على الرغم من المجهودات المبذولة من قبل الحكومات المتعاقبة منذ فجر الاستقلال بهدف إصلاح التربية والتعليم فإن القطاع لازال يعاني، ولم تجد مختلف الحكومات والوزارات المتعاقبة الوصفة المناسبة لوضع عجلة الإصلاح على السكة الطبيعية وهذا ساهم في تصنيف المغرب في مراتب متأخرة في التربية والتعليم ناهيك عن استفحال ظواهر خطيرة كالهدر المدرسي والتكرار وكذا تراجع وضعف المستوى الدراسي والتعليمي للتلاميذ والطلبة الجامعيين على السواء. الإصلاح شأن الجميع من المؤكد أن النقابات التعليمية التي أولاها دستور المملكة عناية خاصة ضمن المركزيان النقابية لم تعد تدافع فقط عن المطالَب المادية والترقيات والزيادة في الأجور وتحسين ظروف العمل عن طريق الحركات الانتقالية ،بل إن النقابات الأكثر تمثيلا ساهمت في تأسيس لجنة خاصة تهدف الى وضع مقترحات لإصلاح التربية والتعليم وهي اللجنة التي عقدت عشرات اللقاءات توجت بإعداد تقرير رصد مجمل مكامن الخلل وقدم مقترحات حلول لإخراج قطاع التعليم من النفق الموجود فيه،وفي هذا الصدد طالبت النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية ،وهي النقابة الوطنية للتعليم(ك د ش)،والجامعة الوطنية لموظفي التعليم والنقابة الوطنية للتعليم(ف د ش) والجامعة الحرة للتعليم والجامعة الوطنية للتعليم،بضرورة إصلاح المنظومة التعليمية التكوينية مع ضرورة رد الاعتبار للمدرس الذي يعتبر الحلقة الأساسية في أي إصلاح،كما قدمت هذه النقابات مذكرات بسطت فيها رؤيتها للإصلاح المرتقب وهي الرؤية التي تم تجميعها في تقرير تركيبي اعتمد عليه الوزير رشيد بلمختار خلال تقديمه لرؤية الوزارة الوصية للإصلاح في أفق 2030 أمام أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.. عزيمان ورؤيته للإصلاح ومن جهته حذر رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، عمر عزيمان، من مغبة إرجاء إصلاح التعليم تحت أي ذريعة كانت وفي مقدمتها محدودية الإمكانيات المادية. وأوضح خلال لقاء صحفي أخيرا أن الإصلاح أصبح أولوية لا تقبل التردد أو النقاش وإلا وقعنا في مصيبة لاقدر الله،مبرزا أنه في حالة ما إذا استمر الأمر على ماهو عليه، وافترضنا أننا لم نقم بأي شيء، أو إذا اكتفينا باتخاذ بعض الإجراءات الجزئية وغير المؤسسة، فإننا سنصطدم، لا محالة بتفاقم الأزمة" وبلغة الواثق قال عزيمان لا يمكننا الارتكان والارتهان إلى محدودية الموارد والإمكانات المادية. فليس لدينا خيار عن تنفيذ الإصلاح وإلا سنوقف جهازا يكون رجال ونساء الغد،كما أشار إلى أن الورقة التأطيرية لرئيس الحكومة الخاصة بميزانية 2016 تضم إشارة قوية لمنح التعليم وإصلاحه مكانة وجعله أولوية،ناهيك عن قرار الوزارة لتكوين عشرة آلاف أستاذ خلال السنة الجارية.مشيدا في ذات الوقت بحكومة الأستاذ عبدالإله بنكيران التي بحسبه قامت بواجبها وتفاعلت ما رؤية مجلسه الاستراتيجية لأصلاح التعليم ،وهي الاستراتيجية التي اختير لها عنوان «من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء الفردي والمجتمعي 2015-2030 » تمتد على مدى 15 سنة، وهي مدة تفعيلها والتعبئة حولها. مضيفا أن مسار إصلاح منظومة التعليم لابد أن يضع كل من التلميذ والأطر التربوية من أساتذة ومفتشين وكل المتدخلين التربويين دون إغفال حاجيات الجسد التربوي كالتكوين المستمر والاستدراكي والتخصص على أساس تحقيق في صلب هذا الإصلاح وغيرهم من المتدخلين التربويين، مشددا على أن الرؤية الإصلاحية تضمن ضمن مضامينها مقترحات تهم الجسم التربوي واحتياجاته لتحقيق مدرسة «الإنصاف والجودة والارتقاء كما تطمح إلى ذلك الرؤية الاستيراتيجية للإصلاح". بلمختار ومحاور الإصلاح الوزير بلمختار بدوره بدأ في تنزيل خطته الإصلاحية والتي ضمت مجموعة من التدابير ذات الأولوية وفق تسع محاور يهدف أولها إلى التمكن من التعلمات الاساسية عن طريق وضع منهاج جديد للسنوات الاربع الاولى من الابتدائي والرفع تدريجيا من عتبات الانتقال الى الأسلاك التعليمية من اجل الوصول الى الحد الأدنى كن المعارف الاساسية الضرورية للنجاح في السلك الموالي،فيما المحور الثاني يشدد على تقوية اللغات الأجنبية بالثانوي للاعدادي وتغيير نموذج التعليم مع تنويع المسارات ودعم التمكن من اللغات الأجنبية عبر تدريس بعض المواد في المسالك الدولية للباكالوريا المغربية. المحور الثالث يتحدث -وفق الوزير- عن دمج التعليم العام والتكوين وتثمين التكوين المهني عن طريق اكتشاف المهن وأحدث مسار مهني جديد بالاعدادي لفائدة التلاميذ الحاصلين على الشهادة الابتدائية وخلق الباكالوريا المهنية وربطها بسوق الشغل ثم التوجيه نحو التكوين المهني،في حين يضم المحور الرابع مسألة الكفاءات العرضانية والتفتح الذاتي وذلك بتحفيز التفتح واليقظة عند التلاميذ وتشجيعهم على إبراز مواهبهم وتطوير روح المبادرة والمقاومة. أما المحور الخامس، وفق المسؤول الحكومية، فيتمثل في تحسين العرض المدرسي بتأهيل المؤسسات التعليمية والتخفيف من الاكتظاظ بالأقسام الدراسية والرفع من العرض المدرسي عبر شراكات عمومي وخصوصي، مع تنظيم قطاع التعليم الأولي وتحسين جودة الخدمات المقدمة من طرف مختلف المتدخلين.دون إغفال أهمية الموارد البشرية في كل ما سبق على اعتبار الدور المحوري والأساسي للعاملين والعاملات بالقطاع وهو ما شددت عليه النقابات العاملة بالقطاع.