بعد التحضير الأولي لكل من مقترحات ومشاريع القوانين التنظيمية، ومرورها بالمرحلة الثانية أمام كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، وقطعها لمختلف مراحل المسطرة التشريعية المنصوص عليها في دستور 29 يوليوز 2011 ب »ممارسة السلطة التشريعية«. وتتعلق بتقديم ومناقشة كل من تلك المقترحات والمشاريع والواردة في الفصول (78 إلى 86). وبعد ذلك، تصل تلك المقترحات والمشاريع الى المرحلة الثالثة، لتكسب في نهايتها صفة القوانين التنظيمية. ولتحل محل صفة المقترحات أو صفة المشاريع تبعاً لمصدر النص الأصلي. ويمكن أن نصنف هذه المرحلة الثالثة بالإقرار النهائي للقوانين التنظيمية. وبالرجوع إلى مقتضيات دستور 29 يوليوز 2011، نجد أنه في هذه المرحلة، تخضع كل مقترحات ومشاريع القوانين التنظيمية إلى الاجراءات المتتالية التالية: 1 مصادقة البرلمان بمجلسيه على النص النهائي الذي توصل إليه البرلمانيون. 2 إحالة النص المصادق عليه من قبل البرلمان على المحكمة الدستورية للنظر في مطابقته للدستور. 3 بت المحكمة الدستورية في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور. 4 صدور أمر الملك بظهير لتنفيذ القانون التنظيمي. 5 نشر القانون التنظيمي بالجريدة الرسمية. 6 دخول القانون التنظيمي حيز التنفيذ. 7 ضمان الحكومة لتنفيذ القانون التنظيمي. 1 - مصادقة البرلمان على النص النهائي الذي وافق عليه البرلمانيون تتم مصادقة البرلمان بمجلسيه على النص النهائي لكل من مقترحات ومشاريع القوانين التنظيمية، تبعاً للإجراءات الدستورية المنصوص عليها في الفصلين 83 و 84 من الدستور، وهي المسطرة المطبقة للإقرار النهائي للقوانين، عادية أو تنظيمية، وتضاف إليها الاجراءات المطبقة لإقرار القوانين التنظيمية الواردة في الفصل (85)، وكذا الإلزام الذي جاء به دستور 29 يوليوز 2011 في الفصل (86) بأن »تعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوباً قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور«. ولن ندخل إلى التفاصيل للتذكير بمختلف تلك الاجراءات لهذا الإقرار النهائي، وتتعلق بالمسطرة المعروفة في الإقرار النهائي للقوانين بصفة إجمالية، عادية كانت أو تنظيمية، ونحيل إلى نص الفصلين (83 و 84) اللذين يضبطان تلك الاجراءات دستورياً، ونحيل أيضاً إلى النظامين الداخليين لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين المفسرين أو المدققين للتفاصيل المدققة لتلك الاجراءات. ونكتفي هنا بالتذكير بنص الفصل (85) من الدستور الذي يؤكد على تطبيق مقتضيات الفصل (84)، ويضيف إليها خصوصيات تطبق على إقرار القوانين التنظيمية، نظراً لطبيعتها المكملة للدستور، وبالتالي تفوق قوتها القانونية مرتبة القوانين العادية. هكذا يفرض الفصل (85) شروطاً إضافية بالنص بوضوح على ما يلي: »لا يتم التداول في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية من قبل مجلس النواب. إلا بعد مضي عشرة أيام على وضعها لدى مكتبه، وفق المسطرة المشار إليها في الفصل 84، وتتم المصادقة عليها نهائياً بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين من المجلس المذكور. غير أنه إذا تعلق الأمر بمشروع أو بمقترح قانون تنظيمي، يخص مجلس المستشارين أو الجماعات الترابية، فإن التصويت يتم بأغلبية أعضاء مجلس النواب. يجب أن يتم إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس المستشارين، باتفاق بين مجلسي البرلمان على نص موحد. لا يمكنه إصدار الأمر بتنفيذ القوانين التنظيمية، إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور«. قبل الرجوع إلى مضمون الفقرة الأخيرة من الفصل (85) لاحقاً إلى حين موضوعها، نشير إلى أن الفقرة الأولى من هذا الفصل تتحدث عن التداول في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية من قبل مجلس النواب فقط. ونتساءل بالمناسبة عن مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية التي يتداول فيها مجلس المستشارين، والتي تعرض عليه قبل أن تعرض على مجلس النواب، وبالخصوص مقترحات القوانين التنظيمية المقدمة من قبل أعضائه. إن الاحتياط الذي جاء به الفصل (85) في الأجل الأوَّلي المتعلق بالانتظار قبل التداول، بالنسبة لمجلس النواب، لعله جاء على أساس أن ذلك التقديم وقع لأول مرة أمام مجلس النواب، وبعد التداول فيه أمام هذا الأخير لن تكون أية مفاجأة في عرضه، بعد ذلك، أمام مجلس المستشارين. وحيث أن الفصل (85)، يحيل أيضاً إلى المسطرة المنصوص عليها في الفصل (84)، وبالتالي فلا يمكن تفسير الأمر بأن تقديم مقترحات ومشاريع القوانين التنظيمية يكون مقتصراً على مجلس النواب في الانطلاقة، ثم بعد ذلك تمر الى مجلس المستشارين. وهكذا سيتم حرمان أعضاء مجلس المستشارين من تقديم مقترحات قوانين تنظيمية، كما أن الحكومة لا يمكن لها أن تقدم مشاريع القوانين التنظيمية إلى مجلس المستشارين قبل التداول فيها في مجلس النواب، كما هو الشأن بالنسبة لمشروع قانون المالية، ونحن نرى أن الأسبقية في هذا الموضوع تعطى بالفعل لمجلس النواب في الإقرار النهائي، بالتصويت النهائي على النص الأخير الذي تمت الموافقة عليه، بعد مروره أيضا من مجلس المستشارين، وذلك ليتم تسجيل «»التصويت النهائي على النص الذي تم البت فيه«« ولا يقع هذا التصويت إلا بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب الحاضرين »إذا تعلق الأمر بنص يخص الجماعات الترابية، والمجالات ذات الصلة بالتنمية الجهوية والشؤون الاجتماعية«. وذلك تطبيقا للفقرة الأخيرة من الفصل (84). و بطبيعة الحال فضمن القوانين التنظيمية نجد منه ما يندرج في هذه المجالات الأخيرة، .. الفصل (146) من الدستور المتعلق بالجماعات الترابية، ويتطلب كما يظهر لحد الآن أكثر من قانون تنظيمي. نكتفي، بهذه الإشارة السريعة، لهذا الغموض الوارد في الفصل (85) في هذا الموضوع، والمتمثل في اقتصار شرط الآجال للندوات في مقترحات ومشاريع القوانين أمام مجلس النواب. دون مجلس المستشارين. وفي جميع الحالات، كيفما كان مصدر انطلاقة اقرار القانون التنظيمي من مجلس النواب أو مجلس المستشارين وكيفما كان أصله، مقترح أو مشروع قانون تنظيمي .. أن يصادق عليه البرلمان بمجلسيه وفق الإجراءات »المسطرة في الفصلين 84 و85، قبل أن يأخذ النص المصادق عليه بالبرلمان مساره بعد ذلك، بإحالته وجوبا الى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقته للدستور. 2 - إحالة نص القانون التنظيمي المصادق عليه من قبل البرلمان إلى المحكمة الدستورية: تحل المحكمة الدستورية محل المجلس الدستوري ضمن الإصلاحات التي جاء بها دستور 29 يوليوز 2011. وخصص لها هذا الأخير الباب الثامن فيه الذي يشمل الفصول (129 الى 134)، وتبعا للفصل (177) من نفس الدستور »يستمر المجلس الدستوري القائم حاليا (أثناء الموافقة على الدستور، ولازال قائما لحد الآن في شهر غشت 2013) في ممارسة صلاحياته، إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية المنصوص عليها في هذا الدستور«. ويحدد الفصل (132) من الدستور الحالي في بعض فقراته بعض الجوانب المتعلقة بإحالة القوانين التنظيمية الى المحكمة الدستورية (المجلس الدستوري القائم حاليا ,وذلك بتحديد مضامين الإحالة في الفقرة الثانية,والنتيجة المترتبة عن هذه الاحالة في الفقرة الخامسة. فبالنسبة لمضامين الإحالة تنص الفقرة الثانية من الفصل 132 على أنه «تحال إلى المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها، والأنظمة ا لداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين قبل الشروع في تطبيقها لتبت في مطابقتها للدستور«. أما بالنسبة للنتيجة المترتبة عن القوانين التنظيمية في إحالة المحكمة الدستورية، تبعا للفقرة الخامسة من الفصل (132)، تؤدي هذه الإحالة إلى »وقف سريان أجل إصدار الأمر بالتنفيذ«، الى حين أن تبت المحكمة المذكورة في مطابقة القوانين التنظيمية المحالة إليها للدستور. ونذكر أن هذه الإحالة الى المحكمة الدستورية تتم برسالة من لدن رئيس الحكومة. 3 - بت المحكمة الدستورية في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور: بعد إحالة القوانين التنظيمية على المحكمة الدستورية (المجلس الدستوري القائم حاليا) تطبيقا للفقرة الثانية من الفصل (132) من الدستور تبت هذه المحكمة في مطابقة تلك القوانين التنظيمية.. للدستور تطبيقا للفقرة الرابعة من نفس الفصل المذكور »داخل أجل شهر من تاريخ الإحالة، غير أن هذا الأجل ينخفض في حالة الاستعجال إلى ثمانية أيام، بطلب من الحكومة«. ويعتبر قرار المحكمة الدستورية بشأن مطابقة القانون التنظيمي المحال إليها قرارا نهائيا لا يمكن الطعن فيه تطبيقا للفقرة الأخيرة من الفصل (134) التي تنص بكل وضوح على أنه: «»لا تقبل قرارات المحكمة الدستورية أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية«. واعتمادا على هذا النص الصريح، تؤكد الفقرة الأولى من نفس الفصل (134) أنه لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ مقتضى تم التصريح بعدم دستوريته على أساس الفصل 132 من هذا الدستور، ولا تطبيقه. وينسخ كل مقتضى تم التصريح بعدم دستوريته على أساس الفصل 133 من الدستور (يتعلق بالدفوعات التي تختص بها المحكمة الدستورية، والمتعلقة بعدم دستورية قانون، أثير اثناء النظر في قضية، وذلك إذا دفع أحد الأطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور« ف. 133) ابتداء من التاريخ الذي حددته المحكمة الدستورية في قرارها«. (ف. 134). 4 - صدور أمر الملك بظهير لتنفيذ القانون التنظيمي تطبيقا للفقرة الاولى من الفصل 50 من الدستور يصدر الملك الامر بتنفيذ القانون خلال الثلاثين يوما التالية لإحالته الى الحكومة بعد تمام الموافقة عليه. وتطبيقا للفقرة الخامسة من الفصل 132 من الدستور تؤدي الاحالة (هنا إحالة القانون التنظيمي) الى المحكمة الدستورية الى وقف سريان أجل إصدار الامر بالتنفيذ. ونذكر بأن المحكمة الدستورية بعد اتخاذ قرارها بشأن القانون التنظيمي تبلغه الى رئيس الحكومة الذي سبق له أن أحال إليها ذلك القانون بعد تمام الموافقة عليه من لدن البرلمان، وبعد ذلك يبلغ رئيس الحكومة الى الملك قرار المحكمة الدستورية مصحوبا بالقانون التنظيمي موضوع قرار المحكمة الدستورية بالمطابقة للدستور. وبعد ذلك كله وبعد اطلاع المؤسسة الملكية على القرار المذكور، يصدر الملك بواسطة ظهير أمر تنفيذ القانون التنظيمي، مؤكدا ومسجلا ومطبقا لمضمون قرار المحكمة الدستورية في الموضوع، لأنه كما رأينا تطبيقا للفقرة الاخيرة من الفصل 134 من الدستور »تقبل قرارات المحكمة الدستورية أي طريقة من طرق الطعن وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الادارية القضائية. ونذكر هنا أيضا أنه تطبيقا للفقرة الاخيرة من الفصل 85 من الدستور: »لا يمكن إصدار الامر بتنفيذ القوانين التنظيمية. إلا بعد ان تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور. وبعد صدور الامر الملكي بظهير بتنفيذ القانون التنظيمي، يتابع هذا الأخير مساره الدستوري نحو الجريدة الرسمية. 5 - نشر القانون التنظيمي في الجريدة الرسمية. لم يكتف دستور 29 يوليوز 2011 بالزام نشر القوانين عادية أو تنظيمية بالجريدة الرسمية، بل أضاف الى ذلك أجلا لا يتعداه بالنص في الفقرة الاخيرة من الفصل 50 على أن ينشر القانون الذي صدر الامر بتنفيذه، بالجريدة الرسمية للمملكة. خلال أجل أقصاه شهر ابتداء من تاريخ ظهير إصداره. ويتم هذا النشر بالجريدة الرسمية من قبل الحكومة عن طريق الامانة العامة للحكومة تبعا للاختصاصات الموكولة إليها. ونذكر أن هذا النشر من المبادئ الاساسية التي أكد عليها الدستور في أحكامه العامة في بابها الاول بالنص دستوريا على أنه تعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها، ووجوب نشرها مبادئ ملزمة. وتكمن أهمية هذا النشر. في أنه الباب الذي يخرج القانون التنظيمي الى التنفيذ لتفعيل الدستور في الجوانب التي تحملها مضامينه، على أساس أن ذلك القانون التنظيمي مكمل للدستور، ويأتي في التراتبية بعده مباشرة سواء كان أصله مقترح أو مشروع قانون تنظيمي. 6 - دخول القانون التنظيمي حيز التنفيذ إذا كان تفعيل الدستور في كثير من جوانبه يقتضي اصدار القوانين التنظيمية الواردة فيه، فإن تفعيل القوانين التنظيمية يفرض إدخالها حيز التنفيذ، نظرا للمكانة المتميزة التي تمثلها في التراتبية بعد الدستور. ونظرا للإلزامية التي يتوفر عليها القانون وضرورة الامتثال لأحكامه. كما تنص على ذلك الفقرة الأولى من الفصل 6 من الدستور بالتأكيد على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له. ويكتسب القانون عامة، والقانون التنظيمي خاصة. هذه الهالة والأهمية الدستورية. اعتبارا لمكانته وسط النسق القانوني ، والضمانات والاحتياطات التي صاحبته من انطلاقه في المبادرة الاولى كمقترح أو كمشروع قانون تنظيمي. ومشاركة مجموعة من المؤسسات الدستورية في إخراجه الى حيز الوجود، وبالعمل على تنفيذه من قبل الجميع، كل في حدود الأدوار والاختصاصات المخولة له. وتمثل الحكومة دورا اساسيا في العمل على احترام وتنفيذ مضامينه. 7 - ضمان الحكومة لتنفيذ القانون التنظيمي أخذا بعين الاعتبار، الاختصاصات المخولة للملك دستوريا وبالخصوص الاطار العام لهذه الاختصاصات المنصوص عليها في الفصلين 41 و42 يخول دستور 29 يوليوز 2011 للحكومة في الفصل 89 أن تمارس السلطة التنفيذية وفي هذا النطاق تحدد الفقرة الثانية من نفس هذا الفصل الاخير، الاطار العام لمهام الحكومة في ممارسة السلطة التنفيذية. والتي لا يخرج تنفيذ القوانين التنظيمية عنها، إذ يلزم الدستور في الفقرة المذكورة الحكومة بأن تعمل على ضمان تنفيذ القوانين وذلك في نطاق المهام الاجمالية المكلفة بها، إذ «تعمل الحكومة تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين. والادارة موضوعة تحت تصرفها. كما تمارس الاشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية. لنكتفي في موضوعنا هذا، بدور الحكومة في تنفيذ القوانين التنظيمية بغض النظر عن مصدرها مقترحا كان أو مشروع قانون تنظيمي. فإن كان من حق الحكومة دستورياً اتخاذ المبادرة بتقديم مشروع قانون تنظيمي، ومن حق البرلمانيين دستورياً أن يتخذوا المبادرة بتقديم مقترح قانون تنظيمي. وفي ذلك، فليتنافس المتنافسون. خلاصة عامة: مع علمنا أن الحكومة تتوفر بالفعل على إمكانيات مادية وبشرية وتقنية وسياسية لا يتوفر عليها أعضاء البرلمان، ولا البرلمان بكامله كمؤسسة دستورية. هذا موضوع آخر يستحق آراء أخرى أكثر تفصيلا. ولكن مع ذلك، نؤكد أن هاجسنا في التذكير والتأكيد على حق البرلمانيين في التقدم بمقترحات القوانين التنظيمية، رغبة منا في نطاق اجتهادنا المتواضع في الحرص على التأويل الديمقراطي للدستور، والتذكير بمختلف المقتضيات الدستورية التي جاءت بها إصلاحات دستور 29 يوليوز 2011، المعززة باستفتاء فاتح يوليوز من نفس السنة. ودفاعنا عن حق البرلمانيين في هذا المجال، لا يعني أن ننكر أو ننفي حق الحكومة في تقديم مشاريع القوانين التنظيمية، ولعل وصول خبر تحضير مقترح قانون تنظيمي إلى علم الحكومة، قد يكون سبباً في تفعيل الحكومة بتطبيق مخططها التشريعي، في مجال القوانين التنظيمية. كما أنه لا تخفى عنا الإمكانيات البشرية والمادية والتقنية، إن لم تكن المهنية التي تتمتع بها الحكومة بمكوناتها وأطرها الادارية والعلمية وخبرائها المتمرسين في مختلف القطاعات الوزارية، وفي مقدمتها الأمانة العامة للحكومة. فتحية تقدير واحترام لكل هؤلاء للأدوار والمجهودات التي يقومون بها لإقرار وتعزيز دولة الحق والقانون والمؤسسات الديمقراطية ببلادنا. وفي نفس الوقت، إن كنا ندافع في هذا الرأي المتواضع عن حق البرلمانيين في تقديم مقترحات قوانين تنظيمية. هدفنا من ذلك بالأساس، التأكيد على احترام مؤسسة دستورية لها أهميتها في دولة المؤسسات، يجب أن يعمل الجميع على أن لا تبقى المؤسسة البرلمانية محصورة في جوانب محدودة من المهام المخولة لها دستورياً في التشريع ورقابة الحكومة، وتقييم السياسات العمومية، بل يجب أن تقوم بكافة الأدوار المنوطة بالبرلمان، على أساس أن لا ننسى دور البرلمانيين في تمثيل الهيئة الناخبة التي أوصلتهم إلى كراسي البرلمان، أحسن تمثيل، وأن يعملوا بالفعل على صيانة تلك الأمانة بالتفرغ أساساً لتلك المهمة التي انتخبوا من أجلها. ومن ضمنها العمل وبذل الجهد اللازم في تحضير مقترحات قوانين عادية أو تنظيمية، والحرص أيضاً على مناقشة وافية وعميقة لمشاريع القوانين عادية أو تنظيمية المقدمة من قبل الحكومة بالتنقيح أو التعديل والإضافات. ولا تخفى عنا مستلزمات إيجاد نص قانون تنظيمي، من حيث أهمية النص ومضامينه وسموه وأبعاده القانونية والسياسية. ومع ذلك، فلا يخفي عنا كل هذا إلزامية الحرص على التأويل الديمقراطي للدستور. باحترام مضامينه نصاً وروحاً، والعمل على الدفع بالاصلاحات التي جاء بها دستور 29 يوليوز 2011 إلى ما هو أوسع وأرحب للعمل على سد الثغرات التي شابته، والتطلع إلى ما هو أفضل، والتعجيل بإصدار باقي القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور، ولا عيب ولا ضرر في أن يتنافس في ذلك المتنافسون، »ومْنين ما جا الخير ينفع« و خير البر عاجله، وإنا لمنتظرون، ونأمل أن لا يطول انتظارنا. فوفق الله الجميع للخير وأعاننا جميعاً عليه.