كل يوم تطلع علينا أخبار تعامل بعض الشعوب مع تداعيات الأزمة العالمية التي غيرت من واقع ملايين الأسر عبر العالم خاصة في البلدان المتقدمة .. في المغرب 4%فقط من السكان أغنياء، و96%من الطبقتين المتوسطة والفقيرة وذلك حسب إحصائيات رسمية، ولا داعي للبحث عن الطبقة الأكثر عددا لان الجواب معروف..لذلك لا يفاجئنا أن تأتي أزمة اقتصادية أو تذهب فنحن شعب يعرف كيف يتعامل مع الأزمات خاصة الاقتصادية منها ..واغلبنا عاش داخل بيوت عامرة بالأفراد طبعا، حيث يكون الأب هو المعيل وفي بعض الأحيان الأم أو الأخ الأكبر أو من شاء قدره أن يكون المعيل لباقي أفراد الأسرة .. البعض يرى في أسلوب الحياة هذا افتخارا لأنه يعلن حسب رأيهم عن تجذر الحس التضامني عند المغاربة، بغض النظر عن واقع من سقط على ظهره هذا الحمل وكيف هي حياته وماذا يقدم للشرذمة التي يصرف عليها..واغلب هؤلاء لم يكونوا ربما معيلين لغيرهم .. مؤكد أنها عقلية بات المجتمع يعمل على التحرر منها بالتحريض على التعليم وعلى الاستقلال المادي حتى بالنسبة للنساء، اللواتي رأين في العمل نوعا من التحرر والفكاك من حياة الاستهلاك وعدم الإنتاج اللواتي يتهمن بعيشها دون الانتباه إلى عملهن داخل المنزل.. فالنساء في المغرب كن الأكثر دراية بتذويب الأزمات المادية التي قد تصيب الأسرة، فهن معروفات بالصبر على الضيق وأيضا التعامل مع ميزانية البيت دون إشعار الآخرين أن هناك أزمة مادية تتهدد استقراره..وكنا نشعر ونحن مع أهلنا أننا في أمان لا حد له فالأب لا يشتكي يجسد الظهر الذي نحتمي به ، بينما تمثل الأم الطمأنينة، والحرص على نجاح الأولاد وتحفيزهم على عيش حياة أفضل وكن مصرات على غرس أفكار الاعتماد على الذات والمنافسة في أذهاننا ومراعاة تغير الزمن والناس والحياة..وكل هذا التغيير الذي نشاهده ونلمسه في حياتنا مع احتفاظنا بتقاليدنا وأسلوبنا في الحياة أساسه ما تعلمناه داخل بيوت فيها مثل هذا النوع من الآباء والأمهات.. اليوم العالم يتداعى مع الانهيارات التي تعرفها الأسواق المالية، والكساد الذي تعرفه مجموعة من القطاعات التي لها ارتباط بالسوق الدولية والتي جعلت من ملايين الأغنياء فقراء مفلسين حتى داخل اكبر اقتصاديات العالم، هم من ألفوا لباس الماركات العالمية والأكل في المطاعم والسكن في افخم البيوت،والتعامل مع البورصة، وأصبحت العائلات تتداعى إلا من رحم ربك، وعرف كيف يلملم خسارته في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه خاصة العائلة مع العلم أن هذه الأزمة لا يعرف حتى الخبراء الاقتصاديون متى يمكن أن تنتهي .. فى اليابان التي لم تعد واحدة من أغلى دول العالم حولت ربات البيوت اليابانيات الاقتصاد في الإنفاق لفن من فنون الحياة والآن تحاولن خفض نفقاتهن بصورة أكبر فيما ينزلق الاقتصاد نحو ما يمكن أن يكون كسادا طويل الأمد. وتكافح كثيرات من ربات البيوت في اليابان بالفعل لإدارة شؤون منازلهن المالية بأجور أزواجهن التي تبلغ في المتوسط 270 آلف ين شهريا «حوالي 2900 دولار». ومع تزايد حالات الاستغناء عن عاملين هوت ثقة المستهلك وانخفض إنفاق الأسر الذي يمثل أكثر من نصف حجم اقتصاد البلاد بنسبة 3.8 في المائة ليدخل في دائرة مفرغة إذ تتضرر متاجر التجزئة مما قد يعرض عددا أكبر من الوظائف للخطر. وتقول اسوكا سوزوكى «27 عاما» التى تعيش مع زوجها على جزيرة هوكايدو الشمالية إن الإبقاء على حجم إنفاقها الشهري على المأكل عند 19 ألف ين «205 دولارات» يحتاج تخطيطا ونظاما دقيقا. وقالت سوزوكى فى مقابلة مع رويترز عن طريق البريد الالكتروني «أشعر بالإحباط أحيانا لعجزي عن شراء ملابس أو السفر أو ممارسة هوايات مكلفة. ولكن أمامي هدف وهو شراء منزل في يوم من الأيام لذا أواصل المحاولة.» وقبل أن تبدأ رحلة التسوق تبحث على الانترنت عن أرخص الأسعار في المتاجر المحلية وتقوم بجرد محتويات البراد وتضع قائمة الطعام الأسبوعية. وحينئذ فقط تضع في محفظتها أقل مبلغ نقدي تحتاجه ولا تحتفظ بأي بطاقات ائتمان وفى حال سمحت الأحوال الجوية تذهب إلى المتجر بدراجتها. وسوزوكى واحدة من مئات من ربات البيوت اللائي نشرت قصصهن في مجلة «الزوجة المثالية» التي تقدم نصائح ووصفات لمن يحرصن على وضع ميزانية لنفقات المنزل من بينها إغلاق أجهزة التلفزيون لتوفير استهلاك الكهرباء وإعادة استخدام الماء المستخدم فى غسيل الأرز. ومن النصائح الأخرى استخدام الملابس القديمة في صنع أغطية للوسائد وصنع بيوت لعبة للأطفال من صناديق الكرتون. وكثير من الأسر اليابانية تنفق على الغذاء أكثر من أي شيء آخر وحتى أكثر الزوجات اقتصادا يفخرن بتقديم وجبة مختلفة كل ليلة. وتقول ساتوكو سوجيكى المحررة في المجلة عن أول لقاءاتها مع نساء مقتصدات كشفن عن عاداتهن فى الأنفاق للمجلة «ذهلت فى البداية.» وتابعت «ولكن الآن يبدو طبيعيا أن ينفق شخص عشرة آلاف ين «108 دولارات» على الغذاء فى الشهر رغم أن الأمر يبدو مثيرا للدهشة عند التفكير فيه.» وقد ينفق المتسوق الأقل حرصا أكثر من عشرة آلاف ين لشراء ثمرة شمام واحدة تغلف كهدية من متاجر راقية فى اليابان. وفيما يدير المتسوقون ظهورهم لمثل هذه السلع باهظة الثمن تراجعت مبيعات المتاجر. وانخفضت المبيعات بنسبة سبعة بالمائة تقريبا في اكتوبر مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي لتسجل تراجعا للشهر الثامن على التوالي. ويتسوق الناس فى متاجر تبيع بأسعار رخيصة. وزادت مبيعات سلسلة متاجر يونيكلو للملابس بنسبة تتجاوز 30 في المائة في نوفمبر. وقال دايرو موراتا محلل مبيعات التجزئة في كريدى سويس فى طوكيو «يتسوق الناس فى أماكن تمنحهم قيما جيدة مقابل نقودهم. ولكن الفائدة تعود على عدد قليل جدا من الشركات.» وتبيع متاجر بيع الكتب دفاتر لتسجيل حسابات الأسرة للجيل الجديد من المستهلكين المقتصدين. ورغم اقتصاد ربات البيوت فى نفقاتهن يقول بعض الخبراء إن عددا كبيرا منهن ربما يضطررن للعمل خارج المنزل مع مواجهة الأسرة صعوبة متزايدة في تغطية الإنفاق من أجر واحد. وقالت هاروكو اوجيوارا الصحفية المتخصصة فى الشؤون المالية والتى الفت عدة كتب عن الاقتصاد ووضع ميزانية «حتى إذا كان الأجر 50 ألف ين «540 دولارا» أو ستين ألف ين فى الشهر فانه سيسهم فى تخفيف الضغط على ميزانية الأسرة.» وقالت إن وجود ربات البيوت فى منازلهن طوال الوقت ربما يكون رفاهية لم تعد تطيقها اليابان. وتابعت «حتى إذا لم تتمكن كثيرات من رصد تفاصيل نفقات الأسرة فان حالهن سيكون أفضل.» غير أن الحديث عن العثور على وظيفة أسهل قولا منه عملا فيما يتباطأ الاقتصاد الياباني. وقالت سوزوكى إنها تفضل العمل لبعض الوقت إذا وجدت وظيفة قريبة من منزلها ولكن فى الوقت الحالى فإن المخاوف من عواقب التراجع يقود لمستويات جديدة من الاقتصاد. وأضافت فى المقابلة مع رويترز متحدثة عن شركة الغذاء التي يعمل بها زوجها «يساورنى القلق من أن تفلس الشركة التي يعمل بها زوجي. لم نرزق بأطفال بعد ولكن هل سنتمكن من إنجاب أطفال وتنشئتهم. هل سنعيش بلا قلق حين يتقدم بنا السن.» وقلص الزوجان الرحلات الترفيهية وتحاول سوزوكى أن تطهو فى المنزل قدر الإمكان. وتقول «زوجى متعاون جدا.. نجد متعه فى الاقتصاد. لا أجيد الطهي ولكن زوجي يقول لى إن ما أقدمه له أفضل مما يقدم في المطاعم مما يساعدني على الاستمرار.» وفى نهاية كل شهر تدقق فى الفواتير للكشف عن أى نقاط ضعف ولكنها تعترف بأن الطريق أمامها لا يزال طويلا كى تجارى بعض رائدات الاقتصاد. وتكشف نظرة سريعة على الأعداد الأخيرة من مجلة «الزوجة المثالية» أن بعض الزوجات توفرن الغذاء لأسرة من أربعة أشخاص بمبلغ عشرة آلاف ين شهريا. وتقول كثيرات إنهن يستمتعن بالبحث عن سبل جديدة لتوفير النفقات إلا أن التدبير يظل أكثر من مجرد هواية. وتقول اوجيوارا «فى واقع الأمر كثيرون فى اليابان لا يملكون مالا كثيرا.»