جاء خطاب جلالة الملك بمناسبة ثورة الملك والشعب قويا كعادته. كان مفعوله ناجعا ، اذ سارع الى احياء الأمل في نفوس المواطنين بعد أن خيم الياس عليها ، فاستفاقوا بعد ان كانوا في شبه غيبوبة طويلة ، جعلتهم ينخرطون في دوامة العزوف ، وفقدان الثقة في المسلسل الانتخابي وعدد من المرشحين بل في السياسة والسياسيين . والحق ان المواطنين أصيبوا بدوار غريب منذ أيام وهم يتابعون أخبار وضع الترشيحات وقصص التحالفات وما رافقها من حكايات غريبة مستفزة نسجت خيوطها بمفردات ومصطلحات بعيدة عن العمل السياسي وينفر منها الذوق السليم والأخلاق الحميدة . تحالفات تجعلك تشعر وكأنك في ساحة حرب ، يصوب فيها المتحالفون أسلحتهم النارية الفتاكة للإجهاز على الأخضر واليابس ، وتحسب أن المتحالفين تجمعهم برامج هادفة أولها محاربة الفساد والقضاء على المحسوبية ، لكنك تفاجأ بأنها تحالفات سياسوية ضيقة تروم إقصاء مرشح معين للانتقام منه ، وأخذ الثار مما بدر منه في وقت سابق قصاصا منه على تصريحات أو مواقف . وكان بعض المترشحين يضعون دباباتهم وطائراتهم وبوارجهم استعدادا لحرب ضروس ، وتستغرب من بعض الأخبار عن تحالف مجموعة من الوزراء تحالفوا لقطع الطريق على مترشح معين ، يقتسمون الأدوار بينهم في ما يشبه لعبة أطفال من تلك التي كنّا نمارسها في سن الصبا . وتستغرب من أشخاص مرتشين فاسدين مختلسين للمال العام فشلوا في مهام سابقة وغادروا الساحة أو الوطن لسنوات ، حتى إذا ما أعلن عن الانتخابات أعلنوا عن أنفسهم بعد تغيير لونهم الانتخابي ، هؤلاء هم الكائنات الانتخابية . وتستغرب عندما تلاحظ كيف يغير بعضهم انتماءه السياسي على بعد ساعات من إقفال باب الترشيح ، وكأن الامر يتعلق بتغيير معطف او قميص . وتستغرب من مترشح يغير لونه السياسي في كل محطة انتخابية . نعم هناك مترشحون تقلبوا في كل المعاطف السياسية ، وانتموا لكل الأحزاب ، ليس حبا في برامجها ، ولكن بحثا وراء المنافع المالية والعينية ، ولا بأس هنا أن يتقلبوا من أقصى اليمين الى أقصى اليسار. وبعد ، فإن الخطاب الملكي المفعم بالأمل، ونفض غبار الياس في النفوس جاء لمحاربة مصطلح العزوف السياسي ، بعد أن رسم الطريق واضحة جلية ، ويفصل في التزامات وحقوق الناخبين والمرشحين ، فلا حق لأحد أن يتخلف عن اداء واجبه الوطني يوم 4 شتنبر . نعم لا عزوف بعد الخطاب الملكي.