أين أنت أيها النوم الجميل كي تأتي لتطبق أجفاني!؟ كم من التوسل أحتاج كي أرجوك أن تأتني على جناح السرعة فتخلصني من هم الأوطان ومرتكبي أخطائها التي لا أحد يعرف حجمها الكارثي!؟ أحتاج إلى أطنان من التوسل كي أرجوك وأطنان من الدموع كي أتوسلك. لم تغيب عني وتسامر الأغبياء فتنعم عليهم بالأحلام الجميلة. تغني بك الشعراء وقالوا لشعوبهم: نامي جياع الشعب نامي حرستك آلهة الطعام نامي على زبد الوعود يداف في عسل الكلام! **** لست وحدي الذي لا ينام بل أن جياع الشعب لا تنام. أما أنا فسهران لوحدي أقلب دفتر الذكريات تارة وأغلق دفتر الآتيات تارة أخرى. أفكر بالحاكمين والمحكومين، أيهم سهران ولا تطبق أجفانه. هناك من لا ينام من شدة العشق وهناك من لا ينام من شدة الجوع. وهناك من لا ينام من شدة البعد عن الأهل والوطن وهو يسمع المآسي وتتجسد في ذاته ووجدانه. قبلا كان يوقظنا من النوم صياح الديك الجميل العذب. واليوم يوقظنا رنين الهاتف الجوال أن أزف الموعد، موعد العمل أو موعد السفر. صياح الديك أجمل بكثير من صياح الهاتف. الشاعر الفارسي عمر الخيام قال مخاطبا الإنسان: أتدري لماذا يصبح الديك صائحا، يردد لحن النوح في غرة الفجر. يقول لقد مرت من العمر ليلة، وها أنت لم تشعر بذاك ولا تدري! **** تنويمة الأطفال غنتها الأمهات في كل اللغات واللهجات. وفي فلسطين غنت الأم لأبنها. نام يا محمد نام لأذبح لك طير الحمام يا حمام ما تصدقيش أكذب عليه تينام. **** وفي التنويمة السومرية التي صدحت قبل سبعة آلاف عام وردت كلمة "دللول" أي إلى النومة الهادئة فغنت أمهات العراق فيما بعد: دللول يا الولد يا إبني دللول عدوك عليل وساكن الجول! أن الأم العراقية تدعو من الله أن يكون عدو الأطفال مريضا وضائعا في الصحارى. تعال أيها النوم الجميل .. أتوسل إليك أن تأتي كي تطبق أجفاني! فلم يعد ثمة ما يمكن أن يراه الناس ويعيه فالأحداث التي هبت على المنطقة تدميرية ولا طاقة لي على رؤيتها على شاشة التلفاز فأركن للسرير لكن النوم عنيد ومشاغب ومشاكس ويحتاج إلى أطنان من التوسل كي يزورني ويطبق أجفان العيون التعبة! سينمائي وكاتب عراقي مقيم في هولندا [email protected]