تعد هذه السنة، لحظة تربوية فارقة بالنسبة للنظام التعليمي ببلادنا، إذ ستعرف نهايتها الانتهاء من تنزيل مجموعة من التدابير ذات الأولوية التي وطنت فيما بعد ضمن المشاريع الاستراتيجية ونقصد بها تلك التي تم اقتراحها على المدى القريب والذي لا يتعدى ثلاث سنوات كالتدبير الاول : مسارات تعلم جديدة للسنوات الأربع من التعليم الابتدائي، والتدبير 2 المتعلق بعتبات الانتقال والتدابير 3 و4 حول التمكن من اللغات وبالأخص الباكالوريا الدولية والتدابير5 و 6 و 7 المتعلق بمسار اكتشاف المهن والمسار المهني والباكالوريا المهنية والتدبير 19 الخاص بالنظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية والتدبير 20 المتعلق بالنزاهة والقيم في المدرسة... فمن المفروض أن يتم تقييم عملية التنزيل لتثمين المؤشرات الايجابية والرفع من فعالية ونجاعة وجودة القدرات التدبيرية لتستجيب لمتطلبات التنزيل الشامل والمندمج للرؤية الاستراتيجية، السنة أيضا هي بداية تطبيق القانون الجديد للتقاعد التقاعد عن طريق التنزيل الفعلي لإصلاح أنظمة التقاعد،ومشروع إدماج الجامعات لتصبح أقطابا تعليمية، النقاش الذي أفرزته ولازالت عملية تغيير أو تنقيح البرامج والمناهج خصوصا ما يتعلق بالتربية الاسلامية، كذلك الموسم الدراسي هو بداية الشروع في تدريس مواد علمية باللغة الفرنسية... إذن السنة ليست سنة عادية، ولا لحظة تكرار خطابات أكدت الأيام عدم مصداقيتها، وعمقت أزمة الثقة بين الفاعل التربوي والسلطات الوصية، وبين المدرسة المغربية ومحيطها. الإصلاحات والتدابير المتخذة هذه السنة تطرح من جديد نوايا سلطات التربية والتكوين على المحك، خاصة فيما يخص المسكوت عنه في الإصلاح كالبرامج والمناهج ولغة التدريس وملف التفتيش وملف العالم القروي، وملف الإدارة التربوية ، والمدرسة الرقمية، و ما يرافق هذا الموسم من خصاص في الأطر الإدارية والتربوية... وهي ملفات يعتبرها فاعلون نقابيون ومهتمون بالشأن التربوي ذات اولوية ويرفضون مقاربة الوزارة بضرورة إعطاء الأولوية للبنيات التحتية كبناء المؤسسات وتجهيزها، على حساب تصحيح اختلالات المناهج والبرامج التربوية، وتحينها، وتصحيح الأخطاء الكبرى التي شابت ميثاق التربية والتكوين، وما ينخر المدرسة العمومية والتعليم المغربي من اختلالات كبرى التي تعطي الانطباع أن المغرب التربوي اليوم بكافة متدخليه لن يبق مستقرا فقط على القضايا و المشاكل التي كرست تأخر تعليمه وتخلفه ليس على المستوى الدولي فقط بل على الخريطة العربية الإفريقية وحتى الإقليمية، و لكنه سوف ينجر لا قدر الله إلى الأسوأ بسبب ازدياد عدد خريجيه من العاطلين، و بسبب اتساع رقعة العنف داخل مؤسساته و التهميش لأطره والانتشار المتنامي للتعصب والمخدرات، وتحويله إلى حقول تجارب على حساب الإفلاس المتواصل للسياسة الحكومية، و برامجها و إستراتيجيتها . تتكرر اليوم نفس الملامح مع اختلاف الزمن والأسباب، لكن مع اعتراف الجميع بالحالة التي وصل إليها التعليم، وتدخل أعلى سلطة في البلاد من خلال خطابات متتابعة حول وضع التعليم وآفاق الخروج من هذه الأزمة. نتمنى أن تتلقف الحكومة المقبلة وكذا الفاعلون والمعنيون الاشارات والإجماع الوطني حول هذه القضية للانتقال من مراحل الفحص السريري والتشخيص والإنذار، التي طالت، إلى مرحلة الجراحة و العلاج.