عاد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني رشيد بلمختار، إلى إثارة ملف اللغة مرة أخرى حينما تحدث على أن التلاميذ المغاربة لا يتقنون اللغات الأجنبية، خاصة الفرنسية. وقال إن الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 أَولت موضوع اللغات أهمية كبرى، وتعمل على إصلاح المدرسة المغربية ككل، خصوصا وأن الوزارة تراهن على استحداث طريقة جديدة لتدريس اللغات، معتبرا أن الطريقة الحالية غيرلائقة، ولم تعط النتائج المرجوة منها، مبشرا بأن المرحلة القادمة ستشهد انطلاقة جديدة ونوعية لطريقة تدريس اللغات للتلاميذ المغاربة، بدعم مستوى تلاميذ السنة الثالثة إعدادي لغويا ليتمكنوا من مواكبة الطريقة خلال الثانوي، فيما سيتم العمل على تحسين مستوى الأساتذة، أولا، في التعليم الابتدائي. أما تدريس اللغة العربية، فيعرف مشاكل كبيرة، بحسب وزير القطاع. وهي مشاكل تنعكس على ضعف مستوى ونتائج التلاميذ في هذه المادة، تحتاج لتصحيح في المرحلة الأولى التي تهم المستويات من الأول ابتدائي إلى المستوى الرابع. أما في التعليم الإعدادي، فوزارة التربية الوطنية أعدت مشروعا جديدا أطلقت عليه اسم «رصيد». ونال تدريس اللغة الأمازيغية نصيبه من كلمة الوزير الذي أكد على أن هناك مجهودا كبيرا يبذل لتكوين الأساتذة في هذا المجال، والذي يعرف نقصا حادا. وهو الذي يعتبر الحاجز الوحيد الذي يقف عائقا أمام تدريس اللغة الأمازيغية. ومرة أخرى يعود ملف اللغة إلى واجهة الأحداث التي تشغل بال المهتمين بشأن عملية الإصلاح التربوي التي انطلقت منذ أرصى المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي رؤيته الإصلاحية. وهي الرؤية التي أكدت على ضرورة الارتقاء اللغوي لدى مجموع المتعلمين في جميع أسلاك التعليم، عبر جعل المتعلم متمكنا من اللغة العربية، وقادرا على التواصل بالأمازيغية، ويستطيع التكلم بلغتين أجنبيتين على الأقل. لقد كان المجلس الأعلى، وهو يستعد لتقديم تقريره التركيبي، قد توقف عند محطات ثلاث اعتبرها أساسية في كل إصلاح منها إيلاء اهتمام أكبر للتعليم الأولي، وإعادة النظر في مهن التدريس، التي يجب أن يحظى المنتسبون لها بتكوين حقيقي، ثم قضية اللغة. الإشكال الذي رافق المدرسة المغربية منذ اختارت تجربة التعريب. لم يفوت تقرير المجلس الأعلى التوقف عند الإشكالية اللغوية التي يعتبر الحسم فيها أولوية الأولويات. وهي الإشكالية المتمثلة في استعمال غير متناسق للغة التدريس في منظومة التربية والتكوين، وأثر ذلك على صعوبة اكتساب المعارف العلمية، والكفايات التجريبية والتطبيقية في الجامعة، نظرا لضعف إلمام التلاميذ باللغة الفرنسية. وشكل موضوع اللغة واحدا من القضايا الكبرى التي اشتغل عليها المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، خصوصا ما يتعلق باللغة الثانية التي وجب الاعتماد عليها. وهكذا فبعد أن كان الخطاب يتجه نحو إعمال الإنجليزية كلغة ثانية بدلا من الفرنسية، التي ظلت ترافق التعليم المغربي باعتبارها إرثا استعماريا سماه البعض بغنيمة الحرب. وبالنظر إلى أن الإنجليزية هي اليوم لغة التكنولوجيا والعلوم، عادت لجنة المناهج بداخل المجلس لتتداول في الأمر، وتعيد الفرنسية إلى مكانتها السابقة بعد أن دخلت السياسة على الخط، وتحرك لوبي الفرنكوفونية للضغط بقوة. لذلك كانت خلاصة التقرير هي جعل اللغة الفرنسية تدرس منذ الصفوف الأولى الابتدائية. وقبل أن يصل المجلس الأعلى إلى هذه الخلاصة، كانت مكوناته قد اختلفت أولا بشأن اللغة العربية، وحكاية استعمال الدارجة في التدريس بالصفوف الابتدائية، كما دعا لذلك نور الدين عيوش صاحب جمعية زاكورة، التي قال إنها أعطت بتجربتها نتائج جيدة. وهو الملف الذي دخل على خطه رئيس الحكومة، الذي لم يتردد في توجيه نقده الشديد لهذا الاختيار. ودعا رفاقه في حزب العدالة والتنمية لمكاتبة المجلس حفاظا على اللغة العربية كلغة رسمية لا يمكن أن نلغيها في التعليم. بعد أن كال للسيد عيوش كل التهم واعتبره تاجرا يريد تحقيق المكاسب المالية عن طريق التربية والتعليم. وقبل أن تهدأ معركة اللغة العربية مع الدارجة، عاد ملف اللغة الثانية ليحتل نقاشا واسعا بين مكونات المجلس. فعلى الرغم من أن الكثيرين تحدثوا، في مستهل أشغال مجلس عزيمان، بمن في ذلك وزراء في حكومة عبد الإله بنكيران، عن قيمة اللغة الإنجليزية، وإمكانية جعلها لغتنا الثانية بالنظر إلى أنها لغة العصر والتكنولوجيا، إلا أن دعاة المحافظة على اللغة الفرنسية تحركوا بقوة، ليكسبوا المعركة أياما قبل صدور التقرير التركيبي للمجلس، حيث بدأ الحديث عن ضرورة حماية هذه اللغة نظرا لجملة من العوامل فيها الاقتصادي والسياسي. لقد حدث، ما سماه البعض، بالانقلاب وقتها داخل المجلس الأعلى للتعليم حينما دعا رئيسه عمر عزيمان لتشكيل لجنة خاصة للنظر في إشكالية الفرنسية أو الإنجليزية كلغة ثانية، بعد أن كان هذا الملف قد أخذ من أعضاء المجلس وقتا وجهدا كبيرين. لقد كانت اللجنة الدائمة للمناهج والبرامج والتكويانت والوسائط التعليمية المغربية، قد أوصت بإعمال الإنجليزية بدلا من الفرنسية. وقدمت بشأن ذلك عرضا أمام الجمعية العامة للمجلس. وهو العرض الذي أكد على أننا نعيش في عالم متحول ومتطور يستعمل أكثر اللغة الإنجليزية بالأساس، باعتبار أنها لغة علم وتنمية وتطور، بدلا من الفرنسية التي أضحت، بحسب خصومها في المجلس، عبئا على الثقافة المغربية، وتضييقا لمجال الانفتاح على شعوب العالم. ولم يتردد رئيس الحكومة في القول في إحدى لقاءاته الحزبية، بأن القناعة التي تكونت لديه، هي أن اللغة الإنجليزية، هي لغة العصر، ولغة العلم والبحث العلمي، ولغة التكنولوجيا، ولغة التجارة. ونحن في الدول العربية نحتاج إلى اللغة الإنجليزية. رسالة رئيس الحكومة حركت مناصري الفرنسية ليذكروا بأن للأمر أبعادا سياسية مرتبطة بعلاقة المصالح المغربية الفرنسية. وهي الأبعاد التي أرخت بظلالها بعد ذلك على نقاشات المجلس، مما جعل الرئيس عزيمان يدعو إلى إعادة النظر فيها. كما أن الإبقاء على الفرنسية لغة أولى في المناهج التعليمية، يعود إلى كونها تحتل مكانة متقدمة في المنظومة التعليمية المغربية. وهي نفسها اللغة المعتمدة ضمن أكثر من بلد إفريقي، وبعموم الدول الفرانكفونية التي اختار المغرب الانفتاح عليها بشكل أكبر ضمن مساعيه الاستراتيجية سياسيا واقتصاديا. اليوم يعود النقاش مجددا حول موضوع اعتقد الكثيرون أن أمره حسم في المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي وفي رؤيته الاستراتيجية للإصلاح. وهي عودة حركها وزير التربية الوطنية الذي أعاد للأذهان قضية تواضع اللغة العربية وضرورة إيلاء الفرنسية مكانة أفضل، وكأني بالسيد رشيد بلمختار يصرف الآن غضبه من الموقف الذي سبق لرئيسه عبد الإله بنكيران أن عبر عنه حينما أثار من على منصة البرلمان موقفه المعارض لمذكرة بلمختار القاضية بتدريس بعض المواد العلمية في مسالك تقنية بالفرنسية بدلا من اللغة العربية. وهي القضية التي كادت تحدث أزمة حكومية قبل أن يحسم العاهل المغربي في الأمر وهو يدعو إلى ضرورة الانفتاح على اللغات الأجنبية، دون التفريط في استعمال اللغة العربية. ولذلك لم يصدر وزير التربية الوطنية إلى اليوم أية مذكرة جديدة تلغي تلك التي سبقتها بشأن استعمال اللغة الفرنسية في تدريس بعض المواد العلمية للمسالك التقنية. فهل نعيش فيما تبقى من عمر حكومة بنكيران معركة جديدة بين وزير التربية الوطنية والتكوين المهني ورئيسه بشأن لغة التدريس، التي يعترف كل المتتبعين أن الحسم فيها يحتاج لقرار سيادي. وهو ما كان قد عبر عنه المجلس الأعلى للتعليم في نسخته السابقة على عهد الراحل مزيان بلفقيه الذي وقف عاجزا عن الحسم في إشكالية لغة التدريس. وهو العجز نفسه الذي أبان عنه المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم الذي لم ينجز مشروع اللغة فيه أي شيء. وزارة التربية الوطنية تعرض لمشاريعها المستقبلية منها دمج التعليم والتكوين المهني ورافعات الرؤية الاستراتيجية عقدت وزارة التربية لقاء تنسيقيا مع المديرين المركزيين والجهويين والإقليميين لقطاعي التربية الوطنية والتكوين المهني ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل. ووقف المشاركون في المحطة الأولى من هذا اللقاء، على مدى تقدم مشروع «دمج التعليم العام والتكوين المهني وتثمين التكوين المهني» الذي يندرج في إطار تفعيل الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، من خلال تفعيل التدابير المتعلقة بإرساء البكالوريا المهنية والمسار المهني الإعدادي واستكشاف المهن بالتعليم الابتدائي وتطوير منظومة التوجيه المدرسي والمهني. وفي هذا السياق تم عرض حصيلة إرساء مسلك البكالوريا المهنية والمسار المهني بالثانوي الإعدادي وكذا أهم المستجدات في هذا المجال، بالإضافة إلى خريطة التكوين بالنسبة للموسم الدراسي المقبل. واطلع المسؤولون كذلك، على الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها من أجل تفعيل تدبير «استكشاف المهن» بالنسبة لسلك التعليم الابتدائي، ويتعلق الأمر بتحديد المؤسسات النموذجية التي ستطبق فيها العدة البيداغوجية التي تم إعدادها لهذا الغرض، وصياغة مخطط لتكوين الأساتذة المستهدفين. أما في إطار تطوير التوجيه إلى التكوين المهني، فقد تم التطرق إلى أهم الإجراءات المنجزة والمبرمجة وخاصة تلك المتعلقة بمستوى التوجيه نحو المسارات المهنية بالتكوين المهني والتعليم الثانوي. كما كشفت الوزارة على أن الاشتغال في هذا المجال، سيتم من خلال التأسيس التدريجي لمبدأ التوجيه المبكر والتوجيه مدى الحياة، وبلورة آليات وأدوات جديدة، وأيضا من جانب تعزيز الجسور والممرات بين مختلف التكوينات، وتبسيط مسطرة التوجيه نحو المسارات المهنية بالتكوين المهني والتعليم الثانوي، وكذا إرساء مفهوم التخطيط المندمج بين التعليم المدرسي والتكوين المهني عبر خريطة تربوية تكوينية واحدة، في أفق تشجيع التوجيه نحو التكوينات المهنية باعتبار آفاقها الواعدة. كما تتطلع الوزارة، في مجال التوجيه، إلى إرساء آليات جديدة لاشتغال المؤسسات التعليمية ومؤسسات التكوين المهني بتيسير عملية التنسيق بينها، فضلا عن فتح المزيد من الجسور والممرات بين التربية غير النظامية والتعليم المدرسي والتكوين المهني، وإعمال مبدأ التوجيه التجريبي لمساعدة المتعلم على التقرب أكثر من واقع التكوين والمهن بواسطة وضعيات وأنشطة تربوية تساعده على بلورة اختياره الدراسي والمهني. وتميز اللقاء في محطته الثانية، بتقديم آليات تفعيل وتتبع المشاريع التي تترجم الرافعات الأساسية للرؤية الاستراتيجية 2015-2030 المحددة في أربعة مجالات، هي الإنصاف وتكافؤ الفرص، والجودة للجميع والارتقاء بالفرد والمجتمع، والحكامة وتدبير التغيير، وتوطين التدابير ذات الأولوية ضمن هذه المشاريع الاستراتيجية، عبر خمس مخططات يمتد كل واحد منها لمدة ثلاث سنوات، والتي من شأنها أن تمكن من التقييم المنتظم للرؤية الاستراتيجية. ومن جهة أخرى تم تقاسم المراحل المقبلة لتنفيذ هذه المخططات ووضع آليات لقيادة وتتبع مختلف المشاريع المبرمجة. كما تميزت هذه المحطة بتقديم عروض متنوعة سلطت الضوء على سيرورة إرساء الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وفقا للتقسيم الجهوي الجديد، ومستجدات امتحانات البكالوريا لهذه السنة وأهم المحطات التي ستعرفها، وكذا أهم العمليات المرتبطة بتدبير الموارد البشرية، فضلا عن تقديم حصيلة المهام المنجزة من طرف المفتشيتين العامتين للوزارة. علاكوش: وزارة التربية الوطنية تحذف مقترحات النقابات بشأن النظام الأساسي قال إنها منكبة على إعداد المسودة المتعلقة به قبل لقاء النقابات في الموضوع يُثار اليوم نقاش حاد حول انحباس العلاقة بين النقابات التعليمية ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، بدليل توالي الخطوات الاحتجاجية والتصريحات النارية لعدد من المسؤولين النقابيين، والتي يُستشف منها شعور النقابات بمخاطر تقزيم أدوارها على مصداقيتها ومدى قدرتها على التأثير في القرارات المتخذة في القطاع. في هذا الحوار يُحدثنا يوسف علاكوش الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب عن علاقة نقابته بالوزارة وعن العديد من القضايا المطروحة اليوم للنقاش، كما يُحدثنا عن الآثار المترتبة عن التوجه نحو تجاوز النقابات وأدوارها التشاركية … – المتتبعون للشأن التعليمي بالمغرب يلاحظون تسارع القرارات المتخذة من طرف وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني خلال السنوات الأخيرة في تغييب شبه كلي لدور النقابات التعليمية كشركاء اجتماعيين، ونذكر هنا على سبيل المثال القرارات المتعلقة بمراجعة المناهج وتدريس اللغات الأجنبية وتدبير الحركة الانتقالية بشكل آلي …هل يمكن أن نقول إن الوزارة في طريقها إلى تقزيم أدوار النقابات؟ المعادلة التي لا تستقيم ليس بتغييب الوزارة الوصية للنقابات التعليمية، بل بالحضور الدائم حد التخمة وعلى مدار السنة للقاءات تُنوع الوزارة طبيعتها لتصل لأزيد من أربعين لقاء بين الموسع والمشترك والتقني وبقضايا أفقية واُخرى موضوعاتية. ولكن الذي لا يستساغ هو وابل المذكرات والقرارات المتهاطلة والتي نُوقش إطارها العام بإحدى اللجان الموضوعاتية أو المشتركة لكن مضمونها يكون مختلفا أو تُحذف منه مقترحات النقابات التعليمية. وهذا ضرره أكثر من مسألة التقزيم لكونه يضرب في العمق مصداقية العمل النقابي ويوسع هوة الثقة بين النقابات التعليمية ونساء ورجال التعليم، ويساهم بشكل مباشر في تأسيس التنسيقيات المستقلة. والغرابة أن الوزارة هي التي تسارع في استقبال بعض هذه التنسيقيات، وهذا ما يجعل السؤال الذي طرحت يستحق التحليل ويحيل على عبارة أقوى من التقزيم بل محو أي شكل احتجاجي نقابي لتمرير كل القرارات تحت مسمى الإصلاح والتحديث والتخليق… أما انخراط النقابات التعليمية في السلسلة المتوالية من اللقاءات واللجن فليس غباء منها لكونها استطاعت في 2011 انتزاع مجموعة من المكتسبات لصالح الأسرة التعليمية توجت بمرسومي 25 نوفمبر 2011 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.02. 854 الصادر في 10 فبراير 2003 والذي صحح مجموعة من الاختلالات، ومنذ 2012 إلى اليوم نصطدم بإرادتين واحدة قطاعية منفتحة على التفاوض وأخرى حكومية تهاب الانعكاس المالي لأي تفاوض نقابي، وحتى ما أثير من نقاش حول ما يعرف بالعرض البيداغوجي أو التربوي الذي يناقش المناهج والبرامج وتدريس اللغات ولغات التدريس أُخبرنا أنه سوف يتم إدراجه لتكون النتيجة إطلاعنا على تغيرات جوهرية عبر بوابة الأمانة العامة للحكومة أو بلاغ صحفي أو بلاغ عن المجلس الحكومي، وهذا يعاكس روح الدستور2011 الذي أرسى دعائم الحكامة الجيدة عبر الإشراك والتشارك وليس بالتعبئة من أجل تنفيذ ما يتم إخبارنا به عبر البوابات الإلكترونية وصفحات الجرائد. – من الملفات التي كان يعول عليها نساء ورجال التعليم لحل العديد من القضايا العالقة بقطاع التربية والتكوين، هناك ملف النظام أو القانون الأساسي الجديد والذي قيل حوله الكثير ولازال يُراوح مكانه، وهناك حديث عن إقباره في عهد هذه الحكومة واستحالة إخراجه إلى الوجود قبل انقضاء عمر ولايتها الحالية …نود لو تُخبروا الرأي العام التربوي بجديد هذا الملف ومآلاته؟ أول محاولة تم إحباطها من طرف النقابات في هذا الموضوع هو تسمية النظام الأساسي الخاص بوزارة التربية الوطنية بالقانون الأساسي والفرق طبعا بين. لأن الحكومة كانت تعتزم سنة 2012 إرساله الى البرلمان حيث تتوفر على الأغلبية وتتخلص من أرق النقابات كما تفعل الآن بملف التقاعد في حين أن المرسوم 2.02. 854 الصادر في فبراير 2003 هو مرسوم بمثابة نظام أساسي ونتمكن فقط عن طريق الحوار القطاعي من تعديل جملة من مقتضياته التي كانت موضوع الملف المطلبي للنقابات التعليمية منذ 2009 لتنفيذ اتفاق فاتح غشت 2007، وخاضت النقابات محطات نضالية مشتركة توجت بمرسوم تعديلي صحح الاختلالات التي طالت المسار المهني لمجموعة من الفئات في 25 نوفمبر 2011، أما الآن وبعد التوقف السياسي وبعد التعديل الحكومي وتولي الوزير بالمختار الذي بارك أشغال اللجنة المشتركة للنظام الأساسي، فقد توزعت أشغال اللجنة على مراحل أولها مرحلة التشخيص والمقارنة بالأنظمة الأساسية إقليميا ودوليا، تلتها مرحلة تحديد الأهداف والمبادئ العامة لمشروع النظام الأساسي المرتقب وصولا إلى بناء التصور وتجميعه عبر لجنة تتكلف بالصياغة النهائية وقد أضيف للنظام الأساسي محور ميثاق أخلاقيات المهنة من قبل الوزارة، وهو محور يُحيل على تقييم الأداء المهني الذي جابهناه في وقت سابق لانتقائيته، ولكن أشغال اللجنة عرفت توقفات بسبب غياب أفق محدد للاشتغال وطالبنا كجامعة حرة للتعليم مزاوجة نقاش النظام الأساسي بنظام التعويضات، حيث لا يستقيم الحديث عن المهام والواجبات دون الحديث عما يقابله من تعويض في أفق الحديث عن منظومة الأجور بالوظيفة العمومية، الأمر ذاته وبعد الاتفاق على الالتزام بسرية التداول في التفاصيل والنقاش باللجنة كان الاتفاق على إتمام المسودة من طرف الوزارة وعرضها في صيغتها النهائية على النقابات التي ستعرضها على أجهزتها التقريرية قبل الحسم النهائي علما أن التدابير ذات الأولوية قد أدمجت موضوع النظام الأساسي بمحور الموارد البشرية، لذلك فالوزارة منكبة على إعداد المسودة المتعلقة بالنظام الأساسي قبل لقاء النقابات في الموضوع – تابعنا نضالاتكم إلى جانب «جيل بوكماخ» أو ضحايا النظامين الأساسيين لسنتي 1985 و 2003 ، وهي نضالات تنوعت بين الوقفات الجهوية والوطنية، إلا أن ملف هذه الشريحة التي أفنت عمرها في قطاع التعليم لم يتزحزح من رقعته، على الرغم من توالي التصريحات المطمئنة. ما حقيقة هذا الملف وما هي العراقيل الحقيقة التي تقف في وجهه؟ الجامعة الحرة للتعليم هي من أسمته ملف ضحايا النظامين الأساسين 85و 2003.بعد أن طرقت بابها تنسيقية مستقلة في أواخر سنة 2011، وبعد دراسة تقنية للملف أثبتت أن الفئة لم يسبق لها أن استفادت من أي امتياز رغم أن ظاهر الأمر يقول إنها وظفت بالسلم السابع أو الثامن وهي مرتبة الآن بالسلم العاشر، فذلك كان عبر معاناة حقيقية مادية ومعنوية خلفت ندوبا نفسية عميقة في حين أن ترسيم الفئة التي رتبت كان بعد أزيد من عشر سنوات كمعلم مؤقت أو مياوم أو عرضي منذ 1972 قبل اجتياز المباراة على شطرين أو المكوث بالسلم الثامن لعقدين من الزمن، وقد أخلفت الوزارة وعدها رغم تمديد الشرط النظامي للترقي من السلم التاسع إلى العاشر وفق قاعدة 15سنة أقدمية عامة منها 6 سنوات في الإطار والتي توقف العمل بها سنة 2013 تاريخ انتهاء مفعول المرسوم مخلفة بذلك عددا لا يستهان به من المدرسات والمدرسين مرتبين بالسلم التاسع وأخلفت وعدها بوضع السلم التاسع في طور الانقراض، وبعد توحيد الرؤية النقابية في الملف تم الاتفاق نقابيا على الحل الذي اقترحناه كجامعة حرة للتعليم منذ 2012 وهو منح سنوات اعتبارية تفي بالترقي لكل الضحايا كما كان الشأن لمجموعة من الفئات منذ 2005 مع اعتماد قاعدة الترقي (15+6 للترقي من السلم 11 كما هو معمول به بسلك التعليم الثانوي التأهيلي حاليا. وقد وافقت وزارة التربية الوطنية على المقترح ووعد وزير التربية الوطنية منذ 2014 شخصيا بالترافع عليه أمام وزارة المالية والوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية وننتظر الحسم النهائي الرسمي من طرف وزارة التربية الوطنية. ونحن نلتزم بالدفاع والتفاوض على هذا الملف الذي حصل على الإجماع النقابي وأن الأشكال الاحتجاجية السلمية كمثل المسيرة المزمع تنظيمها يوم 7مارس 2016 هي لتسريع وتيرة التعاطي مع ملف عنوانه الكرامة ورد الاعتبار لجيل من المدرسين والمدرسات قدم عمره من أجل أن يستنير الوطن، ولن نتنازل قيد أنملة عن تحقيق هذا المطلب من أجل ردم هوة انعدام الثقة بين النقابات والأسرة التعليمية من جهة ورد الاعتبار والكرامة من خلاله للمدرسة العمومية ولجيل أثمر خيرة الأُطر الوطنية ومتأهب لإكمال المسيرة لكن بوضع مادي ومعنوي أفضل من الحالي . – تُتابع النقابات التعليمة ملف الأساتذة المتدربين ودخلت على خطه للتباحث حول الحلول الممكنة لطي هذه الصفحة السوداء التي خيمت على قطاع التكوين بالخصوص، كيف ترون أنتم في نقابتكم هذا الملف وما هي الأفق المتبقية لطيه ؟ ملف أساتذة الغد لا ينفصل عن ملف أساسي للنقابات التعليمية. وهنا نطرح علامات استفهام حول فائدة اللجان المشتركة المحدثة إن لم تثمر قرارات؟ وكيف يعقل أن النقابات تشتغل مع الوزارة في إطار اللجان المشتركة وتوضع نتائج أشغالها جنبا وتصدر الوزارة والحكومة مرسوما خارج إطار التفاوض القائم وفي موضوع بالغ الأهمية يتعلق بإصلاح المنظومة التربوية، على اعتبار أن التكوين الأساس يُعد مدخلا رئيسا من مداخل الإصلاح وفصل التكوين عن التوظيف يعني في ظل هشاشة النسيج الاقتصادي وبمصطلح سوق الشغل توفير يد عاملة مؤهلة وزهيدة الثمن لصالح القطاع الخاص وبالتالي تحطيم رمزية وقدسية مهنة وصفت لنبلها برسالة الأنبياء، والجامعة الحرة للتعليم بمعيّة النقابات التعليمية بادرت بالمؤازرة وتبني المطلب قبل أن تتقدم بمقترحات مع النقابات من أجل إنقاذ الموسم الدراسي المقبل بعيدا عن أي مزايدة أو ركوب، ونستمر لحد الساعة في الدفاع عن المطلب العادل والمشروع علما أن إصلاح المنظومة التربوية لا يتعلق بإجراءات حكومية بزمن سياسي بل هو مشروع الأمة المغربية التي جعلت من قضية التعليم أولوية وطنية بعد الوحدة الترابية لذا إصلاحه هو شأن مجتمعي، ولا مجال لإعمال السياسة التقشفية بالقطاع، لذا نقول إن تبني الجامعة للتعليم لملف أساتذة الغد هو تبني الدفاع عن التعليم العمومي. – ما هو تعليقكم على الهيكلة الجديدة للأكاديميات والمديريات، والتدابير التي اتخذتها الوزارة لإرساء هذه الهيكلة؟ كانت الجامعة الحرة للتعليم سباقة وطنيا لدق ناقوس الخطر عبر بلاغها ليوم 4 شتنبر 2015، حيث دعت إلى توحيد التنسيق النقابي جهويا وإقليميا للتصدي لمذكرة إعادة الانتشار المغلفة باسم تدبير الفائض والخصاص، مذكرة مجحفة تمس الاستقرار النفسي والاجتماعي للأسرة التعليمية ومهدت لصدور مرسوم الحركية لوزارة مبدع طبعا، وقد نبهنا كنقابة تعليمية لذلك في حينه. ويبقى الخيار الوحيد لمواجهة الهجمة الشرسة على الحقوق والمكتسبات هو التمسك بالوحدة النقابية، سيما وأن هاجس الاقتطاع قد تم التخلص منه بعد إضراب 24 فبراير 2016. والإعلان عن التصعيد كخيار للأسرة التعليمية دفاعا عن المدرسة العمومية وضد تخلي الحكومة عن دورها المركزي في رعاية كل القطاعات الاجتماعية. أكاديمية الشرق تحتضن الملتقى الجهوي الأول حول تطوير التعليم الأولي احتضنت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الشرق بتعاون مع منظمة اليونيسيف، أخيرا الملتقى الجهوي الأول حول تطوير التعليم الأولي، تحت شعار « التعليم الأولي مفتاح لتكافؤ الفرص والنجاح الدراسي»، حضره الفاعلون المهتمون بتنمية التعليم الأولي وممثلا منظمة اليونيسيف، وأطر من دولة بلجيكا وأعضاء فريق العمل المكلف بإعداد منهاج التعليم الأولي على مستوى الوزارة ورئيسة مؤسسة زاكورة وبعض ممثلي القطاعات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص وبعض الجمعيات المهتمة. محمد ديب مدير الأكاديمية افتتح أشغال هذا الملتقى بكلمة رحب فيها بالحاضرين مبرزا الأهمية التي يكتسيها التعليم الأولي في الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030حيث تم التنصيص في الرافعة الثانية على مبدآ إلزامية التعليم الأولي وتعميمه، ومؤكدا على خصوصية التوجهات المرحلية التي بإمكانها أن تؤهل المغرب للدخول في تدبير الألفية الثالثة بنوع من التبصر والوعي والفهم الواضح لمستلزمات المرحلة وما تستدعيه من عدة بشرية ومعرفية. وأشار المدير في ختام كلمته إلى أن التعليم الأولي ببلادنا تعترضه عدة صعوبات وإكراهات على مستوى أدائه الإداري والتربوي وأن أشغال هذا الملتقى ستكون استجابة لمجموعة من المؤثرات ترتبط بعدة خصوصيات وهي موقف الكثير من المستثمرين في هذا القطاع والمنظور البيداغوجي ووضعية الخريطة المدرسية وكذا الموارد البشرية الموجهة الى الاشتغال بملف التعليم الأولي . وتميز الملتقى بتقديم عرضين، أولهما حمل عنوان « الأولي بجهة الشرق، الحصيلة والآفاق» أبرز فيه حسن الساوري، رئيس مصلحة الإشراف على مؤسسات التعليم الأولي والتعليم المدرسي الخصوصي بالأكاديمية وتناول فيه المحاور التعليم الأولي (المرجعيات والأهداف – وضعية التعليم الأولي بجهة الشرق – الإكراهات و آفاق العمل – مجالات تدخل الشركاء) . أما العرض الثاني، الذي ألقاه محمد بيدادة باسم فريق العمل المشتغل على مشروع الهندسة المنهاجية للتعليم الأولي، فقد أبرز من خلاله نتائج العمليات المنجزة و المتعلقة بمنهاج التعليم الأولي، تلاه تقديم تجربة مؤسسة زاكورة بقطاع التعليم ما قبل المدرسي والتي تستهدف الوسط القروي من خلال مدارس التعليم الأولي الجماعاتية مع التركيز على استقطاب مكونات من وسط الجماعات المستهدفة، فيما ركز أعضاء الوفد البلجيكي على طبيعة التكوين الموجه إلى الأطر العاملة بالتعليم الأولي وكذا طبيعة الأنشطة التعليمية في هذه المرحلة مستندة في ذلك على تجربة بلدهن في هذا المجال. وبعد فتح باب المناقشة وذلك من أجل إغناء ما ورد في العرضين السابقين والتفاعل مع التجربتين المغربية والبلجيكية، أثار الحاضرون جملة من الملاحظات من أهمها ضرورة التدقيق في مواصفات المربيات وتحديد حجم المعرفة الواجب توفرها فيهن، أهمية التركيز على اللعب باعتباره محطة مهمة في التعليم الأولي ضرورة التقليص من حجم المعارف المفترض تقديمها للمتعلم في هذه المرحلة، أهمية التركيز على البعد التربوي في التعليم الأولي على حساب الجانب التعليمي، إلزامية الاهتمام بمدة تكوين المربيات، التدقيق في تسمية هذه الفترة التعليمية والتقيد بالمصطلح الخاص بهذه الفئة العمرية، تقوية وتفعيل أدوار مراكز الموارد الخاصة بالتعليم الأولي بالمديريات الإقليمية ومساهمتها في دعم القطاع بالوسط القروي، إضافة إلى تحديد المصادر الممكنة لتمويل التعليم الأولي. يوم دراسي بوجدة حول دور للجامعة في تطوير الجهة في سياق انفتاح الجامعة على محيطها، واعتبارا لما يكتسيه موضوع الجهوية من أهمية قصوى، وإيمانا بالدور الحيوي والفعال الذي يجب أن تقوم به الجامعة في سبيل النهوض بالتنمية المستدامة، على المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، نظمت جامعة محمد الأول بوجدة، السبت 27 فبراير2016، بمقر المجمع الجامعي لنقل التكنولوجيات والخبرة، يوما دراسيا في موضوع « أي دور للجامعة في تطوير الجهة ؟ «. محمد بن قدور رئيس جامعة محمد الأول بوجدة، أكد في تصريح ل»المساء» أن هذا اللقاء الجامعي التواصلي، يأتي في سياق حرص الجامعة على خلق فضاء للتفكير المشترك، والنقاش الجاد، بمشاركة خبراء وأساتذة جامعيين، من أجل اقتراح التصورات، ورسم الخطط ووضع الاستراتيجيات لتسريع وتيرة التنمية الجهوية، وفي سياق تحفيز المؤسسة المنتخبة من جهة ومجالس عمالات وجماعات حضرية وقروية على تقديم السند المطلوب للمؤسسة الجامعية للقيام بأدوارها التكوينية والبحثية المختلفة. كما تسعى إلى التعريف بالمجمع الجامعي لنقل التكنولوجيات والخبرة، وإطلاع الضيوف والزوار على مهامه وبنياته. وأضاف أن مجال التعاون يمكن أن يشمل العديد من الجوانب منها عقد شراكات دقيقة الأهداف والغايات، قائمة على خطط عمل واتفاقيات ومشاريع، توفر بموجبها المؤسسات المنتخبة وعلى رأسها مجلس الجهة اعتمادات للجامعية؛ بهدف تحسين العروض التكوينية والبحثية، وتوفير الوعاءات العقارية الكفيلة لتوفير وتنويع العرض التربوي وتقريبه من المستفيدين في ظل التزايد المستمر لحملة الباكالوريا بمختلف أقاليم الجهة، والاستفادة من الكفاءات والخبرات والقدرات العلمية والبشرية المشتركة في مجال تخطيط وتنفيذ البرامج التنموية، وتعزيز دور الجامعة كقاطرة للتنمية بمختلف مشاربها.رئيس الجامعة أشار إلى أن اللقاء يروم تقريب العرض التربوي من المستفيدين بإنشاء مؤسسات جامعية بكلّ من تاوريرت (1800 طالب) وبركان (2470 طالب) وميضار (1533طالب)، وهو الوضع الذي سيخفف العبء على المؤسسات الجامعية بوجدة مع ربح منح للطلبة الذين يتابعون دراستهم بمدنهم «مع الإشارة إلى أن عدد الطلبة الحاصلين على الباكالوريا في أفق 2020 سيتجاوز 25 ألف طالب، إذ لا يمكن للنواة الجامعية بوجدة استيعابهم مع ما يتطلب ذلك من أمن وتكوين وإيواء وتغذية، إضافة إلى التكوين الممهنن من خلال إبرام اتفاقية مع مديرية التكوين المهني للتكوين للإجازات المهنية». من جهته، أوضح محمد عزاوي المدير الجهوي للتكوين المهني وإنعاش الشغل بجهة الشرق أن الاتفاقية التي تم توقيعها مع جامعة محمد الأول بوجدة تهدف بالأساس على تنويع ومضاعفة الممرات بين التكوين المهني والجامعة والرفع من نسبة المستفيدين لتصل إلى 30 في المائة، الأمر الذي سيخلق انتعاشا ودينامية جديدة داخل التكوين المهني وإنعاش الشغل حيث سيسمح لخرجي التكوين المهني بمتابعة دراساتهم العليا بمختلف المؤسسات الجامعية (الإجازة المهنية والماستر والدكتوراه). ميثاق المسؤولية..عن أية دلالات؟ ميثاق المسؤولية، هكذا عنونت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني الإجراء الجديد الذي تنوي من خلاله توقيع عقود تتضمن حزمة من المبادئ والقواعد الأخلاقية والمهنية والإدارية مع مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وكذا مديري المديريات الإقليمية، الهدف منها الالتزام بمقتضياتها، كمعايير لتقييم أدائهم المهني. إن صيغة التعاقد هي لغة جديدة، قد يراد منها مسايرة توجهات ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحديد الحقوق والواجبات، وفي الآن نفسه محاولة رسم قطيعة مع الممارسات السابقة التي شابت تنزيل المخطط الاستعجالي، الذي أُعْلِنَ عن فشله الذريع، أكدته بشكل جلي تقارير المجلس الأعلى للحسابات، التي أماطت اللثام عن اختلالات كبيرة في التدبير الإداري والمالي والتربوي. لكن المتأمل الحصيف لمضامين المبادئ والقواعد التي جاء بها ميثاق المسؤولية، يستنتج أنها عائمة في العموميات، صيغت بمصطلحات فضفاضة وضبابية قابلة لمجموعة من التأويلات (الحكامة الجيدة، التدبير المعقلن والرشيد، فضائل الأخلاق…)، تبتعد كليا عن تسطير معايير دقيقة قابلة للقياس، حينئذ يتساءل المرء، كيف يمكن إذن تقييم المردود والأداء المهني للمسؤولين في غياب الإشارة للمؤشرات العلمية لهذا التقييم الذي تعقبه المحاسبة. من جانب آخر، صيغة العقود الموقعة، لا تتضمن إشارة لا من قريب ولا من بعيد إلى السقف الزمني لتلك التعاقدات، مما يجعل المجال مفتوحا وغامضا، ويفقد التعاقد مصداقيته، ليغدو بذلك مجرد فرقعة إعلامية للاستهلاك ليس إلا. إذا كانت الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، تروم الارتقاء بالمنظومة التعليمية، فإن بوادر تنزيل الهيكلة الجديدة للأكاديميات والمديريات الإقليمية في بدايتها تبدو مقلقة، حيث تم تدعيم الهيكلة بأقسام ومصالح جديدة، هناك من رأى فيها تخمة زائدة لتبذير الأموال العمومية، بينما رأى فيها آخرون ضرورة تقتضيها سياسة إعادة التقسيم الجهوي الجديد الذي سيتم بموجبه تفويض أغلب الاختصاصات للجهات. لكن طريقة تدبير هذه المرحلة تطرح العديد من الأسئلة، حول القيام بتكليف مسؤولين مؤقتين على رأس الأقسام والمصالح الجديدة، يرجح أن يتم تثبيتهم في مناصبهم، بعد فتح المباريات في وجه المتبارين، الذين ستتضاءل حظوظهم بشكل كبير، نظرا لاستفادة المكلفين من نقط امتياز تعزز ملفاتهم، مما يقتل في الصميم مبدأ تكافؤ الفرص، ويتعارض مع القوانين الجاري بها العمل، خصوصا وأن منح التكليفات تحوم حولها شكوك عديدة ترتبط بالمعايير المعتمدة، خاصة إذا ما علمنا أن مسؤولين ورؤساء سابقين، تم منحهم تكليفات للإشراف على مصالح محدثة في الهيكلة الجديدة، تتنافى مع مهامهم السابقة، وبعيدة كل البعد عن مجال اختصاصهم، وبالتالي نتساءل عن أية حكامة نتحدث. في هذه الأثناء، تعيش الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية المحدثة تَيْهًا غير مسبوق، خصوصا وأن الأمر يتعلق بمرحلة انتقالية، على إثرها تم تعيين مدراء أكاديميات جدد، ما زالوا يعيشون ارتباكا نظرا لصعوبة المرحلة، كما أن الوزير الوصي على القطاع قليل الظهور، مما يجعل حضوره غير ملموس في فترة تفترض منه التنقل عبر الجهات لمعالجة المشاكل المطروحة.