بعد أن أوقفت «الحرب الانتخابية» أوزارها المتعلقة بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات والجهات، والتي خلالها أثير نقاش بين عدد من الفاعليين السياسين والأكاديميين والمفكرين سواء على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي أو في تصريحات صحفية في وسائل الإعلام والصحافة المختلفة حول أن لا تقدم وتطور وتحولات مجتمعية عميقة ولا تنمية مستدامة ولا انتقال ديمقراطي بالمغرب بدون الانكباب بكل جدية على إصلاح منظومة التربية والتكوين ومعالجة كل الاختلالات حتى تتمكن البلاد من تجنيب القطاع السكتة القلبية، باعتباره القطاع إلي يعنى بتكوين وبناء العنصر البشري المغربي الذي سيتحمل مسؤولياته على جميع الأصعدة في المستقبل. فهذا ما اهتدى له منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء منذ الأسبوع الماضي الذي استقبل فيه عمر عزيمان رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي من اجل عرض تقديم عام عن الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015 – 2030 «من اجل مدرسة الإنصاف والجودة والاتقاء»، ومقترحات المجلس الاستشرافية المتعلقة بالارتقاء بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين في الأسابيع القادمة من خلال مداخلات لعدد من الفاعلين أعضاء للمجلس والذين اشتغلوا على إعداد هذه الرؤية. ففي اللقاء الأول حل على المنتدى للوكالة عبد الجليل الحجمري رئيس لجنة إعداد الرؤية الاستراتيجية ثم عبد الحميد عقار مقرر اللجنة وحسن العبادي عضو المجلس يوم أمس، من أجل تقديم النموذج البيداغوجي الجديد للمسألة اللغوية بالمدرسة المغربية كموضوع له أهمية قصوى بالنسبة للإصلاح التربوي المنشود. وفي كلمة لعبد الجليل الحجمري خلال هذا اللقاء، اعتبر أن النموذج البيداغوجي يعد أحد أهم مقومات جودة منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وجوهر عمل المدرسة بمختلف مكوناتها، وأساس اضطلاعها بوظائفها في التنشئة الاجتماعية والتربية والتعليم والتثقيف، والتكوين والبحث والتأهيل، إلى جانب كونها ثمثل المرجع الساسي في بناء المناهج والبرامج والتكوينات. وشدد الحجمري على أن المناهج والبرامج والتكوينات تعتبر مكون أساسيا داخل كل إستراتيجية تربوية لكونها أولا توجد في صميم وجود المدرسة ووظائفها التعليمية والتربوية والسوسيو اقتصادية والثقافية ثانيا لأنها تعبر عن الخيارات والتوجهات الكبرى للمجتمع ودرجة تحولاته وتتوخى عبر ذلك البناء الثقافي والقيمي للمتعلم وتأهيله المعرفي و الكفائي والمدني والاجتماعي، فضلا عن أن هذه البرامج والمناهج والتكوينات هي التي تحدد الغابات والأهداف العامة للمدرسة والوضعيات التعليمية و كذا المقاربات البيداغوجية ومنهجيات التدريس والتكوين والتأطير وطرق تقويم المكتسبات وتطويرها. لذلك يقول الحجمري أن كل إصلاح تربوي يمر عبر تقييم جودة المناهج والبرامج، باعتبارها أحد مداخل قياس أداء المنظومة التربوية. وأوضح الحجمري على أن المجلس باقتراحه نموذجا بيداغوجيا جديدا للمدرسة المغربية يستحضر المكتسبات المنجزة في هذا الشأن لا سيما ، مراجعة المناهج والبرامج الدراسية ، وإرساء هندسة بيداغوجية جديدة في التعليم العالي، ثم إدراج تدريس الأمازيغية وثقافتها، بالاضافة إلى إعادة هندسة شعب التكوين المهني وتخصصاته والتوسع البيداغوجي لطاقته الاستيعابية، فضلا عن الشروع في تأهيل التعليم العتيق، وتطوير هندسته البيداغوجية. وفي المقابل أشار الحجمري على أن المجلس سجل جملة من الصعوبات و الاختلالات التي تهم المناهج والبرامج والتكوينات لعل أهمها، ضعف التمكن من المعارف واللغات و الكفايات والقيم، تردد في معالجة إشكالية تعلم اللغات ولغات التدريس، ثم عدم تكامل المناهج والبرامج فيما بين التعليم المدرسي والتعليم العالي والتكوين المهني وتشبب المواد المدرسية وكثافة المضامين وكثرتها، فضلا عن نقص في مواكبة وإدماج البنيات الجديدة للمعرفة والابتكار وتكنولوجياتها التربوية وولوج محدود للتعلم عبر هذه التكنولوجيات، بالاضافة إلى استمرار الهدر المدرسي والمهني والجامعي. وابرز الحجمري أنه انطلاقا من الرؤية الإستراتيجية النموذج البيداغوجي ومسألة اللغات ضمن محور الجودة فقد أفردت لها خمسة رافعات وهي الرافعة العاشرة : هيكلة أكثر انسجاما ومرونة لمكونات المدرسة وأطوارها، والرافعة الحادية عشرة: مأسسة الجسور بين مختلف أطوارها وأنواعه والتربية والتكوين، ثم الرافعة الثانية عشرة: تطوير نموذج بيداغوجي قوامه التنوع والانفتاح و النجاعة والابتكار والرافعة الثالثة عشر: التمكن من اللغات المدرسة وتنويع لغات التدريس وأخيرا الرافعة السادسة عشر ملائمة التعلمات والتكوينات مع حاجات البلاد ومهن المستقبل والتمكين من الاندماج من الاندماج. أما بالنسبة لعبد الحميد عقار فقد قدم عرضا يتعلق بالهيكلة البيداغوجية للغات بالمدرسة المغربية، أوضح من خلاله أن تطوير اللغات وتعلمها يقتضي التحديد الواضح لوضع كل لغة على حدة داخل المدرسة، كلغة تدريس وكلغة مدرسة ، مع مراعاة التكامل فيما بينها وكذا الانسجام بين المكونات القطاعية للمنظومة التربوية. وبالنسبة للاعتبارات الأساسية للهندسة البيداغوجية للغات، أبرز عقار أن اللغة العربية اللغة الرسمية ولغة معتمدة في تدبير الشأن العام ومقوم أساس من مقومات الهوية المغربية واللغة الأساس والأولى للتمدرس، ثم اللغة الأمازيغية التي هي أيضا لغة رسمية للدولة ورصيد مشترك لجميع المغاربة بدون استثناء ولغة مدرجة في المدرسة منذ 2003، بالاضافة إلى اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم، ووسائل للتواصل والانخراط والتفاعل مع مجتمع المعرفة والانفتاح على مختلف الثقافات وعلى حضارة العصر. وتقترح الهندسة البيداغوجية للغات داخل الرؤية الاستراتيجية يقول عقار اللغة العربية لغة التدريس الساس في جميع السلاك التعليمية مع ضرورة تعزيزها وتنمية استعمالها في مخنلف مجالات العلم والمعرفة والثقافة والحياة وتقوية وضعها وتنميتها وتحديثها وتبسيطها بالاضافة الى مراجعة عميقة لمناهج وبرامج تدريس اللغة العربية وتجديد المقاربات البيداغوجية والأدوات الديداكتيكية المعتمدة في تدريسها. أما بالنسبة للغة الأمازيغية المطلوب تطوير وضعها في المدرسة من خلال، اولا انجاز تقييم شامل لتجربة تدريس هذه اللغة في التعليم المدرسي وكذا تجربة الدراسات الأمازيغية في التعليم العالي، بالاضافة إلى إعداد إطار عمل وطني واضح ومتناغم مع مقتضيات الدستور وقائم على توطيد لمكتسبات التي تحققت في تهيئتها اللغوية لسنيا وبيداغوجيا وإعداد الكفايات البشرية والموارد الديداكتيكية لتدريسها مع الخد بعين الاعتبار المقتضى الدستوري الذي ينص على قانون تنظيمي يحدد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية و كيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية. ويقتر عقار من خلال الرؤية الاستراتيجية بالنسبة للاغات الأجنبية، مراجعة مناهج تدريس اللغات الأجنبية طبقا للمقاربات والطرائق التعليمية الجديدة مع تنمية تدريسها وتعلمها في اسلاك التعليم والتكوين وكذا توظيف المقاربات البيداغوجية الفيلة بتعلمها المبكر. كما جاء في عرض عبد الحميد عقار تدقيقات في الهيكلة التنظيمية للغات حسب الأسلاك والأطوار التعليمية ثم مستلزمات تفعيل الهندسة اللغوية الجديدة وملائمتها. وخلال نفس اللقاء قدم حسن العبادي عرضا حول النموذج البيداغوجي الجديد والهندسة البيداغوجية للغات بالمدرسة المغربية حيث عرف في البداية بما المقصود «بالنموذج البيداغوجي» و «الهندسة البيداغوجية للغات» ثم قام بوقفة تقييمية من خلال أهم المكتسبات و الاختلالات القائمة على هذا المستوى بالاضافة التوجهات الاستشرافية للرؤية الإستراتيجية من خلال التغيير المنشود والنموذج البيداغوجي. بالنسبة للمقصود بالنموذج البيداغوجي في المدرسة المغربية، يقول العبادي ينطبق النوذج البيداعوجي من منظر الرؤية الاستراتيجية 2015 – 2030 على الهيكلة التنظيمية العامة لمجموع أطوار واسلاك التربية والتكوين في تكاماهت وانسجامها ويشمل غايات المدرسة ووظائفها والمناهج والبرامج والتكوينات والمقاربات البيداغوجية والوسائط التعليمية بالاضافة الى الايقاعات الزمنية للدراسة والتعلم واتوجيه المدرسي والمهني والارشاد الجامعي ونظام الامتحانات والتقييم. أما فيما يتعلق بالبيداغوجية للغات بالمدرسة المغربية، فهي تنطبق في الرؤية الاستراتيجية على وضع كل لغة داخل المنظومة التربوية، كانت لغة للتدريس أو لغة مدرسة بما في ذلك وظائفها التعليمية والمعرفية والتكوينية وكذا هيكلتها داخل المسارات الدراسية. وشدد العبادي في محور الوقفة التقييمية ان أهم المكتسبات تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين من خلال مرتجعة المناهج والبرامج والكتب المدرسية، إرساء هندسة بيداغوجية جديدة في التعليم العالي، ثم إدراج تدريس اللغة الأمازيغية وثقافتها في التعليم المدرسي والدراسات الأمازيغية بالتعليم العالي بالاضافة إلى إعادة هندسة شعب التكوين المهني وتخصصاته والتوسع التدريجي لطاقاته الاستيعابية فضلا عن الشروع في تأهيل التعليم العتيق تطوير هندسته البيداغوجية. وبالنسبة للاختلالات المسجلة التي تهم المناهج والبرامج والتكوينات، أكد العبادي على أن هناك ضعف التمكن من المعارف واللغات والكفايات والقيم، تردد في معالجة إشكالية تعلم اللغات ولغات التدريس ثم عدم تكامل المناهج والبرامج فيما بين التعليم المدرسي والتعليم العالي والتكوين المهني وضعف الجسور فيما بينها ثم تشتت المواد الدراسية وكثافة المضامين وكثرتها فضلا عن نقص في مواكبة وإدماج البنيات الجديدة للمعرفة والابتكار وولوج محدود للتعلم عبر هذه التكنولوجيات. واعتبر العبادي أن الهدف المنشود من النموذج البيداغوجي هو الانتقال بالتربية التكوين والبحث العلمي من منطلق التلقين والشحن والإلقاء السلبي الحادي الجانب، إلى منطق التعلم والتعلم الذاتي وتنمية الحس النقدي وروح المبادرة ثم التفاعل الخلاق بين المتعلم والمدرس واكتساب اللغات والمعارف والقيم في إطار عملية تربوية قوامها التشبع بالمواطنة الفعالة، فردية وجماعية وكونية ورفع تحدي الفجوة الرقمية فضلا عن تطوير وتوسيع النجاح المدرسي.