماريا سيليستي"انتباه المؤرخين والباحثين والصحافة والأدباء وكتاب السيناريوهات , ومخرجي أشرطة السينما و بما أن القصص الغريبة و حكايات الألغاز والأشباح كانت تستهوي الناس من القراء والقارئات في ذلك الزمان , وفي هذا الزمان فقد تمت وضع وفبركة العديد من الحكايات والأكاذيب و إضافتها إلى الأحداث الحقيقية التاريخية التي واكبت ملابسات هذه "السفينة اللغز", و ربما تكون كتابات الأديب "آرثر كونان داولي" , مؤلف قصص شارلوك هولمز , هي الأكثر مساهمة في إضفاء صبغة من الخيال على الوقائع الحقيقية , فقد ذكر في إحدى قصصه التي تناولت الحادثة بأن بحارة السفينة المعروفة "ديا كراتيا" الذين صعدوا إلى سطح "ماريا سيليستي"لأول مرة، عندما وجدوها في عرض المحيط الأطلسي ، تائهة وخاوية على عروشها، بعد إختفائها بسنوات ، وليس بأيام كما هي الحقيقة، وجدوا الطعام موضوعا على المائدة ، وكان لايزال ساخنا، وشهيا، كان لا يزال طازجا كأنه اخرج من المطبخ لساعته، كما كانت القهوة المسكوبة في الأكواب لا تزال حارة يتصاعد منها البخار، وعبق نكهة البن، وهو ما أكد أن "السفينة شبح، وأنها مسكونة بأرواح بحارتها وعمالها وقبطانها وروح كل من زوجته وإبنته. والواقع، الذي قد أؤكده للقارئات والقراء، ضمن فسحة هذا الأحد على "مراكش بريس" هو أن الكاتب الشهير "كونان دولي" كانت له اهتمامات روحانية، وطبعت أعماله حضور المقتضيات الخيالية، والنوازع الماورائية التي امن بها بعمق، والتي إزدادت بعد تقدمه في السن وبعد وفاة زوجته و ابنه الشاب , وليس بعيدا أن يكون قد تأثر بشكل كبير بما عاشه، وسكب لواعج وجداه الحزين أثناء تناوله لموضوع السفينة "ماريا سيليستي", خصوصا وأن بحارة السفينة "ديا كراتيا" ممن صعدوا على متن السفينة "ماريا سيليستي " أكدوا في مذكرات بعضهم، وأثناء مساءلتهم من طرف الصحافة اللندنية والإمريكية في مدينة نيويورك، أنهم لم يجدوا أي طعام مطبوخ على سطح السفينة و لم تكن هناك أي روائح لا للقهوة ولا لأي مشروبات سائلة أخرى مسكوبة في الأكواب , بل أكدوا أن مطبخ "ماريا سيليستي"كانت تسوده الفوضى، وبدأ يعلو أوانيه الصدأ ، وكانت صحونه وكؤوسه وأفاريزه مهشمة نتيجة تقاذف أمواج المحيط الأطلسي للسفينة . إختفاء الطاقم بين التفسيرات والإجتهادات وخلال ما يناهز القرن و النصف من الزمان , لم يعثر على أي اثر لطاقم السفينة "ماريا سيليستي" التي كنت مفخرة الإبحار في البحار المغلقة والمحيط الأطلسي ، وكانت على مسافة زمنية تتجاوز خمسة عقود من القرن الثامن عشر، ولم تنافسها في سمعتها بعد ذلك، سوى "التيتانيك"كباخرة ركاب وشحن، والتي يعرف الجميع قصة غرقها، والتي إستطاع المخرج الإمريكي "جيمس كاميرون" أن يحولها إلى شريط سينمائي مميز ومؤثر بدراميته، شاهده الملايين من مختلف بقاع العالم وتأثروا لتلك القصة الغرامية التي ربطت مسافر شاب متسكع ، مهاجر لتحقيق حلمه الإمريكي مع فتاة برجوازية غارقة في مقاييس ونظم وأساليب المجتمعات المخملية البرجوازية اللندنية . وعودة للسفينة اللغز "ماريا سيليستي" ، فإن أحدا لم يسمع عنها وعن بحارتها وعن القبطان "بينيامين بريدج" أي خبر مجددا حتى يومنا هذا , إذن ماذا حل بهم ؟ و لماذا اختفوا ؟ هل حقا اختطفتهم مخلوقات فضائية أم ابتلعتهم كائنات بحرية مجهولة خرجت من قاع المحيط الأطلسي ؟ أم دخلوا بعدا زمنيا أخر ؟ كل هذه السيناريوهات طرحها عشاق قصص ما وراء الطبيعة , لكن مع الأسف لا يوجد أي إثبات لها , و في المقابل هناك العديد من النظريات و الفرضيات المنطقية التي حاولت تفسير ما حدث. أول هذه التفسيرات كانت تعتقد ببساطة بأن السفينة تعرضت للقرصنة , لكن بقاء أغراض الطاقم و حمولة السفينة سليمة لم تمس تلغي نظرية القرصنة تماما , ثم نظرية أخرى اتهمت طاقم سفينة "ديا كراتيا" بأنهم هم من دبروا الحادث لغرض الحصول على جائزة الإنقاذ التي كان القانون يمنحها على شكل نسبة من قيمة السفينة التي يتم إنقاذها , لكن هذه النظرية لا تصمد بدورها أمام التحليل المنطقي , فقبطاني السفينتين كانا صديقين قديمين و تربطهما علاقات حميمية وطيدة كما أن"ماريا سيليستي"كانت قد أبحرت قبل ثمانية أيام من إبحار السفينة "ديا كراتيا" فكيف تمكنت هذه الأخيرة من اللحاق بها , ثم لماذا لم يعثر على أي آثار للعنف داخل"ماريا سيليستي"؟ , ثم هل يعقل ان يكون طاقمها قد تعرضوا للقتل دون ان يبدي أي شخص منهم أي مقاومة؟. في حين تعتقد تفسيرات أخرى أن الحادثة هي مسرحية تم تدبيرها من قبل القبطان "بينيامين بريدج" من اجل الحصول على مبلغ التأمين على السفينة , لكن هذه النظرية لا تصمد أمام حقيقة ان مبلغ التأمين على السفينة و حمولتها كان ضئيلا كما أن السفينة و حمولتها كانت سليمة لم تمس , أضف إلى هذا أن القبطان بنيامين بريدج كان مجرد شريك يملك حصة في السفينة و ليس مالكها الوحيد. عاصفة بحرية أم ثورة معربدة إلى ذلك، فهناك تفسيرات أخرى لاقت رواجا , و هي ان "ماريا سيليستي" تعرضت لعاصفة هوجاء فخشي القبطان بينيامين بريدج ان تغرق سفينته و أمر الطاقم بإنزال قارب النجاة ثم أبحر مبتعدا عن السفينة العملاقة, و مما يدعم هذه النظرية هو أن السفينة كان مبللة ساعة اكتشافها و كان الماء يملئ جوفها بارتفاع نصف متر تقريبا كما كانت اثنتان من مضخاتها قد اختفت , و لكن من ناحية أخرى فأن مستوى الماء في السفينة لم يكن يهدد السفينة بالغرق , صحيح انه كان أكثر من المعدل الطبيعي لكن قبطان ذو خبرة طويلة مثل بينيامين بريدج كان يعلم تماما ان هذه الكمية لم تكن تهدد سلامة السفينة و أنها كانت لا تزال صالحة للإبحار , ثم ان تقارير الأرصاد لم تذكر حدوث أي عاصفة خلال الفترة التي أبحرت فيها "ماريا سليستي". و بالإضافة إلى نظرية العاصفة هناك نظريات مشابهة تفترض تعرض السفينة لزلزال أو إعصار أو تسونامي بحري. فيما ذهبت إجتهادات أخرى إلى الاعتقاد بأن بحارة "ماريا سيليستي" تمردوا على القبطان , ربما تحت تأثير إحتسائهم لكميات كبيرة من الخمور والنبيذ التي كانت بالبراميل , فقتلوه هو و زوجته و طفلته و فروا إلى جهة غير معلومة, لكن السؤال، هو ن مثل هذا الإجتهاد ينفيه أن بحارة "ماريا سيليستي" كانوا من الأشخاص المعروفين والمحترفين و المشهود لهم بحسن السلوك والإنضباط لأوامر القبطان "بينيامين بريدج" , كما انه على إفتراض أن هذه الإجتهاد صحيح، يظل السؤال المطروح عالقا حول لماذا ترك البحارة ممن كانوا على السفينة وأغراضهم وملابسهم وحتى براميل المياه الصالحة للشرب و حاجياتهم الشخصية من أدوية وأطعمة على السفينة في عرض المحيط الأطلسي ، ولم يأخذوها معهم . أسئلة عالقة واجتهادات ناقصة يظل التفسير الأكثر قبولا ,هو ذاك التفسير الذي يزعم أن القبطان "بنيامين بريدج" لم يكن مرتاحا لنقل حمولة كبيرة من الخمور والنبيذ بسبب خوفه من حدوث تسرب يؤدي إلى انفجار مدمر , و هو بالضبط ما يعتقد حدوثه , إذ عثر الحمالون من البحارة على ظهر "ماريا سيليستي" على تسعة براميل فارغة عند إنزالهم لحمولة السفينة في ميناء جبل طارق, و كانت جميع البراميل الفارغة مصنوعة من خشب البلوط الأحمر فيما كانت بقية البراميل مصنوعة من خشب البلوط الأبيض ، وهو الخشب الأكثر قوة و تماسكا , و قد يكون انتشار رائحة الخمور والنبيذ المتسرب من البراميل قد أصاب القبطان بالذعر فشعر أن السفينة على وشك الانفجار لذلك قام على عجل بجمع بعض الأدوات و الأوراق من قمرة القيادة ثم أمر البحارة بإنزال قارب النجاة و صعد الجميع اليه بسرعة , لكن القبطان المتمرس لم ينس ربط قارب النجاة الصغير إلى مؤخرة السفينة بواسطة حبل الشراع المثين و العملاق و ذلك للعودة إليها في حالة زوال الخطر و عدم حدوث انفجار , لكن لسوء الحظ يبدو أن القبطان و بحارته و لسبب ما افلتوا الحبل الذي يربطهم بالسفينة فتاهوا في المحيط الأطلسي الواسع حتى ماتوا جوعا و عطشا أو ربما انقلب قاربهم الصغير و ابتلعتهم الأمواج. و رغم منطقية هذا التفسير إلا أنها لم ينج من الانتقادات , فعلى سبيل المثال لم يذكر أي شخص ممن صعدوا إلى "ماريا سيليستي"من طاقم القبطان "مورا هاوس" بعد الحادث بأنه شم أي رائحة كحول داخل مخزن السفينة , و بالنسبة للبراميل التسعة الفارغة فهناك احتمال أن يكون شخص ما قد قام بسرقة محتوياتها أثناء توقف السفينة لعدة شهور في جبل طارق أو أثناء نقل الحمولة إلى ايطاليا فيما بعد تحت إمرة قبطان و بحارة جدد. " ماريا سيليستي"واللعنة الأبدية لقد ظل مصير سفينة "ماريا سيليستي" بعد الحادث مصدر الكثير من التساؤلات والتفسيرات والنظريات، فيما إذا فارقها النحس الذي رافقها لسنوات طويلة ؟ ولكن الجواب كان بالنفي , إذ لم يفارقها النحس ، ولم تبتعد عنها اللعنات، فالسفينة حسب ما يبدو من خلال سيرة عملها البحرية ، كانت محاصرة باللعنات و كل أنواع الشؤم والنحس منذ أول يوم أبحرت فيه فوق الماء , ففي رحلة العودة إلى الولاياتالمتحدة الإمريكية بعد الحادثة ، تعرضت السفينة إلى عاصفة مات على أثرها والد مالك السفينة صاحب الحصة الأكبر في الشركة المديرة للسفينة ، بعدما سقط من سطحها في المحيط، لذلك قرر وريثه بيعها و التخلص منها بأي ثمن , و قد باعها بالفعل و بأقل من سعرها الحقيقي بكثير , و في الثلاثة عشر سنة القادمة بيعت "ماريا سيليستي"من شخص لأخر سبعة عشر مرة , و يبدو أن مالكها الأخير , هو القبطان "جي سي باركر" , كان قد اشتراها فقط ليغرقها و يحصل على مال التأمين,على طريقة أغلب الإمريكيين في التخلص من إستثماراتهم المتعبة، فنفذ خطته في البحر الكاريبي بالقرب من سواحل جزر هاييتي , إذ حاول إغراقها عن طريق تحميلها بأكثر من طاقتها , لكن المصيبة الجلل هي أن "ماريا سيليستي"رفضت أن تغرق رغم كل محاولات المستر"باركر". وفي النهاية , وبعد أن فقد أعصابه قرر حرقها , لكنها رفضت أن تحترق أيضا فتخلى عنها "باركر"وهو يلعن اليوم الذي رآها فيه, ثم تقدم إلى شركة التأمين مطالبا بالتعويض و مدعيا غرق السفينة إلا إن الشركة اكتشفت خدعته، وإتهمته بنهب المال العام، وتضليل القانون والعدالة ، بعد تقرير لجنة بحث وتقصي فالقي ب "باركر" المسكين في السجن ثم مات في زنزانته في ظروف غامضة قبيل انعقاد محاكمته، بأيام قلائل !! و بعد الوفاة المأساوية ل"باركر"مالكها الأخير ظلت "ماريا سيليستي"قابعة في مكانها لسنوات طويلة , مهجورة ومرعبة، إذ لم يعد احد يرغب في هذه السفينة الملعونة فتركت حتى تحللت بالتدريج بفعل عوامل التعرية البحرية، وإفتراس الأمواج لهيكلها ، قبل أن تغوص في لجة البحر . a href="https://twitter.com/share" class="twitter-share-button" data-count="horizontal" data-text=""ماريا سيليستي" السفينة الشبح .. بين الوقائع الحقيقية وتناول هوليوود السينمائي" data-url="http://www.marrakechpress.com/?p=9666" data-via="" data-lang="ar" شارك