قال فرنسوا هولاند، الرئيس الفرنسي، في أعقاب زيارته للجزائر، "لقد ترك لدي الرئيس بوتفليقة انطباعا على أنه ذو ذكاء متقد ومن النادر أن تلتقي رئيس دولة بهذه الحيوية وهذه القدرة على الحكم"، وأضاف الرئيس الفرنسي، الذي كان يتحدث في ندوة صحفية، "لست طبيبا لكن الذي يمكن أن أقوله هو أن طبيعة المحادثات، التي أجريناها لمدة ساعتين تقريبا، كانت على الخصوص مكثفة وعالية"، وأشار إلى أنه "على المستوى الجسدي أؤكد على أنه لا يتحرك بسهولة لكن لديه كل الطاقات وأظهر حكمته في حل الأزمات الدولية". هناك قاعدة معروفة تقول إن كثرة المديح تسيء إلى الممدوح، وتكون الإساءة مضاعفة إذا كان المديح لا ينطبق على صاحبه، مثلما فعل الرئيس الفرنسي تجاه عبد العزيز بوتفليقة.
عمليا لا يمكن لأحد أن يتساءل عن زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر، لأنها تدخل في سياق العلاقات الديبلوماسية الثنائية، كما لا يمكن أن نعيب على هولاند تبادل المجاملات كما هو معروف، لكن أن يكون المديح مبالغا فيه بل لا يمكن أن ينطبق على رجل مريض ومقعد وغائب عن الوجود السياسي بالجزائر فهذا لا يليق برئيس دولة عريقة في الديمقراطية.
كيف يمكن وصف بوتفليقة بأنه متقد الفكر، ومنذ دخوله على عجل مستشفى دوغلاس بباريس، وهو لا يظهر في أي لقاء سياسي بل إن مجلس الوزراء لم ينعقد منذ حوالي سنة تقريبا، وبالتالي عن أي ذكاء وعن أي حيوية يتحدث الرئيس الفرنسي؟
فبوتفليقة انتهى قبل الانتخابات الرئاسية التي حملته صناديق العسكر إلى كرسي الرئاسة للمرة الرابعة لكن على كرسي متحرك، ولم يقم بالحملة الانتخابية وقادها نيابة عنه عبد المالك سلال الوزير الأول الحالي، ولما فاز خاطب الناخبين عبر تقنية سكايب.
وكيف يمكن أن يكون بوتفليقة مساهما في حل أزمات العالم وهو واحد ممن تخرج الفتنة من داره؟ أليس هو راعي البوليساريو التي تصر على خلخلة الاستقرار في المغرب العربي ومنطقة الساحل؟
فما الذي ورط هولاند في هكذا مديح؟ يبدو أن فرنسوا هولاند منزعج كثيرا من توجهات المغرب الإفريقية، وبالتالي تأتي زيارته وما قاله في حق بوتفليقة في سياق "الغيرة" من الحضور المغربي في القارة السمراء، التي طالما انتهكتها فرنسا ونهبت خيراتها، وربما تأتي هذه الزيارة وهذا الكلام كرد فعل على الزيارة الملكية الأخيرة للعديد من البلدان الإفريقية، التي تم تتويجها بتوفيق اتفاقيات اقتصادية مهمة تعود بالخير على الجانبين.