سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إحالة مشاريع قوانين الجماعات المحلية والإقليمية والجهوية على مجلس النواب تطرح إشكالية دستورية: حديث عن تخوف الحكومة من مفاجآت والتنازع غير وارد قبل التصويت النهائي
خلفت إحالة مشاريع القوانين التنظيمية من طرف الحكومة على مجلس النواب جدلا في الأوساط السياسية، التي ربطت الأمر بتأويلات. وفي ضوء هذا التجاذب الذي دخلت على خطه الغرفة الثانية بعدما غلَّبت وزارة الداخلية توجه الأمانة العامة للحكومة بشأن الإحالة على الغرفة الأولى، أكد عبد الرحيم المصلوحي أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس أن الفصل 78 من الدستور يعطي أولوية الإحالة إلى الغرفة الثانية عندما يتعلق الأمر بالقوانين التنظيمية للجماعات والجهات والتنمية الاجتماعية، ليسجل بالتالي وجود خرق سافر لنص صريح، مشيرا إلى أن الحكومة كان يفترض أن تقدمها للمستشارين ثم تحال على الغرفة الأولى، رغم أن الكلمة الفصل على مستوى التشريع تؤول للنواب وفق روح الدستور الجديد، واستطرد المصلوحي قائلا إن هذا الاختيار الذي سلكته الحكومة يعكس مدى تخوفها من وقوع مفاجآت على مستوى التعديلات التي يمكن أن تلحق بمشاريع القوانين التنظيمية خاصة وأنها تفتقد الأغلبية العددية في مجلس المستشارين والتي تؤول للمعارضة. وعلى مستوى الطعن في الإحالة أمام المجلس الدستوري أكد أن الغرفة الثانية لها سند دستوري قوي، وحتى في حال عدم تقديم هذا الطعن فإن رئيس الحكومة ملزم تلقائيا بتقديم المشاريع الثلاثة أمام المجلس الدستوري والبت في مدى مطابقتها للدستور شكلا ومضمونا، ومن ضمن ذلك الفصل 78 منه، وتبقى فقط مسألة احترام الآجال والنصاب القانوني بالنسبة لمجلس المستشارين لتقديم الطعن. من جهته لم يخف مجلس المستشارين في شخص رئيسه الشيخ بيد الله هذا التوجه حيث اعتبر أن الحكومة استندت إلى تأويل ضيق للدستور، وحكمتها خلفية سياسية لكونها لا تتوفر على أغلبية في الغرفة الثانية. من جهته رأى عبد اللطيف وهبي فيما وصفه بمأزق مسطرة التشريع أن هذه الأسبقية تطرح إشكالات دستورية لما سيترتب عنها من نتائج مسطرية، خاصة وأن مقتضيات الفصل 84 من الدستور منحت للنواب حق التصويت النهائي، وفي تقديره فإن لمجلس النواب حسب منطوق هذا الفصل الحق الحصري في التصويت النهائي، ولكن هل يجب أن يعود النص الذي تعرض للتعديلات في القراءة الثانية بمجلس المستشارين والتي همت المواد غير المتفق عليها داخل القانون على مجلس النواب للقراءة النهائية؟ أم كون هذه المهمة (القراءة النهائية) تعود لمجلس المستشارين مادمنا نستند على مبدأ ثلاثية مراحل التصويت؟ وبالتالي نكون أمام مرحلة إضافية تصبح معها المسطرة التشريعية رباعية التداول وليس ثلاثية كما تعودنا على ذلك. الأستاذ الحبيب الدقاق في تصريح للعلم أكد أنه إذا أردنا أن نرى الأمر دستوريا فهناك تمييز بين مشاريع القوانين العادية التي تحال بالأسبقية على مجلس النواب، وبين مشاريع القوانين المتعلقة على وجه الخصوص وبناء على الفقرة الثانية من الفصل 78 من الدستور بالجماعات الترابية وبالتنمية الجهوية والقضايا الاجتماعية والتي تودع بالأسبقية لدى مجلس المستشارين. ويضيف الأستاذ الدقاق على هذا المستوى أن مصطلح «التنظيمية» لا يرد مطلقا في هذا الفصل، بل هو وارد في فصل وحيد وهو الفصل 85 من الدستور والذي يفيد أنه «لا يتم التداول في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية من قبل مجلس النواب إلا بعد مضي عشرة أيام على وضعها لدى مكتبه...» وبناء على ذلك يعتبر في هذا قطعا بأن القوانين التنظيمية بالجماعات أو مجلس المستشارين يحال على مجلس النواب. وبشأن النقاش الرائج في البرلمان حول أسبقية الإحالة، يشير الأستاذ الدقاق إلى أن التنازع في هذا الوضع لا يمكن أن يجد طريقه إلا بعد التصويت على القوانين بصفة نهائية، ويحق بعد ذلك لمجلس المستشارين إرفاق الإحالة بطلب الطعن إلى المجلس الدستوري تجاوبا مع منطوق الفقرة الثالثة من الفصل 85 التي تقول إنه «لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ القوانين التنظيمية إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور»، وبالتالي فلا مجال للطعن بصفة قبلية يضيف الأستاذالدقاق في توضيحاته.