خرج الحزب الإشتراكي الفرنسي الذي ينتمي اليه الرئيس فرنسوا هولاند عن صمته ليسجل حضوره ضمن الزوبعة السياسية التي أثارتها التصريحات المسيئة للجزائر التي جاءت على لسان الرئيس الفرنسي على محور الجزائرفرنسا، إذ أكد رئيس كتلة الإشتراكيين، بالجمعية الفرنسية برونو لورو، أن العلاقات الفرنسية - الجزائرية لم تكن أبدا جيدة مثلما هي عليه في الوقت الراهن، مستبعدا فرضية الإساءة إلى الجزائر بتعليقه الساخر أو "المزحة السامجة" مثلما أطلق عليها، الأمر الذي لا يستلزم حسب المتحدث أي نوع من أنواع الإعتذار. مازالت تصريحات هولاند الساخرة بخصوص عودة وزير داخليته ايمانويل فالس من الجزائر سالما، وهو الأمر الذي وصفه هولاند بالإنجاز، تثير الساحة السياسية في فرنسا. فبعد تحرك اليمين الفرنسي والانتقادات اللاذعة التي وجهتها له المعارضة في فرنسا، خرج رئيس كتلة الاشتراكيين في هجمة معاكسة أراد بها إحداث نوع من التوازن على الجبهة الداخلية لفرنسا، بعد أن صنعت مزحة هولاند الحدث، التحق أمس لورو ليسجل رد فعله ضمن سجل ردود الأفعال، حيث قلل في تصريح للقناة التلفزيونية "فرانس 2"، من تأثير الضجة التي أثارتها تصريحات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وأوضح رئيس كتلة الحزب الإشتراكي في الجمعية الوطنية الفرنسية، أنه لم يكن يتوجب على الرئيس هولاند الإعتذار طالما لم يكن يقصد بتصريحه الجزائر مباشرة. وأدرج لورو الرد العنيف للمعارضة الفرنسية وانتقادها لهولاند في خانة، محاولة التشويش على العلاقات الفرنسية الجزائرية التي اعتبر أنها لم تكن يوما على القدر من المتانة كما هي الآن، وعاد ليبرهن صدق مقاربته بالحديث عن الزيارة التي كانت قد قادت الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى الجزائر في ديسمبر 2012، وزيارة الوزير الأول الفرنسي مؤخرا، حيث تم تدعيم العلاقات بين البلدين بعد أن كانت تتسم بالفتور واستدل المدافع عن هولاند بغياب أي مظهر من مظاهر وجود روابط قوية بين المؤسسات بين الضفتين. وأضاف المتحدث باسم الأغلبية البرلمانية الفرنسية، إن فرنسا لديها حاليا علاقات قوية مع الجزائر لم تكن في السابق، متهما المعارضة في فرنسا بمحاولة إحداث شرخ في العلاقات بين البلدين، في إشارة الى مطالبة حزب الرئيس السابق نيكولا ساركوزي بالإعتذار للجزائر عن تصريحات هولاند. وتأتي تصريحات رئيس كتلة الإشتراكيين في الجمعية الوطنية الفرنسية مجانبة نوعا ما لبيان الإليزي الذي حمل اسم الرئاسة، ولم يحمل اسم الرئيس، وحتى وإن لم يتأسف بيان الرئاسة الفرنسية للتصريحات، وإنما تأسف عن التأويلات التي أعطيت لها، حيث عبر البيان عن أسفه الصادق إزاء التأويل الذي صاحب تصريح هولاند حول الجزائر، مؤكدا أن هذا الأخير سيبلغ ذلك مباشرة لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. الصحافة الفرنسية تفضح هفواته القاتلة مزحة هولاند جلبت الحروب بين الجزائروفرنسا! رصدت الصحف الفرنسية الصادرة أمس عددا كبيرا من الهفوات والزلات اللسانية، وقع فيها سيد الإليزيه فرنسوا هولاند، خلفت حالة من التهكم وسط الرأي العم الفرنسي، وأثارت استهجان الطبقة السياسية، وانعكست بعض منها سلبا على الدبلوماسية الفرنسية. استعرضت صحيفة "لفيغارو" اليمينية كرونولوجيا الأخطاء التي وقع فيها فرنسوا هولاند منذ توليه كرسي الإليزيه، والبداية كانت ب"الهفوة الثقيلة" حسب ما وصفتها الصحيفة التي ارتكبها السبت المنصرم الماضي خلال احتفالية للمجلس التمثيلي للهيئات اليهودية بفرنسا، واصفة المزحة ب"التي تجلب الحروب والنزاعات بين الجزائروفرنسا والعودة إلى نقطة الصفر". لم أسمع بقضية أورونجينا وتواصل الصحيفة عرض هفوات سيد الأليزي وتؤكد أنه أثناء الزيارة التي قام بها إلى الجزائر في ديسمبر 2012، وخلال ندوة صحفية نظمت على هامش الزيارة، سأله أحد الصحافيين قائلا: "كيف لفرنسا أن تبيع علامة "أوريجينا" لليابانيين، وأصل ملكيتها تعود لأحد الخواص الجزائريين.."، ليتفاجأ هولاند ويبتسم ويرد بالحرف الواحد.. "ليس لدي معلومات عمن تكون علامة أورونجينا هذه، معلومات جديدة وشكرا لكم على تقديمها لي، وسأتفاوض مع اليابانيين وسأعمل كل ما بوسعي لإصلاح الخطأ.."، وتساءلت صحيفة لوفيغارو.. كيف لرئيس يسير بلدا مثل فرنسا أن يجهل مثل هذه العلامة التي أثارت جدلا كبيرا، وكيف له أن لا يعرف بأن وزير حكومته تفاوض مع اليابانيين بشأن هذه القضية..؟ ساركوزي.. "باح" لن تراه أبدا كما تطرقت ذات الصحيفة، إلى الخطأ الذي صدر من هولاند في فيفري المنصرم، خلال إشرافه على فعاليات افتتاح صالون الفلاحة، حيث استوقفته مجموعة من الأطفال ليطرح أحدهم سؤالا "أنت رأيتك، ولكن لم يسبق لنا وأن رأينا نيكولا ساركوزي"، ليرد عليه قائلا: "ساركوزي "باح".. ولن تراه أبدا..". هذه السيارة لن ترى النور في فرنسا وفي موقف تهكمي آخر، قال سيد الأليزي -حسب ذات الصحيفة- خلال زيارة قام بها إلى مصنع السيارات ب"موناكو" جنوبفرنسا، حيث تفقد مصنع السيارات "فونتري"، مرفوقا بالأمير ألبيريت 2، وخلال تلقيه لشروحات بخصوص انطلاق أول سيارة كهربائية، قال هولاند: "لا أظن أن هذه السيارة سترى النور"، في إشارة منه إلى نقص الكفاءات الفرنسية. لوموند: لا يمكن أن نضحك مع الجميع يا هولاند من جهتها، ذكرت صحيفة "لوموند" في عددها الصادر أمس أنه بالرغم من أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اعتذر للجزائر، إلا أن هذا سبّب أزمة دبلوماسية، وبدأ صاحب المقال بعبارة "يمكن أن نضحك على كل شيء، ولكن ليس مع الجميع.." في إشارة منه إلى أن هولاند من المفروض أن يتوخى الحيطة والحذر في جميع تصريحاته، وعليه أن يتفادى الأخطاء البروتوكولية، لأن كل رئيس أو زعيم سياسي أو دبلوماسي في العالم يخضع لتدريب على "الإتيكيت" والبروتوكول، فهو يجب أن يتبع أصولا معينة في الاحتفالات الرسمية لا يستطيع تجاوزها وإلا سيعرض نفسه وحتى بلاده إلى موقف محرج، وهو ما وقع فيه السيد الأول عن قصر الإليزيه. لكسبريس: هولاند معروف بالدعابة ولكن... من جهتها، قالت صحيفة "لكسبريس" الفرنسية أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند معروف بحبه للدعابة، ولكن كان من الأفضل أن يفكر بشكل كاف قبل أن يتحدث.ويهنئ وزير داخليته مانويل فالس بالعودة سالما من الجزائر، خلال الاحتفال بالذكرى السبعين لإنشاء المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، مضيفا: "هذا في حد ذاته كثير". وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذه الملاحظة مرت دون أن يلتفت إليها أحد في فرنسا، ولكنها أثارت انتقادات لاذعة من كبار المسؤولين الجزائريين. مستشار سابق لساركوزي: "لو استمرّ هذا النهج فسنصبح مجانين يا هولاند" شن المستشار السابق للرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، هجوما على الجزائر وخصوصا الطبقة السياسية التي اعتبر أنها "تستغل" في مهاجمة فرنسا، كما انتقد ذات المسؤول الفرنسي بشدة فرانسوا هولاند، معتبرا بأن التنكيت ليس دور الرئيس، وخصوصا وسط مجتمع جد فضولي بإمكان كلمة بسيطة فيه أن تتحول إلى قضية دولة. وأوضح هنري غينو، وهو مستشار سابق لنيكولا ساركوزي، في تصريحات صحفية تعقيبا على ما بدر من الرئيس هولاند تجاه الجزائر، بأن الأمر يتعلق برئيس الجمهورية "إذن لقد كان في إطار رسمي بل وفي عشاء مع ال"كريف". وأضاف غينو: "لقد كان في حالة تمثيل رسمي، أين يكون للكلمة الرئاسية وزن جد ثقيل"، وتابع: "الارتجال والتنكيت بصراحة ليسا من مهام ودور رئيس الجمهورية"، موضحا بأنه "لو تم الاستمرار على هذا النهج فسنصبح مجانين". وبحسب المسؤول المقرّب من ساركوزي، فإن الحساسية من فرنسا في الجزائر ما زالت مفرطة، وأحيانا تكون موجهة ومستغلة، مشيرا إلى أنه سبق وأن تم معايشة وضع مشابه مع الرئيس ساركوزي. ووجه هنري غينو، سهام اتهاماته لجزء من الطبقة السياسية الجزائرية التي يتم على حد تعبيره استغلالها حتى لأبسط الأحداث وأبسط التفاصيل، وتحاول إيجاد نوع من التناسق فيما بينها بمهاجمة فرنسا، مضيفا بأنه خطاب تقليدي سائد في الجزائر منذ عقود، لكن ليس كل الجزائريين متواجدين في ذات الكفّة.